اكتمالُ الطوق الهجومي على آخر معاقل العدو..تحرير مديريتي الجوبة وجبل مراد

اكتمل الطَّوْقُ الناري المفروضُ حول العدوّ في مدينة مأرب، بعد تمكُّنِ قوات الجيش واللجان الشعبيّة من تحرير مديريتي “الجوبة”، و”جبل مراد” بالكامل، لتتجه معركةُ المحافظة نحو الفصل الأخير الذي يتوج إنجازًا تاريخيًّا بامتداد ثلاث محافظات، تتجلى فيه بوضوح ملامحُ الهزيمة المدوية لتحالف العدوان ورعاته الدوليين، والانتصار المستحق والحتمي للجيش واللجان الشعبيّة، وللسلطة الوطنية وأحرار الشعب اليمني.

“ربيعُ النصر” الثاني

السيطرةُ على مديريتي “الجوبة” و”جبل مراد” جاءت ضمن عملية واسعة أعلنت عنها القوات المسلحة، الأربعاء، كمرحلة ثانية من عملية “ربيع النصر”.

وعلمت صحيفةُ “المسيرة” أن التحَرُّكَ شمل مسارَين رئيسيين، أحدُهما قَبَلي والآخر عسكري وأمني، حَيثُ جرى التواصُلُ والتنسيق مع أبناء ووجهاء المديريتين الذين تعاونوا مع أبطال الجيش واللجان الشعبيّة لتطهير مناطقهم من عصابات مرتزِقة العدوان والتنظيمات التكفيرية.

وقال الشيخ حسين حازب -وزير التعليم العالي بحكومة الإنقاذ، وأحد وجهاء المحافظة الذين عملوا على التواصل والتنسيق مع أبناء مديرية جبل مراد طيلة الفترة الماضية-: إن المديرية “أصبحت جمهورية كعاداتها من الستينيات”، في إشارة إلى طرد مرتزِقة النظام السعوديّ منها، وَأَضَـافَ أن: “أبناءها المغرر بهم وبعد أن خذلتهم قياداتُهم، حافظوا عليها”، مؤكّـداً التنسيقَ مع قوات الجيش واللجان لطرد المرتزِقة والتكفيريين وتأمين المديرية وتجنيبها دمارَ الحرب.

وبارك رئيسُ الوفد الوطني وناطق “أنصار الله”، محمد عبد السلام، هذا التحَرُّكَ المشرِّفَ، وكتب صباحَ ذلك اليوم: “نحيي رجالاتِ مأرب الشرفاء ونؤكّـد أن اليمن يتسع لجميع أبنائه تحت ظل السيادة الوطنية، وأن مشكلة البلاد هي مع تحالف العدوان وقواته المحتلّة وحصاره الإجرامي لا غير، وهو ما يجب مواجهته والتصدي له حتى تحرير كُـلّ شبر محتلّ”.

وأكّـدت مصادرُ للمسيرة أن السلطة الوطنية باشرت فورًا، تأمين المديرية واستعادة الاستقرار فيها بالتعاون مع أبنائها.

ويُمَثِّلُ تأمينُ مديرية “جبل مراد” دليلا إضافياً على الالتفاف الشعبي والقبلي الواسع في مأرب حول جهود القيادة الثورية والسياسية الوطنية لتجنيبِ المحافظة ويلات الحرب، وهو ما يجدِّدُ التأكيدَ على العزلة المتزايدة التي يعيشها المرتزِقة والاحتلال داخل المحافظة.

أما في مديرية الجوبة التي تُعتبَرُ البوابة الجنوبية لمدينة مأرب، فكان مرتزِقة العدوان والتنظيمات التكفيرية قد تمترسوا في العديد من المناطق وقطعوا طريق المسافرين، لكن قوات الجيش واللجان الشعبيّة مسنودةً بقبائل وأحرار المديرية، خاضت معهم مواجهات عنيفة كبدتهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وتمكّنت قواتُ الجيش واللجان وأبناء القبائل من كسر جميع خطوط دفاع العدوّ في المديرية، ومن ضمنها معسكرات كبيرة ومهمة كان يتمركز فيها المرتزِقة والتكفيريين، ومرتفعات جبلية استراتيجية، لم تغن وعورة تضاريسها عن العدوّ شيئاً.

وكان لقبائل ووجهاء “الجوبة” دورٌ كبير في طرد المرتزِقة والتكفيريين من مناطق المديرية، بما في ذلك مدينة “الجديدة” مركزها، في دليل آخر يثبت الالتفاف الشعبي الكبير حول قوات الجيش واللجان الشعبيّة في المحافظة.

وقال العميد يحيى سريع: إن القوات المسلحة ستكشف عن بقية تفاصيل ومشاهد العملية خلال الأيّام القادمة.

انتهاءُ مسلسل طويل من اختطاف المسافرين

وينهي تحرير “الجوبة” مسلسل طويل من الانتهاكات والاعتداءات الإجرامية على المسافرين والمدنيين، فعلى الطريق الرئيسي الذي يمر عبر المديرية نصبت قواتُ مرتزِقة حزب “الإصلاح”، والتكفيريين العديدَ من “النقاط” لاختطاف المواطنين بناء على الهُــوِيَّة واللقب، وزجت بالمئات منهم في سجونها بمدينة مأرب، حَيثُ ما زال أكثرهم يتعرضون للتعذيب والاعتداءات، ويستشهد بعضهم نتيجة قسوة المعاملة.

واختطفت قوات مرتزِقة “الإصلاح” خلال السنوات الماضية عدداً كَبيراً من المسافرين أثناء مرورهم في الطريق الرئيسي المار بمديرية “الجوبة” وخُصُوصاً عند نقطة “الفلج” التي اشتهرت كمصيدة مرعبة للمواطنين لكثر ما شهدته من انتهاكات واختطافات و”بلطجة” من قبل المرتزِقة.

تحريرُ مدينة مأرب: مسألة وقت

وبالسيطرة على “الجوبة” و”جبل مراد”، اكتمل الطوق الهجومي المفروض على العدوّ في مدينة مأرب من ثلاثة اتّجاهات، وانتقلت المعركة إلى فصلها الأخير، حَيثُ لم يتبق للمرتزِقة إلا خط دفاع واحد هو سلسلة المرتفعات المطلة على المدينة (جبال البلق، الطلعة الحمراء، حمة المصارية).

وفي هذا السياق، دعت القوات المسلحة “المخدوعين في مدينة مأرب إلى التوقف فورًا عن الأعمال القتالية واستغلال الفرصةِ الممنوحة لهم والتي لن تستمرَّ طويلاً كمقدمةٍ لمعالجةِ أوضاعهم”.

كما أكّـدت لكل المواطنين والأهالي في المدينة “أنها ستعملُ على تأمينِهم وتأمينِ ممتلكاتِهم ضمنَ واجباتِها ومسؤولياتِها خلالَ المرحلةِ القادمة”.

وكان وزير الدفاع، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، أكّـد الأسبوع الماضي في مقابلة مع جريدة “الأخبار اللبنانية” أن “تحرير مدينة مأرب مسألة وقت”، وأضاف: “ستسمعون في القريب العاجل بإذن الله أخباراً تسر شعبنا وكل أحرار الأُمَّــة في استعادة مأرب إلى حضن الوطن”.

وردًّا على سؤال الجريدة حول احتمالية استهداف قوى العدوان لمنشآت النفط في مأرب، أكّـد وزير الدفاع أن: “هناك أسلحة استراتيجية رادعة كفيلة بردع أي عدوان مباشر أَو غير مباشر يستهدف تلك المنشآت”.

تتويجُ الإنجاز الأكبر: ما بعد مأرب

ويمثل تحرير “الجوبة” و”جبل مراد” تتويجًا لانتصارات متلاحقة امتدت من محافظة البيضاء إلى محافظة شبوة، إلى مأرب، حَيثُ ترتبط الانتصارات في المحافظات الثلاث ببعضها بشكل مدهش يكشف حجم تطور تكتيكات وإمْكَانات قوات الجيش واللجان في إدارة معركة التحرّر الشامل وتثبيت معادلة استعادة كافة أراضي البلد التي أعلنها قائد الثورة.

كما يؤكّـد هذا التقدم وبشكل قاطع على سقوط كافة حيل وألاعيب تحالف العدوان ورعاته الدوليين، وفشل “ضغوطاتهم” التي عولت عليها الرياض كَثيراً طيلة الفترة الماضية، حَيثُ أصبح جليًّا أن صنعاءَ وحدَها تنفردُ برسم وفرض معادلات الميدان وجني مكاسبها، سواء على المستوى العسكري القتالي، أَو على مستوى الالتفاف والتأييد الشعبي.

وفيما تتجه الأنظار اليوم صوب “مدينة مأرب” مترقبة تحريرها وعودتها إلى حضن الوطن، فَـإنَّ ملامحَ “ما بعد مأرب” تبرز بشكل تدريجي على المشهد، كاشفةً عن هزيمة مدوية لتحالف العدوان تتمثل في خسارة آخر المعاقل الرئيسية لحكومة المرتزِقة، وعودة ثروات المحافظة إلى خزينة الدولة الأمر الذي سيساهم بشكل كبير في الحد من آثار الحصار الظالم المفروض على البلد، إضافة إلى توجيه ضربة تاريخية للتنظيمات التكفيرية التي كان جزء كبير من مشروع تدمير واحتلال البلد يرتبط بها.

وإلى جانب ذلك، فَـإنَّ خارطةَ “ما بعد مأرب” تكشفُ عن أرضيةٍ ثابتةٍ وواسعةٍ للانطلاق بجهود أكثر تطوراً وكثافةً وزحماً لتنفيذ معادلة “استعادة بقية أراضي البلد”، فبعد تحرير البيضاء وتأمين ثلاث مديريات في شبوة، سيشكل اكتمال السيطرة على مأرب نهاية مدوية لآمال العدوان في زعزعة استقرار المناطق الحرة، وبداية مرحلة عسكرية واسعة النطاق عنوانُها “التحريرُ الشامل”.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا