مذكرات أشتون كارتر: تحويل جيش السودان إلى جيش مرتزق لحماية الخليج

 

 

الأخبار اللبنانية /لقمان عبد الله

قدمت المذكرات التي عرضها أشتون كارتر خلال توليه منصب وزير الدفاع الأميركي (في عهد الرئيس السابق باراك أوباما) فرصة لفهم الاستراتيجية الأميركية في سوريا على نحو أفضل. لكن الأهم هو تسليط الضوء على النظرة الأميركية إلى دول الخليج في اعتمادها على الجيش السوداني الذي يصفه كارتر بالجيش المرتزق، وغيره من المرتزقة، ما يشير إلى حالة الخواء البنيوي التي تعتري جيوش تلك الدول (الخليجية)، والقصور الفاضح في مواجهة التهديدات المحيطة بها في أكثر من اتجاه.

كلام كارتر جاء في تقرير عرض فيه جانباً من مذكراته خلال توليه وزارة الدفاع في عهد أوباما، وتناولت مذكراته حصراً العملية العسكرية ضد تنظيم «داعش». التقرير المؤلف من 45 صفحة نشره موقع «مركز بلفِر للشؤون الدولية» الذي يترأسه كارتر والتابع لكلية كينيدي في جامعة هارفرد.
وصف تقرير كارتر امتناع الدول الخليجية عن مقاتلة «داعش» بالقول إنه كان دائماً توضع شروط، ودائماً كانت الذريعة بأن الوقت ليس مناسباً، عازياً السبب في ذلك إلى أن الكثير من دول الخليج تفتقر إلى القدرة العسكرية القابلة للاستخدام في مواجهة «داعش» باستثناء القوة الجوية، لأن قواتها البرية كانت أقل قدرة بكثير. واللافت في مذكراته أن استراتيجية دول الخليج لا تعتمد على بناء الجيوش وفق عقيدة وطنية أو قومية مع رسم استراتيجيات عسكرية بعيدة المدى بالإضافة إلى الخطط والبرامج لمواجهة التهديدات التي تواجه بلادهم… «بقدر ما بنيت تلك الاستراتيجية على استئجار المقاتلين الأجانب للدفاع عن حدود البلاد». والمفاجأة الأهم كانت «فكرة الاستفادة من المرتزقة السودانيين»، وهي فكرة خليجية متداولة على مستوى الملوك والأمراء تعويضاً عن الخلل والنقص في جيوش تلك الدول، وإن كان كارتر يرى أنها فكرة غير نموذجية.
يستذكر كارتر محادثة بينه وبين أحد أعضاء الكونغرس الذي كان قد وصل للتو من اجتماع مع ديبلوماسي خليجي ادعى فيه الأخير أن هناك جيشاً سنياً من 70 ألف جندي، وهؤلاء مستعدون للعبور نحو العراق وسوريا وهزيمة «داعش». يقول كارتر: «سألني عضو الكونغرس لِمَ لم أقبل العرض؟ فأجبته: هل قال لك إن 60 ألفاً من هؤلاء هم سودانيون؟». ويذكر وزير الدفاع السابق أسباباً أخرى كانت تحول دون مشاركة دول الخليج في التحالف ضد «داعش»، منها رفض القوى المحلية على الأرض، وكذلك الرفض السوري والعراقي الرسمي لتلك المشاركة.
لكن كارتر كشف عن مكمن قوة دول الخليج، قائلاً إنها كانت نشطة في الضغط وحملات العلاقات العامة التي لم تترجم بعمل ميداني، بمعنى آخر: يريد وزير الدفاع السابق القول إن مقاربات دول الخليج للمشاركة في التحالفات الدولية مقتصرة على الضغوط السياسية وما اصطلح على تسميته «ديبلوماسية الحقائب» التي تجوب العالم لشراء المواقف السياسية والإعلامية وغيرها.
يمكن الاستفادة من مذكرات أشتون كارتر في عدد من النقاط للتعليق على وضع الجيوش الخليجية وفق ما يأتي:
ــ أبرز التحديات التي فرضها اليمن على دول التحالف السعودي ــ الإماراتي الضعف والضيق وانعدام الخيارات، والأهم أنه أفرغ العقيدة العسكرية السعودية (إن وجدت) من المضمون النظري والمحتوى العملاني، وأغرق جيشي آل سعود وأبناء آل زايد في المستنقع اليمني.

ــ فشل صفقات التسلح الخليجية التي تُعَدّ الأغلى في العالم من حيث تكلفتها في حماية دول الخليج، كذلك إن تلك المنظومات ما لم يملك مشغلوها الإرادة القتالية والقدرة على القتال البري، ولاسيما في مواجهة حرب العصابات أو الدمج بين النظامي وغير النظامي، فإنها عاجزة عن تحقيق النتائج على الأرض.
ــ رفع العقوبات الأميركية عن السودان بوساطة سعودية من يومين، إنما هو ضمن صفقة تدفع فيها الخرطوم بجيشها (المرتزق وفق تعبير كارتر) ليكون في خدمة المصالح الخليجية.
ــ اعتماد السعودية والإمارات في قتال الجيش و«اللجان الشعبية» على جيش يمني محلي موالٍ للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي تدفع له السلطات السعودية ميزانية تتضمن 220 ألف جندي وصف ضابط وضابط، فيما رفعت هيئة أركان قوات هادي الموالية للتحالف السعودي كشوفاً بأكثر من 400 ألف جندي وصف ضابط وضابط. وكان رئيس حكومة هادي السابق، خالد بحاح، قد كشف في تغريدة على حسابه في موقع «تويتر» أن قوام القوات الموالية للتحالف السعودي بلغ 425 ألف جندي وصف ضابط وضابط.
ــ إبرام صفقة مع شركة «بلاك ووتر» الأميركية لاستئجار القوات الإماراتية مئات المرتزقة من كولومبيا ونشرهم في جنوب اليمن للقتال معها ضد الجيش و«اللجان الشعبية» شمالي البلاد.
ــ استغلال حالة الفقر والعوز عند شباب جنوب اليمن والزج بهم في أتون معارك الشمال.
ــ استئجار خبراء فنيين بريطانيين وأميركيين من شركات خاصة لتشغيل منظومة الباتريوت، بالإضافة إلى وجود ضباط أميركيين وبريطانيين رسمياً داخل مراكز القيادة والتحكم وتوجيه الضربات الجوية على اليمن.

قد يعجبك ايضا