الأعراب : بين الأمس واليوم …بقلم / أبو مرتضى العجري

 

الاعراب : جنس ينتمون الى فصيل البشرية سوى ان واقعهم { لهم قلوب لايفقهون بها ـ ولهم اعين لايبصرون بها ـ ولهم آذان لا يسمعون بها } تعبير عن قصورهم في فهم الاشياء من حولهم بمعنى انهم اقرب شبها بالانعام يقطنون بادية نجد وما حولها من المناطق ، اجلاف بطبعهم جبلوا على المخالفة و العصيان نتيجة داء خبيث اصاب قلوبهم هو ( مرض القلوب ) كان من تبعاته ان جعلوا من قيم الدين (الاسلام) وسيلة لاشباع رغباتهم ونزواتهم الذاتية وموقعهم القديم الحديث من التسلط والهيمنة.

من صفاتهم ان عدائهم التاريخي لا يتجاوز حدود الجغرافيا والانتماء العقدي وابناء الجلدة الواحدة.

ففي القرآن الكريم انهم وان ادعوا دين الاسلام دينا ، الا ان موقعهم من هذا الادعاء محكوم عليه بالخيانة والتلون وفق نصوص القرآن فهم ضمن آياته :

ــ اشد كفرا ونفاقا
ــ اكثر جهلا بل اجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله
ــ ان فيهم من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر .
ــ أنهم مردوا على النفاق حتى صار خلقا .
ــ انهم من تخلفوا عن رسول الله ورغبوا بأنفسهم عن نفسه .
ــ اتخذوا اليهود والنصارى اولياء من دون المؤمنين .
ــ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.
ــ فكان ان عاشوا حياتهم { يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله انى يؤفكون }

قبل 1438 سنة هجرية شرفهم الله برسالة خاتم الأنبياء محمد (ص) بها ختم الله الرسالات وبها من الله
عليهم تكريما وفضلا وكمالا.

سوى ان الطابع الاعرابي كان ولا يزال هو المتحكم في تفاصيل نواياهم كأعراب ، اذ لم يراوح تفكيرهم عن هذا المشروع الالهي بداية سوى انه جاء ليقصي نفوذهم، ويحد من كبريائهم ومقامهم، فكانت مواجهته المسلحة خيارهم متمثلة في حروب ( بدر ـ واحد ـ والاحزاب ـ و حنين ـ و..و.. وغيرها ) وفي عام الفتح من السنة العاشرة هجرية، شائت اقدار الاعراب( الطلقاء ) ان يدخلوا الاسلام ، ليس عن دافع القناعة والفضل وانما لسببين :
الاول : هربا من سيف محمد ـ ص ـ الذي اصبح واقع المتغيرات { ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه }
والثاني : ان مشروعهم السياسي والتسلطي لا يمكن استعادته الا بمصاحبة عامل الزمان والمكان والقناعات، لهذا كان من اللازم الدخول فيما دخل فيه الناس كضرورة لنجاح مؤامرتهم ، فمنه يستطيعون تحديد موقعهم التسلطي ، وكانت المرحلة هذه مرحلة التمهيد والتأسيس .
ولهذا لم يكن نصيبهم من هذا الانتماء والشرف في ظل رايت الاسلام باكثر من نطق ( الشهادتين ) ، لاحبا فيها ولا ايمانا بمضامينها بل لتحقيق مايظنون انها سلبتهم اياه منهحية الرسالة وتكاملها ، والتي لا تنسجم بحد مع نزواتهم .

ومن باب الضرورات تعايشوا مع الرسالة وعاشوا اجوائها لكن بنفسيات الاعراب، الذين خاطبهم الله { قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم } ، فالطابع العدائي من الاسلام لازال هو المسيطر على قرارهم السياسي وثقافاتهم وتفكيرهم في التعاطي مع المجريات ، والذي فرضته التحولات ومنها الاسلام في الوصول الى اهدافهم من الحكم والهيمنة .

وبدلا من توضيف قيم الدين كنعمة الهية وكمال ديني ووجود فقد اختاروا طريق الممارسات والتحركات المشبوهة يومها، مستفيدين من سماحة رسول الله ـ ص ـ و نظرا لسقوطهم الروحي والنفسي ، فقد كان موقعهم من تلك الاجواء هو لاستغلال الظروف واستثمارها وصولا الى النتائج فيما بعد رحيل رسول الله ـ ص ـ دون معارضة ، او تنكر البعض من نفوذهم كدخيل على اخلاقيات الاسلام، وذلك من خلال ماكانوا قد عملوا على تأهيله من عوامل تمكنهم من العودة الى غاياتهم واهدافهم من التسلط والحكم والهيمنة .

وايمانا منهم بالذات الشيطانية الكامنة في اعماقهم، فقد جعلوا من الاسلام ستارا لتمرير مؤامراتهم، فلم يكونوا في البيئة المحمدية بأكثر من عامل هدم، وسموم تنفثها في جوهر ذلك الجسد الذي هو في الاصل قائم على استبعادهم عن الطهر الاجتماعي ، المتمثل في رسالة الخلاص من الطاغوت واشياعه، باعتبارهم شر لا ينسجموا بحال مع قيم هذه الرسالة.

وقد تجسدت هذه النوايا في دورهم من اختلاق عامل الشقاق، وزرع فتيل الفتنة ، وخلق الوهن والفتور في الوسط الاجتماعي عن الالتزام والاستقامة ، و التقليل من قيمة التوجيهات الالهية حينا ، والتحريض على العصيان حينا ، وسلب روحية احترام شخص رسول الله ـ ص ـ في الوسط الاجتماعي حينا أخر .
اوصلتهم يوما الى اتهام رسول الله بعدم العدل في توزيع الصدقات لكن ان يعطوا منها رضوا وتلاشت تلك التهم ، ويوما الى الامعان في اذية رسول الله بل والقول عنه بانه ( هو أذن ) اي سماع لاقوال الناس بعيدا عن الحقيقة ، وصولا الى محاولة التخلص من شخص رسول الله ـ ص ـ وتصفيته جسديا وذلك اثناء صعوده ببغلته عبر طرق عقبة تبوك ذات الممرات الضيقة والمنحدرات الشديدة بان أتفق البعض على تنفير بغلته لترميه عن ظهرها عبر تلك المنحدرات الشاهقة التي من المستحيل ان يقدر له السلامة ، وفضح الله مشروعهم وكشف عن نواياهم ونجاه الله سبحانه .
والمثير هنا انهم يرون وكأن شخص رسول الله حيا قد ابطأ عنهم امام تنفيذ مشروعهم فكان الحل في تصفيته والخلاص منه .

لكن اين موقف اعراب اليوم من اعراب الامس ؟ وهل للتحولات أثرها في العودة بالاعراب الى ابجديات تاريخهم ؟ ام انها النفسيات جبلت على مرض القلوب فتوارثته جيلا بعد جيل حتى صار طبع ؟
ام انها السنة الالهية في حال قوم جعلوا من ماضيهم الآثم تاريخا وامجادا حتى صاروا يتوارثونه كمعتقد ؟ أم انها لعنات السماء تطاردهم عبر تاريخهم الاسود لما اقترفوه من آثام ليتلى فيهم( الاعراب اشد كفرا ونفاقا واجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله ) .
فهم بلغة القرآن الكريم اشد كفرا ونفاقا. .
لكن لماذا اشد ؟
لانهم الجنس الاكثر خطرا من بين الامم و الذي كان يخافه رسول الله ة ـ ص ـ اكثر على امته كونه الذي يتحدث بلغة القوم وان كان بصورة مغايرة عن قيم الرسالة .

وما عليه حال الاعراب اليوم ليس سوى نسخة عن الامس القريب وتاريخ يتجدد وان اختلف زمانه فعناوينه والتفاصيل باقية تروي الماضي.
وكما افرز الماضي بتحولاته الشجرة الخبيثة بني أمية ووقف على رأس هرم السلطة طواغيت أمثال معاوية ويزيد ومروان وهشام والوليد فليس آل سعود وآل ثاني وآل خليفة وبقية اعراب الخليج سوى امتداد لتلك الشجرة .
لتظل القواسم المشتركة بين الماضي والحاضر قائمة تحكي اوجه الشبه بين زمن معاوية وزمن آل سعود مثل :

ــ التحالفات العسكرية السياسية مع اليهود والنصارى كمصدر قوة .
ــ تنفيذ مشاريع الغرب الاستعمارية في تدجين المسلمين ثقافيا
و احتلال اوطانهم عسكريا ، ونهب ثرواتهم .
ــ تجييش الجماعات التكفيرية من (سلف صالح ـ السنة والجماعة ـ تنظيم القاعدة ـ داعش ـ الاخوان المسلمين) كقوة ضاربة لتمرير مشاريع الغرب .
والتهمة هي : قديما التشيع ـ العلوية ـ مخالفة السنة والجماعة ـ الخروج على ولي أمر المسلمين.

وحديثا الهلال الشيعي ـ المد الايراني ـ الرافضة ـ التمرد على الشرعية.
وفي كل الاحوال يتوزع ـ في هذا الكون ـ اطراف الصراع ( السياسي ـ العسكري ) طرفان ليس أكثر:
الاول : المعسكر الغربي الاعرابي (الخليجي) كحلف يتشارك المهام العسكرية وبيده القوة والتفوق العسكري .
والثاني : المعسكرالشيعي ويتضمن كل الشيعة في العالم ( الروافض ) يقاوم ويقاتل ويرفض السياسات العدوانية للمعسكر الاول ، بيده اخلاقيات البذل والعطاء وروحية الاباء والتضحية .

قد يعجبك ايضا