ابن سلمان يعيّن مستشاراً أمريكياً له ؟!

لا يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعيش أفضل لحظاته في السلطة، فالأمير الشاب المتقلّب المزاج وصاحب القرارات المثيرة للجدل، لم يعد يستطيع السيطرة على دفة الاقتصاد السعودي الآيلة للسقوط في ظل نهجه غير المبني على رؤى واقعية بقدر ما هو مبني على الاستعراض وكسب نقاط وهمية في الإعلام والسياسة تفقد قيمتها مع مرور الزمن.

 ولكي ينقذ نفسه يتخذ قرارات جديدة مثل القرار الجديد الذي صدر عن سلطات بلاده، يوم الثلاثاء، والذي يقضي بتعيين “كلاوس كلاينفيلد”، الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة “سيمنس” ولشركة الألمنيوم الضخمة “ألكوا” مستشاراً لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

طبعاً سيحظى المستشار الأمريكي – الألماني الجديد بمهام واسعة النطاق لتعزيز التنمية الاقتصادية والتقنية والمالية في السعودية، بحسب بيان صدر عن المجلس التأسيسي لمشروع “نيوم”، هذا المشروع الذي كان يتولّى فيه كلاينفيلد منصب الرئيس التنفيذي له “وهو منطقة أعمال يجري إنشاؤها على مساحة 26500 كيلومتر مربع شمال غرب السعودية”.

هل حقاً يثق ابن سلمان بـ”كلاينفيلد” أم إن هناك مآرب أخرى؟!

هناك تخبط واضح في قرارات ولي العهد السعودي منذ توليه هذا المنصب قبل أكثر من عام من الآن، ومن المعروف أن ابن سلمان لا يثق بأحد بسهولة، لذلك كان من المستغرب جداً بالنسبة لنا تسليم “كلاينفيلد” هكذا منصب حساس، فالمستشار الجديد لا يملك سيرة ذاتية حسنة في المناصب التي تولاها تباعاً في ألمانيا وأمريكا، ففي كل مكان يحلّ فيه، كان ينشر الفساد والفضائح، فكيف سيؤمّن ابن سلمان على اقتصاد بلاده مع مستشار يملك هكذا سمعة؟!.

وبحسب صحيفة “دويتشه فيله” الألمانية فقد انتهت مسؤولية كلاينفيلد في “سيمنز” حيث كان يتولى فيها منصب المسؤول التنفيذي الأول، عام 2007 من خلال الكشف عن فضيحة فساد داخل الشركة، ولم يتوقف الأمر عند هذا ففي العام 2008، رفع صندوق تقاعد عمال الحديد في ولاية هاواي بأمريكا قضية ضد مجلس إدارة شركة الألمنيوم الأمريكية (ألكوا) بتهمة رشوة مسؤولين في البحرين، للحصول على عقد تزويد الألمنيوم لشركة ألمنيوم البحرين (ألبا) على مدى العقد الماضي، وكان حينها كلاينفيلد الرئيس التنفيذي لهذه الشركة، وتم رفع دعوى قضائية ضده من قبل صندوق التقاعد.

كما كشفت صحف عالمية فضيحة فساد كبرى انفجرت عام 2006، تمثلت بتقديم شركة “سيمنز” الألمانية أكثر من مليار دولار كرِشاوى لمسؤولين حكوميين في عدة دول، بهدف الفوز بعقود مشروعات على حساب الشركات المنافِسة، وفق تقرير نشره موقع “دويتشه فيله”، في عام 2008.

هذه الفضيحة أطاحت بالرئيس التنفيذي السابق كلاينفيلد، ورئيس المجلس الإشرافي السابق هاينريش فون بيرير، بحسب ما نشرته وكالة “رويترز” سابقاً، كما اضطرت “سيمنز” إلى فصل معظم أعضاء الإدارة العليا لديها.

وكان كلاينفيلد هدفاً لهجوم عنيف بتهمة التأخير في مواجهة هذه الفضائح، وفق ما أعلنته وكالة الأنباء الألمانية، في تقرير عام 2007، وفي عام 2008، أعلنت “سيمنز” في بيان، أنها ستدفع 1.3 مليار دولار، لتسوية التحقيقات في قضية الفساد الكبرى بأمريكا وألمانيا.

لماذا الآن؟!

لم يتمكن ابن سلمان خلال العام الماضي من تحقيق أي قفزة نوعية لبلاده على مستوى الاقتصاد أو الانفتاح كما وعد المواطنين، وتبيّن فيما بعد أن كل وعوده كانت مجرد وهم أراد منها منفعة شخصية على أمل أن يقوده ذلك إلى العرش بسلاسة ودون عقبات خارجية خاصةً بعد أن أزال جميع العقبات الداخلية، عبر الاعتقال والتهديد وقمع الحريات والمطالبين بها ودكّهم في السجون كما فعل مع الناشطات السعوديات في أول شهر رمضان المبارك وما زال مسلسل هذه الاعتقالات مستمراً.

اليوم يجد ابن سلمان نفسه وحيداً في الربع الخالي بعد أن فشل في جميع الملفات التي كان يقودها، السياسية منها والاقتصادية، وقد ظهر ذلك جلياً في “قطر، اليمن، لبنان وسوريا” حيث فشل فشلاً ذريعاً في إحداث أي تحوّل سياسي لمصلحته في هذه الدول الأربعة، وهذا بطبيعة الحال أثّر على داخل البلاد واقتصادها، وبالتالي كان لا بدّ من استدعاء أصحاب الخبرة الأمريكيين المنقذ الوحيد لولي العهد والوحيدون الذين يثق بهم بالرغم من أنهم يفرغون جيوبه يوماً بعد يوم، فما الذي يضمن له اليوم ألّا يفعل السيد كلاينفيلد نفس الأمر مع اقتصاد بلاده، ويستنزفه لمصلحة واشنطن ؟!.

الأمر الآخر ألم يكن حريّاً بالأمير الشاب أن يستدعي أحداً من أبناء بلاده من أصحاب الخبرات في هذا الشأن ويسلّمه هذا المنصب، ألم يقل سابقاً بأن بلاده تعجّ بالخبرات الوطنية والتي تنافس خبرات الغرب، وقد طرد العمالة الأجنبية على هذا الأساس، هل كان أيضاً هذا مجرد دعاية محلية له لتعزيز الثقة به وبرؤيته للسعودية والتي لم يرَ أحد منها شيئاً سواه.

القادم من الأيام سيكشف ماذا وراء المستشار الجديد، ولماذا تم استدعاؤه الآن، هل حقاً دفة الاقتصاد في السعودية تسير نحو الانحدار، وهل سيتمكن السيد كلاينفيلد من إيقافها؟!، وإن كان كذلك لماذا لم يساهم في إيقاف الفساد الذي استشرى في الشركات التي كان مديراً تنفيذياً فيها؟!

 

قد يعجبك ايضا