ما علاقة تحرك القوات الأمريكية في مواقع داعش في دير الزور بالحرب في سوريا وهل لتحركها علاقة بمحاصرة فصيل من الشرطة العسكرية الروسية وكيف تم فك الحصار عن الفصيل الروسي ..؟

مع إقتراب شهر سبتمبر 2017 من نهايته قدرت العديد من الأوساط السياسية والعسكرية ومراكز الرصد أن المواجهة الروسية الأمريكية على أرض الشام تشهد نقلة جديدة تقربها من حالة إمتحان القوة كالتي شهدتها الحرب الفيتنامية خلال سنواتها الثلاث الأخيرة 1972 و 1975. نقطة الخلاف بين هؤلاء هنا هو أي مسار سيأخذه الصراع، وهل ستكون الحصيلة إنسحاب واشنطن وحلفائها كما حدث في جنوب الفيتنام وسقوط سايغون يوم 30 ابريل من عام 1975، أم أن الصراع سيستمر مع إحتمال وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين القوات الأمريكية والروسية.
تورط أمريكي مباشر جديد
يوم 19 سبتمبر شن مسلحو جبهة النصرة هجوما واسع النطاق ضد وحدات الجيش السوري في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا.
وأعلن رئيس مديرية العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية الفريق أول سيرغي رودسكوي، أن مسلحي النصرة والفصائل المتحالفة معها التي لا ترغب في تنفيذ اتفاقات وقف النار، شنوا الهجوم المباغت رغم الاتفاقيات الموقعة يوم الـ15 سبتمبر في أستانا.
وبدأ الهجوم الواسع النطاق في الساعة الثامنة صباحا من يوم 19 سبتمبر واستهدف مواقع القوات الحكومية السورية في شمال وشمال شرق مدينة حماة في منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وأشار المسؤول العسكري الروسي إلى أن خبراء أمريكيين أشرفوا على إعداد الهجوم وتدريب المسلحين المشاركين فيه.
وتابع رئيس المديرية: “ووفقا للتقارير، فقد دفعت الاستخبارات الأمريكية بهذا الهجوم لوقف التقدم النشط للقوات الحكومية شرق دير الزور”.
وذكر روتسكوي أن المسلحين نفذوا هجومهم بدعم من الدبابات والمركبات المدرعة لنقل المشاة، مشيرا إلى الإعداد الجيد المسبق لديهم. وقال الجنرال “تمكن المسلحون خلال يوم من اختراق دفاعات القوات الحكومية على عمق يصل إلى 12 كيلومترا على طول 20 كيلومترا على خط الجبهة”.
وأوضح المسؤول العسكري أن المقاتلين تمكنوا من محاصرة فصيل من الشرطة العسكرية الروسية مكون من 29 شخصا، مؤكدا أن أحد الأهداف الرئيسية للهجوم كان محاولة أسر وحدة الشرطة العسكرية الروسية التي كانت في مركز المراقبة لرصد الوضع في منطقة خفض التصعيد.
وتابع قائلا: “ونتيجة لهجوم العصابات، سد الطريق أمام الشرطة العسكرية الروسية، التي صمدت لعدة ساعات أمام الهجمات.. بالتعاون مع مسلحين من قبيلة الموالي السورية التي وقعت اتفاقا للانضمام إلى نظام وقف إطلاق النار وبقيت ثابتة عليه بصدق في هذا الوضع الصعب”.
وقال روتسكوي، إن قيادة القوات الروسية في سوريا شكلت فريقا من وحدات قوات العمليات الخاصة والشرطة العسكرية مجهزة بأفراد من عسكريين من شمال القوقاز والقوات الخاصة السورية، لفك الحصار عن الشرطة العسكرية.
وأكد أن فريق القوات الخاصة تلقى دعما جويا فقد وجهت مقاتلتان “سو 25″ ضربات على أفراد ومدرعات المسلحين من ارتفاعات منخفضة جدا.
وأضاف: “ونتيجة لذلك، كسر الطوق عن المحاصرين، ووصلت وحدات القوات الروسية إلى المكان دون خسائر في الأرواح.. وأصيب خلال العملية، ثلاثة جنود”.
بعد ذلك على الفور بدأ الهجوم المعاكس للجيش السوري بدعم من الطائرات الحربية الروسية. والذي تم خلاله تدمير 40 مستودعا للسلاح والذخيرة ودبابة و4 آليات مدرعة في مواقع العدو الذي فقد 850 شخصا من عناصره.
المحلل السياسي الروسي أرايك ستيبانيان ذكر أن الأمريكيين لا يعدمون وسيلة لإعاقة تقدم الجيش العربي السوري، معتبرا أن الهجوم على الشرطة العسكرية الروسية يندرج في إطار الفعاليات التي توصف بأنها أفعال غريبة ولكنها تحدث على أرض الواقع.
وأوضح أرايك ستيبانيان، وهو أمين سر أكاديمية الدراسات الجيوسياسية، في حوار مع راديو سبوتنيك:
أثار نجاح الجيش السوري أعصاب الأمريكيين الذين لا يخفون أن تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” هما عميلا الولايات المتحدة، وأن المعارضة المعتدلة السورية أنشأتها الولايات المتحدة وتستمر في تسليحها.
تواطؤ القوات الأمريكية مع “داعش”
صباح يوم الأحد 24 سبتمبر نشرت وزارة الدفاع الروسية صورا تدل على تواجد آليات تابعة للقوات الأمريكية الخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” في ريف دير الزور الشمالي.
وأعلنت الوزارة في بيان لها أن القوات الأمريكية تضمن لعناصر “قوات سوريا الديمقراطية” المرور دون أي عوائق عبر مواقع لـ”داعش” على طول الضفة اليسرى لنهر الفرات.
وأوضحت الوزارة أن الصور التي تم نشرها التقطت من الجو في مناطق انتشار “داعش” خلال فترة ما بين 8 و12 سبتمبر 2017، وتظهر العديد من عربات “همر” الأمريكية عند النقاط المحصنة التي أقامها التنظيم.
وأشارت الوزارة إلى غياب أي آثار لاقتحام القوات الأمريكية هذه المواقع أو قصف طيران التحالف الدولي لها، وحتى اتخاذ عناصر الجيش الأمريكي أي إجراءات وقائية لحماية مواقعهم، مضيفة أنه “لا يمكن لذلك أن يدل إلا على أن العسكريين الأمريكيين يشعرون بالأمان في المناطق الخاضعة للإرهابيين”.
ساحة المواجهة
بعد فشل هجمة جبهة النصرة ذكرت مصادر الرصد في العاصمة اللبنانية بيروت أن معطيات ميدان دير الزور تتسارع بعد إحكام الجيش السوري وحلفائه السيطرة على كامل الريف الغربي المتصل مع ريف الرقة الجنوبي، حيث أعلن مصدر عسكري سوري أن الجيش استعاد في الفترة الممتدة بين العاشر والثالث والعشرين من سبتمبر، 44 بلدة وقرية ومزرعة ومنشأة، في أرياف دير الزور والرقة، من جانبه ثبت ما يسمى ب”التحالف الدولي” وهو التحالف الذي تقوده واشنطن وجود قواته داخل عدد من حقول النفط والغاز على الضفة الشمالية لنهر الفرات، فيما بدا أنه تحرك يهدف إلى قطع الطريق أمام استعادة دمشق لتلك المنشآت المهمة والاستراتيجية.
وأتى تحرك “التحالف الأمريكي الغربي” عبر تأمين طائراته تغطية جوية لتقدم “قوات سوريا الديموقراطية” من محيط الطريق بين دير الزور والحسكة، شرقا باتجاه حقلي العزبة والطابية، وصولا إلى منشأة غاز “كونيكو”. ونقلت مصادر مطلعة أن قوات خاصة أمريكية ساهمت في تأمين النقاط المحيطة بالشركة، قبل أن تنسحب وتسلمها لمقاتلي “قسد”، مكتفية بتأمين غطاء جوي لردع أي تقدم محتمل من جانب قوات الجيش السوري. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن “التحالف” يخطط لمتابعة التحرك شرقا نحو حقل الجفرة النفطي، الذي يشكل عقدة وصل مهمة بين آبار الريف الشرقي لدير الزور، والذي يعد آخر الحقول النفطية المهمة غرب نهر الخابور.
وبعدما انتهت عمليات الجيش السوري وحلفائه يوم 24 سبتمبر، في ريفي دير الزور الغربي، والرقة الجنوبي، بالسيطرة على بلدة معدان والقرى الممتدة على ضفة الفرات الجنوبية، ينتظر ما ستقود إليه قنوات التواصل الروسية الأمريكية لتحديد طبيعة تحرك القوات على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
الإنسحاب
في الوقت الذي كشفت فيه موسكو عن فصل جديد من تعاون الجيش الأمريكي وما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية مع التنظيمات المصنفة إرهابية كداعش والنصرة، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن بلاده أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية أن أي محاولات لتعطيل عملية مكافحة الإرهاب وتقدم الجيش السوري “من مناطق مقربة من أصدقاء الأمريكيين… لن تترك من دون رد فعل”.
وقال لافروف، في مؤتمر صحفي عقده يوم الجمعة 22 سبتمبر في نيويورك على هامش أعمال الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة: “هناك وجود شرعي، يجري تنفيذه على أساس الدعوة من قبل السلطات الرسمية، وهناك وجود غير شرعي، الذي يتمثل بأعمال التحالف بقيادة الأمريكيين والقوات الخاصة لعدد كبير من الدول، التي لم يدعوها أحد”.
وأضاف لافروف: “إنني على يقين بأن الخطوة الأولى بعد هزيمة الإرهاب في سوريا تتمثل بضرورة سحب جميع القوات، الموجودة في سوريا بطريقة غير شرعية”.
وشدد لافروف على أن الجهات، التي تمت دعوتها إلى سوريا من قبل حكومة البلاد، فمسألة بقائها “ستقرره قيادة الدولة السورية نتيجة العملية السياسية”.
وفي سياق متصل، أكد لافروف على ضرورة منع تقسيم أراضي سوريا، محذرا من التداعيات الخطيرة التي قد يؤدي إليها وقوع ذلك بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط برمتها.
وأكد الوزير الروسي بهذا الخصوص: “من الضروري منع تقسيم سوريا بأي شكل من الأشكال، إن ذلك سيسفر عن تداعيات متسلسلة في الشرق الأوسط بأسره”.
وأوضح لافروف أن إقامة مناطق تخفيف التوتر في سوريا تهدف بالدرجة الأولى إلى خفض مستوى العنف في البلاد وتهيئة الأرضية الملائمة لإطلاق حوار سوري سوري شامل من أجل حل الأزمة بطريقة سياسية.
وشدد لافروف في هذا السياق على أن هذا الإجراء مؤقت، مبينا أنه من المخطط له أن يعمل نظام مناطق تخفيف التوتر في سوريا لمدة 6 أشهر فقط.
وخلال تطرقه إلى العلاقات بين القوات الروسية والتحالف الدولي ضد “داعش” في سوريا، أكد لافروف أن تكثيف التنسيق العسكري بين الجانبين يمثل أمرا ضروريا لإنهاء محاربة الإرهابيين في البلاد بصورة فعالة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن واشنطن تمنع الجيش الأمريكي من القيام بذلك.
وأوضح لافروف أن دحر الإرهابيين يتطلب تنسيقا حقيقيا بين العسكريين الروس والأمريكيين وليس فقط التواصل لمنع وقوع الاشتباكات بينهم، مشيرا إلى أن قانون الميزانية الأمريكي يفرض حظرا على مثل هذا التنسيق مع روسيا.
وأضاف لافروف: “وما سبب ذلك؟ إنه يكمن في أن المشرعين، الذين يتبنون مثل هذه القوانين، لا يهتمون بحل النزاعات في مختلف أنحاء العالم أو تطوير العلاقات المفيدة بالنسبة للعمل الأمريكي مع روسيا، وإنما توجيه رسائل سياسية، وها هي رسالتهم، التي نعيش بها الآن”.
وبالتوازي وفي محاولة للتغطية على التعاون بين الجيش الأمريكي وداعش، نفى المتحدث باسم قوات التحالف الأمريكي ريان ديلون، في حديث إلى وكالة “رويترز″ أن تكون بلاده في سباق مع موسكو على مناطق دير الزور، موضحا أن القوات التي تدعمها بلاده تتفادى الضفة الشرقية المقابلة لأحياء مدينة دير الزور حاليا… وتركز على التحرك نحو الحدود العراقية. وجدد التأكيد على أن هدف التحالف هو قتال تنظيم داعش. وليس لنا معركة مع النظام السوري أو مع الروس″.
يذكر أن أرفع قائد عسكري أمريكي صرح يوم 18 سبتمبر، إن البنتاغون يتخذ إجراءات إضافية لتأمين فاعلية قنوات الاتصال المباشر مع القوات الروسية في سوريا، بعد تعرض قوات حليفة لواشنطن للقصف شرق البلاد قبل أيام.
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” يوم الأحد عن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي الجنرال جوزيف دانفورد قوله لمجموعة صغيرة من الصحفيين، إن “قناة التنسيق لتجنب النزاعات بين العسكريين الروس والأمريكيين لم تعمل”، عندما قصفت الطائرات الروسية والسورية مواقع لقوات المعارضة السورية المدعومة أمريكيا في الضفة الشرقية لنهر الفرات، بحسب الصحيفة.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع الروسية رفضت اتهام البنتاغون باستهداف متعمد لقوات سوريا الديمقراطية، مؤكدة أن “القوات الروسية في سوريا لا تضرب سوى أهداف، يجري تحديدها وتأكيدها في المناطق التي يسيطر عليها ويتمركز فيها تنظيم داعش”.

قد يعجبك ايضا