أهداف وتداعيات الجولة الجديدة من العقوبات الأمريكية على النفط الإيراني

 

أعلن وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” يوم الاثنين الماضي بأن واشنطن لن تمدّد خلال الفترة المقبلة الإعفاءات المؤقتة للمشترين الرئيسيين للنفط الإيراني، وستقوم بفرض عقوبات اقتصادية صارمة ضد المشترين الذين لن يلتزموا بهذه القرارات الأمريكية.

وفي المقابل، أدانت إيران فرض عقوبات غير قانونية عليها وقالت بأن هذه القرارات الأمريكية المستفزّة سيكون لها العديد من العواقب السلبية وفي هذا السياق، قام موقع الوقت التحليلي الإخباري بإجراء لقاء صحفي مع “محمد علي صادقي” الخبير الاقتصادي في مجال النفط والطاقة، ومع “حسن هاني زادة” الخبير في القضايا الدولية، لتسليط الضوء أكثر على هذه القضية ومناقشة تداعياتها المستقبلية على المنطقة والعالم أجمع.

الوقت: بالنظر إلى حقيقة أن دولاً مثل السعودية والإمارات أعلنتا استعدادهما لزيادة مستويات إنتاجهما من النفط لتأمين العجز في الأسواق العالمية، فهل تعتقد بأن واشنطن ستتمكن من تحقيق هدفها المتمثّل في خفض صادرات النفط الإيرانية في المستقبل إلى الصفر؟.

محمد علي صادقي: إن هذا الأمر غير ممكن الحدوث لعدة أسباب أبرزها أن النفط يعتبر سلعة استراتيجية، ولذا فإن إيران ستتمكن من العثور على الكثير من المشترين المحتاجين لهذه السلعة المهمة وعلى سبيل المثال، كانت تعتبر أمريكا أكبر مشترٍ ومستهلك للنفط الفنزويلي وعندما قامت واشنطن بفرض عقوبات على فنزويلا، تعيّن عليها استبداله بمصادر أخرى لتلبية احتياجاته النفطية، إن إيران تمتلك العديد من الخيارات والتي من أبرزها القيام ببيع النفط بقيمة تنافسية رخيصة وذلك لأن تكلفة إنتاج النفط في إيران تبلغ 5 دولارات للبرميل الواحد وهذه القيمة أقل بكثير مما هو عليه في الكثير من البلدان المنتجة للنفط، ففي بحر الشمال تبلغ تكلفة إنتاج النفط الخام 17 دولاراً وهذا الرقم في روسيا يصل إلى 30 دولاراً، وفي أمريكا يصل إلى 70 دولاراً للبرميل الواحد.

والقضية الأخرى التي سوف تعوق هذا المخطط الأمريكي أن الدول التي قامت خلال الفترة الماضية بشراء النفط الإيراني لن تتمكن من استبدال هذه السلّة النفطية ببساطة، وذلك لأنها لو قرّرت التوقّف عن شراء النفط الإيراني، والذهاب إلى بائعين آخرين، فإنها ستحتاج إلى تغيير هيكلها الاقتصادي وستضطر إلى إنفاق الكثير من الأموال وهذا الأمر سيتسبّب لها في حدوث الكثير من المشكلات الاقتصادية.

الوقت: كيف سيؤثر عدم تمديد واشنطن للإعفاءات النفطية لمشتري النفط الإيرانيين على سعر النفط العالمي؟

محمد علي صادقي: بالتأكيد سوف يكون له تأثير كبير، ففي وقتنا الحالي، يبلغ متوسط سعر برميل نفط أوبك 72 دولاراً، وهذه القيمة تتأثر دائماً بعوامل مختلفة مثل توازن العرض والطلب، والظروف الموسمية، والانكماشات الاقتصادية في الدول المستهلكة، وغيره. ولكن إذا أرادت حكومة أمريكا المضي قدماً في قرارها هذا، فمن المؤكد أن الأسعار سترتفع بشكل جنوني في العالم نتيجة للضربة الأمريكية الخبيثة التي وجهتها لصادرات النفط الإيراني.

الوقت: وضعت أمريكا في الأسبوع الماضي، فيلق الحرس الثوري الإيراني في قائمة الجماعات الإرهابية والآن تحاول وضع العديد من العراقيل أمام صادرات النفط الإيرانية، من وجهة نظركم ما هي الأهداف الأمريكية التي تسعى لتحقيقها من جولة الضغط الجديدة على إيران؟

هاني زاده: في الواقع، يحاول قادة البيت الأبيض تكثيف الضغط على إيران لأن السياسات والأهداف الأمريكية فشلت في سوريا والعراق، إن سياسة أمريكا تتبع نهجاً عدوانياً وتستخدم فيه أدوات إقليمية مثل السعودية والكيان الصهيوني لخلق تغييرات في المجالات السياسية والجغرافية للمنطقة بما يصبّ في مصلحتها ومصلحة الصهاينة، ومع ذلك، فإن وجود إيران النشط في المنطقة، وخاصة في سوريا والعراق، حال دون وصول واشنطن إلى أهدافها.

الآن الحكومة الأمريكية تعيش أسوأ وضع ممكن لها في المنطقة وعليها أن تدفع الكثير من الأموال لتغيير هذا الوضع لتحقيق أهدافها.

إن الانسحاب الأحادي الجانب الذي قام به الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، والذي كان انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، كان الهدف منه خلق بيئة جديدة للبدء بفرض عقوبات دولية ضد طهران على الرغم من عدم انحياز معظم الدول للسياسات المتهورة للحكومة الأمريكية.

لقد استعانت واشنطن خلال الفترة الماضية بقوتها ونفوذها من أجل إرغام الجهات الفاعلة العالمية على القبول والموافقة على سياساتها الغادرة ضد إيران وأجبرتها على عدم التعامل مع طهران.

وهنا تجدر بنا الإشارة إلى أن هذه السياسة ستفشل في النهاية على المدى الطويل، لأن إيران لديها العديد من الوسائل والآليات والخيارات للتعامل مع هذه العقوبات الأمريكية وتجاوزها.

الوقت: كيف تتوقعون ردّ فعل مشتري النفط الإيرانيين؟

هاني زاده: إن الصين غالباً ما لعبت دوراً صغيراً في الشؤون الدولية والصراعات، وذلك لأنها تحاول العمل مع واشنطن لمواصلة نموّها الاقتصادي لعدة عقود وتعتبر سياسات بكين جزءاً لا يتجزأ من الأولويات الاقتصادية لأمريكا، وبالنظر إلى الحجم الكبير لتبادلاتها الاقتصادية مع واشنطن، فمن غير المتوقع أن يعارض الصينيون الحظر الذي فرضته واشنطن على النفط الإيراني.

ومع ذلك، هناك دول أخرى مثل الهند وكوريا الجنوبية وتركيا تحتاج إلى النفط الإيراني، ولهذا فإنها سوف تقوم بإيجاد طرق للتحايل على التهديدات الأمريكية وستستمر في تبادلاتها الاقتصادية مع إيران وستستمر في شراء النفط الإيراني.

الوقت: ما هي أهم خطط إيران المستقبلية للتعامل مع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها؟

هاني زاده: لدى إيران العديد من الآليات لمواجهة العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب وهنا يمكننا القول بأن طهران يمكنها التعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي في مجالات الطاقة النووية ويمكنها التعاون مع دول المنطقة مثل العراق وتركيا وباكستان والهند وافغانستان وحتى روسيا التي تعتبر شريكاً مهماً للغاية لإيران في مجالي الطاقة والتجارة.

لذلك وبالنظر إلى أن إيران قد قامت بتجهيز وتحضير العديد من الطرق المختلفة لمواجهة هذه العقوبات، فإن واشنطن لن تكون قادرة على تركيع طهران بفرضها قيوداً جديدة على مجال النفط الإيراني.

الوقت

قد يعجبك ايضا