إنذارٌ مبكرٌ للانتقال إلى مرحلة الوجع الكبير.. هجماتٌ واسعةٌ على مطار أبها

 

عاود الطيرانُ المسيَّرُ استهدافَ مطار أبها الدولي، مفتتحاً مرحلةً جديدةً من التصعيد باتّجاه العمق السعودي بعد توقف دام لأشهر.

ويحملُ الاستهدافُ العديدَ من الدلالات، حيث جاء بعد مرور أكثر من نصف شهر على تصريحات أدلى بها وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي هدّد فيها بالانتقال إلى مرحلة الوجع الكبير إذَا لم يتوقف العدوان ويرفع الحصار على بلادنا.

وَإذَا ما تعلّق الأمر “بسبتمبر” فَإنَّه يعني لدول العدوان المزيد من الألم والمعاناة، ففي العام الماضي لا يزال النظام السعودي يتذكر حجمَ المأساة التي لحقت باقتصاده جراءَ الضربة الشهيرة لقواتنا المسلحة في “بقيق وخريص” في الرابع عشر من شهر سبتمبر 2019، والتي استبقها طلعاتٌ جويةٌ متكرّرة استهدفت مطار أبها، ما يجعل هذه العمليات الجديدة مؤشر على بداية الانتقال إلى مرحلة الوجع الكبير.

وأعلن المتحدث باسم القوات المسلحة بصنعاء العميد الركن يحيى سريع، أمس الأول، عن استهداف سلاح الجو المسيَّر مجدّدًا مطار أبها الدولي بعدد من طائرات صماد 3 المسيرة.

وقال سريع إن الإصابة كانت دقيقة بفضل الله تعالى.

ويأتي هذا الاستهداف في إطار الرد الطبيعي على التصعيد المتواصل لقوى العدوان وحصارهم المستمر للشعب اليمني العظيم بحسب سريع الذي أكّـد كذلك أن العمليات ستستمر إذَا طال العدوان والحصار.

وكان الطيران المسيَّر قد استهدف الأحد مطار أبها، مستهدفاً أماكن حساسة.

ويقول المحلل والخبير العسكري العميد الركن عابد الثور: إن قصف مطار أبها يأتي في إطار الرد المشروع للقوات المسلحة اليمنية مع استمرار العدوان السعودي الإماراتي على اليمن واستخدام هذا المطار للأعمال العسكرية بدرجة عالية جِـدًّا، مُشيراً إلى أن القصف للمطار خلال يومين متتاليين يؤكّـد على أن القوات المسلحة بصنعاء ستمضي قدماً في تدمير مقدرات النظام السعودي وخَاصَّة المطارات الجوية والأسلحة الاستراتيجية.

ويضيف العميد الثور في تصريح لوكالة “يونيوز” للأخبار، أن غاراتِ طيران العدوان خلالَ الفترة الأخيرة كانت كثيفةً واستهدفت المدنيين، وبالتالي فَإنَّ قصف مطار أبها يأتي في إطار الرد المشروع، مؤكّـداً أن الغارات أصابت هدفها بدقة عالية وأخرجت المطار عن الخدمة لعدة ساعات، مُشيراً إلى أن الغاراتِ الأخيرةَ على اليمن كانت من مطار أبها والمطارات في جنوب المملكة وأن استهدافَها هو بهَدفِ ردعها عن قصف المحافظات اليمنية.

 

رسائلُ تحذيرية

ويتفقُ الخبيرُ والمحلل العسكري العقيد مجيب شمسان مع ما يطرحه العميد الثور من أن استهدافَ مطار أبها بعدد من الطائرات المسيَّرة يأتي في إطار حق الرد المشروع على جرائم العدوان.

ويشير العقيد شمسان في تصريح لصحيفة “المسيرة” إلى أن هذه العمليات التي تم تنفيذها بطائرات صماد 3 والتي أصابت أهدافها بدقة هي رسائلُ تحذيرية، قد تأخذ مساراً تصاعدياً تتسع معه دائرة الأهداف ومستوى حساسيتها الاقتصادية والعسكرية داخل جغرافيا دول العدوان، مُشيراً إلى أن قوى العدوان إذَا لم تستوعب مضامينَ هذه الرسائل التحذيرية فسوف تكون هناك عملياتُ توازن ردع كبرى خامسة وسادسة ستدخل العدوَّ في مرحلة الوجع الكبير والتي قد تكون نتائجُها كارثيةً على دول العدوان.

ويواصل العقيد شمسان قائلاً: لذلك ينبغي على دول العدوان أن تأخذ هذه الرسائلَ التحذيرية بجدية، لا سِـيَّـما بعد عملية توازن الردع الرابعة التي لم تكن كسابقاتها من عمليات الردع، سواء في طبيعة الأهداف التي تم ضربها أَو طريقة الاستهداف والتي اتسمت بالتزامن والشمولية وأخذها مساراً زمنياً استمر من ساعات الليل الأولى حتى ساعات الفجر.

ويرى العقيد شمسان أن هذا المسار الزمني المتواصل الذي اتسمت به عمليةُ توازن الردع الرابعة كان له رسائلُ بالغة الأهميّة تعكسُ طبيعة القدرة والإمْكَانية التي وصلت إليها القوات المسلحة اليمنية”، منبهاً النظام السعودي بقوله: “لذلك نقول للنظام السعودي إن الأحداث والرسائلَ التحذيرية تأتي في ضوء العمليات السابقة وأن يتنبأ بما يمكنُ أن تؤولَ إليه الأمور إذَا ما قرّرت القواتُ المسلحةُ اليمنية تنفيذ عملية توازن ردع خامسة طالما إذَا ما استمر العدوانُ في جرائمه بحق الشعب اليمني واستمر الحصار”.

 

هشاشة دفاع العدو

من جهته، يؤكّـد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد عبد الغني الزبيدي أن استهدافَ مطار أبها كشف ضعف القدرات الدفاعية للعدو ووضعه بين خيار وقف العدوان والحصار الذي سيحفظ له ما بقي من منشآته العسكرية والحيوية أَو خيار الاستمرار في حرب لا يدرك نهاياتها ونتائجها، وبات اليمن من يمسك خيوطها ويتحكم بها في ميدان المواجهة، مُشيراً إلى أن استهدافَ مطار أبها بسلاح الطيران المسيَّر خلال هذه المرحلة من تحرير ما تبقى من محافظة مأرب يعد رسالة لقوى العدوان مفادها “احموا مطاراتكم ومنشآتكم العسكرية والحيوية إن كنتم قادرين للدفاع عنها، واتركوا الشعب اليمني والقبائل اليمنية الحرة يحلون مشكلاتهم وخلافاتهم ويرسمون مستقبل أجيالهم الصاعدة”.

ويشير الخبير العسكري الزبيدي أن استهداف مطار أبها بعد التوقف لعدة أشهر رسالة استراتيجية تشغل العدوّ بنفسه وتكشف وهنه وضعفه وضعف الدفاعات الجوية الأمريكية التي استطاع السلاح اليمني المتطور تحييدها والتغلب عليها في المعركة البرية والجوية، لافتاً إلى أن هذا التطور في سلاح الجو المسيَّر والصواريخ البالستية ضرب معنويات قيادات جيوش الأنظمة المعتمدة على شراء السلاح الأمريكي في مختلف الدول المرتهنة للإدارة الأمريكية والتي تقف السعودية والكيان الصهيوني على رأسها، كما ضرب معنويات ونفسيات مرتزِقة العدوان في بقية المحافظات اليمنية المحتلّة.

ويؤكّـد العميد الزبيدي أن عودة استهداف المنشآت الحيوية في العمق السعودي هي بداية لتدشين مرحلة الوجع الكبير الذي صرح به وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر العاطفي وهو في معسكر الخنجر بمحافظة الجوف بعد تحريره من مرتزِقة العدوان الأمريكي السعودي، موضحًا أن قصف مطارات السعودية في الوقت الذي يدحر مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة مرتزِقتها في مختلف الجبهات، عرّى الإدارة الأمريكية وقدراتها الدفاعية أمام العالم، وكشفَ مصيرَ الأنظمة المعتمدة على الحماية الأمريكية، وأثبت للجميع أن اليمن بات شعباً يمتلك كُـلّ مقومات القوة الكفيلة بتحريره من دنس الغزاة والمحتلّين، وأن الشعب اليمني يسعى لتحقيق الاستقلال وحفظ سيادته الوطنية، ولن يعود بمقدور أية قوة على هذه الأرض إخضاعه والوصاية عليه والتدخل في شؤونه.

ويبين المحلل العسكري الزبيدي، أن القدرات الهجومية اليمنية اليوم وضعت دول العدوان أمام خيار التوقف عن العدوان والحصار أَو الاستمرار في حرب يمسك الجيش اليمني واللجان الشعبيّة والقوة الصاروخية بكامل خيوطها على ميدان المواجهة العسكرية، ومن يحدّدون نتائجها.

بدوره، يؤيد الخبير والمحلل العسكري خالد غراب كُـلّ ما سبق من أن استهداف مطار أبها يأتي في إطار الرد المشروع والطبيعي وأن القوة الصاروخية والطيران المسيَّر سيستمر في استهداف الأماكن الحساسة داخل العمق السعودي حتى يقف العدوان.

ويوضح غراب في اتصال هاتفي لقناة المسيرة أن الدفاعات الجوية للنظام السعودي عجزت عن التصدي للطائرات المسيرة وأن الطائرات المسيرة اليمنية اخترقت كافة الدفاعات الجوية وحقّقت أهدافها، الأمر الذي جعل المطار يخرج عن العمل لعدة ساعات.

ويشير العميد غراب إلى أن قيادة القوات المسلحة اختارت مطار أبها؛ كون الطائرات الحربية تنطلق منه لاستهداف المدنيين اليمنيين، موضحًا أنها ستستمر في قصف الأهداف الحساسة لقوى العدوان إلى أن تتوقفَ دولُ العدوان من استهداف المدنيين وتوقفَ عدوانها على البلد.

ويعتقد المحلل غراب أن استهداف مطار أبها هو رسالة سياسية وعسكرية لقيادة العدوان وأنه ينبغي على قوى العدوان استيعابها؛ كون المراحل القادمة أشد إيلاماً وأكثر تضرراً على العدوّ.

كما يؤكّـد أن القواتِ المسلحة تعمل باستمرار لتطوير مهاراتها القتالية.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا