الحل السياسي،، نجاة لدول البتروعدوان…بقلم/مختار الشرفي

 

في خطاب السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي عقب الهجوم على الحديدة في شهر رمضان الماضي كان واضحا – بالنسبة لي – أن السيد اعتبر احتلال الحديدة من قبل دول العدوان في حال حدوثه، بمثابة دفن لأي نقاش حول الحل السياسي، الذي يحرص السيد على ابقاء الباب مفتوحا له رغم عظم جرائم العدوان و تكبره، وكان السيد أكثر حرصا في هذا الخطاب على التأكيد بأن الحرب حينها لن تنتهي إلا بتحرير كل شبر في اليمن و بالقتال وإن طال أمده،،

معركة الحديدة و خيار الاصرار على تدميرها و احتلالها من قبل العدوان و مرتزقته لم تكن لتحدث من دون أن يدفعوا هم و العالم الصامت عن جرائم العدوان و المؤيد لها والمشارك فيها اثمان هذه المعركة الطويلة الأمد الباهظة عليهم، و هذا ما فهموه وما دفعهم للتحرك لوقف مغامرات الإمارات ومليشياتها الإرهابية في الحديدة، وهذا ما لم يستوعبه كثير من مرتزقة الامارات و دول العدوان جميعها، ولذلك تسمع منهم حديثا كبيرا عن ترهات الحسم العسكري و تحريضا غوغائيا لرفض و افشال اتفاق الحديدة في استوكهولم، كما لم يستوعبوا لماذا أصدر مجلس الأمن قرارا يدعم هذا الاتفاق، وما يزال يدعمه، رغم أنه يفترض به أن يكون قد سقط، بالتصرف الممنهج من دول العدوان ومرتزقتها بعدم تنفيذهم لأي من بنوده و كثرة خروقاتهم لوقف إطلاق النار، و انتظارهم انتهاء المدة الزمنية لتنفيذه حسب خارطة الطريق المحددة والمزمنة لهذا الاتفاق ليعلنوا بيان نعيه وتدشين مراسيم دفنه..

حرب التحرير لكل شبر كما أكد عليها السيد يفهمها زعماء دول العدوان جيدا ويفهمون أنها لن تكون حرب تحرير تقليدية تشن عبر حركات نضاليه تحررية محدودة الافراد و العتاد و بشكل سري، وبعمليات استنزاف محدودة الإمكانات أو عبر حرب عصابات، صحيح أن أنصار الله وحلفائهم يجيدون حرب العصابات ويعتمدون عليها، لكنهم الآن ينطلقون من مؤسسات الدولة و كيانها الحقيقي و من قلب عاصمة الدولة، و أيضا اصبحوا جيوش منظمة و مدربة و مهنية، و لديهم تصنيفات عسكرية منظمة لها قيادات محترفة، و هناك تراتبية عسكرية و تقسيم للوحدات العسكرية بشكل يفوق قدرات وخبرات دول العدوان، وقد أسسوا لمدرسة عسكرية جديدة يصعب فهمها والتعامل معها والحد من قوتها وخطورتها، بعد أن جمعوا بين تكتيكات حرب العصابات وعمل الجيوش العسكرية النظامية المحترفة، وقبل كل هذا ما يزال 80 % من اليمنيين يقفون خلفهم و يدعمونهم أو لا يعارضونهم،،

جدية وفاعلية حرب التحرير لليمنيين المرعبة بقيادة أنصار الله يسندها تقنيات تسليحية و قتالية مكتسبة مؤخرا، لم تكن قوات تحالف العدوان تتوقع ابدا أن يصلوا إليها و في زمن الحرب الشرسة، وهم من كانوا وما زالوا يسمونهم ب” أهل الكهوف “،، و هذه التقنيات و الامكانات العسكرية تنمو و تتصاعد و لا تتوقف و بطريقة توحي بل تؤكد أن هناك اكثر من مركز تطوير لكل قطاع عسكري على حدة، وبإنتاج مستمر في التصاعد في قدراته و فاعليته، وبما يواكب احتياجات المعركة في كل أطوارها، من قطاع الصواريخ البالستية، إلى الطيران المسير، وصولا إلى المدفعية الذكية دقيقة التصويب، والتي تحصل على احداثياتها من الطيران التجسسي، الذي بات يغطي أجواء المعركة، و يمد غرف العمليات للجيش واللجان الشعبية بكثافة معلوماتية دقيقة في كل جبهات القتال المشتعلة، أو التي كانت تعد بعيدة كمطاري دبي وأبو ظبي في الإمارات وما هو أبعد منهما.

هذا التطور يجعل حرب التحرير اسهل على اليمنيين و أكثر إيلاما على دول العدوان ومرتزقتهم، ولن تكون العمليات الهجومية من نوع استهداف دبابة بعبوة ناسفة أو قذيفة آر بي جي – رغم فاعليتها – و إنما ستكون على غرار ما شهدته قاعدة العند بطائرة مسيرة كادت أن تحصد قيادات جيش المرتزقة، و ما حدث لمعسكر خالد بصاروخ بدر بي 1 الذكي شديد الدقة في إصابة الهدف، وأيضا من قبيل الصواريخ المناسبة التي دمرت سفن وفرقاطات السعودية والإمارات العسكرية في عرض البحر والتي كان آخرها على بعد 100 ميل عن الشاطئ، وكلها عمليات عسكرية نوعية و استراتيجية ليست من أدوات حرب العصابات وإنما تقنيات حرب الدول والجيوش الكبيرة،،

الأغبياء فقط هم من يعتقدون أن حسم معركة هنا أو هناك ينهي الحرب ضد أنصار الله، و يوقف إرادة القتال لديهم، الشواهد على مدى أربع سنوات من العدوان، تقول إن أنصار الله خسروا خلالها الكثير من المواقع وانسحبوا من أخرى، لكنهم ايضا استعادوا بعضها مؤخرا ومن بينها صرواح التي استعادوها في 3 ايام بعد اكثر من عامين من خسارتها، و هذا مؤشر على تحول حقيقي في موازين المعركة و انقلاب مقبل في صورتها، كما كان أنصار الله وما يزالون يبتكرون ما يجعلهم أقوى و يفاجئون العدوان بما هو أشد و أنكى، حتى فرضت على دول العدوان معادلات سياسيه و عسكرية معظمها غير معلنة، و منها كيف أجبرت على وقف عدوانها على الحديدة مقابل أن تتوقف مؤقتا رحلات طائرات الصماد الى مطارات دبي وأبوظبي والرياض، و أن يلجم الانصار جماح صواريخهم و آخر باكورتها البالستي البار ” بدر 1 ” المصنع كليا في اليمن، وإيقاف زياراته التمشيطية الثقيلة والمدمرة الى مناطق عسير وجيزان ونجران خلال الأشهر الأخيرة، والتي كادت ضرباته شبه اليومية على مواقع اقتصادية سعودية أن تجعل شركة أرامكوا بكل إمكانياتها كومة من الخردة ولم تعد صالحة للبيع في مزادات اميركا كما كان يخطط الغر بن سلمان..

ما يعلنه القادة السياسيون والعسكريون في صنعاء اليوم من أن دول العدوان تملك فرصة حقيقية للخروج من مستنقع اليمن و انهاء عدوانهم بحل سياسي عادل و مشرف، و تحذيرهم لها من الركون على أي حلول غيره، هي نصيحة المقاتل الشجاع و النبيل، الذي يقاتل بشرف ورجولة، و يحافظ على عهوده و مواثيقه، حتى و إن كان يعلم سلفا بأن خصمه خائن و لأيم، فالتمسك باتفاق الحديدة وإنفاذه و نقل التهدئة إلى تعز وكل الجبهات وإنهاء الحصار وايقاف تجويع اليمنيين، هو طوق النجاة لدول العدوان والمدخل لتجنب هزيمتهم بطريقة تنهي اماراتهم و ممالكهم، و إلا فإن حرب التحرير هي الخيار، و العالم الذي ظل يسوق لترهات دول العدوان و مرتزقتهم ما عاد قادرا على تغطية عفونة جرائمهم و تمرير رواياتهم السمجة، التي كان آخرها وصفهم لاستهداف كبار قادتهم العسكريين في قاعدة العند، اكبر قاعدة عسكرية، يديرها محتلون من الإمارات و أميركا، و هم في تجمع عسكري، و ببزاتهم العسكرية، و في ساحة عرض عسكري، و هم يجيشون للهجوم عسكريا على تعز، بأنه عمل إرهابي !!! وعليهم أن ينظفوا آذانهم ويشتروا نظارات أفضل ليسمعوا و يشاهدوا، كيف أصبحوا مثارا للسخرية و التندر والشفقة، ومحل عجز مساندة حلفائهم، ولو أنفقت دول البتروعدوان ما تبقى من مدخراتها السيادية، لن تحصل على أكثر مما قد حصلت و حصل عليه مرتزقتها، و عندما تصل قوة ما إلى منتهاها فعليها أن تترقب رحلة العودة إلى ما هو أهون مما كانت عليه من ضعف، هذا إذا كان خصمها يملك قدرا من الشفقة، و إلا فإن زوالها هو المرتقب، ومشروع التحرير المسنود بقوة الحق، و قوة الضربات، حتما سيتحقق..

قد يعجبك ايضا