حصاد الشاكرين!

عين الحقيقة/كتب/د/مصباح الهمداني

أجابني أحدُهم بزلَّةِ لسانٍ عابرة؛ بعدَ أن أمسكَ بكلتا يديه على رأسه ، وقال:
( لقد قُتِلَ أكثريتهم، يا إلهي كيفَ حدَثَ ذلك!)
كانَ الجوابُ عفويا، بعدَ أن سألتُهُ عن أسماءٍ كثيرة، وفي كلِّ مرَّةٍ يقول(لقد قُتِلْ!)

وهُنَا سأخبِرُه وأُخبِرُكم، وبكلِّ صراحةٍ ووضوح، وتجردٍ وإنصاف، وبشيءٍ من البسط..

سأتجاهَل بقية الدولَ الغازية، وأتحدث عن السعودية والإمارات، كونهما الوجه الأبرز الظاهِرْ لهذا العُدوان، فقد جاءَا إلى حربِ اليمن، بعقليةٍ ممتلئةٍ بالغرورِ والعنجهيةِ والكِبرْ، ولكِن بعدَ أن وجَدا جنودهما تعودُ جُثثًا ممزقة مُصندقة، ووصَلَ التنكيلَ إلى أبناءِ الشيوخِ المغامرينْ، والذينَ ظنوا بأنها نُزهةٌ أو رحلةُ صيدٍ عابرة، وما إن وقفَ الأمراء والشيوخ بين يدي أحدُ أبناء الشيوخ، وهو مقطوعَ الرجلين، يروي لهُم الأهوالَ وبأس اليمنيين؛ رجال الرجال؛ حتى بدأتِ الحِساباتُ تتغير، والنوايا تتجدَّدْ، وعقدوا العزمَ على أنه يجِبُ عدمَ الخروجِ من المعركةِ بِخُفَّي حُنين، وقرَّرَ كل واحدٍ منهما أن يلبسَ الثوبَ الحقيقي، فلبست الإمارات ثوبَ التاجِرِ الماكر، ولبست السعوديةِ ثوبَ الجاهلِ الفاجِرْ…

وبعدَ دِراسةِ الوضع الميداني وخاصةً في المُدنِ المُحتلة، فقد استمرَّ الغازي الفاجِر في غبائه وجنونه، وتخبطه، ولم يسلم منه حتى أهله.. 
وأما الغازي التاجِر، فقد كانَ أكثرُ ذكاءً من شريكه الفاجِرْ، كونَه يُنصِتُ طويلاً أمامَ المُستشارينَ الأجانب؛ وأدرَكَ بأنَّ أطماعَهُ –قصيرة المدى- كتعطيلِ ميناء عدن ومطارِها، ونهبِ ثرواتِ سوقطرةٍ وطمسِ هويتها؛ قد تصطدمُ بثلاثةِ (أتباعٍ) يمنيين (طامِعِينَ) مُحتملين هم 
(الساسة، والشُّجعان، والخُطباء):

أدارَ الغازي خطة التنفيذ منذ وقتٍ مُبكر؛ 
وبدأ (بالساسة)؛ فأجبَرَ عبد ربه أن يبقى في الفُندِق، وحرَّمَ عليه زيارة عدن، وأعاده ذاتَ مرةٍ من المطارِ إلى الفندق، وأعادَ طائرته عدَّة مرات، ومنَعَ طائراتٍ كثيرة من الهبوط؛ إنِ اشتَمَّ فيها رائحةُ الأجربِ أو أحدَ أتباعه!
وثَنى ضرباتِه على (الشُّجعان)؛ فأرسلهُم واحِدًا تلو الآخر، إلى حمايةِ مؤخرةِ الغازي الجاهل، وخدعَهُ بأنه يُريدُ من فِعله حمايته، وخدعهم بأنه يريدُ لهُمُ الثَّراء، ولأنَّهُم في الموقِفِ الأذل، والمنزِل الأرذَل؛ فلم يستطيعوا حمايةَ المؤخرة، ولم يحققوا الثراء، ولم يعُدْ منهم إلا القليل.. 
لكنَّ الغازي التاجِرَ لم ييأسْ من العائدين؛ فأرسلهُم إلى محرقةِ الساحِلْ، ونفخ فيهم ريحَ الأمَلْ، ودسَّ في جيوبهِم بعض المال؛ فانقلبوا بخيبةٍ أشدَّ من الأولى وأصبحوا جُثثًا لا تعرفُ أسماءها ولا أرقامها؛ إلاَّ ديدان الرمال، وحشراتِ الصحاري..

لقَدِ اختارَهم التاجِرُ واحدًا واحدًا، ومن لَمْ يهلكْ في جبالِ ما وراء الحدود أو في الساحِلْ، فقد تمَّ إرساله إلى صحراء البقع الواسعة، وهناكَ اكتمل المشهَد بوضوح؛ فمن لم تقتله صواريخ وقذائف ورصاص رجال الرجال، فقد تكفَّلتْ به طائراتُ أشباهِ الرِّجال..

وثَلَّثَ الغازي التاجِرُ (بالخطباء)، وعددُ النافقين مِنهُم بالمآتِ لكنِّي هُنا سأذكُرُ أبرزهُم منَ الذين كانوا يَهُزون المنابِرِ (بالشكر) والمديحِ والدعاء للغُزاة، ويهيِّجون النفوس والعقولَ ضدَّ بني جِلدتهم، ويكيلونَ السبَّ والشتم والتكفيرَ لرجالِ الرجال.. 
ولأنهم أعداء (محتملين) للغُزاة الطامعين فقد تم اغتيالهم واحدًا تلو الآخر، ومن لم يمُتْ في مكانه لحقتهُ الرصاص إلى المستشفى، وهُنا تسعة قتلى من أشهر أولئك القادة الخُطباء:

العميل الشيخ: عبد الرحمن العدني إمام وخطيب مسجد الفيوش اغتيل في 
عدن 28/02/16
العميل الشيخ: عبد الرحمن الزهري إمام وخطيب جامع الرحمن اغتيل في المنصورة 23/7/16
العميل الشيخ: صالح حليس اليافعي إمام وخطيب جامع الرضا اغتيل في المنصورة 15-8-16

العميل الشيخ:ياسين العدني إمام وخطيب جامع زايد اغتيل في عدن 12/10/17
العميل الشيخ: فهد محمد قاسم اليونسي إمام وخطيب مسجد الصحابة اغتيل في 
عدن 18/10/17
العميل الشيخ:عادل الشهري إمام مسجد سعد بن أبي وقاص اغتيل في 
عدن 28/10/17

العميل الشيخ:مصطفى عبد الله الطيب إمام مسجد الغيظة اغتيل في 
المهرة 18/11/17
العميل الشيخ: أيمن بايمين إمام مسجد العادل اغتيل في منطقة إنماء 
بعدن 18/01/18
العميل الشيخ:الشيخ عارف الصبيحي إمام مسجد الرحمة اغتيل في المنصورة 
عدن 24/01/18

والمُضحك المُبكي، أنَّ آخرَ استحقار لأبناء عدن من قِبلِ الغازي التاجِرْ؛ هو إرسال أبنائِهم إلى جبهاتٍ بعيدة، فيما يُفرشُ السجَّاد الأحمر للهارب طارِقَ في عدَنْ، وتُسلم له المعسكرات والأسلحة، ليقومَ بحِماية الأطفال والنساء، والسهرِ على مصالِحِ الغُرباء..

وختامًا:
ألا نعتبر، ونسبحَ ونحمد ونشكُر! 
أليسَتْ معجِزة بأن نرى كل القادةِ الذينَ اشتركوا في جرائمِ الدَّفنِ والسحلِ هُم اليومَ يُقتَلونَ-في المتارسِ والمساجِد- بيدِ الذين صفقوا لهم وشكروهم وعلقوا لهم الصور وباعوا لهم الوطَن!

ألا تعتبِرون يا كهَنة الرياض! 
مما قاله القطري (عبد الله بن ثاني)، وهو يُصرِّحْ بكلِّ جلاء ووضوح؛ أنه اكتشَفَ بأن (المُحَمدين) لم يُرحبوا به ويُمجدوه، إلا ليجعلوهُ (دنبوعًا جديدًا) للوصول إلى نهب ثروات قطر، ولهذا هرَبَ كما هرَبَ الثاني لكي لا يكونَ دنبوعًا ثالثًا، ويتسبَّبَ في قتلِ شعبه، وتدميرِ بلاده، واحتلالِ وطنه؛ ثمَّ يموتُ بعدَها بسيفِ البغي في غربته.

قد يعجبك ايضا