لماذا تستطيع الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية على بعض الدول؟

 

جاء في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالاً تحليلياً يحمل التساؤل الذي يعرضه عنوان المقال جاء فيه: قبل عام 1492 لم يكن العالم يعلم بوجود قارة تقع في الغرب من بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) وكانت الدول الكبرى آنذاك تتنافس من أجل الوصول إلى أرض التوابل (الهند)، إلا أنه ومع مرور الوقت أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم بمصائر الشعوب فكيف حدث ذلك؟.

لم يكن كريستوف كولومبوس مجرد أول إنسان يصل إلى أمريكا، بل كان أول من أنشأ ارتباطات بين أرض وصلها الفايكينغ قبله والقارات الأخرى، ثم تبعه آلاف الأوروبيين من مختلف الفئات، حتى تغير شكل القارة كلها، فالمستوطنون الجدد أقاموا مستوطنات في الجزء الشرقي من أمريكا الشمالية، ومن ضمنها مدن صغيرة لم تكن تحمل اسمها الحالي مثل نيويورك التي كانت تسمى “نيو أمستردام” نسبة إلى سكانها الأوائل من أصل هولندي.

في القرن السادس عشر سافر العديد من صيادي السمك إلى شمال أمريكا بدفعات كبيرة من أجل الصيد فقط، إلاّ في فلوريدا، فقد أسس الإسبان بعض البروج فيها، وبعد ذلك حاول بعض الأوروبيين أن يؤسسوا مدن جديدة في شمال أمريكا، لكن الإنكليز هم أول من نجح في تأسيس مسكن لهم على شواطئ ولاية فرجينيا الحالية.

في القرن السادس عشر، وصلت طائفة من الحجاج إلى ولاية “ماساتشوسيتس”وأقامت هناك، وفي القرن السابع عشر استقبلت الولايات المتحدة ملايين المهاجرين الأوروبيين، وظل الجزء الشمالي الشرقي مستعمرة بريطانية حتى إعلان الاستقلال عام 1776 بقيادة جورج واشنطن لتصبح تلك الأرض المكتشفة بلداً كبيراً مكون من عدة ولايات توالى على حكمه 45 رئيساً، آخرهم دونالد ترامب.

بالتأكيد لسنا بصدد العودة إلى التاريخ، لكن العودة إلى الجذور التاريخية تفرض نفسها في كثير من الأحيان، بل تطرح تساؤلاً عن سر تحكم الولايات المتحدة بمصائر العديد من شعوب العالم.

يقول البروفسور جوليان فيليب، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي والأوروبي في جامعة نانت بفرنسا: “هناك سببان رئيسيان لتفسير التساؤل السابق يتلخصان بمايلي:

السبب الأول يكمن في استخدام الدولار الأمريكي كعملة احتياطية أجنبية رئيسية في معظم دول العالم، حيث يمثل أكثر من 60% من احتياطيات العملات الأجنبية في العالم هذا من جهة ولاعتباره عملة التجارة الدولية الرئيسية، كما يستخدم الدولار الأمريكي في التجارة الدولية للنفط والغاز ويدخل في جزء كبير من التجارة العالمية، مما يمنحه ثقلاً عالمياً فيما يتعلق بحصة الدفع المال، وامتيازات مالية واسعة لمعاقبة الدول التي يستخدم شركاؤها أو شركاتها الدولار في معاملاتهم، وقد سبق وأن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على حلفائها مثل فرنسا عام 1915 عندما استخدم بنك “بي ا نبي” الدولار مقابل عملات غير مسموح بها في الولايات المتحدة.

ومن ناحية أخرى، تثق معظم البلدان بالدولار كعملة رئيسية داخل خزينتها، فالصين على سبيل المثال لا الحصر تمتلك احتياطات هائلة من العملات الأجنبية منها أكثر من 3000 مليار دولار أمريكي، وبالمقابل تستند أهمية اليورو وبشكل أساسي إلى التجارة داخل الاتحاد الأوروبي فقط.

أما السبب الثاني يتلخص في جيش الولايات المتحدة الذي يعتبر واحد من أكبر الجيوش في العالم وهو يغطى عبر شبكة من التحالفات الثنائية والإقليمية التي تضع كل دولة ضمن دائرة ضغوط معينة وتصنفها ضمن أسس معينة إما “ودية” أو “معادية” بهدف الامتثال لأوامرها من أجل تبرير وجودها كما حدث مع يوغوسلافيا فيما بعد الحرب الباردة.

قد يعجبك ايضا