جنوب اليمن تحت الاحتلال من جديد!!

 

“المملكة التي لا تغيب عنها الشمس”؛ تلك هي بريطانيا التي امتد نفوذها الاستعماري وغطى معظم دول العالم وكانت أكبر قوة استعمارية على وجه الأرض خلال القرون السابقة، وكانت النموذج الأبرز في غزو واحتلال دول العالم ونهب ثرواته شعوبها.

وليس غريباً على بريطانيا المعروفة بتأريخها الأسود في استعباد الشعوب واغتصاب الحقوق، حيث تعتبر الدول العربية الشريان الحيوي للاستعمار نظراً لأنها تمتلك الثروات الهائلة وتمتاز بموقع استراتيجي هام، وسعت بكل إمكانياتها وقدراتها المادية والمعنوية إلى إخضاع هذه الدول وجعلها تحت سيطرتها من خلال حبك تلك الخطط الماكرة عبر المؤتمرات والمعاهدات والاتفاقيات، فكانت ولا زالت شريكاً أساسياً في التآمر على الأُمَّــة الإسْلَامية قاطبة والتآمر على فلسطين عبر ما يُعرف بـ “وعد بلفور” المشؤوم وكذلك تقسيم الأوطان من خلال اتّفاقية سايكس بيكو.

يتضح منهج الغزاة والمحتلين في حماية مشاريعهم الاستعمارية من خلال اتخاذ الخطوات التي من شأنها إعطاءهم ضمانة التسلط واستمرارية الاحتلال، حيث تمكنت بريطانيا خلال مدة احتلال لجنوب اليمن من طمس الهوية الجامعة وتأسيس هويات مصطنعة عن طريق دعمها حكم السلطنات الذي كان قائماً آنذاك، بغية إبقاء الجنوب تحت سيطرتها ويشهد حالة من الخلافات والنزاعات والتفكك.

خمسون عاماً ونيف على انطلاق ثورة جنوب اليمن ضد الاستعمار البريطاني تكاثرت فيها الأحداث وتغيّرت الشخصيات وتبدّلت المعادلات، إلا أنها عادت لتؤكد من جديد أن جنوب اليمن تحت الاحتلال من جديد، وهذا الأمر يبدو أشبه ما يكون بإعادة عرض لشريط ظنّ كثيرون أنه بات طيّ الذاكرة، ولو عدنا إلى التاريخ وقلبنا صفحاته وفتشنا بين سطوره لوجدنا ما يثبت لنا اليوم حقيقة مساعي بريطانيا الاستعمارية لاحتلال اليمن ونهب ثرواته والسيطرة على قراره السياسيّ والتي عادت تعود اليوم من جديد من بوّابة إعادة الشريعة المزعومة وتحرير الأرض من شعبها، مستخدمة في ذلك نفس منهجها الاستعماري في طمس الهوية الجامعة من خلال صناعة تشكيلات وتسميات تعزز الانتماءات المناطقية والمشيخية وتفريخ التشكيلات العسكرية ومجالس الحكم المناطقية المتفرقة، فما يجري في المحافظات المحتلّة خيرُ دليل على استحكام قبضة المحتلّ وإغراق المناطق في مستنقع الصراعات من خلال إحياء النعرات المناطقية والمذهبية وامتهان كرامة الناس وتعذيبهم في السجون وطمس الهُوية الجامعة وتفكيك النسيج الاجتماعي.

“الزبيدي”: البريطاني كان شريكاً وليس محتلاً !!

إن كل ما في ثنايا تفاصيل واقع اليوم يتحدث عن عودة الغازي البريطاني، ومعه وريثه الأميركي، عبر شريكهما الذي يعد غازٍ جديد أمين لسلفه، وأكثر من وكيل له، ذلك هو الاماراتي “البليد” الذي يمثل راس الحربة في مشروع بريطانيا الاستعماري في اليمن والى جانبه لفيف ممّن كانوا مقاوِمين للاحتلال وأضحوا للأسف شركاء له، وفي مفارقة أقرب إلى إثارة الإشفاق منها إلى السخط، بات بعض أولئك مدافعاً شرساً عن الاحتلال، وتعدى ذلك الى وصوله الى المزايدة عليه في التنظير لوجوده.

عندما يقول “عيدروس الزبيدي” أن احتلال بريطانيا للجنوب 129 عاماً لم يكن احتلال بل شراكة فهذا يؤكد بان المرتزقة يسعون لتنفيذ مشروع دول العدوان ولا علاقة لهم باي مشروع وطني على الاطلاق، وأن المجلس الانتقالي لا يهمه ابناء الجنوب ولا قضيتهم وانما هدفة في المقام الأول خدمة الاهداف الاستعمارية البريطانية فقط.

ولا غرابة في تصريحات مثل هكذا مرتزقة ومنبطحين الذين يرحبون بالمحتل الاجنبي الذي احتل بلدهم وينتهك اعراضهم ويدافعون عنه وينادون لطرد ابناء وطنهم، فمن سمح للمحتل الاماراتي أخذ عائلته كرهينة سيعتبر بريطانيا شريكاً وليس محتلاً!

ما الذي جعل “هنت” يصرح بتصريحات فاضحة؟

لقد حاولت بريطانيا التستر من مشاركتها في العدوان واللعب من بعيد واظهار انها طرف محايد في العدوان على اليمن وتقمصت دور الوسيط المحايد، فما ما الذي أجبر بريطانيا على الكشف عن وجهها القبيح وإظهار حقيقته مشروعها الاستعماري لليمن ؟!!.

عندما عجزت دويلة الامارات عن الانقلاب علنا على اتفاقية السويد وأصبح وضعها حرج بسقوط كل ذرائعها التي ظلت تتحجج بها لعرقلة تنفيذ بنود الاتفاق وأضحت محصورة في زاوية ضيقة ليس امامها الا البدء بتنفيذ الاتفاق، أو اعلان الانقلاب عليه وهذا ما لن تجرؤ عليه لمعرفتها بحجمها الطبيعي لاسيما بعد قرار مجلس الامن الداعم للاتفاقية، ولم يكن أمامها الا الاستعانة بمولاتها بريطانيا لعلها تخرجها من هذا المأزق وتعلن الانقلاب على اتفاق السويد.

وبذلك فإن تصريح وزير الخارجية البريطاني “جيرمي هنت” بانسحاب الجيش واللجان الشعبية من الحديدة وقوله إنه اتفق مع الجبير على ضرورة انسحاب ما أطلق عليها “المليشيات” من موانئ الحديدة، هو اعلان صريح بانقلاب بريطانيا على اتفاق السويد، ويؤكد الدور البريطاني في تعطيل الاتفاق، وأن المماطلة في تنفيذ الاتفاق هو ضوء اخضر بريطاني وتأييد امريكي. وتتماشى هذه المماطلة الطويلة في تنفيذ الاتّفاق مع ما كانت تريدُه دول العدوان تماماً.

وفي قراءة تحليلية للمشهد، يتبين بوضوح أن انزعاج “جيرمي هنت” جاء من خطوةِ السلامِ الحقيقيةِ التي أعلنها قائد الثورةِ السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بإعلان الانسحابِ من طرفٍ واحد وفتح الطريق المؤدية الى مطاحن البحر الأحمر، والتي عرّت دول تحالفَ العدوانِ أمام الرأي العام العالميَ، وجعلت “هنت” يغضب ويتهم الشعبَ اليمنيَ بمزاعم غيرِ حقيقية، لكي يسوقَ لفشلِ اتفاق السويد، ويهيئ الرأي العالميَ من جديد لمعركة الحديدة.

الأهداف الحقيقية للعدوان على اليمن

لقد اتضح للشعب اليمني جلياً أنه الآن أمام مواجهة الرؤوس الكبيرة والمدبرة والمخططة للعدوان عليه والتي اضطرت لإزاحة كل القناعات المزيفة وكشفت عن حقيقته مشاريعها الاستعمارية.

إن ظهور وزير الخارجية البريطاني من ميناء مدينة عدن المحتلة وبلباس مضاد للرصاص ودعوته لطرد ما اسماه “الاحتلال الحوثيين” من اليمن يؤكد المؤكد بان بريطانيا شريك اساسي في العدوان على اليمن ويفضح اطماعها واعادة احتلالها لجنوب اليمن موانئها وجزرها بعد فشل أذرعها وادواتها في تحقيق مخططاتها الاستعمارية في اعادة الاحتلال البريطاني الى الجنوب يفضح ان العدوان على اليمن ليس لإعادة ما تسمى الشرعية المزعومة، وانما لتحقيق اطماع الدول الاستكبارية في اليمن بعد ان تستروا بالسعودية والامارات طويلاً.

وتكشف تصريحات وزير الخارجية البريطاني مجدَّدا أن المشكلةَ في اليمن ليست داخليةً بل خارجيةٌ بامتياز حيث تقود دولُ محور الشر “أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني” رأس حربة في العدوان على اليمن، وما النظام السعوديّ والإماراتي سوى أدوات قذرة تنفذ المشروع الأمريكي الإسرائيلي في اليمن الذي يهدف في المقام الأول والأخير الى احتلال البلد ونهب ثرواتها.

وحول الأهداف الحقيقية للعدوان على اليمن، يضع الكاتب الصحفي “زيد الغرسي” النقاط على الحروف حيث يقول: “من وارسو الى بريطانيا الى الامارات ادلة دامغة وواضحة لأهداف العدوان وهي”:- أن يكون اليمن خادما لأمريكا وإسرائيل، وأن يصبح مستعمرة امريكية بريطانية، وأن تصبح الحديدة والبحر الاحمر مستعمرة اسرائيلية.

ويؤكد الغرسي أن هذه الحقائق تنسف شعارات العدوان التي يرفعها لخداع البسطاء والسطحيين من ابناء الشعب اليمني كإعادة ما تسمى الشرعية ومحاربة المد الإيراني…الخ، فهل يعقل ويفهم المرتزقة انهم خدعوا وانهم في طريق الخطأ ام على قلوب اقفالها ؟ وهل يصحو المحايدين بعد هذه الحقائق ؟؟؟

في هذا بالمقام يعود الفضل الاول بالتأكيد للصمود الأسطوري للشعب اليمني وحنكة القيادة وبسالة أبطال الجيش واللجان الشعبية في الجبهات الذين استطاعوا أن يكشفوا كل الاقنعة الزائفة حتى ظهر البريطاني والإسرائيلي والامريكي وكشفوا عن الحقيقة المزرية لمشروعهم الاستعماري.

وإزاء ذلك، فإن اليمن ستظل عصية عليهم ومقبرة لهم ما دام فيها القيادة الحكيمة والمنهج القرآني السليم ورجالها الأحرار الذين هم بحق أبطال هذا العالم، وان كل الشرائع والقوانين تجيز للشعب اليمني صاحب الارض الدفاع عن نفسه وأرضه بكل الوسائل المشروعة والمتاحة، ولا يخيفه حجم وكثرة الأعداء بل يزيده قوة وصلابة وتمسكاً بحبل الله وثقة به تعالى الذي من بيده ملكوت كل شيء واليه ترجع الأمور، والله تعالى هو من ينطق أئمة الكفر ويظهر الحقائق على ألسنتهم لتزول كل الحجج وتسقط كل الذرائع الواهية والغبية، الله من نطق ترامب وجعله يقول لولا السعودية لما كانت اسرائيل في الوجود ليزداد المجاهدون يقينا بأنهم يقاتلون اسرائيل وليست السعودية، والله هو من نطق نتن ياهو وجعله يعبر بتصريحات اعلامية عن قلقلة الشديد ممن اسماهم الحوثيين وسيطرتهم على باب المندب، وهو من انطق هنت وجعلة يفضح مشروع بريطانيا الاستعماري في اليمن، وسيشعر هذا الشعب العظيم بالفخر ويسجد شكراً لله عندما يسمع طواغيت الأرض وهم يصيحون من الوجع ويعترفون بمشاركتهم في العدوان.

أما بريطانيا التي كانت بالأمس الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس؛ اصبحت اليوم بقوة الله وصمود شعب اليمن العظيم وبسالة رجالة مجرد لحظه عابره في زمن كشف الحقائق.

قد يعجبك ايضا