عدوان النظام السعودي على اليمن هزيمة أخلاقية بإمتياز

قبل أيام ، دخل عدوان النظام السعودي بدعم أمريكي علي شعب اليمن المقاوم ، عامه الثاني على التوالي في وقت تشير الاحصائيات الي استشهاد و جرح عشرات ألالاف من المواطنين اليمنيين ، معظمهم مدنيون و نساء و اطفال ، بالاضافة الي تضرر الاف المنازل السكنية و الممتلكات الخاصة و العامة و دور العبادة و البنى التحية ، خلال هذا العدوان الغاشم الذي كان يظن منفذوه أن شعب اليمن سيستسلم خلال أيام أو ربما أسابيع علي أبعد تقدير .

 

لکن الشعب الیمنی الأبی ، سجل صموداً إستثنائیاً و اسطوریا ، مکنه من اعداد مفاجأة کبری لذلک العدو الشرس ، مفاجأة أدخلت العدوان فی منحدر الإخفاقات .  وبحسب الخبراء و حتی الأعلام الغربی ، فأن السعودیة و حلفاءها لم یحققوا حتی الأن أیا من اهدافهم ، فالجیش الیمنی و اللجان الشعبیة یسیطرون علی المحافظات الشمالیة و یتقدمون داخل الأراضی السعودیة، فیما المحافظات الجنوبیة تتقاسم القاعدة و داعش السیطرة علیها .

 

لقد اذاقت المقاومة الیمنیة ، المملکة السعودیة مرارة الفشل ووضعتها أمام هزائم عدیدة . ومازاد من الطین بلة هو أن السعودیة لم تملک روح الشجاعة للاذعان بالهزیمة فی المیدان العسکری ، فحاولت التستر علی الإخفاقات بتنفیذ سیاسة الأرض المحروقة وقصف المناطق السکنیة والمدنیة بما فیها المدارس و المساجد و المستشفیات فی أنحاء الیمن مما خلف نحو 36 الف شهید و جریح کما أدی الی تشرید ملیونی مواطن یمنی.

والیوم یعیش الیمن وضعا أنسانیا تجاوز الوضع الکارثی ، حیث هذا البلد منکوب تماما و یعانی أکثر من 80 بالمائة من سکانه من سوء التغذیة و الجوع من بینهم ملیون و200 ألف طفل .

وأعلنت الأمم المتحدة أن نحو 113 یمنیا یموتون یومیا جراء نقص المواد الطبیة والمساعدات الإنسانیة بسبب الحصار الذی یفرضه تحالف العدوان السعودی علی الیمن .

 

  • جانب من الجرائم والانتهاکات السعودیة

 

ورغم الصمت الذی یخیم علی وسائل الأعلام الغربیة و العربیة حیال الجرائم و الأنتهاکات السعودیة فی الیمن لما تمدها بدولارتها نفطیة ، لکن فضاحة الجرائم السعودیة اجبرت عددا من المنظمات الدولیة الی الخروج عن صمتها والاعتراف بجوانب من الأنتهاکات فی الیمن .

ففقد وصفت منظمة هیومن رایتس ووتش و الهیئات الدولیة الأخری ، المعنیة بالقانون الدولی، وصفت الإجراءات السعودیة فی الیمن ، بأنها واحدة من أکبر الجرائم فی العالم خلال العام 2015 المیلادی.

وکشف مدیر قسم الشرق الأوسط و شمال أفریقیا فی مؤسسة هیومن رایتس ووتش أن الریاض تستخدم القنابل العنقودیة فی الیمن و أن الجرائم التی ترتکب فی هذا البلد ، تعد واحدة من أکبر الجرائم فی عام 2015 معبرا عن قلق الموسسة للوضع الذی یعیشه المدنیون فی الیمن.

و یبدأ العام الثانی من العداون السعودی علی الیمن فی حین یحتاج أکثر من 15 ملیون یمنی للمساعدة الفوریة کما أن عدد الذین نزحوا قسریا تجاوز 2.7 ملیون نازح فی داخل الیمن و 250 ألف لاجی فی جیبوتی و الصومال .

أن السعودیة و حلفاءها بدأوا العدوان – کما زعموا – لـ “حمایة الیمن و شعبه العزیز” .. لکنهم ارتکبوا ابشع الجرائم ضد الانسانیة و جرائم الحرب ضد النساء والاطفال الذین باتوا یشکلون نحو 50 بالمائة من الشهداء و نحو 25 بالمائة من الجرحی .

وانطلاقاً من الشعور بـ”المسؤولیة فی حمایة الیمن” و لاستعادة “الشرعیة” فی هذا البلد الإسلامی(کما زعموا) ، تم تدمیر 350 ألف منزل و 14 مطارا، و 10 موانئ و 35 جسرا و طریقا و 140 محطة کهربائیة و مولدا، عدا عن تضرر 167 شبکة و محطة اتصال، کما تم قصف 163 شبکة میاه، و تدمیر 810 مدرسة ومعهد، و41 منشاة جامعیة بالإضافة إلی تدمیر 285 مستشفی ووحدة صحیة، فیما بلغت المساجد المتضررة 664 مسجدا وهذا یعنی أن تحالف دول العدون لم یکتف بفرض حصار قاتل علی الشعب الیمنی ، بل تعمد تدمیر البنیة التحتیة للبلاد بالکامل لتحویل البلد الی “أرض محروقة” خلال إیام الحرب و إلی سوق استهلاکیة فیما بعدها .

وتشیر التقاریر الواردة من الیمن مطلع عام 2016، إلی أنه توقف عن العمل 3 آلاف و750 مدرسة وحوالی 36 جامعة، و229 مستشفی ووحدة صحیة و16 مؤسسة إعلامیة.

کما تسبب العدوان کذلک فی تدمیر 922 منشآة حکومیة، و514 مخزن أغذیة، و413 سوقًا تجاریة، و226 محطة وقود، و156 ناقلة وقود، و168 مصنعًا، و115 مزرعة دجاج، و51 موقعًا أثریًّا، و101 منشأة سیادیة، و31 ملعبًا ریاضیًّا، و 7 صوامع غلال.

و حسب منسق الشؤون الإنسانیة بالأمم المتحدة فی الیمن جیمی ماک غولدریک إن قرابة 19 ملیون یمنی لایحصلون حالیاً علی میاه صالحة للشرب ، مشیراً إلی أن الوضع ازداد سوءاً منذ بدء العدوان فی الیمن وخروج عدد کبیر من الأطباء المتطوعین نتیجة لذلک .

وتجاوز حجم الخسائر الاقتصادیة علی الیمن خلال عام واحد 40 ملیار دولار بحسب منظمات اقتصادیة دولیة و انعکس هذا الوضع سلباً علی الاقتصاد الیمنی متسببا بتراجع نموه بنسبة 34 فی المائة فی قطاعات الزراعة والکهرباء والنفط، فیما ارتفعت أسعار المواد الغذائیة بنسبة 35 فی المائة فی ظل الحصار .

إن العدوان السعودی علی الیمن عدوان وحشی لم یشهد له التاریخ مثیلاً ، فقد بلغ عدد غاراته الجویة أَکثر من 60 ألف غارة، تجاوز ما تم تنفیذه فی الحرب العالمیة الثانیة ب 30 بالمأئة، مستخدما کل أنواع الأسلحة المحرمة دولیاً ومنها العنقودیة والانشطاریة وقنابل الدخان الخانق ، لیجعلوا من الیمن حقل تجارب لأسلحتهم حدیثة الصنع کما تصل عدد القنابل العنقودیة المستخدمة فی هذا العدوان ب 140 ألف علما بأنها مصنوعة فی أمریکا و بریطانیا و ممنوعة دولیا.

 

  • الحصیلة

 

وفی جانب عملیة الإبادة الجماعیة التی یمکن متابعتها دولیا نظرا للقاون الدولی کجرائم الحرب ، التی تشکل هزیمة أخلاقیة للسعودیة أکثر من هزیمتها العسکریة و السیاسیة فی الملف الیمنی غیر أن التعاون المیدانی مع فرع القاعدة فی الیمن الذی تعتبره الولایات المتحدة الأمریکیة أخطر فروع القاعدة فی العالم یعطی عمقا أکثر لهذه الهزیمة .

و تزامنا مع تقریر BBC المیدانی عن التعاون بین التحالف السعودی و القاعدة ، کتبت وکالة الأنباء الفرنسیة أن وجود قوی لجماعات إرهابیة فی جنوب الیمن یأتی نتیجة تعاون الحکومة العمیلة فی عدن مع الجماعات الإرهابیة و حتی مدها بانواع الأسلحة .

کما کتب موقع “هافینغتون بوست” الأمریکی تقریرا فی شهر إیلول الماضی جاء فیه أن هناک ارتباطا وثیقا بین السعودیة و الجماعات الإرهابیة خاصة تنظیم القاعدة موکدا أن هذا التعاون فی الیمن شهد وضوحا أکثر خلال شهر حزیران الماضی .

والسؤال الذی یطرح نفسه الیوم هو : هل للعدوان ما یکفی من حکمة لمراجعة حساباته فی الیمن و البحث عن طریق للخروج من هذا المستنقع بعد مسلسل الهزائم الفاضحة التی منی بها خلال عام ؟ .

قد يعجبك ايضا