صحيفة”الاوبزرفر” البريطانية في إفتتاحيتها: اليمن.. كارثة العصر

 

التحقت صحيفة “الاوبزرفر” البريطانية بنظيراتها الأمريكية والبريطانية “واشنطن بوست، ونيويورك تايمز، والغارديان” وخصصت افتتاحية عددها الصادر، الاثنين، حول الحصار الشامل المتواصل على اليمن محذرة خلالها المجتمع الدولي وادارة ترامب من مغبة “غض الطرف إلى ما لا نهاية” عن أكبر كارثة إنسانية في العالم.

وعلى ذات السياق مع افتتاحيات “واشنطن بوست، ونيويورك تايمز، والغارديان” والتي أعادت “وكالة خبر” نشرهمم اليومين الماضيين، حذرت الاوبزرفر من ان سلوك ابن سلمان اللامبالي، إلى جانب سلوك شريكه اللامسؤول في البيت الأبيض، يتسببان في جلب الأخطار للمنطقة والعالم برمته.

نص افتتاحية “الاوبزرفر”:

بينما يتضور اليمن جوعا، يتحرك ترامب على مقربة اكثر من نظيره، الحاكم الوحشي للمملكة العربية السعودية. لامبالاة السعودية تتسبب بالبؤس ودعم الولايات المتحدة يزيد الأمر سوءا.

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في عجلة من أمره، وكذلك صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره جاريد كوشنر، وهما يشكلان معا مزيجا خطيرا.

 

وكان كوشنر زار السعودية، واجتمع بولي العهد حتى ساعات الفجر، وتبعت ذلك ثلاثة تحركات كبيرة: حركة التطهير التي قام بها ابن سلمان في أوساط الأمراء الأثرياء ورجال الأعمال السعوديين، والانقلاب الصامت في لبنان، وفرض حصار على الموانئ اليمنية الذي يهدد بكارثة إنسانية.

ولم يوجه البيت الأبيض، الداعم لسياسات الأمير ابن سلمان، أي شجب لما فعله، بل على خلاف ذلك، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر عن دعمه للحملة في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر).

ومع ذلك، فإن العلاقة الخاصة بين ابن سلمان وكوشنر محلل أخطاء ترامب الشخصي في الخارج، ومبعوث الشرق الأوسط، تشكل مصدر قلق للدبلوماسيين الأمريكيين ووزارة الدفاع (البنتاغون)، حيث قال مسؤولون أمريكيون لصحيفة (نيويورك تايمز) إن كوشنر لم يعلمهم عن اتصالاته، وقال مسؤول أمريكي إن كوشنر هو (ثقب أسود) لا يمكن التكهن بمواقفه، لكن من خلال ما يفعل وأين يذهب.

الكيفية التي تدير فيها الولايات المتحدة سياستها الخارجية هي شأن خاص بها، لكن حين يتسبب ذلك في زعزعة استقرار منطقة مضطربة أصلا، فإن ذلك يصبح خطرا على الجميع، وهذا ما يحدث الآن، فهناك الحرب الكارثية في اليمن، التي بدأها محمد بن سلمان عام 2015، حيث شن ابن سلمان، بصفته وزيرا للدفاع، عملية عسكرية في اليمن لهزيمة الحوثيين، وتخفيف التأثير الإيراني، وقد فشلت العملية في تحقيق أي من الهدفين وبشكل مريع، بل حولت أفقر دولة في العالم إلى ميدان قتل ينتشر فيه العنف والمرض والمجاعة واسوأ وباء في العصر الحديث.

وحذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من مخاطر وفاة الملايين، إن لم تتوفر المساعدات الطبية والغذائية العاجلة، حيث قالت منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية إن 130 طفلا يمنيا يموتون في كل يوم، ويعتقد أن أكثر من 50 ألف طفل ماتوا هذا العام، هذا كله عشية يوم الطفل العالمي، الذي يحل اليوم، ما يشكل عارا على العالم، وهذه الأفعال السعودية، بما فيها مزاعم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تمر دون شجب من كوشنر والإدارة الأمريكية المتواطئة.

إن خوف السعودية من منافستها إيران هو سبب الكثير من الأخطاء وسوء التقدير في المغامرات الخارجية لابن سلمان، التي هي مصدر للقلق المتزايد بين الحلفاء الغربيين وعملاء النفط ومزودي السلاح، حيث نشب خلاف دبلوماسي حاد بين الرياض وبرلين، للدور الذي يعتقد أن الرياض أدته في قضية استقالة رئيس وزراء لبنان سعد الحريري، بسبب رفضه التحرك ضد حزب الله المدعوم من إيران.

ويعتقد أنصار الحريري أن السعودية اختطفت الحريري ولجأ إلى فرنسا، ومن هنا حذر وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون من تحول لبنان إلى ساحة نزاعات بالوكالة، وكان نقده واضحا لكل من الرياض وطهران.

وقد أثارت حرب بن سلمان الاستنزافية في اليمن توبيخا خفيفا من مكتب بريطانيا الخارجي الأسبوع الماضي، لكن دعوة وزارة الخارجية بفتح المجال حالا أمام وصول المواد التجارية والإنسانية كانت غير عادية، في ضوء الموقف المذعن لمطالب الرياض.

فالغرب ينظر تاريخيا لبيت آل سعود المتصلب على أنه قوة ضرورية، ولو كانت غير جذابة لاستقرار المنطقة، وعادة ما انتقدت السعودية بسبب سجل حقوق الإنسان، وطبيعتها غير الديمقراطية ونشرها الأصولية المتطرفة، إلا أن السعودية في عهد ابن سلمان أصبحت دولة لا يمكن التكهن بأفعالها، وتتقن شن وتغذية الحروب التي لا يمكنها وقفها، ولم يعد هناك مجال للتسامح مع مظاهر فشلها المتعددة.

تعيش السعودية ضغوطا ليس بسبب طموحات إيران، بل بسبب انخفاض أسعار النفط، وتقلص الثروة الوطنية والدعوات المتزايدة للإصلاح، والتغيير ضروري، إلا أن سلوك ابن سلمان اللامبالي، إلى جانب سلوك شريكه اللامسؤول في البيت الأبيض، يتسببان في جلب الأخطار للمنطقة والعالم برمته.

قد يعجبك ايضا