عبدالله مفضل الوزير يكتب عن قرار نقل البنك المركزي، بين التلويح وامكانية التطبيق ،، وسبل المواجهة

عبدالله مفضل الوزير يكتب عن قرار نقل البنك المركزي، بين التلويح وامكانية التطبيق ،، وسبل المواجهة؟

 

نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي من صنعاء هو احد صور العدوان ولا شرعية قانونية له، وباستطاعتنا افشاله مثلما افشلنا عدوانهم العسكري والسياسي والدبلوماسي وجعلناها كأن لم تكن وليس لها أثر بالنظر لحجم خسارتهم وعدوانهم وتحالفهم.

التركيز على كيفية مواجهة عدوانهم الاقتصادي يجب أن نعطيه أولى الأولويات وهو ما يحتم علينا قراءة أهداف وحيثيات اتخاذ قرار النقل للبنك المركزي وامكانية تطبيقه وماهي الآثار المترتبة عليه وكيفية مواجهتها وخلق بدائل ايجابية، وبعيدا عن السخرية من هذا القرار وضرورة قرائته بموضوعية هي اولى الخطوات ويسبقها خلق حالة الطمأنينة بين المواطنين واصحاب رؤوس الأموال في القطاع الخاص وعملاء البنوك والنظام الإئتماني والمصرفي بشكل عام.

ظل الامريكان وحلفاؤهم مراهنون على حدوث الإنهيار الاقتصادي خاصة بعد قيامهم بفرض حصار ظالم جعل ايرادات الدولة تنخفض الى 30%، الا أن ادارة البنك المركزي الحكيمة اذهلت العالم عن كيفية صمود الاقتصاد لمدة 18 شهرا، مستمرا في صرف مرتبات الموظفين وتامين شراء المواد الاساسية من المواد الغذائية الضرورية، اما ماقيل عن قيام البنك المركزي بتغطية المجهود الحربي فهي مدعاة للسخرية اذ ان من واجب البنك تامين نفقات الدفاع عن البلد ومع ذلك يدعي المنافقين ان البنك صرف 1.8 مليار للمجهود الحربي فهو مبلغ بسيط مقارنة بما خسرته دول العدوان حيث بلغت خسائر السعودية وحدها مئات المليارات وربما تتجاوز التريليون دولار في المدى البعيد، فضلا عن ذلك فان المواطنين هم من ينفقون للجبهات بالدرجة الاساسية ولسنا محتاجين للاثبات، وما يهمنا هنا هو معرفة سبب اتخاذهم لهذه الخطوة العدوانية بهذا الوقت بالتحديد؟ وهو ما يستوجب دراسة اهداف وحيثيات اتخاذ هذا القرار العدواني المتمثلة كما أرى في الآتي:

1- عجز دول العدوان عن تغطية نفقات المنافقين العسكرية والخدمية وتوجهها لتغطية هذه النفقات من قوت المواطن اليمني بمعنى ان يتحمل المواطن قوت العدوان عليه..! وهذا له تبعات عليهم في عدن من حيث المشاكل التي ستنشأ بينهم بسبب تعدد الولاءات وانعدام الرقابة والمحاسبة، اذ ان حالات الفساد في عدن وبشهادة رئيس تحرير موقع وصحيفة عدن الغد بلغت مستويات كبيرة ومفزعة اضافة الى تبعات اخرى يصعب حصرها وقبل ذلك الحاجة الى وقت ليس باليسير حتى يصلوا الى مرحلة النجاح وهو بعيد خلال اشهر ان لم يكن سنوات.

2- هذا القرار امريكي بامتياز ومرتبط بالملف التفاوضي والسفير الامريكي خاطب الوفد الوطني بمفاوضات الكويت وبالحرف الواحد، اذا لم تقبلوا بالحل السياسي الذي نريده سنجعل عملتكم لا تساوي الحبر المكتوب عليها، وهو يعلم صعوبة تنفيذ تهديده في ظل الظروف القائمة بعدن والجنوب عموما، وبالتأمل لحجم الضغوطات على القيادة السياسية ومحاولة شق الصف بين المؤتمر وانصارالله وما نتج عن ذلك من خطوات احادية قام بها المؤتمر بصورة منفردة وانصارالله كذلك وان كانت اقل ضررا، وحالة الغموض والكتمان التي اكتنفت تحركاتهما سواء الى الامارات والاردن وبريطانيا والانباء عن الذهاب الى ظهران الجنوب والاختلاف بشأن التعاطي مع مبادرة كيري وتأخر تشكيل الحكومة كل ذلك مرتبط بقرار نقل البنك المركزي اذ تمارس ضغوطات كبيرة على المؤتمر من جهة وعلى انصارالله من جهة اخرى وكل ذلك يضاف اليه الضغوط بالورقة الأخيرة وهي ورقة الاقتصاد ونقل مقر البنك المركزي الرئيسي، وهذا هدف امريكي بامتياز مفاده اذا لم تركعوا سنركعكم بالاقتصاد وفي الوقت المناسب، فهل ينجح الامريكي ام انه يقول مالا يفعل، وفي اخر المقال سأجيب عن ذلك.

3- اغلب المرتبات تذهب للجيش والامن وطلبت قوى العدوان وقف صرف مرتبات الجنود ظانا منها انهم كلهم بيقاتلوا في الجبهات مش عارفين ان اغلبهم راقدين وتريد حكومة هادي السيطرة على مرتباتهم لتجرهم للقتال بصفها وهكذا يجدوا انفسهم يتحركوا مع الباطل بعد تخاذلهم مع انفسهم ووطنهم. ثم ماهي النتيجة؟ فليفكر الجميع بموضوعية..! وعموما سيفشلوا لان هناك الكثير مم الشرفاء اما مرضى النفوس فمصيرهم كارثي بحق انفسهم اولا.

4- الظروف الوقتية التي أتى فيها هذا القرار هي خطوة من قبل هادي والسعودية لافشال مساعي الامارات الاحادية، فقد تزامن هذا القرار مع تواجد القيادات الجنوبية في ابو ظبي حيث كانت مجتمعة هناك لترتيب الانفصال فسارعت السعودية عبر هادي لافشال هذه الخطوة المستعجلة من قبل الامارات التي ترى ان العدوان طال وطالت الخسائر الاقتصادية عليهم وعدم وجود افق لحل سياسي من قبل السعودية في المدى القريب وهو ما يحتم بناء دولة جنوبية تأمن مصالح الامارات لتضمن استرداد ما خسرته في الحرب، ايضا اتى هذا القرار مضافا الى قرارات اخرى بتعديل وزاري كبير بحكومة بن دغر بعد معرفة هادي بوجود وزراء ابدوا قبولهم بتغيير هادي اذا كان ذلك سيأتي في اطار حل شامل للازمة السياسية اليمنية فقام هادي بهذه الخطوة ومعه السعودية لارباك الوضع بشكل عام وخلق اولويات وارباكات جديدة وايضا ضغطا على سلطة صنعاء، وهذا ما يجعل القرار صعب التنفيذ لهذه المشاكل البينية فيما بينهم، وكما صرحت مواقع اعلامية ان هناك توجه امريكي اماراتي لوقف العدوان فالحزب الديمقراطي يريد وقف العدوان مؤقتا حتى يستغل ذلك في حملته الانتخابية في انه حقق السلام في اليمن، لكن السعودية واسرائيل لا تريدان ذلك، وهذا ما يجعل من القرار صعب ويؤكد انه اتى بصورة مستعجلة وكأنه للضغط فقط.

اضافة الى حيثيات اخرى يصعب حصرها وما تقدم هو الرئيسي منها الا أن سؤالا يطرأ عن ماهي ظروف نجاح قرار نقل البنك المركزي الى عدن؟ والتي كما أرى تتلخص فيما يلي:

1- انتقال الحكومة الى عدن والبقاء فيها بشكل دائم.
2- تأمين عدن بشكل كامل تأمينا كاملا.
3- وجود دعم دولي واقليمي من قبل دول العدوان للحكومة وتقديم مساعدات لتغطية المرتبات بتغطية العجز الذي حتما سينشأ في الموازنة.
4- وجود سلطة موحدة بعدن غير متعددة الولاءات، بحيث يمنع الصراع الذي سيترتب عليه فشل نجاح هذا القرار.
5- تحول عدن الى عاصمة مؤقتة وبمعنى انه يجب ان تختفي كل الممارسات المناطقية ضد ابناء الشمال في عدن من المؤيدين للشرعية على الاقل.
6- انتقال الغرفة التجارية الى عدن وجمعية البنوك اليمنية لتنظيم العمليات المصرفية والائتمانية وتوفير السلع الاساسية، لخلق واقع مستقر و ثقة لدى عملاء البنوك في النظام المالي الجديد بعدن.
7- وجود نظام رقابي ومحاسبي مؤسسي وهو ما يعني ضرورة تفعيل أجهزة الدولة الرقابية وفرض نظام رقابي قوي وهذا يحتاج لظروف سياسية آمنة تمنع الابتزازات من قبل مراكز القوى وما اكثرها في عدن بين الحراك والاصلاح والسلفيين واصحاب ابين والضالع ويافع ووجود تكتلات داخل كل المكونات تشبه العصابات اضافة الى تعدد ولاءاتها.
8- طباعة عملة جديدة مالم يتم توريد ما تم سحبه من السيولة سواء عبر السعودية في المعاملات التجارية مع التجار او الصرافين الخونة، وما امتنعت عن توريده المحافظات كمارب مثلا وحضرموت اذ تبلغ ما تحتفظ به مارب بالبنك المركزي مبلغ اكثر من 70 مليار ريال.

واذا ما نظرنا الى امكانية تطبيق كل تلك النقاط فهي مستحيلة في المدى المتوسط والبعيد نظرا لتعدد الولاءات في عدن والاختلاف القائم بين الامارات والسعودية والاختلاف الدائم بين الاخوان والحراك والجنوبيين فيمابينهم وصعوبة انتقال الحكومة الى عدن وتأمين المقر الرئيسي والمدينة بكاملها في ظل ظروف امنية متدهورة ووجود حالات تقطع ونهب للبنوك لازالت قائمة، والكثير الكثير من الصعوبات الناشئة والتي ستنشأ.

غير ان الدراسة الواقعية للقرار واذا كانت هناك جدية لدى اسياد المرتزقة وفشل هذا الضغط والتلويح الذي هو لحد الان مجرد حبر على ورق، فما يمكن أن تقوم به هو انشاء بنك مركزي في عدن يتولى النظام المالي في المحافظات الجنوبية على الاقل وهو ما يعني وضع خطوة اولى نحو تكريس الانفصال، لان البنك المركزي في صنعاء اعلن العمل يظل مستمر كالسابق، وهو ما يعني ان تم انشاء بنك مركزي في عدن سيبقى بنك صنعاء وسيغطي معاملات محافظات الشمال التي هي الان اكثر ايرادات من الجنوب نظرا لتوقف بيع النفط والغاز، وهو ما يعني وجود نظامين ماليين في اليمن.

اما تداعيات هذا القرار فهي كارثية على كل الشعب جنوبا قبل الشمال نظرا لما سيخلقه هذا القرار في العملة مقابل العملات الصعبة وكذلك في ارتفاع الاسعار ونشوء حالات الاحتكار نظرا لمخاوف التجار، وايضا تضرر القطاع الخاص، لكن تأكيد اذا ما نظرنا الى ان هذه الخطوة تظل ورقة تهديد وتلويح فقط واذا فشلت فهو ما يعني اتجاه دول العدوان للمكابرة وبالتالي فان التبعات عليهم اكثر وبالتالي ايضا تكون سلطة عدن ملزمة بصرف المرتبات ومسئولة عن التدهور الاقتصادي واذا كانت دول العدوان تهدف الى تحمل البنك المركزي لنفقات المرتزقة فانها ملزمة بتقديم مساعدات مالية لمنع فشل المرتزقة من ادارة النظام المالي وصرف المرتبات وهو ما يعني انهم وقعوا في فخ صنعوه بايديهم، وفي الاخير على الاقل ان نجحوا في انشاء بنك مركزي في عدن فاننا اصبحنا امام نظامين ماليين احدهما في صنعاء اكثر استقرارا وتنظيما والاخر في عدن يحتاج لمراحل حتى ينظم عمله بشكل صحيح.

اذن وبناء على ما تقدم نجد أن هناك صعوبات كبيرة في تطبيق ذلك القرار الاحمق والغبي الذي أرادوه بالمقام الأول ان يكون حرب اعلامية لخلق مخاوف لدى الناس الذين لن يصيب منهم الا أولياء المعتدين وهم المنافقين فقط، وستنقلب هذه الخطوة ضدهم وبكم عرفنا أنهم كاذبين في ادعاءاتهم السابقة عن ان الدولة ستعجز عن صرف المرتبات والتي كانت ولازالتوستستمر في صرفها الى ماشاء الله للمواطنين الواقعين في المحافظات الصامدة اما ما احتلوه وان استمروا في النهب لاموال الدولة فعليهم تحمل التبعات.

ان الاجتماع الذي عقد يوم امس في مقر البنك المركزي في صنعاء برئاسة المحافظ بن همام يوم امس كان موفقا في قراراته الحكيمة فعلا والتي اكدت على عدم القلق لدى الناس فنحن يجب ان نفهم ان اولئك ليس بايديهم خزائن السموات والأرض وان لديهم صعوبات جمة وتعصرهم الإختلافات والمشاكل والتي تحتاج لآلاف السنين حتى ينعدلوا والله محبط أعمالهم ولن يترك المدافعين عن أنفسهم.

أخير وهي رسالة أوجهها للمجلس السياسي وللبنك المركزي بصنعاء، وهو لماذا لا يتم خلق بدائل لتوفير السيولة كأن يتم اعتماد النظام الالكتروني في المعاملات التجارية وتعميمه في كل المحافظات والمديريات فاذا كانت دول العدوان منعت البنك من طباعة عملة جديدة لدى شركة روسية واستمرت دول العدوان ومرتزقتهم في سحب العملة فان الحل الوحيد هو خلق بدائل ومنها اعتماد النظام الالكتروني، كما أوجه رسالة للمؤتمر وأنصارالله الذين خلقوا أروع صور الصمود والتلاحم بأن عليهم تجاوز كل الخلافات وحلها كما جرى في السابق ورسالة الى قيادة المؤتمر الشعبي العام ان لا تنخدع بالامريكان فهي من خذلتها في السابق والحكيم من لا يلدغ مرتين من نفس الجحر خاصة اذا كانت لدغاته خبيثة ويعرفها الجميع وتضر بالجميع، ومهما كانت الوعود فهم كاذبون والمؤتمر لن يصمد الا بشعبه لا بالخارج.

قد يعجبك ايضا