من يتهرب عن المسؤولية لا يقتدي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم

من يتهرب عن المسؤولية لا يقتدي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم

(كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) لاحظوا نرى هنا السياق أو الآية من سورة الأنفال بالتأكيد في سياق وقعة بدر، ولذلك نحن لا نرى رأي بعض المفسرين وبعض أصحاب السير أن الآية هنا يقصد بها واقعة احد لا.. المقصود بها بالتأكيد وقعة بدر وهي في سياقها وسورة الأنفال وثقت لنا واقعة بدر “كما أخرجك ربك من بيتك بالحق” النبي صلوات الله عليه وآله من موقعه العظيم في دين الله، رسولا ونبيا من موقع الأسوة والقدوة والتدين، هذا فيه درس مهم جدا، لاحظوا هناك في ساحتنا العربية في ساحاتنا الإسلامية، في واقعنا الشعبي رُسمت صورة نمطية عن الدين والتدين ليست واقعية أبدا حُذفت منها المسئولية العامة، حُذفت منها الاهتمامات العامة، بل صُور الجهاد في سبيل الله والتحرك العسكري والتصدي للأعداء، والتحرر من الأعداء صُور فيه وكأنه لا صلة له من قريب ولا من بعيد بالدين والتدين وكأن التدين هو حالة من الخنوع والاستسلام والخضوع والانعزال عن شئون هذه الحياة وعن أحداث هذه الحياة، وعن ظروف هذه الحياة، وعن مشاكل هذه الحياة، والصورة النمطية للإنسان المتدين هو ذلك الذي يذهب إلى المسجد ويعود إلى منزله ولا شأن له بأي شيء من أحداث هذه الحياة وظروف هذه الحياة.

هناك اليوم في واقع الأمة فئة واسعة تحمل هذا التصور المغلوط بالتأكيد، وفي ذهنيتها صورة نمطية عن المتدينين هي الصورة التي عليها بعض المتدينين الجهلة في هذا الزمن وقبل هذا الزمن من الذين يحولون الدين رهبانية وانعزالاً عن المسؤوليات العامة وعن الاهتمامات العامة وعن المشاكل الكبرى وعن التحديات والأخطار، دين ليس فيه أي موقف تجاه أي ظالم ولا أي ظلم ولا أي مستكبر ولا أي خطر ولا أي تحد، ينعزل فيه الإنسان، فيذهب إلى المسجد ليؤدي صلواته، له شكل معين، له ملابس معينة، له سيما معينة، يبدو عليها، حالة من البهطلة، حالة من الخنوع، حالة من الإبقاء للرأس نحو الأسفل، حالة معينة وله زي معين وشكل معين، نمط معين! أصبح هو النمط المتدين!

أما ذلك الذي يذهب من المنتمين للإسلام، عنده اهتمام بأمر أمته، عنده التفاته جادة إلى الواقع، عنده إدراك للمخاطر والتحديات والمظالم والأمور الفظيعة والرهيبة التي تشكل تحدياً شاملاً على الأمة بدينها ودنياها، عنده ألم وهم بأمته، هذا سياسي! هذا ما يصلح! هذا لم يعد متدينًا كما ينبغي!

وفعلاً نحن في واقع الانتماء الديني أمام أشكال متعددة، وأمام شكل يأخذ هذا التوجه هذا النمط، هذا المسار من التدين، الحالة الانعزالية عن الهم العام وعن المسؤوليات العامة، عن التحديات وعن الأخطار! هذا نمط سلبي، هذا لا يمثل الدين بحقيقته.
النموذج الاعتزالي الذي يحسب نفسه على الإسلام ثم يتهرب عن المسؤوليات والمواقف في هذا الإسلام، يريد إسلام بدون مواقف! هذا لا يقتدي بالنبي، النبي هو هذا رجل يتحرك حاملاً للمسؤولية، يتحرك للتصدي للأعداء، (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ)، مابش ابقى في بيتك ما لك حاجة، ومن بيتك إلى مسجدك! (أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ) خرَّجه من بيته، يا الله.. اسرح.. ألهم الله.. تحرك.. جاهد.. (أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ).
المواضيع المختارة لهذا العدد من (محاضرة غزوة بدر) للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي

قد يعجبك ايضا