القُدس والعِقال العميل!

عين الحقيقة/ كتب / د/مصباح الهمداني

حينما يكون العَرشَ الذي تجلس عليه الأسرة الحاكمة بحماية ودعم دول الاستكبار والاستعمار العالمي ولا يستند بأي شكلٍ من الأشكال على الشعب، حينها سيكون كل قرار يصدر من هذه الأسرة في خدمة هذا المستعمر المستكبر.

حين جاء ترامب زائرًا للملكة السعودية؛ اندهشَتِ الشعوب العربية لذلك الاستقبال الكبير، والاهتمام المبالغ فيه؛ لرئيسٍ سخِرَ مرارًا وتوعَّدَ تكرارًا لمملكة النفط والأسرة الحاكمة، فمما قاله قبل وصوله بالحرف الواحد “دول الخليج لا تمتلك أي شيء غير الأموال، سأجعلهم يدفعون، لدينا دَيْن عام يُقدَّر ب19 تريليون ولن ندفع تلك الأموال. لن ندفع . هم من سيدفعون.هم سيدفعون. لا تنسوا دول الخليج بدوننا لم تكن لتكون موجودة ” 
وبعدَ ذلك الاستقبال والخنوع والذُّل والذي لم يعُدْ بعده ترامب إلا بمآت المليارات من الدولات نقدًا، ومثلها استثمارًا في أمريكا.

ولاشك أن الغيورين في العالم العربي والإسلامي حين رأوا الملك سلمان يقود زعماء العرب بذلك الذل والإهانة والمهانة؛ قد مسَّهم الألم وشعروا بالإهانةِ والخيانة.

ولأننا سرعان ما نبتلِعُ الطُّعْمَ كشعوبٍ عربية، وكنخبةٍ مُثقفة؛ فقد سارت المسارات نحوَ ما وجَّه بها الحُكام، حتى أنَّ إمام الحرم الشيخ السديس تبجح متفاخرًا ومُشيدًا ومستبشرًا بترامب، ومثله مضى مفتي المملكة، وبقية القطيع.

ولأن ترامب يعلم حجم العَرَبْ بعدَ أن وضعَ إحدى يديه على ضرعَ بقرتهم المملكة السعودية يحتلبها، وصَوَّبَ قرنَهَا نحوَ اليمن، 
وبعدَ أن استمرَّت ماكينة الإعلام العربي المُسيَّرة صهيونيًا تُقنِعَ الشعوب العربية بأن عدوها الأول هو إيران وليست إسرائيل، وبعْدَ أن استُنفِذت كل قوة العرَب في حلفٍ عربي ضدَّ بلدٍ عربي لثلاث سنوات، أفرغَتْ فيه طائرات العرب مآت الآلاف من القنابل الذكية، والصواريخ العمياء، ولَمْ تترُك في مخازن أمريكا وبريطانيا أي سلاحٍ قديمٍ أو حديث؛ إلا واشترته وقصفت به اليمن؛ البلد العربي المُسلم.

كانت الأحقادُ تزداد على إيران بواسطة الماكنة الإعلامية المُسيَّرة صهيونيًا، والممولة خليجيًّا، وكان سلمان وخرفان الخليج يتفاخرون ويتبجَّحون بقتل وتدمير وحصار وتجويع اليمن بكلِّ قسوة وقوة وصلابة، ويتفاخرون بأنهم يقطعون ذراع إيران بينما لم يوجهوا لإيران رصاصةً واحدة، وكل القتلِ والتدمير على اليمن وشعبه وبنيته التحتية لثلاث سنوات.

وحين أدركَ ترامب أنه قد أفرغَ كلُّ فضلاته على الحُكَّام وشفطَ تريليونات من خزائنهم، وأشعلَ بينهم الحرائق في كلِّ مكان، وجعلَ منهُم أعداءً متناحرين، وعبيدًا لنعاله طائعين، أخبرهم ورؤوسهم منكوسه، وأعلن برأسٍ مرفوع أن القدس عاصمة إسرائيل.

ويجيبه نتنياهو بكل ثقةٍ قائلاً “هذا يوم تاريخي إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقطة تحول هامة بتاريخ القدس”

ويخرج على القناةِ الصهيونية العاشرة تسفيكا يحزكيلي محلل الشئون العربية في القناة ليقول:”أنه لم يعلن ترامب إلا بعد الاتفاق مع السعودية ومصر”

ولأننا شعوبًا عربية تنسى بسرعه؛ فقد تفاجأنا بالخبَرْ وكأنه صدمةٌ عالمية. معَ أنَّا لو رجعنا قليلاً لأيَّامٍ خلتْ لرأينا التطبيع السعودي الصهيوني؛ أسرَعْ مما نتصور، فقد أتحفنا الصحفي الصهيوني بصور من الروضة الشريفة، ولم نسمع لمشائخ النفط همسًا، ولا لملوكهم تعليقا..

ولو عُدنا إلى الوراء أكثر واستمعنا لرئيسة وزراء العدو الصهيوني: جولدا مائير وهي تقول بكل وضوح:”عندما أحرقنا القدس، لم أنم طيلة الليل وتوقعت أن العرب سيأتون زاحفين من كل حدب وصوب نحو إسرائيل، فعندما بزغ الصباح علمت وأيقنت أننا أمام أمة نائمة”..

ولكي نُنَشِّطْ الذاكرة العربية، يجبُ علينا أن نُدرك أنَّ من باع القدس ليس ترامب بل هو سلمان وأجداده، ولا نحتاج إلا لمصارحةِ أنفسنا، وفتح أعيننا ، وكسر مغالق عقولنا، ولنعُد لقراءة الرسالة الموثقة في كل متاحف العالم من الهِند إلى بريطانيا، وهي تعودُ لجد سلمان: عبد العزيز عبد الرحمن آل سعود وهو يقول بالنص:
( أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من أن أُعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم وكما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصبح الساعة)

إنَّنا اليومَ أمامَ مجنونِ أمريكا، وخَرِفَ المملكة العميل أبو عقال، فالثاني هو من طأطأ ظهور العَربْ ليركَبَ الأوَّلْ، ولم تكُن حرب سوريا والعراق، ثم حربَ اليمن الإستنزافية الإجرامية الوحشية، وتَلتهَا فتنة لبنان التي أبطَل اللهُ والأبطالْ كيدها.. كل هذه الحروب والفِتنْ كانتْ تمهِيدًا مُبرمجًا ومُخططًا بين أسرة الخيانة بقيادة أسوأ وأحقر ملوك أسرة العمالة وبين جيفة ختام الاحتلال ترامب المجنون؛ إلا للوصول إلى هذه الطامة، ولكن الله غالبٌ على أمره، وسيكون الزمن هو زمن المقاومة ورجالها بإذن الله. فهل من مُدَّكِرْ!

قد يعجبك ايضا