المسارَعةُ في العمالةِ سببُها الحقيقيُّ المرضُ وكلُّ مبرِّراتِها الأخرى كاذبةٌ

المسارَعةُ في العمالةِ سببُها الحقيقيُّ المرضُ وكلُّ مبرِّراتِها الأخرى كاذبةٌ

عبارة (يقولون) مثلما يقول لك: يزعمون يتفوهون، والواقع أن هناك مرض، قد يكون هذا المرض جُبْن، نفاق، حب لهم، تأثر بثقافتهم يدفعه إلى أن يُنَفّذ مؤامراتهم، ويتولاهم، ثم يضفي على توليه لهم، ماذا؟. عنواناً كبيراً يقدمه وكأنه يخاف على المصلحة العامة، أو أنه حتى يخاف على نفسه، حتى أن يتفوه بأنه يخاف على نفسه، هو ممن في قلبه مرض.
لأن الله عرض قضيتهم في القرآن أنه متى ما أصبحتم ممن يحملون قلوباً سليمة ليس فيها مرض فستصبحون مؤهلين لدرجة أن يصبح واقعهم معكم على هذا النحو {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111).
المؤمن, من قلبه مملوء بالإيمان، من قلبه سليم، لا يمكن أن يخاف على نفسه منهم؛ لأنه يثق بالله، ويعلم بأن ما يقوله الله سبحانه وتعالى عنهم أنه حقائق، بل يكون قوياً عليهم، جريئاً عليهم.
هل أحد منكم شاهد [السيد حسن نصر الله] في التلفزيون وهو يتكلم بملء فمه، وبكل قوة وبعبارات تهز إسرائيل. ماهي عبارات مثلما يتكلم زعماء العرب الآخرين: كلمتين أو ثلاث، وسموه [فارس العرب].
كلمات مجاهد، كلمات شجاع، كلمات تحتها جيش من الشباب المجاهدين الأبطال، يتكلم كلمات حقيقية مؤثرة، وهو بجوارهم، وهو يعلم أن معهم قنابل ذَرِّيّة، وأن معهم صواريخ ومعهم دبابات، ومعهم كل شيء، لكن قلبه من القلوب المملوءة بتولّي الله ورسوله والذين آمنوا فأصبحوا حزب الله، وحزب الله هم الغالبون، كما سيأتي عندما نصل إلى عند هذه الآية.
فمن في قلبه مرض هو من يخاف، فيدفعه خوفه إلى أن يقول: نحن خائفون على أنفسنا. {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} أو نخشى أن تصيب المجتمع والشعب دائرة، لكن ذلك ليس في الواقع هو مبعث خوف، وليس هو في الواقع مبرر ادعاء اهتمام بمصلحة عامة، إنما سببه مرض.
أحياناً قد يكون الخوف الحقيقي مما هو مخيف حقيقة، قد يكون أحياناً مقبولاً، بل قد تأتي أحكام شرعية تسوغ تصرف معين تحت وطأة الخوف كما يقال: [التقيَّة] {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}(آل عمران: من الآية28) لكن مع هذا الجانب الذي يسارع فيهم يسارع فيهم يعني أن هذا عمل يدل على أن في قلبه مرض، وما يقوله من بعد معناه مرض يدفعه إلى أن يكون فعلاً متولياً لهم، إنما قضية أن يقول: [والله احنا خائفين على مصالحنا، أو خائفون على بلادنا]. إنما هي تغطية فقط، وإلا فواقعه أن في قلبه مرض، فهو يسارع فيهم.
ما معنى {فِيْهِمْ}؟ هي مثل {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}(الحج: من الآية78) يسارع في خدمتهم، في تنفيذ خططهم, في تنفيذ مؤامراتهم، في توليهم؛ لأن في قلبه مرض فهو يتولاهم.
هنا تأتي عبارة {يَقُولُونَ} بمعنى يتفوهون وكأنها عبارة فعلاً لهجتها أو صيغتها تفيد بأنها شيء غير حقيقي بالنسبة لواقعهم أنهم فعلاً يخافون على أنفسهم فعلا، أو يخافون على أمتهم، وإنما الذي دفعهم إلى المسارعة هو أن في قلوبهم مرض جعلهم يتولونهم.

قد يعجبك ايضا