صحيفة الحقيقة العدد”277″تأريخية: أقرأ عن : سياسة أميركا المجرمة وعن بداية عدوان آل سعود وعنذاكرة المجزرة والبطولة في تل الزعتر

لا يتوفر نص بديل تلقائي.

“إشعال الحروب بين المسلمين”.. سياسة أميركا المجرمة

ربما لا نجد مسلما في أقطار العالم الاسلامي، يشك في العداء الأميركي ضد الاسلام و المسلمين، فتاريخ الولايات المتحدة مليئة من العداء وسحق الحقوق و شن الحروب والقتل و الدمار في العالم.. وكثير من الأحيان بأدوات أميركية و بذرائع مختلفة.

حرب اليمن

قبل أكثر من 3 سنوات شنت السعودية والإمارات حربا دموية ضد الشعب اليمني و دمرتا كل شيء في اليمن من المدارس والجسور والأراضي الزراعية والمستشفيات والآثار التاريخية و قتلتا الأطفال والنساء والأبرياء اليمنيين و فرضتا المجاعة و تفشي الأمراض على الشعب اليمني المسلم، فهل يمكن ان نتصور بدء العدوان من دون موافقة  والضوء الأخضر  الامريكي. ونعرف تماما ان بإمكان واشنطن ان توقف الحرب التي تستمر، في دقائق و من خلال اتصال هاتفي فقط بين ترامب والملك السعودي! لكن الحقيقة هي أن أميركا واسرائيل تريدان و تدعمان قتل المسلمين في اليمن بيد من يدعون الإسلام و يصفون أنفسهم بخدمة الحرمين الشريفين!

فلسطين الجريحة

مضت حوالي سبعين سنة من احتلال فلسطين و طوال هذه العقود قاموا الصهاينة بقتل الفلسطينيين و تدمير بيوتهم وتشريدهم وتهجيرهم و استباحة كل مقدساتهم. وهذه كلها تحت حماية أميركية، وواشنطن في عهد جميع رؤساءها تعهدت بالوفاء الي ” اسرائيل” والدعم المطلق للمحتلين كما استخدمت مرارا حق النقض الفيتو للدفاع عم مجازر الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.

الحرب السورية 

في سوريا حاولت واشنطن لإسقاط الرئيس الشرعي بشار الأسد وأوجدت حرباً بين مكونات الشعب السوري عن طريق أدواتها الخليجية و الكيان الصهيوني، فتارة ساعدت التكفيريين والدواعش و تارة الجيش السوري الحر، كما دعمت القوميات المختلفة بغرض الاقتتال بين المسلمين و خلق الفتن و تدمير بلد اسلامي و هي سوريا.

العدوان البعثي العراقي على إيران

أطول حروب القرن العشرين، نشبت بين العراق وإيران في سبتمبر/أيلول 1980 وانتهت في أغسطس/آب 1988 وخلفت أكثر من مليون قتيل، وألحقت أضرارا بالغة باقتصاد البلدين.

اندلعت الحرب تحت الضوء الأخضر الأميركي و تشجيع الخليجي وانحازت الدول العربية وتحت رعاية أميركية- غربية -باستثناء الجزائر وليبيا وسوريا- للعراق، فاستفاد صدام من دعمٍ سخي من دول الخليج الفارسي كلفة الحرب الباهظة، فقد بلغ المجهود الحربي والتسليحي العراقي أحيانا أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويا.

وحصل العراق الصدامي خلال الحرب على حاجته من الأسلحة من فرنسا والولايات المتحدة  و مصادرُ عدة قالت أن العراق حصل على دعمٍ لوجستي غربي (أميركي، بريطاني وفرنسي..) تمثل في صور بالأقمار الصناعية لمواقع الجيش الإيراني وتحركاته، وكذلك تقديم قطع غيار ومعدات وذخائر.

 

مجزرة تنومة بداية عدوان آل سعود ..

: حمود عبدالله الأهنومي

شاء السعوديون أن يعرِفَهم اليمنيون من أول يوم بأنهم مجرمون وقتلة، وذلك من خلال جريمة مروِّعة ذهب ضحيتها آلاف الحجاج اليمنيين في ما عرف بمجزرة تنومة عام1922م الموافق 1430هـ، في منطقة عسير بين بلاد بن لسْمر وبن لحْمر، فحينما كانوا يجتازون وادي تنومة كانت قد ترصّدتهم مجموعات تكفيرية (داعشية) من جيش عبدالعزيز آل سعود في رؤوس الجبال المطلة على الوادي، يقال لهم الغُطْغُط[1]، بقيادة التكفيري الوهابي سلطان بن بجاد العتيبي، فانقضُّوا عليهم بوحشية منقطعة النظير، وهم عزل من السلاح، ومعهم نساء، فتقربوا إلى الله بزعمهم بقتل هؤلاء الحجاج اليمنيين جميعا رجالا ونساء؛ لأنهم بحسب عقيدتهم كفار مباحو الدماء والأعراض، لقد كان الوهابيون من أتباع قرن الشيطان ولا زالوا يحملون جينات وبذور ما عرفه العالمُ اليوم باسم (داعش)، بلغ بأولئك أن هنَّأ بعضُهم البعضَ الآخر بكثرة من قُتِل من الحجاج، فمن قتل حاجًّا واحدا بشّروه بقصرٍ في الجنة، ومن قتل اثنين بشَّروه بقصرين، وهكذا. وبعد ذلك سطوا على دوابهم وقافلتهم التي كانت تحمل الحبوب والدقيق والسمن واحتياجاتهم التموينية التي كانت أيضا سببا في سيلان لعاب هؤلاء الوهابيين التكفيريين.

ولأن مملكة قرن الشيطان تمضي على نهج الشيطان في التضليل فقد نحت باللائمة على بعض فرق جيشها بحجة أنهم التبسوا في الحجاج بأنهم مدَدٌ عسكري لشريف مكة، تضليلا للرأي العام وتنصُّلا من عار وشين الجريمة المروِّعة أمام العالم الإسلامي، لكن القاضي العلامة الحسين بن أحمد بن محمد السياغي في كتابه (قواعد المذهب الزيدي) – والذي كان أبوه العالم والمدرِّس في الجامع الكبير أحدَ شهداء هذه المجزرة – لخِّص تعامل الملك عبدالعزيز مع هذه القضية بقوله: “استفتح الملك عبدالعزيز الحجاز بقتلهم، وباء بدمائهم وأموالهم، ولم يتخلّص منهم إلى أن توفي”.

قضى في هذه المجزرة خيرة أعلام اليمن، وممن استشهد فيها السيد العلامة الحسين بن يحيى حورية المؤيدي، والسيد العلامة يحيى بن أحمد بن قاسم حميد الدين، والحاج حسين القريطي والد الشيخ المقرئ محمد حسين القريطي رحمهما الله، الذي ولد في نفس العام، والحاج محمد مصلح الوشاح، أحد أهالي صنعاء، وعمّ السخط والحزن أرض اليمن، وحين وصل الرحالة نزيه مؤيد العظم إلى اليمن وجد الحزن والأسى يعم أهلها، ورثاهم الشعراء والأعيان، وعلى رأسهم القاضي العلامة المؤرخ الجغرافي محمد بن أحمد الحجري، وقال القاضي العلامة يحيى بن محمد الإرياني، والد الرئيس الأسبق القاضي عبدالرحمن الإرياني:

جنيت على الإسلام يا ابن سعود… جناية ذي كُفْرٍ به وجحود

جناية من لم يدر ما شرعُ أحمدٍ… ولا فاز من عذب الهدى بورود[2]

ولما حضر الموتُ السيدَ العلامة يحيى بن علي الذاري رحمه الله أسِف على أمرين لم يوفّق فيهما، وهو أنه لم يقاتل الصهاينة في فلسطين، والثاني أنه لم يجاهد آل سعود اقتصاصا لشهداء مجزرة تنومة، وكان قد فاض ألما في شعره عليهم، فقال راثيا إياهم:

ألا من لطرف فاض بالهملان .. بدمعٍ على الخدين أحمرَ قانِ

بما كان في وادي تنومة ضحوةً .. وما حلّ بالحجاج في سدوان

من المارقين الناكثين عن الهدى .. وعن سنة مأثورة وقران

أحلوهم قتلا وسلبا وغادروا .. جسومهم صرعى تُرَى بعيان

تنوشهمُ وحش الفلاة وطيرها .. لعمرُك لم تسمع بذا أذنان

لذا لبس الإسلام ثوب حداده .. وناح ونادت حاله بلسان[3]

وكتب إلي الأخ محمد سهيل من صعدة أن أمه لا تزال تحفظ بيت شعر من قصيدة شعبية كانت النساء تنشدها في الأعراس أسىً على شهداء تنومة، وهو: يا ريت وأن علي بن أبي طالب على الدنيا يعود *** يؤمن طريق الحج والمذهب يصونه.

هذه هي مملكة آل سعود في بدايتها، فما عساها أن تكون في نهايتها؟!

 

’تل الزعتر’.. ذاكرة المجزرة والبطولة

دوّن الدم كل شيء في مخيم “تل الزعتر” للاجئين الفلسطينيين الذي أقيم على أرض الوقف الماروني على مساحة قدرها 56 دونماً في عام 1949. لم يشفع للمخيم وأهله وجوده في الجزء الشرقي من العاصمة اللبنانية بيروت، ولعلها “لعنة المكان” التي ساعدت على “القضاء” عليه وهو الذي كان يقع بين الحازمية والمنصورية وسن الفيل والأشرفية.

هناك التهمت النار كل الأرض؛ من تحت سكانه، من فوقهم، ومن كل الجهات.. رصاص يحصد كل من في المخيم… وكان القتلة يقطعون الماء.. يحصون الأنفاس.. يمنعون الهواء.. ويتفنّنون في ذبح من تبقى..

وفي يوم 12 آب 1976 قتل المجرمون ما بين 3 و4 آلاف عربي، حيث لم تكن حكايات “بقر البطون وإلقاء الرُّضّع على الأرض من فوق السيارات، والقتل بالسواطير من نسج الخيال”، بل وقائع دامغة على أفعال المجرمين.

مراحل المجزرة

حُوصر مخيم “تل الزعتر” الذي كان يضم 31 ألف نسمة، منهم 17 ألف فلسطيني، نزحوا من 77 قرية ومدينة فلسطينية، و14 ألف لبناني وبعض الجنسيات العربية الأخرى، سنة ونصف السنة، وذلك بعد حادثة باص عين الرمانة الشهيرة في 13/4/1975.

يقول الكاتب الفلسطيني وشاهد العيان ياسر علي: “في تمام الساعة العاشرة من صبيحة يوم، 12 آب 1976، كانت المجزرة في مراحلها الأخيرة.

قبل ذلك انتقلنا عبر فتحات الجدران التي كان المقاتلون يستخدمونها، وعند أول إطلالة على “مقاتلي” الكتائب ـ اللبنانية، أطلقوا النار فوقنا.

ظنّ أخي جلال أنهم استهدفونا وقتلونا، فانطلق ركضًا إلى داخل المخيم مرة أخرى، وأجبرونا على سلوك طريق طويلة قصدوا منها أن يكون مرورنا بين البيوت والمباني، حيث أطلّ السكان يتفرجون على “استسلامنا” الذي أسموه “موكب النصر” (تماما كما فعل اليهود بأهالي ضحايا مجزرة دير ياسين في شوارع القدس).

لقد بدأت المجزرة ببطء، ثم توحّشت بالمواكب التي تلتنا.. إن المشهد الذي لا يغيب عن بالي، هو انتقامهم من أهالي المقاتلين، فربطوا أرجلهم بسيارات انطلقت باتجاه معاكس، وفلخوا أجسادهم أنصافاً (مثل أبو علي سالم، ورجل من عائلة فريجة).

جمعونا في ساحة الفندقية بالدكوانة، بعد مسير طويل، كان يمكن اختصاره بعشر دقائق.

وجاء أمين الجميل وبعض السياسيين للإشراف على إخلاء السكان، وجاءت الشاحنات من مختلف الأحجام لتنقلنا، وبدأنا نصعد تحت صراخ المسلحين الموجودين وأزيز الرصاص في الهواء، والرعب المخيّم علينا.. مات عشرات الأطفال اختناقًا في الشاحنات”.

ويضيف علي: “حملتنا الشاحنات إلى دار المعلمين في المدينة الرياضية في بيروت الغربية. وجلسنا أنا وأخي أكرم على “البقجة” التي حملتها أمي طوال الطريق…

كنا طفلين على “بقجة” ننتظر أخانا المفقود، يُطفئنا العطش، والعرق يبللنا، والجوع يأكلنا.. والمصورون يتجولون بيننا يلتقطون صور وجوهنا المشحّرة من طول الرحلة”..

ظل المقاومون يدافعون عن المخيم لمنع القوات “الانعزالية” من الدخول إليه، واستشهد العديد منهم. وبعد أن تمكنت الميليشيات من دخول المخيم

ويروي الطبيب الفلسطيني الذي كان محاصرًا في “تل الزعتر”، عبد العزيز اللبدي في كتابه: “حكايتي مع تل الزعتر” حكاية خروج الأهالي من المخيم المحاصر: “في 12-8-1976، خرجت الناس من ثلاثة محاور: “هناك من توجه إلى الدكوانة عن طريق الخروبة، فتلقفتهم عناصر الكتائب وقتلوا كل الذكور الذين تجاوزت أعمارهم الثانية عشرة.. وهناك من توجه غرباً من معمل جورج غرة إلى تلة القيادة العامّة ثم إلى سلاف؛ وكان بانتظارهم مجموعات الباش مارون خوري، وقتلت أعداداً كبيرة منهم… وعند حاجز المسلحين السريان، تمت تصفية كل الرجال والشباب.. هناك من توجه نحو الجنوب، عن طريق معمل البلاط دوار المكلس،… تلقفتهم مجموعات حراس الأرز والأحرار، فقتلوا جميع الرجال والنساء والأطفال”..

ويوضّح اللبدي: “ظل المقاومون يدافعون عن المخيم لمنع القوات “الانعزالية” من الدخول إليه، واستشهد العديد منهم. وبعد أن تمكنت الميليشيات من دخول المخيم، حرقوا البيوت وذبحوا الجرحى والمرضى في المستشفى، في حين تمكّن بعض المقاتلين من الخروج والنجاة، رغم المخاطر الكبيرة التي واجهوها”.

رواية الصمود

.. ولكن مع هول المجزرة التي ارتكبتها “القوى الانعزالية”، والصمود الأسطوري لأهالي المخيم ومقاوميه، يتساءل البعض: هل تم التدوين المنظم لذاكرة مخيم تل الزعتر؟

يقول الكاتب الفلسطيني وشاهد العيان ياسر علي: “هناك العديد من الكتب التي صدرت عن تجربة مخيم تل الزعتر؛ فقبل الحصار صدرت دراسة اجتماعية عن المخيم للكاتب “هاني مندس”. وبعد الحصار، صدر عن الاعلام الموحد توثيقًا لشهادات الناجين. والفيلم الوثائقي الذي أخرجه “مصطفى أبو علي” و”جان شمعون”.

ثم صدر كتابان لطبيبي المخيم “عبد العزيز اللبدي” و”يوسف العراقي”.. وتبعهما كتاب “أبو أحمد الزعتر”، وعدة كتب لشهود المجزرة.

ثم صدر منذ عشر سنوات، كتاب “حسين فارس”، عن المخيم والحصار والمجزرة. وفي زمن الفضائيات تم إنتاج عدد من الوثائقيات في “الجزيرة” و”العربية” وغيرهما. فضلًا عن عشرات صفحات الفيسبوك التي تتابع أخبار المخيم”.

ويتساءل الكاتب الفلسطيني الدكتور “ظافر الخطيب”: “عن مصير المئات من الشبان والرجال الذين شقّوا طريقهم وفق مبدأ (عسكري دبّر راسك)؟ هل قتلوا ومن قتلهم؟ أين هي رفاتهم؟ هل من حق الفلسطينيين وتحديدًا أبناء “تل الزعتر” معرفة الحقيقة؟ مهمة مَن جمع المعلومات عن حقيقة ما حصل؟ ما هي الرواية الفلسطينية التي يمكن استخدامها في مواجهة رواية الآخرين؟”.

أبناء مخيم “تل الزعتر” أبدوا حيوية لافتة في استحضار الذاكرة

ويذكر الخطيب أن “أبناء مخيم “تل الزعتر” أبدوا حيوية لافتة في استحضار الذاكرة وهم بذلك إنما يعملون على ملء الفراغ الناشىء عن غياب المؤسسات الرسمية الفلسطينية التي يقع عليها مهمة جمع الوثائق وحفظ كافة المعلومات عن حقيقة ما حصل في المخيم ودراسة النتائج المترتبة على سقوط “تل الزعتر”، خصوصًا لجهة النتائج التي لا زالت تفعل فعلها في منطقة اللاوعي لتنتج في مفاعليها انكفاءً عن كل ما هو وطني جامع، على اعتبار أن سقوط “تل الزعتر” وقبله تدمير مخيم النبطية أسس لظاهرة الانكشاف، وبالتالي أعطى نتائج بعيدة المدى لا زالت حتى الآن بعيدة عن مستوى الاهتمام المباشر أو غير المباشر”.

وحثّ الخطيب “الجهات والمرجعيات المعنية من أجل التفكير الجدي بأهمية تحفيز الدراسات البحثية وإقامة مراكز بحثية فلسطينية تعنى وتهتم بجمع المعلومات التي تحمل آلام الحقيقة، وإلى حين حصول ذلك، فإن ذلك لا يمنع من الإصرار على طرح الفكرة حتى تصير حقيقة قائمة بحد ذاتها، وحتى يصير ذلك ممكناً تظل جهود أبناء “تل الزعتر” في نبش الذاكرة بحثاً عن الرواية الفلسطينية، جهودًا أكثر من رائعة”.

..وبين المجزرة المروعة والصمود الأسطوري للأهالي في مخيم “تل الزعتر”، تظل الذكرى تجلد القتلة، ويبقى التساؤل: متى العقاب؟!!

 

قد يعجبك ايضا