أكبر تحوّل ميداني في اليمن منذ أشهر: جبهة نهم كاملةً بيد «أنصار الله»

تقرير /رشيد الحداد

منذ أسبوع، تتحفّظ قيادة صنعاء عن إعلان مجريات الأحداث في جبهات نهم المشتعلة. صمتٌ ربما يكون من صنف الهدوء الذي يسبق عاصفة إعلامية شبيهة بالتي أثارتها عملية «نصر من الله» على الحدود مع السعودية في آب/ أغسطس الماضي بعد الكشف عنها. راهنت القوات الموالية لـ«التحالف» على إمكانية أن تكون فترة طويلة من الهدوء قد تسبّبت بارتخاء الجيش واللجان في نهم، وأن برد الشتاء سيحول دون وجود مقاومة فاعلة، لكنها سرعان ما تفاجأت بشراسة المقاومة التي ووجهت بها، وبانقلاب المشهد كلّياً لغير صالحها، ما دفع بها إلى بدء العمل على تهيئة الأجواء للنجاحات التي ستعلنها «أنصار الله» في مقبل الأيام. وهو تحديداً ما شرع به حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون) الذي حاول الانفراد بالهجوم بعد الضربة الصاروخية التي استهدفت «معسكر الاستقبال» في مأرب السبت الماضي، وأدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من المقاتلين الجنوبيين.

مصادر في حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، أفادت بأنه مع فجر السبت الماضي، تَقدّمت القوات الموالية لها، مسنودة بميليشيات «الإصلاح»، في اتجاه مواقع قوات صنعاء في جبل البياض، وسيطرت على أجزاء واسعة من الجبل. أعقب ذلك، فجر الأحد، بدءُ الجيش واللجان هجوماً واسعاً على جبال يام، تمكّنا في خلاله من إسقاط تلك السلسلة بالكامل في غضون ساعات، بعدما استغلّا نقص قوات هادي في ميمنة الجبهة لتنفيذ التفاف عسكري من جبال يام نحو منطقة واغرة في مديرية مجزر لقطع أيّ خطّ إمداد قادم من الجوف. ووفقاً للمصادر، فقد شنّت قوات صنعاء هجوماً آخر انطلق من جبال يام التي تطلّ على مفرق الجوف وتمنح مَن يسيطر عليها السيطرة النارية على مناطق واسعة في نهم، إلى جنوب مديرية مجزر للسيطرة على الخط العام بين مفرق الجوف والصفراء. ومع وصول تعزيزات عسكرية للجيش واللجان الإثنين، شنّا هجوماً ثالثاً من جبل صلب على خطّ الإمداد الرئيس في منطقة الخانق، وصولاً إلى منطقة جفينة الجدعان، حيث سيطرا على قرية آل رقيب. وأضافت المصادر أن قوات صنعاء شنّت أيضاً هجوماً من محور رابع، تمكّنت على إثره من السيطرة على فرضة نهم بالكامل، وقطع خطّها من الوسط، لتوقع قوات هادي و«الإصلاح» المتمركزة في مفرق الجوف – مأرب – صنعاء في الحصار، بعد قطع خطوط إمدادها من الشمال (خط الجوف)، ومن الغرب (خط صنعاء). في الوقت نفسه، هاجم الجيش واللجان القوات المناوئة لهما في محور هيلان، وتمكّنا بعد معارك عنيفة من السيطرة على الكسارة، وقطع طريق الإمداد الرئيس بين مدينة مأرب ومفرق الجوف. وهو ما اعترفت به وسائل إعلام «الإصلاح»، التي أكدت سيطرة قوات صنعاء على أعلى جبال المنار الاستراتيجية في فرضة نهم. كلّها إنجازات لم تتناولها «أنصار الله»، علناً، حتى الآن، إلا أن المتوقع بحسب مصادر عسكرية أن يعلنها المتحدث باسم الجيش واللجان، العميد يحيى سريع، في التوقيت الذي تراه قيادة صنعاء مناسباً.

سرعان ما بدأت الاتهامات المتبادلة بالخذلان بين القوى الموالية لـ«التحالف»

النتائج العكسية لتصعيد القوات الموالية لهادي وميليشيات «الإصلاح» في جبهة نهم دفعت «قوات النجدة» في مدينة مأرب إلى شنّ حملة اعتقالات طاولت العشرات من العسكريين في المدينة بسبب رفضهم المشاركة في القتال، مُوجّهة إليهم تهمة التخابر مع «أنصار الله»، فيما وجّه عدد من ناشطي «الإصلاح» اتهامات غير مباشرة إلى «التحالف» بالخذلان، متحدّثين عن استهدافه قواتهم في نهم بغارات جوية. بالتوازي مع ذلك، نجا رئيس أركان قوات هادي، المحسوب على «الإصلاح»، اللواء عبدالله سالم النخعي، والذي حاول رفع معنويات قواته بتصريحات زعم فيها تحقيق تقدّم كبير في نهم وفي جبال الجراشب بين مأرب والجوف، من موت محقّق مساء الأربعاء، جرّاء تعرّض موكبه في مفرق الجوف في محافظة مأرب لهجوم بصواريخ وقذائق «أر بي جي». ووفقاً لمصادر ميدانية، فإن النخعي، الذي كان متّجهاً نحو جبهة نهم، اضطرّ للعودة إلى مأرب، بعد أن أدرك أن قواته فقدت السيطرة على مفرق الجوف، وأن خط مأرب – مفرق الجوف – صنعاء أصبح تحت سيطرة الجيش واللجان. وفي اليوم نفسه، أفادت مصادر عسكرية في مأرب بمقتل قائد «اللواء 203» في قوات هادي، العميد زيد الشومي، خلال معارك نهم، لكن مصادر أخرى قالت إن الشومي قُتل بقصف لطيران «التحالف» أثناء قيادته محاولة لاستعادة مواقع استراتيجية في ميسرة الجبهة.

مصادر قبلية في مديرية نهم أكدت تغيّر المعادلة العسكرية لصالح قوات صنعاء، موضحة أن الأخيرة تمكّنت من السيطرة الكاملة على فرضة نهم ومفرق الجوف، وتقدّمت في مناطق واسعة في نهم في الساعات الأولى من صباح الجمعة، بعد مواجهات عنيفة استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة، مشيرة إلى أن المعارك لا تزال مستمرة في عدد من الجبهات. وفي حين وصفت مصادر في حكومة هادي ما حدث بـ«نكسة نهم»، بدأ حزب «الإصلاح» الترويج عبر ناشطيه لكون تلك «النكسة» ردّاً سعودياً – إماراتياً على دعم قطر عودة آلاف من الموالين للحزب من جبهات الحدّ الجنوبي للمملكة خلال الربع الأخير من العام الماضي، وفتح معسكرات خاصة لهم في تعز ومحافظات أخرى، وذلك عقب نكسة معركة كتاف شرقي صعدة.

 

قد يعجبك ايضا