أحمد الرازحي يكتب عن : الرئيس الصماد من ميلاد المجلس السياسي الأعلى الى الإستشهاد( 1 )

 

مواقفٌ من حياته عشتها لحظة بلحظة شاهدتها تمرُ مرور السحاب أمام ناظري وكأني أشاهد فيلماً تفنن كاتب السيناريوا في حبكته ، مشاهدٌ مُعمدةٌ بأحداث مهولة دماء الشهداء ومآسي تُصبُ على رؤوس اليمنيين منذُ بدأت شرارة العدوان .
سأذكر تاريخ مرحلة تجسدت في رجل وحال شعب ومحاولة النهوض من بين أكوام الرماد. 
ففي يوم الخميس 28 يوليو 2016م كان ميلاد المجلس السياسي الأعلى والذي ظهر فيه الرئيس الصماد كأحد طرفي موقعي الاتفاق السياسي بين المؤتمر وأنصار الله وحلفائهم وشركائهم .
وفي صباح السبت 30/7/2016 أجتمع الرئيس صالح الصماد مع اعضاء الثورية العليا ، وافتتح رئيس اللجنة الثورية العليا الاجتماع مرحباً بالأخ صالح الصماد وقال لدى اعضاء الثورية العليا بعض الاستفسارات حول الاتفاق السياسي ونريد أن نستمع اليك أولاً ، تكلم الأخ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي حول الانطلاقة الاولى للاتفاق السياسي مع المؤتمر الشعبي العام موضحاً أسباب محدودية موضوع الاتفاق في اربعة اشخاص والذي بداء في البداية بشخصين وتكلم عن مراحل التفاهمات السياسية التي لم تفضي الى حل والى افق مسدود بحيث قال الصماد اثناء حديثه مع أعضاء الثورية العليا أن السعودية قالت : لن تدخل في أي مباحثات إلا بعد الانسحاب من الحدود وتسليم المناطق التي تم السيطرة عليها في نجران وجيزان وعسير, وكذلك التوقيع على الاتفاق الذي ينص على تسليم السلاح وتشكيل لجان في المنطقة (أ) صنعاء, تعز, الحديدة.
وايضاً الأمم المتحدة ومن خلال ما دار في مباحثات الكويت قد لخصت النقاط الرئيسية من كل الأطراف وتهدف لصياغة مبادرة للتوقيع عليها وتبنيها وهي من جزئين .
الجزء الأول: تنقسم إلى عدة نقاط(تثبيت اطلاق النار, والانسحاب من المنطقة (أ) وتسليم السلاح..الخ, تشكيل لجان محايدة لحماية السفارات والمؤسسات, ولجان مشتركة للمنطقة أ)
الجزء الثاني: تشكيل حكومة وتوافق على الرئاسة.
ما يعني أن الوفد وصل أمام اتفاق مطبوخ جاهز إلا أنه تم رفض ذلك لأن الأولى البدء بتشكيل الحكومة والتوافق على الرئاسة قبل الحديث عن الانسحاب وما إلى ذلك, وقال ولد الشيخ أن على الوفد أن يوقع على الجزء الاول وإلا فإنه سيصرح بأن الوفد الوطني معرقل للحوار.
ولذلك كان هناك ضرورة لصنع الاتفاق الذي تم مع اخواننا في المؤتمر الشعبي العام بحيث أن الحوار لم يصل إلى نتيجة وأن السعودية وأمريكا تريدان صياغة اتفاق نوقع عليه وهو الاستسلام ولم يرضوا بكل التنازلات التي قدمها الوفد الوطني, فكان ما قررنا لا يمكن الانسحاب من الحدود ما دام العدوان والحصار والغارات مستمرة على الشعب اليمني وأنه إذا كان الناس سيقدمون التنازلات فالأفضل أن يقدموها للداخل ويصنعوا مصالحة وطنية واتفاقية يتم من خلال تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان الخارجي المتغطرس.
وقال الصماد أن الاتفاق كان ضروري وعاجل وهو خطوة أولية لتشيكل إطار عام وأن الناس لم يناقشوا التفاصيل، وقال أن الاتفاق قد راعى أقل المحاذير الممكنة, وأن الاتفاق سيفوت على العدوان زعزعة الجبهة الداخلية, ويكفي استياء دول العدوان ومن يقف في فلكهم من الاتفاق ويعتبر استيائهم ايجابية, أما الشارع اليمني فأبدى ارتياحه من هذه الخطوة .
كان هذا جُل ما تحدث به رئيس المجلس السياسي الأعلى إن لم تخونني الذاكرة وكنت انظر الى وجوه اعضاء الثورية العليا اثناء حديث الرئيس الصماد وكأن علامات الاستفهام تتساقط تلو الاخرى كما تتساقط أوراق الشجر في فصل الخريف ، لقد كان طرحاً مفيدا وملخصاً ومقنعاً وكأنه أعد عدته استعداداً للقاء وكان حريصاً على التوضيح الى حد كشف الغموض لدى كل المستمعين من اعضاء وطاقم عمل … بعد ذلك جاءت لحظة صمت لم نشهدها من قبل في اجتماعات الثورية العليا ثم فُتح باب النقاش وكان اعضاء الثورية العليا يسألون والرئيس الصماد يجيب ويُبدد ما يلتبس عليهم وطمأنهم ويشكرهم على حرصهم .
انتهى اللقاء مع رئيس المجلس السياسي الاعلى ، وغادر الرئيس صالح الصماد من القصر الجمهوري.
وفي 14 من اغسطس قام الرئيس صالح الصماد بأداء اليمين الدستوري تحت قبة البرلمان فيما استمرت الثورية العليا في أعمالها الى تسليم السلطة في 15 من أغسطس وقد دونتُ مرحلة الثورية العليا في كتاب خاص سيخرج للنور ان شاء الله في الوقت المناسب .
وفي عصر يوم 14 اغسطس تم التواصل معنا من قبل مراسيم الرئاسة وأشعرونا بأن غداً الخامس عشر من أغسطس مراسم استلام السلطة من الثورية العليا الى المجلس السياسي الأعلى وأنه لابد أن نحضر ، وتم ابلاغ طاقم العمل جميعاً وحضرنا كبقية الضيوف إلا أن مراسيم الرئاسة كانوا قد أعدوا لنا مكانا في الصفوف الأولى حسب البروتوكول المتعارف عليه في تعاليم المراسيم الرئاسية.
وشهد القصر الجمهوري ذلك اليوم فعالية استلام المجلس السياسي الأعلى برئاسة الرئيس صالح الصماد السلطة من رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي في حضور عدد من كبار المسؤولين في الدولة ، وفي الفعالية التي حضرها عدد من كبار المسؤولين من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ألقى الرئيس الصماد خطاباً اشاد فيه بالدور العظيم الذي قام به رئيس اللجنة الثورية وأعضاء اللجان الثورية في المحافظة على بقاء مؤسسات الدولة وإدارة شؤون البلاد خلال الفترة الماضية…. بعد ذلك صعد الرئيس الصماد والنائب لبوزة الى المنصة لاستلام العلم الجمهوري من رئيس الثورية ، انتهت الفعالية وبقي الجميع لتناول وجبة الغداء. 
أما نحن فكان لا يروق لنا الأكل في القصر وعزمنا على المغادرة بعد انتهاء الفعالية وعندما وصلنا عند البوابة الجنوبية للقصر الجمهوري مغادرين القصر الجمهوري تلقيتُ اتصال من الرئيس صالح الصماد بأنه في انتظاري في فلة 7.
وللحديث بقية إن شاء الله … ولقد ذهبت الأيام وما عاد ينفع الملام ، وأستشهد الرئيس الصماد وأكفهر وجه الحياة من حولنا ورزينا بأعظم رزية في غياب مثال السماحة والشجاعة والصدق والطيبة والأخلاق الحميدة .

قد يعجبك ايضا