عن ماذا سأكتب اليوم..؟!!! …بقلم/ عبدالفتاح حيدرة

 

كلما هممت بفتح صفحة الفيسبوك، أوجه لنفسي سؤالا هو (عن ماذا ستكتب اليوم..؟!! )، هذا السؤال جاء معي من جبهة ميدي، تحملته فوق ظهر ضميري وحزمته في وعيي جيدا وانا خارج من أول شارع في مدينة ميدي، بعد خروجي مباشرة من الجبهة الاماميه في ميدي.. 
قبل ان ازور جبهات المقاتلين، سوى في ميدي او في نجران ، كنت افتح صفحتي وأكيل فيها عدد من المنشورات، وكأنني في سباق لإن اكون اكثر من كتب منشورات، او كأنني الوحيد الذي يؤثر يتابعه العالم، وبعد عودتي من زيارة الجبهات والحديث مع المقاتل اليمني في جبهات العزة والشرف والكرامة، أصبحت كلما فتحت صفحات مواقع التواصل الإجتماعي اسأل نفسي (عن ماذا سأكتب اليوم..؟!!)..
لا أخفيكم إن هذا السؤال يقلقني جدا، ويصيبني بحالة خوف ورعب شديدة، مجرد ان اطرحه على نفسي، أتذكر مباشرة كل صغيرة وكبيرة في الجبهات، تفاصيل كثيرة، أحاديث ونقاشات كثيرة، اتذكرها فجأه، وعي المقاتل اليمني ، قيم المقاتل اليمني، مشروع المقاتل اليمني، لأجد نفسي بعيد جدا عن الحديث او الكتابة عن أي شئ آخر غير متعلق بوعي وقيم ومشروع ذلك المقاتل، الذي قدم رأسه وروحه للدفاع عنهم وعننا وعن وطنا ..
وبمجرد ان اتذكر أي فكرة التقطتها في الجبهه، سوى كان إلتقاطها عن طريق محادثه مع مقاتل، او عن طريق تساؤل وجهه لي مقاتل، أغلق صفحة الفيسبوك مباشرة، وإبداء بفتح المذكره والكتابة عن تفاصيل تلك الفكرة، وأخراجها لمتابعي صفحتي على شكل مقال ، وإن لم أجد ما يمكن ان يساعدني في نقل تلك الفكرة أعود مباشرة لخطابات السيد عبدالملك الحوثي، وهناك في خطابات السيد اجد ضالتي دائما، تكتمل الفكرة وتتآلف بشكل لا يصدق، فأقوم بعدها بفتح الفيسبوك وانشر ما جادت به قريحتي المتواضعه على شكل مقال او منشور ، معززا فيه عبارات ومصطلحات (الوعي، القيم، المشروع).. 
أعلم جيدا حالات التندر من هذه المقالات أصبحت كثيرة، وأعلم أكثر ان التعليقات والتفاعل معها اصبح معدما، ولكن لم يثنيني ذلك بل على العكس تماما، اصبح دافعا كبيرا جدا لي للكتابة أكثر، بل وطرح السؤال (عن ماذا سأكتب اليوم..؟!! ) أصبح هو المحدد الأول عن ما سأتناوله من افكار للكتابة كل يوم، حتى أصبحت الكتابة عن وعي المقاتل اليمني وقيم الشعب اليمني ومشروع خطابات السيد اليمني، هي محور الإجابة والرد عن سؤالي، لإنه بدون الكتابة عن ذلك يصبح سقفي هابطا جدا، و انا الذي اكتب عن الوعي والقيم والمشروع، اصبح مسخ بدون وعي وبدون قيم وبدون مشروع..

بدون الكتابة عن (وعي) المقاتل اليمني وتضحياته وبطولاته، يصبح الواحد منا بدون قيم وبدون أخلاق ولا يحترم من يقرأون له او من يتابعونه، ويعمل ما يعمله المحايد في وقت العدوان على بلده، انه مرتزق خفي لكن ببدله وكرفته ونظاره وشهادة دكتوراه وبأسم ضد العدوان، وبدون الكتابه عن (قيم) الشعب اليمني الصامد والمتحدي للعدوان، يصبح الواحد منا بدون مشروع وبدون هوية ولا يحترم صبر وصمود وتحدي وتضحيات وجوع هذا الشعب للعدوان، وبدون الكتابة عن (مشروع) إستقلال وسيادة ووحدة اليمن واليمنيين، يصبح الواحد منا عميلا دون ان يدري، مثله مثل المرتزق بالمجان، بفارق ان خطره أكبر على وحدة الصف الداخلي المواجه للعدوان.. 
نعم سوف أظل اسأل نفسي بأستمرار (عن ماذا سأكتب اليوم) إحتراما وتقديرا ودورا ومسئولية لـ(وعي وقيم ومشروع) المقاتل اليمني وقيم الشعب اليمني ومشروع الاستقلال اليمني ضد أجندة العدو ومرتزقته وحلفائه، إذ اصبحت المشكلة اليوم، هي إننا اصبحنا نكتب عن كل ما هب ودب، نراه امام اعيننا، بدون ان نضع اي قيمه للضمير الوطني والقومي والانساني في طرح هذا السؤال على انفسنا، الذي يحد من تورطنا في مساندة العدو الساعي لهزيمتنا واذلالنا.. 
بدون هذا السؤال الذي يجب ان نوجهه لأنفسنا ان كنا صادقين، فأننا اختزلنا القيم في بعض الأمور الشكلية، بينما بهذا السؤال فإننا اصبحنا نعي ان (الوعي والقيم والمشروع) مفاهيمها واسع جدا، مثلا سنجد ان القيم تعني الأمتثال والإلتزام التام بثوابت المثل العليا ( الكرامة، العزة، الشرف، الاستقلال، الحرية، السيادة) ، القيم تعني تقديس الأحترام للأخلاق، تعني احترام حق الحياة، احترام الوقت، احترام الآخر، احترام الخصوصية، احترام قيمة العمل، احترام قيمة الإنسان، احترام القانون، وغيرها من الأمور.. 
القيم ليست بالبدلة والكرفته والديمقراطية ووظيفه وسيارة فارهه ورصيد بنكي ، لو كانت هذه هي القيم لكنا نحن اليوم من قام بغزو الفضاء منذ قرن من الزمان على الأقل، والقيم ليست بالجلباب الواسع والتوزه والصوت المنخفض وزبيبة الصلاة، لو كانت هذه هي القيم لكنا نحن من قام بغزو الفضاء في عهد عباس ابن فرناس على الأقل..
الوعي بتضحيات المقاتل اليمني في جبهات العزة والشرف والكرامة وحمل القيم التي توحد الشعب اليمني ضد العدوان وتآلف ذلك مع المشروع والوعاء الذي بواسطته يتم التحرر وحفظ السيادة والاستقلال، هذه اشياء لا يمكن ان يتحدث عنها من يبيت الخديعه والخيانه والعماله ويمارس الكذب ، او من نشأ على الذل والعبودية والخنوع والتبعية وتقديس الأشخاص، لإن هؤلاء يتعذر عليه فهم معاني العزة والإباء والكرامة، وما أكثرهم في هذا الوقت وهذه المرحلة ، التي يجب ان نسأل انفسنا فيها مليون سؤال قبل ان نكتب او نتصرف او نقرر او نعلن او نخاصم او نحب..

 
قد يعجبك ايضا