{رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً}

{رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً}

إنما يجب أن نخافه هو هذا {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (السجدة: من الآية12) {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} {وَلَوْ تَرَى} ذلك الهول الشديد {إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} خاشعون، أذلاء، يقولون لله: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} (السجدة: من الآية12) الآن اتضح لدينا كل شيء وأصبحنا موقنين {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} (السجدة: من الآية12) أولئك المجرمون الذين كانوا يستبعدون البعث، أولئك الناس الذين كانوا يرفضون أن يتولى الله هو هداية عباده، وأن يكون التقدير له في شأن عباده فيرفضون دينه، ويقولون لا علاقة له بالحياة .. هم مجرمون سينكسون رؤوسهم بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة فيقولون: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} ماذا يعني أبصرنا وسمعنا؟ ألم يبصروا في الدنيا ويسمعوا؟ بلى. أليسوا هم من كانوا في الدنيا يرون أنفسهم أكثر إبصارا من الدين نفسه؟. فيتجهون لصياغة القوانين لأنفسهم والدساتير لأنفسهم .. لأننا نحن أعرف .. أليسوا يقولون هكذا؟ نحن أعرف بمتطلبات العصر وبشؤون الحياة، ونحن نريد أن نلحق بركاب الآخرين .. الدين لا يعرف هذا.!.

ألم يدّعوا لأنفسهم بأنهم أكثر بصرا وبصيرة من الدين؟ لكنهم سيرون أنهم كانوا عمياً في هذه الدنيا، وسيحشرون عمياًَ بين يدي الله فيقولون ربنا أما الآن، الآن أبصرنا فعلاً. عرفنا بأن هناك يوم آخر .. عرفنا أن هناك قيامة .. عرفنا أن هناك جزاء على الأعمال .. أيقنا بهذه. وكيف لا يوقنون وهم يعايشونها، وهم هاهم ناكسوا رؤوسهم، منكسون لرؤوسهم أمام الله بخشوع وتذلل وتلطف وترحم {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً} عندما يرجع هؤلاء ليعملوا صالحا كما يقولون .. ألم يدعوا بأنهم في الدنيا قد عملوا صالحا بل أن الصلاح هو ما عملوه، ألم يكونوا يدعون في الدنيا؟. {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} (الكهف:104) ألم يكونوا يدعون هكذا؟.

{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ} (الكهف: من الآية105) والآخرون ألم يدعوا هم المقننون الحكومات المجالس التشريعية مجالس النواب، ألم يدعوا لأنفسهم بأنهم هم الذين يحسنون الأعمال وأنهم أحسن عمل وهم يشرعون وهم يضعون الدساتير ويصيغون القوانين. ما هو هذا العمل الذي قلتم بأنكم إذا رجعتم إلى الدنيا ستعملونه؟ {فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً} قد عملتم في الدنيا دساتير وقوانين، وكنتم تقولون: بأنها هي العمل الصالح، وتلزمون الآخرين بها، ولا تتحدثون عن شرع الله ولا دينه ولا كتابه. ألم تدعوا لأنفسكم بأنكم كنتم وحدكم الذين تعملون أصلح الأعمال، سيتجلى هناك يوم القيامة، كما تجلى في الدنيا أيضا أن العمل الصالح هو السير على هدي الله، في كل مناحي الحياة، في كل شؤون الحياة، في جوانبها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وفي كل المجالات التي أصبحت الآن عبارات تردد معروفة، ألم نسمع عبارة [في كل المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية؟] أليست هذه العبارة تتكرر، يقولون: شؤون الحياة كلها وشؤون الإنسان كله، قد وضعنا التشريعات التي تكفل له إذا ما سار عليها أن تكون كل هذه المجالات صحيحة ومستقيمة.
اكتشفوا أنفسهم بأن كل ما كانوا يعملونه في الدنيا خطأ، وكان ضلالاً .. أليست هذه هي الخسارة؟ هي الخسارة العظيمة.
في الدنيا قدم هدي الله لعباده بالشكل الكافي وزيادة على الكفاية.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

المواضيع المختارة للسيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

(معرفة الله ــ وعده ووعيده – الدرس الثاني عشر)
بتاريخ: 4/ 2/2002م

قد يعجبك ايضا