الجبهة اليمنية.. حيث يعجز الكيان وتتوارى أمريكا
لم يعد الإقرار الصهيوني بفاعلية جبهة الإسناد اليمنية يقتصر على قدرة اليمنيين على شن الضربات الموجعة، إنما قد بلغ اليوم مستوى أكثر إيلامًا وهو أن يكون لطائرة مسيّرة واحدة أو باليستي بلا رفيق أن يُحدث كل هذه الآثار، ويدفع قادة الكيان لإطلاق التصريحات الهوجاء، كما تجلب الصداع للبيت الأبيض وقادته، بالتوازي مع استنفار انتحاري لمجلس اللوبي الصهيوني، المخطِط والمشرف على كل هذا الخراب الذي يعيشه العالم اليوم.
ولا يكشف السلاح اليمني بمفرده هذه المعضلة وحسب بالنسبة للعدو “الإسرائيلي”، والتي تتنامى يومًا بعد يومٍ، ما يجعلها تتحول إلى أزمة مستدامة يصعب عليه التعامل معها بالطريقة التي اعتادها في استهداف الأعيان المدنية وقتل المدنيين. وإنما هناك أيضًا التكتيك والقدرة التقنية المتطورة بشكل مستمر، وهو ما أرهق هذا العدو الهمجي ومنظوماته الدفاعية.
تؤكد صحيفة “كالكاليست” الصهيونية أن الهجمات اليمنية على الرغم من محدوديتها من حيث الوتيرة – بمعدل صاروخ واحد كل عدة أيام – إلا أنها تسببت بأضرار اقتصادية كبيرة لـ”إسرائيل”. حسب الصحيفة. فيما سخرت صحيفة “معاريف” الصهيونية من الفشل المتكرر لسلاح الجو “الإسرائيلي” في التصدي للطائرات المسيرة اليمنية، مؤكدة أن ما أسْمَتْهُ بـ”الجيش” فشل للمرة الثالثة -الأربعاء- خلال أيام قليلة في حماية سماء مدينة أم الرشراش المحتلة.
في هذا الوقت أكد خبراء عسكريونَ أن عمليةَ استهداف أم الرشراش كشفت “عن نقاطِ ضعفٍ مهمّة في الدفاعاتِ الجويةِ والمنظومةِ الاستخباراتيةِ الصهيونيةِ، خصوصًا في المناطقِ السياحيةِ الحسّاسةِ.”، غير أن الأمر يعود أيضًا للتكتيك اليمني حسب الخبراء إذ حلّقت الطائرة المسيرة على ارتفاعٍ منخفضٍ جدًا، بهدف تجنب الكشف الراداري، وتحت مظلة أنظمة الدفاع الجوي المعادي كواحدة من الإبداعات اليمنية التي تواجه به الأعداء، إضافة إلى ريادة القوات المسلحة اليمنية في استخدام هذا النوع من السلاح، وفي معركة إسناد وإثبات حضور.
تضييق الخناق على العدو
الأسبوع الماضي زادت الهجمات اليمنية من تأكيد الاقتدار -عن ثقة- في تنفيذ الهجمات وإرباك حياة الكيان، فاستهداف “أم الرشراش” ومطار “اللد” زاد من تضييق الخناق على العدو، لكونها التي تتكرر، مع ذلك فإنها في كل مرة تزيد من سحق معنوياته حين يضطر بلا حول ولا قوة لمتابعة الطائرة المسيرة أو الصاروخ الباليستي والمتشظي وهو يحلق في السماء ثم يحط على هدفه مع شلل تام للمنظومة الدفاعية الأميركية – الصهيونية.
عقب الاستهداف النوعي للقوات المسلحة اليمنية الأربعاء لهدف حساس في “أم الرشراش”، وما أحدثه من آثار بالغة رصدتها كاميرات المغتصبين، واعتبره مراقبون “نقطة تحول نوعية، في مسار المواجهة”، وفي طبيعة التهديدات التي صارت تواجه العدو الإسرائيلي، خرج بعض قادة الكيان بنفس أسطوانة التهديد والوعيد، لتأتي ردة فعلهم الخميس في فعل جبان لم يتجاوز كالعادة التجمعات السكانية والأهداف المدنية، زاعمين استهدافهم قادة عسكريين ومقرات قيادية ومخازن أسلحة، مع ذلك لم يكن لهم أن يشربوا “نخب” هذه الوحشية ضد المدنيين، إذ جاءهم الباليستي اليمني بعدها مباشرة ليوقف الرحلات الجوية في مطار “اللد”، ويعطّل الحياة داخل كيانهم لساعات طويلة، ما خلّف أثرًا بالغًا على الجبهة الداخلية للاحتلال، وولّد الإحباط لدى الغاصبين الذي عبّروا عن ذلك على وسائل التواصل بسخرية تامة من ادعاءات جيشهم عن امتلاك نظام دفاعي جديد يعتمد الليزر “ماجن أور”، أو ما قيل عن إمكانية تفكيك قدرة السلاح المهاجم على التخفي. أو حتى الادعاءات بضرب أهداف عسكرية داخل اليمن. وما زاد الأمر سوءا الصاروخ الباليستي الانشطاري الذي ضرب يافا المحتلة وادخل ملايين الصهاينة- في ساعات الفجر الأولى- إلى الملاجئ.
يرى الخبير الاستراتيجي العربي اللبناني ناصر قنديل أن اليمن “راكم خبرة استثنائية خلال العامين الماضيين على المستوى العسكري عبر مئات العمليات بالصواريخ والطائرات المسيّرة، الأمر الذي مكنه من إتقان قراءة مسارات الرادارات ومنظومات الاعتراض، وتحديد نقاط الضعف الأكثر قابلية للاختراق”. حسب قنديل.
الكيان عجز مستدام
العجز المستدام عن تحقيق أي هدف استراتيجي من العدوان على اليمن يتعزز أكثر، ليكشف عن عجز تام للعدو عندما لا يكون بمقدوره رد الهجمات اليمنية، إذ يصل السلاح اليمني إلى هدفه بدقة، متجاوزًا طبقات الحماية المتعددة وصولًا إلى الهدف المحدد. ليرسخ ذلك، مستوى تأثير القوة والاقتدار التي بلغها اليمن في التكتيك وتطوير أسلحته الهجومية، كما يعرّي كذب قادة العدو وهُم يروجون لنجاحهم في استهداف أهداف عسكرية في اليمن.
تؤكد صحيفة “كالكاليست” الصهيونية أن التهديد اليمني ما زال قائمًا بشكل “حرفي ومباشر”. بينما توضح صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية أن الطائرات المسيّرة اليمنية نجحت في رفع مستوى التحدي للكيان، ونشر حالة من الذعر والارتباك في أوساط المستوطنين.
وفق ما صار وكشفت عنه مواجهة عامين من التقلبات والتبدلات في المواجهة التي تعددت أطرافها ضد اليمن، صار من الطبيعي أن يواري الأمريكي نفسه، ويتحاشى الظهور بأي دور في العدوان، وإن كانت بصماته واضحة في مساعدة الكيان، إلا أن حرصه على التواري يكشف عن قناعته بأن الظهور العلني مع العدو في تنفيذ الهجمات يعني الغرق معه في الفشل، خصوصًا وأن واشنطن قد عاشت تجربة مذلة على أيدي القوات اليمنية خلال تنفيذها العدوان على المحافظات الحرة إسنادًا لكيان العدو، ثم انسحبت للحفاظ على ما تبقى لها من هيبة. واشنطن أيضًا عايشت فشل التحالفات البحرية التي كانت هي من دفعت لتشكيلها للقيام بدور حماية للكيان. وعلى ذلك تفضّل أمريكا أن تبقى بعيدة عن المواجهة المباشرة في انتظار ما يمكن أن تسفر عنه عمليات الهمجي الـ”نتنياهو” ووزير الحرب الصهيوني “كاتس”، إنما وبحسب “كالكاليست”، فإن “فشل المحاولات الأمريكية السابقة في ردع اليمنيين يزيد من صعوبة الموقف الإسرائيلي، ويجعل “الحكومة” في “تل أبيب” أمام معضلة حقيقية في كيفية التعامل مع هذا التحدي المستمر.”
عمليات عدوانية بلا استراتيجية
مع استمرار العمليات اليمنية وبتحولات مستمرة في التكتيك والأسلحة المستخدمة، تزداد قناعة المراقبين والمؤسسات البحثية أن الحملات العسكرية التي تم تنفيذها ضد اليمن لم يكن لها أي تأثير لجهة ردع اليمن عن عملياته الإسنادية لغزة، ووقف هجماته على الكيان، وتعطيله لحركته الملاحية والجوية.
وتشير المنصات الإعلامية -على اختلافها- أنه حتى مع استهداف رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، والذي احتفى به الكيان واعتبره نصرًا، لم يحقق له ذلك أي تأثير، إذ جاءت عمليات القوات المسلحة بعدها أشد قوة. ويؤكد مركز “سوفان” الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخبارات أن الغارة الجوية التي استهدفت رئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي ورفاقه في 28 أغسطس لم تُمثل “نقطة تحول حاسمة في الحرب”، مشيرًا إلى أنها لم تؤثر على القدرة العسكرية لليمنيين، بما في ذلك وحدات الصواريخ والطائرات المُسيّرة.
موقع أنصارالله