تجربة صالح الصماد تعيد انتاج دولة ابراهيم الحمدي. بقلم: جمال الغراب

لكل زمان دولة ورجال وابرز رجال هذا الزمان بلامنازع صالح الصماد، مسماه يتكرر بين الاسماع كما لم يتكرر مسمى شخصية قيادية من قبل، يذكره الناس بالخير ويتناقلون اعماله وانجازاته التي ما انفكت تتناسل بسرعة قياسية، ومع انه يحيط جانباً من اعماله بالتكتم حرصاً على نجاحها الا ان الناس وتحديداً البسطاء منهم يتناقلون تلك الاعمال بشيء من الارتياح والابتهاج كونها تصب في مصلحة الوطن قبل اي اعتبارات اخرى، يتناقلون ايضاً ما خفي عن الاسماع والابصار من مآثر الرجل والقصص المترافقة مع اعماله وعطاءاته في الجانب الرسمي حيث يضعونه في منزلة القادة العظماء الذين استطاعوا ان يضعوا لذواتهم سطوراً خالدة في اسفار التاريخ.

رجل المرحلة

حين ينظر المرء الى اعمال وانجازات وعطاءات صالح الصماد يجزم انه يحتل وبلا منازع صفه رجل المرحلة، الاسباب والدواعي لذلك كثيرة ومتعددة فعدا عن اداءاته في العمل اليومي يطيب للصماد ان يضع الاخرين امام واقع من العطاء الخالي من النظير حيث يفاجئ الجميع بتحركاته ومسارات عمله اليومية التي تدل على عدة امور اولها بساطة القائد وثانيها حرصه على التواجد في عناوين المشهد وتفاصيله وثالثها بحثه عن اداء متجاوز لحدود المألوف.

شاطئ التخليد

عندما يكون الوطن في الاجندات والقوائم اولاً تتخلق القيادة الناجحة والفريدة والقابلة للتخليد، مثل هذا النص يسري على شخصية الرئيس صالح الصماد فحين جاء الرجل الى موقع الرجل الاول عبر المجلس السياسي لم يكن همه كما هو حال كثيرين بناء ارصده بنكية وجني ثروة من عوائد الاعمال اليومية والسياسية لقد سخر الشاب الثلاثيني جل وقته وعمله وحتى طموحاته في اثراء الوطن بالانجازات والاعمال التي لا تتغيا سوى رفعة الوطن وسموه واعلاء شانه وبذلك يكون قد وضع شخصيته على شاطئ التخليد والذكرى الجميلة والعطرة

ادوار لم تكن في الحسبان

كانت لحظات عصيبة للغاية تلك التي تشكل خلالها المجلس السياسي الاعلى بموجب اتفاق سياسي بين المؤتمر الشعبي العام وانصار الله حيث لعلعة الرصاص لا تفارق الاجواء مع ازيز الطائرات واصوات الانفجارات والمدافع.
يومها سخر البعض من خطوة تشكيل المجلس ومن تعيين الصماد رئيساً له وكان لسان الحال ماذا بوسع قيادي شاب ان يفعل في مواجهة عدوان يتشكل من سبعة عشر دولة تقريبا.
تركة 38 عام من حكم صالح وهادي إرث ساهم من تعقيدات الموقف وصعوبة واستعصاء القيام بخطوات في اتجاه تصحيح الامور ومعالجة المشكلات العالقة.
مضافاً الى ما سبق غياب التجارب القيادية السلطوية بالنسبة للصماد جعلت الراي القائل باستعصاء مهمته يتنامى بالتدريج لدرجة ان البعض تنبأ له بالفشل منذ الايام الاولى.
بعد تشكيل المجلس وتعيين الصماد تبدت مسارات جديدة في مسرح القول والتقييم.
فالشاب الذي حكموا عليه بالفشل اخذ ينساق في اتجاهات مذهلة واضحى يؤدي ادواراً لم تكن في الحسبان.
اداءاته واعماله اليومية جعلت القائلين بفشله يتراجعون تدريجياً فالشاب الثلاثيني بات يجابه مخططات العدوان بصلابة منقطعة النظير وبدهاء وحكمة المجابهين في الميدان الصامدين في وجه العدوان المشرعين اكفهم للسلام حين يعلو صوته من حين لاخر.
لقد نجح الشاب الثلاثيني في المهمة بامتياز مع مرتبة الشرف واستطاع ان يخلق جواً وطنياً عاماً مناهضاً للعدوان مؤيداً لمسار السلام.
من معسكر الى اخر ومن جبهة الى اخرى قضى الصماد جل انشطته التي لم تغفل الامور السلطوية الاخرى كالادارة اليومية للدولة.
لقد جعل من كل القوى الوطنية ومن المحافظات الخاضعة لسيطرة انصار الله يداً واحدة في مواجهة اعتى عدوان يلج عامة الرابع.

الاحساس بوطن كامل

مع ان صنعاء هي معقل الحكم والمركز السياسي لادارة دفة المحافظات الخاضعة لسيطرة انصار الله وهو ما يتطلب تواجد الطاقم الرئاسي والسياسي فيها بدائمية واستمرار الا ان صالح الصماد ليس من النوع الذي ينكفئ على الذات ويكتفي بإدارة الامور من هذا المعقل، في اعماله اليومية يلحظ المرء توزيعاً فريداً لاماكن تواجد الصماد وتحركاته حيث يدير الامور من صنعاء وفجأة يطل على الراي العام من الحديدة ثم نراه يترجل في ذمار وبعدها يعرج على عمران وهكذا دواليك، انها حالة من الاحساس بوطن كامل وليس بعاصمة محدودة جغرافيا.

بساطة القائد

عادة ما يكون لاي رئيس في اي دولة بالعالم هالة سلطوية من التعالي والاستعلاء وهي عادة تتناقلها الاجيال في معظم الدول، في حالة الرئيس الصماد نجد حالة من انعدام هذه الهالة حيث تتبدى بساطة القائد في تصرفاته واعماله وسلوكه اليومي يقول مصدر مطلع عن الصماد يقوم الرئيس الصماد بادارة المعارك عبر تلفون مهترئ ويرتدي بذله لا تتجاوز قيمتها عشرة الاف ريال ويتناول وجبات الغذاء مع مرافقيه وحين يحل ضيفاً على احدى المعسكرات فانه يتناول طعام الغداء مع الافراد في المعسكر.

واحدة من المآثر

من حين لاخر يتناول البسطاء مآثر الصماد والحكايات التي عادة ما تترافق مع اي اعمال يقوم بها من تلك المآثر على سبيل الذكر فقط قيامه لصلاة الفجر حيث اقدم على ايقاض مرافقيه لاداء صلاة الفجر وذهب ليصلي وحينما فرغ من الصلاة عاد ووجد بعض المرافقين نائمون فما كان منه سوى ان امسك بقطرات ماء وشرع في وضعها على رؤوسهم وهو يضحك الى ان قاموا لاداء الصلاة مآثر كهذه جعلت الصماد يحتل مكانة في قلب مرافقيه وافراد جماعته الذين يبادلونه ذات الشعور وبات هولاء المرافقين والافراد على اتم استعداد للتضحية في سبيل قياداتهم.

سيرة الصماد

غداه تشكيله في صنعاء اثر الاتفاق بين انصار الله والمؤتمر الشعبي العام فوجئت الاوساط السياسية والمجتمعية والجماهيرية بقيام المجلس السياسي الاعلى بانتخاب الصماد رئيساً له في حين حل الدكتور قاسم محمد غالب لبوزة نائباً للرئيس.
في اعقاب هذا الانتخاب اخذت سيرة حياة الصماد تنتشر كالهشيم في النار وتناقلت وسائل الاعلام هذه السيرة لتعريف عامة الشعب برئيسهم الجديد.
في تفاصيل السيرة نجد الاتي:

صالح الصماد هو المشرف الثقافي العام لأنصار الله وعرف بحفظ للقرآن الكريم كاملا ، تمكن من استيعاب الثقافة القرآنية بشكل كامل حتى أن ثقافته وقوة طرحه ومحاضراته أصبحت مضرب الامثال بين أوساط جماعة أنصار الله ، هذا فضلا عن كونه من اكثر قيادات انصار الله قربا من السيد عبدالملك الحوثي الأمر الذي جعله واحد من قيادات انصار الله التي كانت مطلوبة أمنيا للنظام السابق ضمن قائمة الـ 55 بتهمة التمرد.
ـ من مواليد 1 يناير 1979 بني معاذ مديرية سحار بمحافظة صعدة .
– خريج جامعة صنعاء .. عمل مدرسا في مدارس صعدة .
ـ لمع نجم صالح الصماد في حرب صعدة الثالثة حين فتح جبهة مقاومة في بني معاذ لتخفيف الضغط العسكري على مران ونشور وضحيان.. ليقود مع مجموعة قليلة من المكبرين مواجهات شرسة في المناطق القريبة من مدينة صعدة.. مابين المقاش والطلح .. في سهول قيعان الصعيد الزراعي.. لتأتي الحرب الرابعة ضارية الهجوم على قرى بني معاذ وما حولها فكان أبو فضل للخصوم بالمرصاد..
ـ هدمت الطائرات الحربية بالغارات الجوية منزله و دمرت مزارعه .. سقط اثنين من أشقائه شهداء في الاشتباكات.. لاحقته قذائف الدبابات والمدافع إلى كل مترس وجرف بهدف قتله.. عارك الموت عشرات المرات.. واجه الرصاص بصرخته المدوية وشجاعته التي صارت مضربا للمثل.. إذ يتقاسم الرجل شيئين: العلم والبطولة.
– درس الصماد العلوم الدينية على يد المرجعيات الزيدية مثل العالمين الجليلين مجدالدين المؤيدي الذي كان مقيما في منطقتهم، والسيد بدرالدين الحوثي الذي من خلاله ارتبط بنجله السيد حسين بدرالدين منذ مطلع الألفية الثالثة.
شغل منصب مستشار رئيس الجمهورية عن جماعة انصار الله عام 24 / 9 / 2014.

تخليص العاصمة من فكي الاسد

في اعقاب فتنة ديسمبر من العام المنصرم راهن كثيرون على ان الاوضاع في صنعاء لن يكتب لها السير الى طريق الاحتواء نظراً لحجم الاحداث وهولها غير ان تلك الرهانات لقيت مصير الفشل حيث استطاع شاب في الثلاثينيات من عمره ان يحفظ توازن الدفة في اوقات الشدة وتمكن بحنكة نادرة من الحفاظ على سير ومجرى الامور لتستعيد العاصمة صنعاء بذلك مسار الاستقرار تحت قيادة شاب من خيرة رجالات اليمن الا وهو الرئيس صالح الصماد.
واقع الامر ان احداثاً بحجم احداث ديسمبر لم تكن قابلة للاحتواء لو ان قائد وربان الدفة شخصية اخرى غير الصماد حيث كان الوضع مرشحاً لانفجار مدوي يزلزل التفاهمات والتوافق ما بين طرفي الجبهة المناوئة للعدوان الا وهما المؤتمر الشعبي العام وانصار الله
كانت الفتنة في مسيس الحاجة الى قيادة تتصف بمهارات عالية وحكمة ودهاء وذلك لضمان طي صفحتها والشروع في ترتيبات تكفل عودة اجواء الامن والاستقرار الى العاصمة صنعاء وهو ما حدث حيث اشرف صالح الصماد على معالجة الامور وقاد الدفة باحكام ومهارة ودهاء حتى استطاع ان يستنزع امان العاصمة واستقرارها من بين فكي الاسد.

تبديد الضغائن

رغم ان احداث ديسمبر الماضي استحثت واقعاً من الضغائن لدى البعض ضداً على مصرع الرئيس الاسبق صالح الا ان اعمال الصماد تمكنت من تبديد جانب من تلك الضغائن بادائه العالي وتحركاته التي لا تخلو من فطنه وذكاء يقول احد الجنود القدماء عن زيارة الصماد للمعسكر الذي يعمل فيه هذا الجندي “منذ أن قتل على عبدالله صالح وانا احمل ضغينة على جماعة الحوثي، بشكل لايتصورها أحد، لكن وبعد زيارة الصماد إلى معسكرنا حيث ألقي فينا خطاب غير قناعاتي 180 درجة .. حدثنا من القلب الى القلب.. أوصينا بالثبات وتقوى الله، وقال لنا النصر سبيلنا في مواجهة العدوان، وكلمات كثيرة أثلجت صدورنا حتى شعرنا أن من يحدثنا إبراهيم الحمدي وليس قيادي حوثي قادم من بين كهوف صعدة.

مواطنون يقيمون تجربة الصماد

حين يستجلب المرء راياً واحداً عن قيادي او سياسي او شخصية سلطوية بعينها يغدو التقييم متصفاً بالقصور حيث ان الراي الواحد ليس كافياً لاجراء عملية التقييم هنا نسترشد باراء بعض الشخصيات من عامة الشعب حول شخصية الرئيس صالح الصماد.
يقول بشير الصلوي من تعز ويسكن في حي الجراف أن الاستاذ صالح الصماد شخصية مؤثرة وحضورها قوي ، ويشبه بكارزميته الرئيس ابراهيم الحمدي
يضيف : نشعر بالفخر ان هذا الشاب يعتبر الرجل الاول في البلاد ونثق انه سيقدم الكثير من المنجزات لليمن
ودعا الصلوي ابناء الشعب اليمن الى مؤازرة الاستاذ صالح الصماد حيث ان الرجل يعمل جاهدا ورغم الحرب على خدمة اليمن ومحاولة اصلاح ما افسده سلفه صالح
من جهته يتحدث الدكتور صالح غالب الخولاني ويسكن في شارع 16 بهايل عن الاستاذ صالح الصماد :
بصراحة هذا الرجل ابهرنا بما يتمتع به صفات قيادية جعلته يحظي بأحترام الكثير من ابناء اليمن، حتى أولئك الذين كانوا يحملون له نوعا من الكراهية .
واضاف : نقول للاستاذ صالح الصماد واصل جهودك ونحن بجانبك ، ونأمل ان تبدأ بانهاء أخطبوط الفساد المنتشر في كل أروقة الدولة منذ العهد السابق ، وحلحلة الدولة العميقة ، ومحاسبة الفاسدين ، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب .
اما محمد حسين البعداني صاحب محل تجاري في حده يقول :
الاستاذ صالح الصماد رجل المرحلة بلا منازع شئنا أم أبينا ، وهذا ما اثبته خلال اقل من عامين منذ توليه رئاسة المجلس السياسي الاعلى .
أكثر من لفت نظري نحو هذا الرجل ، اثناء فتنة ديسمبر الماضي ، والذي أبدا فيه نبوغ قيادي فذ وهو يدير المواجهات التي مولتها السعودية لزعزعة الاستقرار باليمن بعد ان فشلت بالوصول الى أهدافها منذ ثلاثة أعوام حرب .

التعاطي مع الجنوب

في تعاطيه مع المخططات التآمرية التي تديرها اطراف خارجية في الجنوب اتخذ الرئيس الصماد من الحكمة منهاجاً وسلوكاً حيث تخاطب مع الجنوبيين بمنتهى العقل والحكمة واخذ يحاول تقريب وجهات النظر وتحاشي سلوك الصراع مع قيادات الحراك الجنوبي وبشخصية القائد المفعم بالاحساس بهموم وطنه وشعبه اعترف الصماد للجنوبيين بمظلوميتهم التي يعانونها والتي كان سببها النظام السابق، اعترافات الصماد وطريقة تعاطيه مع الجنوبيين ادت الى تخليق واقع من التفهم الجنوبي وهو ما ادى الى توليد حالة من الاحترام والتقدير للرئيس الصماد ولمواقفه السياسية المعلنة تجاه الجنوب وقضيته العادلة.
لم تكن هذه الانجازات الكبيرة والعظيمة وحدها التي دعتنا لإنصاف الرجل الذي يعمل بصمت من ويقود الوطن في أحلك الظروف ، ولكن رغم كل هذه الصراعات التي تعصف بالوطن والحصار المفروض عليه جواً وبراً وبحراً من قبل دول العدوان والتي أرادت تركيع الشعب اليمني العظيم، لم ينس الرئيس الصماد الجوانب الخدمية في البلد والتي وفر لها كل الإمكانيات اللازمة لاستمرار حيويتها ونشاطها، رغم تدهور الاقتصاد اليمني بسبب نقل البنك المركزي، وتحويل إيرادات الدولة إلى جيوب مرتزقة الرياض، لم يكن ذلك الأمر الجلل عائقا أمام عزيمة الرجل الذي حمل ومازال يحمل مسؤولية الشعب اليمني على كتفيه، وهذا الأمر لن ينساه الشعب اليمني والذي يبادل سيادة الرئيس الثقة والتعظيم.

نسخة عن ابراهيم الحمدي

عهد ابراهيم الحمدي يكاد ان يكرر ذاته تعبير يدل على ما استطاع صالح الصماد ان يحققه خلال وجوده على راس المجلس السياسي الاعلى، ومع ان الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي يصعب تكراره الا ان هنالك اراء ترى فيما يقوم به الصماد ويؤديه من اعمال ومهام اعادة انتاج لتجربة الحمدي مع بعض الفوارق في الاداءات.
ظروف استثنائية حملت الصماد الى سدة الرئاسة وهي في واقع الامر بقدر ما قدمت خدمة للشعب اليمني الا انها ايضاً كشفت امكانية ان يعاد تكرار تجارب سلطوية تاريخية يستعصي اعادة انتاجها.
في مناقب ومآثر صالح الصماد يطول الحديث ويتشعب لكن تظل هنالك حقائق ثابته مفادها ان الايام صنعت قائداً يستعصي على النظير

قد يعجبك ايضا