عطوان يتوقع الإطاحة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان من قبل الإدارة الأمريكية

 

الحقيقة – متابعات

هناك تحرك من قبل مسؤوليين وعدد من المؤسسات الأمريكية  بهدف اثبات تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قضية مقتل الكاتب الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول ، ونميل الى الاعتقاد بان الكلمة النهائية قد تكون لها

ـ الأولى: تحرك عناصر بارزة في المؤسسة التشريعية الأمريكية “الكونغرس” بشكل مكثف للإطاحة بالأمير بن سلمان وتحميله مسؤولية الوقوف خلف هذه الجريمة، وأبرز هؤلاء السيناتوران الجمهوريان ماركو روبيو المرشح الأمريكي السابق للرئاسة، وليندسي غراهام، علاوة على 22 مشرعا طالبوا بتفعيل مادة فرض العقوبات في الدستور الأمريكي على الدول الأجنبية التي تنْتهك حقوق الإنسان.

ـ الثانية: السلطات التركية التي تريد الإبقاء على الزخم الإعلامي الحالي حول قضية خاشقجي من خلال استمرار التسريبات التي تؤكد مقتله وتقطيع جثمانه بالتقسيط المريح، وذكْر أدق التفاصيل على طريقة المسلسلات الدرامية التركية.

ـ الثالثة: الإعلام الأمريكي الذي شكل جبهة موحدة لمعارضة نهج إدارة ترامب، والإصرار على كشْف المتورطين في الجريمة ومحاسبتهم، وعلى رأسهم الأمير محمد بن سلمان.

***

كان لافتا الهجوم الشرس الذي ورد على لسان السيناتور غراهام ضد الأمير بن سلمان، وتضمن وصْفه بالرجل المدمر، واتهامه بشكل صريح بأنه أعطى الأوامر باغتيال خاشقجي في مقابلة مع محطة “فوكس نيوز”  المؤيدة للرئيس ترامب والمفضلة من قبله، مؤكدا أي السيناتور غراهام، أن السلطة السعودية تتعامل مع “القيم” الأمريكية بازْدراء، ولا بد لهذا الرجل “بن سلمان” أن يرحل لأنه شخصية مؤذية لا يمكن أن يكون قائدا عالميا على الساحة الدولية.

أما زميله السيناتور ماركو روبيو الذي كاد أن يهْزم الرئيس ترامب في انتخابات الحزب الجمهوري للفوز بالترشيح، فكان أكثر شراسة في تعاطيه مع الاثنين، أي بن سلمان وصديقه ترامب معا، عندما رفض تقديم صفقات الأسلحة على مبادئ حقوق الإنسان، وقال “لا يوجد مبلغ في العالم يمكن أن يشْتري مصداقيتنا حول حقوق الإنسان” وطريقة تعامل الدول معنا”.

هاذان النائبان يمثلان الدولة الأمريكية العميقة، أو الجناح المعارض لإدارة الرئيس ترامب للأزمة من خلال ابتزاز السلطات السعودية واستغلال حالة الضعف التي تعيشها حاليا للحصول على أكبر قدر من الأموال، سواء على شكل استثمارات، أو صفقات أسلحة، ويجدان دعْما متزايدا من قبل زملائهما في مجلسي الشيوخ والنواب.

تأتي التقارير البشعة حول كيفية إعدام الضحية خاشقجي التي تسربها المؤسسة الأمنية التركية على مراحل، مثل القول بأنه جرى تقطيع أصابعه أثناء التحقيق معه قبل قطع رأسه داخل القنصلية بهدف تعبئة وتحشيد الرأي العام العالمي ضد السلطات السعودية والأمير محمد بن سلمان تحديدا، والتحريض على إطاحته من السلطة، وإبقاء القضية حية في وسائط الإعلام بشقيها التقليدي أو الرقمي، وللإيحاء بأن الرئيس رجب طيب أردوغان لا يبحث عن صفقة مالية مقابل “لفْلفة” القضية وإبعادها عن الجهة الحقيقية التي تقف خلفها، وأوْعز بها عبْر البحث عن “كبش فداء”.

وربما يفيد التذكير بأن صحيفة “الواشنطن بوست” التي ضمت الخاشقجي إلى صفوف كتاب الرأي فيها، وباتت تتبنى قضيته، وتحتضن أسرته، هي التي كشفت فضيحة ووترغيت، وأطاحت بالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، ولا نعتقد أنها ستقف في منتصف الطريق، وخاصة أنها تنسق مع السلطات التركية، وتنشر التسريبات حوْل الجريمة أولا بأول، ولا نستبعد أنها تتطلع إلى رأس الأمير محمد بن سلمان في نهاية المطاف.

محاولات “تمييع” القضية، سواء من خلال تشكيل لجْنة سعودية للتحقيق في الجريمة، وتحديد الأشخاص المتورطين ومحاكمتهم تحت ذريعة أنهم أقدموا على الجريمة دون علم القيادة، أو شراء ذمة الرئيس ترامب وإشباع جشعه للحصول على المال والصفقات، تبدو فرص نجاحها محدودة للغاية، في ظل تصاعد الجهات النافذة الرافضة لها، فكيف يمكن أن يقوم المتهم الرئيسي بتنفيذ جريمة الاغتيال بالتحقيق فيها؟، والأخطر من ذلك أن تؤخذ تحقيقاته على محْمل الجد!

***

هذه الجريمة لن تختفي من دائرة الاهتمام الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة تمْلك الشرعية بمقتضى ميثاق من المنظمة الدولية، في تشكيل فريق تحقيق ومحكمة خاصة للنظر في جريمة الاغتيال هذه، وتقول الجمعية العامة، لتجاوز احتمالات استخدام “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي من قبل إدارة الرئيس ترامب أو غيرها.

عملية البحث عن ولي عهد جديد في بعض الأوساط السعودية بدأت بالفعل، وبدأت تجد تشجيعا من بعض الحكومات الغربية في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لضرب أكثر من عصفور بحجر، وإيجاد مخارج للأزمات المعقدة في المنطقة، وأبرزها حرب اليمن، فربما تطوى عملية التغيير هذه إذا ما تمت إلى إنهاء هذه الحرب، مثلما كانت جريمة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات البوابة التي استعادت عبرها مصر عضويتها في الجامعة العربية، وإنهاء المقاطعة العربية لها.

صحيفة “التايمز” البريطانية بدأت ترشيح الأسماء في “بورصة الخلافة” وتحدثت عن الأمير خالد بن سلمان، سفير السعودية في أمريكا كبديل لشقيقه، وأوساط أمريكية تقترح عوْدة الأمير محمد بن نايف، وما زال هناك جهات ترشح الأمير أحمد بن عبد العزيز، ثاني أصغر أبناء الملك المؤسس والمقيم حاليا في لندن للمنصب.

الأيام المقبلة ستكون حبْلى بالمفاجآت والتسريبات، وستظل قضية اغتيال الخاشقجي تستعصي على الموت، وكل “مناشير” التهميش و”اللفْلفة” مهما بلغت حدتها وحداثتها” والأيام بيْننا.

* عبدالباري عطوان

 

قد يعجبك ايضا