“الغدر ونقض المواثيق”؛ الاستراتيجية العسكرية لتحالف العدوان في الحديدة.

 الوقت التحليلي

عقد طرفا النزاع في اليمن العديد من المحادثات خلال الأشهر القليلة الماضية وذلك من أجل التوصل إلى رؤية واضحة لتنفيذ أهم البنود التي تم الاتفاق عليها في اتفاقية “ستوكهولم”، وفي نهاية المطاف أعلن مجلس الأمن يوم الاثنين الماضي بأن الأطراف المشاركة في الأزمة اليمنية وافقت على تنفيذ الخطوة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المتمثلة بإخراج جميع القوات العسكرية من مدينة الحديدة في وقت واحد.

يذكر أن الجولة الرابعة من محادثات السلام اليمنية عقدت في 6 ديسمبر / كانون الأول الماضي في العاصمة السويدية “ستوكهولم” بحضور ممثلين عن طرفي النزاع في اليمن و”مارتن غريفيث”، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، ومن النتائج التي خرجت بها تلك المحادثات، هو الاتفاق على وقف إطلاق النار في الحديدة وتبادل الأسرى.

وفي حين كان من المنتظر أن تقوم جميع الأطراف اليمنية بتنفيذ جميع البنود التي تم الاتفاق عليها في اجتماع “ستوكهولم”، قام مجلس الأمن يوم أمس الثلاثاء بعقد جلسة خاصة حول اليمن بحضور “مارتن غريفيث” لمناقشة آخر التطورات الميدانية على الساحة اليمنية، ومن جهته أعلن الناطق الرسمي باسم “أنصار الله”، الأستاذ “محمد عبد السلام”، أن حكومة الفار “عبد ربه منصور هادي” المستقيلة، عادت لإثارة مواضيع خارج الاتفاق ووضع الكثير من العثرات أمام خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها، ولفت “عبد السلام” إلى أن حكومة صنعاء وقادة “أنصار الله” قاموا بإبلاغ رئيس لجنة التنسيق بجهوزيتهم لتنفيذ جميع البنود التي تم الاتفاق عليها في اجتماع السويد، وأضاف “عبد السلام”: أنه في حين كان من المقرر أن يبدأ تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اجتماع السويد صباح يوم الاثنين، عاد الطرف الآخر لفتح قضايا أخرى خارجة عن الاتفاق، وطلب “عبد السلام” من “مايكل لوليسارد”، رئيس لجنة التنسيق، بأن يبذل جهده لإقناع الطرف الآخر للامتثال لما تم الاتفاق عليه وأن يتواصل مع حكومة صنعاء لإعلامها بالموعد الجديد للبدء بتنفيذ جميع تلك البنود.

ووفقاً للمرحلة الأولى، فلقد تم الاتفاق على انسحاب قوات “أنصار الله” من موانئ “الحديدة” و”الصليف” و”رأس عيسي” لمسافة تصل إلى حوالي 5 كيلومترات وذلك من أجل تسهيل عمليات استيراد الحبوب والنفط، وتوفير المساعدات الإنسانية وفتح الممرات المائية لموظفي المنظمات الإغاثية لكي يتمكّنوا من الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر، وفي المقابل ستتراجع قوات تحالف العدوان بقيادة السعودية إلى الحدود الشرقية لمدينة الحديدة، ووفقاً لهذه الاتفاقية أيضاً، سيتم فتح الطريق الواصل بين ميناء الحديدة ومدينتي صنعاء وتعز وسيتم السماح لحكومة الإنقاذ الوطنية بالوصول إلى صوامع البحر الأحمر التي يُخزن فيها ما يقارب من 50 ألف طن من الحبوب.

يذكر أن تحالف العدوان قد فرض حصاراً على تلك الموانئ منذ سبتمبر / أيلول الماضي ومنع المسؤولين اليمنيين من الوصول إلى هذا المستودع، الذي يحتوي على 3.7 ملايين طن من المواد الغذائية.

النقض المنظّم بالمواثيق لتحالف العدوان والحكومة المستقيلة

لم يتم تنفيذ اتفاق السويد المتمثل بوقف إطلاق النار في مدينة الحديدة حتى الآن، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى تخاذل حكومة “منصور هادي” المستقيلة وقوات تحالف العدوان واختلاقهم للكثير من العقبات التي حالت دون تنفيذ ذلك الاتفاق على أرض الواقع، ومنذ الأيام الأولى بعد التوصل إلى اتفاق السويد، قامت طائرات تحالف العدوان السعودية والإماراتية بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة وقامت بشنّ الكثير من الهجمات الجوية على عدد من المناطق التابعة لها، ويوم أمس الثلاثاء، أعلن الناطق باسم القوات الجوية اليمنية العميد “يحيى سريع” مرة أخرى أن تحالف العدوان لم يلتزم بالاتفاق الأخير ووفقاً لتصريحاته، فلقد قامت قوات العدوان السعودية خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية بـ231 خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة.

تجدر الإشارة هنا إلى أن السبب الرئيس وراء نقض قوى العدوان لما تم الاتفاق عليه في السويد يرجع إلى أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى فشل الاستراتيجية العسكرية لتحالف العدوان في الحديدة والتي ستؤدي بدورها إلى فشلهم الكامل في تحقيق أهدافهم التي كانوا يتطلعون إلى تحقيقها من الحرب اليمنية.

في الواقع، إن تحالف العدوان السعودي الإماراتي، قام بفرض حصار خانق على جميع المنافذ البحرية والبرية والجوية على كامل الشعب اليمني وذلك بعد الهزائم المتتالية التي مُني بها على أيدي قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية في مختلف الجبهات، ولقد كان ذلك الحصار بمثابة عقاب جماعي للشعب اليمني لإجبار الجيش اليمني واللجان الشعبية على الاستسلام.

يذكر أن ذلك الحصار الذي فرضه تحالف العدوان على ميناء الحديدة تسبب في حدوث مجاعة إنسانية لم يسبق لها مثيل، وأدت إلى انتشار الكثير من الأمراض والأوبئة ويعتبر ميناء الحديدة، هو الميناء التجاري الرئيسي لليمن الذي يدخل منه حوالي 70 في المئة من واردات البلاد.

ونظراً لخرق تحالف العدوان لاتفاق وقف إطلاق النار وقيامه بالكثير من المجازر الإنسانية التي تسببت في مقتل أكثر من 12 ألف شخص وجرح الآلاف من الأبرياء ونزوح الملايين من الأسر اليمنية وتدمير البنية التحتية للبلاد، فلقد خرجت العديد من المظاهرات في العديد من بلدان العالم للتنديد بتلك الجرائم وإدانة الصمت العالمي تجاه ذلك العدوان ولهذا، يحاول تحالف العدوان منع تنفيذ ذلك الاتفاق وإلقاء اللوم على قوات “أنصار الله”.

قد يعجبك ايضا