إسرائيل “غدّة سرطانية” إزالتها أولوية في جسد الأمة الإسلامية ..

تقرير / محمد محسن الحمزي ..

 

كان مشروع المستعمرين واضحاً عندما قاموا بتأسيس وطن لليهود في فلسطين وعلى حساب الشعب الفلسطيني الذي شُرّد من أرضه بالقوة والعنف ، وجعلوا من فلسطين مكاناً وملجأ لكل اليهود المنتشرين في دول العالم ، وكذلك قيامهم بمساعدتهم ببناء أكبر عدد ممكن من المستوطنات الصهيونية لإيواء أولئك اليهود الذين تم إستقطابهم من جميع الدول وبمساعي أمريكية وبريطانية ليتم زرع ذلك الكيان الغاصب في جسد الأمة العربية والإسلامية ، ليبقى هذا الكيان الذي هو أشبه بغدّة سرطانية تنهش بجسد الأمة الإسلامية حتى يبقى ضعيفاً هزيلاً لا يقوى على الحركة والنهوض .

أما الدول الأوربية فقد قابلت ذلك المشروع الإستعماري والذي تجاوز كل مبادئ حقوق الإنسان التي نصّبت تلك الدول نفسها المحامي الأول عنها ، قابلته بكل حفاوة وترحيب باحثةً عمّا ستحصل عليه من مكتسبات من وراء ذلك متناسيةً كل ثوراتها ودماء شهداؤها التي سالت في تلك الثورات وهي تحاول تثبيت مبادئ حقوق الإنسان والتي من أهمّها حرية الفرد في أن يعيش على أرضه بسلام عزيزاً كريماً ولا يحق لأحد أن يعتدي على حرمته وحرمة بيته وكرامته ، فكيف سكتت تلك الدول المنادية بحقوق الإنسان عن مصادرة حياة شعب كامل ومصادرة أرضه التي عاش عليها منذ آلاف السنين ؟ .

إنّ موقف الدول الأوربية هذا لا يُفسّر إلّا بأحد الأمرين :-

الأول : هو إن هذه الدول لا تملك الشجاعة في أن تقف بوجه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وممارسة الضغط عليها منذ إحتلال فلسطين حتى الآن لإيقاف الآلة العسكرية الإسرائيلية التي تحصد أرواح عشرات المدنيين يومياً والذين لم يقترفوا ذنباً سوى إنهم يعيشون على أرضهم ، لكن إسرائيل لا تريد ذلك .

ثانياً : إنّ هذه الدول لا تنظر إلى المواطن العربي المسلم كإنسان كما المواطن الأوربي ، وبذلك لا يحق له أن يتمتّع بخيرات بلده وكامل حقوقه ولا يحق له أن يعيش الحياة الآمنة المستقرة ، وهذا ما لا نرتضيه نحن كمسلمين لأنّنا خيرٌ منهم ، ولأن معيار الأفضلية عندنا هو تقوى الله .

وبالتالي ، فإنّ كلا الأمرين يُفسّران على إنّه خضوع تلك الدول “الأوربية” لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية ورغباتها وبذلك إهتزّت مكانتها وهيبتها وضعُف دورها الدولي في حل المشاكل الدولية وخير دليل على ذلك هو الدور الأوربي والموقف من الأزمة السورية ، تلك الأزمة التي أظهرت للعالم من هي الدول التي تدعم الإرهاب ؟ ومن هي الدول التي تموّله ؟ ومن هي الدول التي تقف ورائه ؟ ومن هي الدول المستفيدة منه ؟ فقد ظهر دور الإتحاد الأوربي هزيلاً لا يكاد يغيّر من المعادلة شيئاً ، فالإتحاد الأوربي يعلم جيدا بأن الشعب السوري متمسّك بقيادته وحكومته وبأرضه ، وإنّ هذه المجاميع المسلحة ما هي إلّا أدوات إستخدمتها أمريكا وإسرائيل بمساعدة الخونة من الحكام العرب لتحقيق أهدافها والتي من أهمّها إضعاف قوّة المقاومة الإسلامية بعد ضرب دول المحور والتي تعد سوريا من أهمّها ، لكن الأوربيون ذهبوا حيث أرادت أمريكا أن يذهبوا ، وقالوا سمعاً وطاعة ماما أمريكا .

وبالتالي فإنّ الإتحاد الأوربي أصبح إتحاداً فخرياً لا يملك أن يعترض على ما تريده دول الإرهاب “”أمريكا وإسرائيل”” وما إدراج الإتحاد الأوربي للجناح العسكري لحزب الله اللبناني الأبيّ على قائمة المنظمات الإرهابية إلّا دليلاً على إن الإتحاد أصبح منضوياً تحت المظلّة الأمريكية وإنّه خاضع لها وبإمتياز ..

وبالرجوع إلى الكيان الصهيوني وزرعه في قلب الأمة العربية والإسلامية ، نؤكد إنّ الهدف من وجود ذلك الكيان وسط العرب والمسلمين ليكون القاعدة التي ينطلق منها المستعمرين المستكبرين لتحقيق أهدافهم المعروفة والتي من أهمها : –

1- القضاء على الإسلام والمسلمين وجعلهم قوة ضعيفة لا تستطيع المواجهة أو الوقوف بوجههم .

2- نهب ثروات بلاد العرب والمسلمين وإحكام السيطرة عليها .

3- ضمان بقاء الشعوب العربية والإسلامية متخلفة والقضاء على كل مشروع تنموي ونهضوي للأمة قبل ولادته.

4- القضاء على الأصوات الحرّة من كُتّاب وأدباء وصحفيين وسياسيين ، بالقضاء على كل محاولة من شأنها أن تعمل على توعية الشعوب العربية والإسلامية لما يدور من حولها من مؤامرات ومخاطر وجعل الشباب العربي مُغيّب عن طريق إغراقه بأدوات الثقافة الغربية من أفلام ومسلسلات ومواقع إجتماعية وغيرها .

5- القضاء على كل حركة وطنية ومقاومة لمخططاتهم ومحاصرتها والتضييق عليها وملاحقة زعماؤها وقادتها والتخلص منهم تارةً بالإغتيال ، وتارةً بالإعتقال .

6- بثّ الفُرقة بين الدول العربية من جهة ، وبين الطوائف والمذاهب الإسلامية من جهة أخرى ، لتمزيق الوحدة العربية والإسلامية وذلك عن طريق خلق وإثارة الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية .

فعلى العالم العربي والإسلامي أن يُدرك حقيقة واحدة هي : إنّ أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة وهذه العملة هي العداء التاريخي للعرب والمسلمين والطمع بخيراتهم وثرواتهم والذي لايتوقّف أو يتغيّر مهما تعاقبت حكومات أولئك المستكبرين ، وإنّ الوجود الإسرائيلي في فلسطين هو الأساس لتحقيق المصالح الغربية في بلداننا العربية والإسلامية وهذا ما أكّده المسؤولون الأمريكيون في تصريحاتهم المتكرّرة وعلى إختلاف مستوياتهم (رئيس ، وزير خارجية ، وزير دفاع …الخ ) وخصوصاً في كل برنامج إنتخابي يُعلنه المرشّح للرئاسة ، حيث إنّ كل مرشّح لا يحظى بفرصة الفوز ما لم يُعلن إنّ من أولويات مهامه في حالة فوزه بالرئاسة هو الدفاع عن أمن إسرائيل ، وإنّ الأمن الإسرائيلي جزء لا يتجزّأ من الأمن الأمريكي ، لأنّ إعلان المرشّح إلتزامه بالدفاع عن أمن إسرائيل وقضيّتها الباطلة يُعتبر بمثابة البوابة الرئيسية التي يمر المرشح من خلالها إلى كرسي الرئاسة .

ولذلك أكّد الأمام الراحل المجاهد السيّد الخميني بأنه لا خلاص من مشاكلنا وتشتُّتنا ولا تستقر أوطاننا وبلداننا إلّا بعد إستئصال تلك الغُدّة السرطانية “”إسرائيل”” وإنتزاعها من جسد الأمة العربية والإسلامية .

“أيُّها العرب .. أيُّها المسلمون .. كونوا المؤمنين بالله .. ولا تؤمنوا بما تقوله لكم أمريكا وما تعِدكم به .. فالشيطان يعدكم الفقر .. والله يعدكم العفو والمغفرة وجنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم عقبى الدار .. وأمريكا هي الشيطان الأكبر .. وإسرائيل هي الشيطان الأصغر كما قال الأمام الخميني .. فلا تخافوا أمريكا ولا إسرائيل .. لأنّهم لا يملكون من الأمر شيء .. لأنّ الأمر كلّه لله وحده فهو الواحد القهّار” ..

كذلك علينا أن نفهم المعادلة أولاً كي نكون قادرين على أن نُساوي بين طرفيها وهو أن نناضل ونكافح بشتّى الوسائل سواء بالقلم أو الصوت أو السلاح للحفاظ على إسلامنا والدفاع عنه حفاظاً على مكانتنا العربية والإسلامية بين الأمم من طرف ، وترك خلافاتنا الفرعية والتخلّي عنها في ساحة الصراع أمام المستكبرين من طرف آخر .

أيُّها العرب .. أيُّها المسلمون .. إن الله سبحانه وتعالى لا يريد منّا أن نكون المتفرقين .. كما لا يريد منّا أن نكون الحاقدين بعضنا على بعض .. بل يريد منّا أن نكون الأقوياء المتكاتفين المؤمنين الصابرين ، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :- بسم الله الرحمن الرحيم “”والعصر . إنّ الإنسان لفي خُسر . إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر”” صدق الله العلي العظيم ..

فهل نملك أن نكون كما أراد الله لنا أن نكون ؟ .

قد يعجبك ايضا