“المكلا” اليمنية تدخل عامها الثاني تحت سيطرة “القاعدة”

 

 

الحقيقة  / الأناضول

 

دخلت سيطرة تنظيم “القاعدة”، على مدينة “المكلا”، عاصمة محافظة حضرموت، شرقي اليمن، عامها الثاني، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الضربات الجوية الأمريكية والعربية لمواقع التنظيم في المدينة الساحلية، وفي ظل تلاشي وعود الانسحاب منها.

 

وشن مسلحو “القاعدة” في الثاني من إبريل / نيسان 2015 هجوما واسعاً على مدينة “المكلا”، ومقراتها السيادية، انتهى بانسحاب قوات الأمن والجيش اليمني، وسيطرة وانتشار مقاتلي التنظيم، في أنحاء المدينة بشكل مطلق.

 

وبات التنظيم يدير شؤون المدينة، منذ ذلك الحين وحتى اللحظة، و يفرض سيطرته على أهم المواقع الحيوية فيها كالميناء، والقصر الجمهوري، والألوية والمعسكرات والمقار الأمنية، كما يشرف على كافة مؤسسات الدولة المدنية كالصحة، والكهرباء، والتعليم.

 

ولم تتوقف سيطرة التنظيم عند مدينة “المكلا”، فحسب، بل تمدد إلى جميع ما يعرف بمديريات المحافظة.

 

وتعد “حضرموت”، أكبر محافظات اليمن مساحة، إذ تمثل ثلث مساحة البلاد، وتنقسم إدارياً وعسكرياً إلى منطقتين هما “ساحل حضرموت”، التي تخضع لسيطرة “القاعدة” منذ عام، و”مديريات وادي وصحراء حضرموت”، وتسيطر عليها القوات الموالية للحكومة اليمنية.

 

جهاز الحسبة

 

عقب سيطرته على “المكلا”، أنشأ تنظيم القاعدة جهاز “الحسبة”، الذي يحمل شعار “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، حيث يقوم عناصر التنظيم بتجهيز سيارات ويضع عليها مكبرات للصوت، تطوف في شوارع المدينة والأسواق العامة، قبيل أداء الصلوات الخمس، وتدعو المواطنين للتوجه إلى المساجد وإغلاق محالهم التجارية .

 

وإضافة إلى جهاز الحسبة، أقام التنظيم محكمة للفصل في قضايا السكان، وأصدرت المحكمة منذ تأسسيها أحكاما، منها “الجلد، والإعدام، والرجم”.

 

مقتل قيادات بارزة

 

منذ سيطرته على “المكلا”، ظهر التنظيم مكشوف الظهر، ما جعله عرضه لهجمات شنتها طائرات أمريكية بدون طيار، وأسفرت عن مقتل العديد من قياداته وعناصره العسكرية، أبرزهم زعيم التنظيم، ناصر الوحيشي، الذي قتل بغارة جوية في 12 يونيو / حزيران الماضي، في مدينة المكلا .

 

وأعلن الجيش الأمريكي في 23 من الشهر الماضي، أنه شن هجوما على معسكر قال، إنه “يتبع تنظيم القاعدة باليمن”. وخلف الهجوم أكثر من 40 قتيلا من عناصر القاعدة، و30 جريحا، بحسب مصادر طبية.

 

ورد التنظيم على التصريحات الأمريكية، بالقول، إن “المعسكر المستهدف كان عاماً ويتدرب فيه متطوعون لقتال الحوثيين، وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح”.

 

وانضمت مقاتلات “التحالف العربي”، بقيادة السعودية، خلال الأيام الماضية، إلى الطائرات الأمريكية في استهداف مواقع “القاعدة”، بالمدينة.

 

أموال وسلاح

 

شهد ميناءا “المكلا”، و”الشحر”، خلال سيطرة تنظيم “القاعدة”، حركة تجارية غير مسبوقة، وباتت عشرات السفن المحملة بالمشتقات النفطية، والسيارات، ومواد الغذاء، ومستلزمات البناء، ترسو يوميا على الميناءين، الأمر الذي شكل مصدر دخل للتنظيم، من خلال الضرائب الجمركية الكبيرة الذي يفرضها على دخول البضائع.

 

كما استولى التنظيم على أسلحة ثقيلة ومتوسطة منها دبابات، ومدرعات، وأطقم، وصواريخ بعد سيطرته على اللواءين (27 ميكا) و (190دفاع جوي)، في محيط المدينة .

 

شعور بالخوف

 

تماشى السكان المحليون مع الوضع الجديد للمدينة، بعد خضوعها لسيطرة وحكم تنظيم “القاعدة”، وفقاً لأحد سكانها، ويدعى “يونس عبدالله”.

 

وقال “عبدالله”، لـ”الأناضول”، إن “أغلب شرائح المجتمع لا يؤيدون تنظيم القاعدة، لكن الخوف يسيطر عليهم، لأن من يحكمهم لا يعرف غير القوة “.

 

أما لطفي منير، أحد سكان المدينة أيضا، فيرى أن “القاعدة” نجح في صنع حاضنة له، واستقطب العديد من الشباب ذوي التوجهات السلفية، وآخرين عاطلين عن العمل، مرجعاً سبب عدم انتفاضة السكان ضد التنظيم إلى اهتمامه بالخدمات، والخوف من بطشه.

 

ونشط التنظيم في الأشهر الأخيرة الماضية، في تحسين الخدمات العامة كالطرقات، والصحة، والصرف الصحي والكهرباء، وتوزيع سلات غذائية على الأسر الفقيرة، فيما يستعد لفتح سوق كبير للتموين الغذائي في مبنى المؤسسة الإقتصادية، التي كانت تتبع للحكومة، ولاقت هذه الخطوات ترحيبا من سكان المدينة.

 

تلاشي وعود الإنسحاب

 

أبرم التنظيم عقب سيطرة على المدينة اتفاقا مع مجلس علماء السنة في محافظة حضرموت، يقضي بتسليم المدينة والمؤسسات إلى مجلس أهلي يتم تكوينه من العلماء وزعماء القبائل، إلا أن تلك الوعود تلاشت وأختفت تماماً.

 

ويتخوف السكان من أن يتخذ التنظيم قرار المواجهة المسلحة مع قوات الحكومة حال قررت مهاجمة المدينة، وما سيخلفه ذلك من دمار واسع في المدينة، على غرار ما حدث في العام 2011، في مدينة “زنجبار”، عاصمة محافظة أبين جنوبي البلاد، عندما سيطر عليها التنظيم، وشنت الحكومة حرباً واسعة لتحريرها، خلفت ضحايا وخراباً كبيراً بالمدينة .

 

قد يعجبك ايضا