مجلة «ذا كرادل» الأمريكية : مع غزة كبوصلة لها .. اليمن تعيد كتابة قواعد الحرب البحرية

تحت عنوان (مع غزة كبوصلة لها.. اليمن يعيد صياغة قواعد الحرب البحرية) نشرت مجلة «ذا كرادل»  الأمريكية المختصة في الشؤون الجيوسياسية في الـــ 31 من يوليو المنصرم ، تقريراً تحليلياً أشارت فيه إلى «أن صنعاء من خلال استهدافها المستمر للشحن البحري المرتبط بإسرائيل، كشفت عن عجز القوة البحرية الغربية وحافظت على حصار فعلي على أحد أكثر الممرات المائية استراتيجية في العالم».

وأوضح التقرير أن «التوترات في البحر الأحمر وخارجه اشتعلت بعد إعلان القوات المسلحة اليمنية المرحلة الرابعة من الحصار البحري على «إسرائيل» وتوسيع عمليات استهداف السفن التجارية المرتبطة بشركات تعمل مع الموانئ الفلسطينية المحتلة»، مؤكداً بأن «الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها تل أبيب في غزة، تسببت في تأجيج عدم الاستقرار في جميع أنحاء غرب آسيا».
وأشار إلى أن «الجيش اليمني أغرق سفينتين تجاريتين في وقت سابق من شهر تموز/ يوليو، مما أظهر ليس فقط قدراته على التحمل ولكن أيضًا فشل الضربات التي قادتها الولايات المتحدة في الحد من حملته البحرية».
وأضاف «المرحلة الرابعة جاءت بعد أسابيع قليلة من إغراق ناقلتي بضائع سائبة تحملان العلم الليبيري، مملوكتين لليونان، وهما ماجيك سيز وإتيرنيتي سي».. لافتاً إلى أنه «وعلى عكس السردية الغربية التي تصف العمليات اليمنية المساندة لغزة، بالعدوان العشوائي، أكدت البيانات البحرية الصادرة عن شركة لويدز ليست أن السفينتين المستهدفتين كانتا ترسوان بشكل روتيني في الموانئ الإسرائيلية على مدى العام الماضي».
وفي السياق أفاد التقرير أن «جميع الحقائق تشير إلى أن الحملة البحرية التي تقودها صنعاء نجحت في فرض حصار فعلي على حركة الملاحة المرتبطة بإسرائيل».
مزاعم ترامب وتحدي التفوق البحري
وقال تقرير تقرير مجلة «ذا كرادل» الأمريكية، إنه بينما ادّعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيار/ مايو الماضي أن «الحوثيين سئموا القتال وأوقفوا عملياتهم واستسلموا»، ردّت صنعاء سريعًا على هذه التصريحات، مؤكدة أن لا تفاوض حصل مع واشنطن، وأن الهدنة الجزئية التي أوقفت الهجمات على السفن الأمريكية لا تشمل السفن المتعاملة مع «إسرائيل» ولا تعني وقف العمليات المساندة لغزة.
وأضاف التقرير «واستؤنفت الحملة البحرية لحكومة صنعاء بعد ذلك بوقت قصير، بهجمات جديدة استهدفت سفنًا مرتبطة بإسرائيل، مما قوّض محاولة ترامب إعلان النصر».
وأشار إلى أنه «رغم وجود خمس قواعد عسكرية أجنبية رئيسية في جيبوتي -تشمل قوات أمريكية وفرنسية ويابانية وصينية وإيطالية- واصلت قوات صنعاء ضرب السفن التجارية بدقة، مما يطرح تساؤلات محرجة حول فاعلية القوات البحرية الغربية وحلفائها».

 ونقلت مجلة «ذا كرادل»، عن  «كولين بي. كلارك – Colin P. Clarke »  الباحث البارز في مركز صوفان الأمريكي، القول إن «اليمن من بين القوى الأكثر فعالية داخل محور المقاومة ولا تظهر أي علامة على التراجع».

وأضاف «من بين جميع أعضاء المحور، يُعدّ الحوثيون من بين الأقوى، ولديهم الكثير ليُثبتوه. ولا يظهرون أي نية للتراجع، ولا أتوقع أنهم سيوقفون حملتهم العسكرية قريباً».

ويتفق معه المحلل المقيم في واشنطن والمتخصص في شؤون اليمن والأمن البحري «نيكولاس برومفيلد – NickJBrumfield» . حيث صرّح لـ«ذا كرادل» بأن الحملة اليمنية لم تتراجع إلى حد كبير رغم مرور ما يقرب من عامين على الغارات الجوية الأمريكية و«الإسرائيلية».
وقال «منذ أوائل تموز/ يوليو، اقتصرت الهجمات اليمنية على المناطق نفسها في البحر الأحمر التي استُهدفت سابقاً، لذا لايزال من غير الواضح ما إذا كان هناك توسع في نطاق عملياتهم. أما ادعاءات ترامب بأن الحوثيين استسلموا فقد اعتبرها معظم الباحثين المعنيين باليمن مجرد كلام فارغ».
قوة مستقلة
المجلة الأمريكية وفي ذات التقرير أفادت أنه «غالبًا ما تُصوّر الروايات الغربية أنصار الله على أنهم مجرد وكلاء لإيران. ومع ذلك، لا توجد أدلة تُذكر على أن طهران هي من وجّهت هذه الهجمات البحرية».
وقال الباحث الأمريكي «برومفيلد» في تصريحه للمجلة إنه «لا يوجد ما يشير إلى السيطرة الإيرانية على عمليات أنصار الله»، فيما أكد المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بن عمر باستمرار على استقلالية صنعاء في اتخاذ القرار، مشيرا إلى أن «لديهم أجنداتهم وآليات صنع القرار الخاصة بهم».
فلسطين البوصلة
يرى التقرير الأمريكي أن «توقيت العمليات اليمنية يشير إلى ارتباط واضح بتطورات غزة. ويلاحظ الباحث «برومفيلد» أن صنعاء التزمت الصمت خلال الحرب الأخيرة بين إيران و»إسرائيل»، مع استمرار العمليات اليمنية ضد كيان الاحتلال، لافتاً إلى أن صنعاء صعدت عملياتها أكثر بعد ورود تقارير عن تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر.
وقال «عندما سُمِح بوقف إطلاق النار في غزة، أوقف الحوثيون هجماتهم البحرية تمامًا. ولعلّ التقارير الأخيرة عن تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة ساهمت في قرار الجماعة إعادة تصعيد هذا الملف».
وأفادت المجلة أنه «ورغم أن بعض المحللين يرون أن الخطاب المؤيد لفلسطين يخدم تعزيز شرعية أنصار الله داخلياً، إلا أن جمال بن عُمر يصرّ على أن هذا الموقف من فلسطين ليس مجرد مناورة سياسية، بل نابع من عقيدة متجذّرة. ففلسطين جزء أساسي من أيديولوجيتهم».
وخلص تقرير مجلة «ذا كرادل» إلى القول بأنه «قد لا يكون «الحوثيون» مسيطرين على البحار، لكنهم بلا شك غيّروا وأعادوا تعريف قواعد الاشتباك البحرية».
وفي ظل هذا المشهد، يبدو أن صنعاء لا تسعى إلى السيطرة الكاملة على البحر، بل إلى جعله ميدانًا محفوفًا بالمخاطر لأي طرف يرتبط «بإسرائيل» ما لم توقف الأخيرة حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، وهو ما يراه محللون نجاحًا في فرض ما يُعرف بـ»الحرمان البحري»، دون الحاجة لامتلاك أساطيل متقدمة.
قد يعجبك ايضا