الاستاذ/ رشيد الحداد في حوار مع صحيفة الحقيقة.. على المواطنين والتجار والصرافين تجنب التعامل بالعملة المطبوعة حتى لا يقعوا ضحايا لإجراءات أمنية

طباعة العملة دون غطاء تعد جريمة اقتصادية جسيمة تقوض الاستقرار المعيشي والاقتصادي في البلد

مرتزقة العدوان استخدموا فئة الـ 100 ريال المطبوعة ذريعة لإنزال كميات كبيرة من الفئات المطبوعة من فئات ” 1000 ـ 500 ـ 200 ريال “

منذ نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن تخلى الفرع عن حماية الريال اليمني والدفاع عنه في السوق المحلي امام العملات الأخرى

على المواطنين والتجار والصرافين تجنب التعامل بالعملة المطبوعة حتى لا يقعوا ضحايا لإجراءات أمنية

      

حاوره ـ جميل مسفر الحاج

حرب اقتصادية تستهدف الشعب اليمني، تعمل عليها قوى العدوان عبر مرتزقتها في حكومة الفنادق، وذلك بإغراق السوق بالعملة الغير قانونية التي تم طباعتها دون غطاء وتأمين من العملات الأجنبية أو الذهب، والتي ستسبب في اضعاف سعر الريال اليمني وارتفاع أسعار السلع لتزيد من معاناة المواطنين، وعن هذا الموضوع ولوضع النقاط على الحروف، أجرينا حوارا مع الأستاذ/ رشيد الحداد المتخصص في الشأن الاقتصادي، ليوضح للقراء الكرام من المتسبب في معاناة الشعب الاقتصادية ، وغيرها من المواضيع ذات الصلة.. وفي البداية نرحب بالأستاذ/ رشيد الحداد.. ولننتقل إلى محاور اللقاء.

 

* ماهي الأضرار التي نتجت عن نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن.. وتنصُّل حكومة الارتزاق عن دفع المرتبات؟

أولا أحيي صحيفتكم الغراء , واوكد أن البنك المركزي بجهازه الفني والإداري وبنيته التحتية كبنك البنوك لايزال في العاصمة صنعاء وقرار نقل وظائف البنك من صنعاء إلى عدن أواخر سبتمبر 2016م ، كان الهدف الأساسي منه ليس إنقاذ الاقتصاد كما ادّعى العدوان ومرتزقته ، وصرف رواتب موظفي الدولة كما برر الفار هادي امام الأمم المتحدة ، بل تنفيذاً لخطة أمريكية  لوح بها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري مطلع أغسطس من العام نفسه خلال اجتماع اللجنة الرباعية الدولية في جدة ، وتم تنفيذها بإشراف السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر الذي هدد الوفد الوطني أواخر مشاورات الكويت الثانية بتشديد الحصار وإماتة الشعب اليمني جوعا وتدمير العملة الوطنية .

وكما كانت حسابات العدوان خاطئة عسكرياً كانت خاطئة اقتصادياً، فبعد قرار نقل وظائف البنك إلى عدن وتعطيل البنك في صنعاء ، اعتبر المرتزقة القرار عسكريا اكثر منه اقتصاديا وسارعوا في إيقاف رواتب 850 الف موظف في المحافظات الشمالية بهدف تعطيل كافة مؤسسات الدولة ولكن استمرت مؤسسات الدولة في تقديم خدماتها ولم تتوقف  ، كما لهم اكثر من هدف إجرامي الأول إحداث انهيار اقتصادي متسارع من خلال ضرب العملة ، والآخر افتعال ازمة مدفوعات وايصال البلد إلى مرحلة العجز الكامل عن استيراد الغذاء والدواء والوقود خصوصا في ظل التراجع الحاد لاحتياطات البنك الخارجية من العملات الصعبة ، لذلك كان أول قرار لما يسمى محافظ البنك المعين من قبل الفار هادي بعد نقل وظائف البنك المركزي بيع العملات الصعبة من فرع البنك في عدن بسعر السوق السوداء بينما كان الريال اليمني مثبت بسعر 250 ريال في صنعاء ، ولكن استمرت الواردات واستطاعت صنعاء ان تفتح قنوات أخرى للتواصل مع البنوك الدولية وتغطي الواردات الأساسية التي تصل اكثر من 5 مليار دولار في العام الواحد كحد ادنى ، فلجأ العدوان إلى طباعة العملة بكميات كبيرة دون غطاء .

ونتيجة لذلك ارتفعت معدلات الفقر من 49% إلى 85% وتصاعدت معدلات البطالة إلى 65%، وتراجعت القيمة الشرائية للريال اليمني حتى اليوم بأكثر من 140% عما كانت عليه في سبتمبر 2016م، وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية إلى مستويات تفوق الـ 100% عما قبل العدوان، مما أدى إلى ارتفاع معاناة ملايين اليمنيين.

 

 * ماهي الأضرار التي نتجت عن طباعة العملة المحلية في المرحلة السابقة، على قيمة الريال اليمني وعلى المواطنين؟

طباعة العملة دون غطاء تعد جريمة اقتصادية جسيمة تقوض ما تبقى من استقرار معيشي واقتصادي في البلد وتتسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية وتراجع سعر صرف العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم التي ارتفعت العام المنصرم بنسبة 55% وفق البنك الدولي، ورغم تلك المخاطر لاحظنا إصرار من قبل مرتزقة العدوان على طباعة المزيد من العملات دون اكتراث لمضاعفاتها ، والسبب ان فرع البنك المركزي في عدن وماتسمى بحكومة هادي فشلت في استعادة قرابة 80% من إيرادات اليمن كان يحصل عليها البنك في صنعاء من عائدات مبيعات النفط والغاز والإيرادات الحكومية الأخرى من تلك المحافظات الخارجة عن سيطرة الجيش واللجان الشعبية ، فتلجأ تلك الحكومة إلى سد العجز والفشل الذريع بطباعة المزيد من العملة وتحميل الشعب اليمني ثمن فشلها في فرض وجودها في المحافظات المحتلة التي تدعي إنها تحت سيطرتها  .

 

* قبل أسابيع قليلة وصلت شحنة جديدة من العملة المطبوعة إلى ميناء عدن بطلب وتمويل من قوى العدوان وحكومة الارتزاق، ما حجم العملة المطبوعة؟

نعم ,, ما تم طباعته من العملة المطبوعة دون غطاء أي ما يوازيها من العملات الصعبة او من الذهب أو يكون هناك نمو اقتصادي متسارع أدى إلى ارتفاع الطلب على العملة المحلية في السوق على سبيل المثال ” في عهد الرئيس الحمدي ارتفعت معدلات النمو الاقتصادي السنوي إلى 10% وكان هناك طلب كبير على الريال اليمني الذي كان يساوي 4,5 ريال للدولار الواحد ، ونظراً لذلك طلب محمد السياغي ثاني محافظ للبنك المركزي في صنعاء طباعة كتلة جديدة من فئة الـ 100 ريال لكي يلبي الطلب على العملة في السوق ” لكن اليوم هناك حكومة عاجزة وفاقدة للقرار وموالية للعدوان ولاشرعية لها على الأرض ، قامت بطباعة تريليون و900 مليار ريال دون غطاء خلال ثلاث سنوات ، فما تم طباعته يساوي الكتلة المالية من الريال اليمني التي طبعت على مدى 50 عام ، وهذه جريمة بحق الاقتصاد وبحق الشعب وبحق مستقبل اليمن.

ورغم ذلك لم تتوقف تلك الحكومة الفاشلة وبنكها الذي تحول إلى رأس حربة للحرب الاقتصادية خلال الأيام الماضية ، فقد تفاجأنا بإعلان فرع البنك في عدن عن إنزال فئة الـ 100 ريال مبرراً ذلك بانعدامها من السوق ومبرراً بان البنك أوصل العملة إلى حالة الاستقرار ، بينما سعر الريال اليمني يتراجع بصورة يومية بفعل المضاربات التي تدار من عدن باستمرار ، ولكن ليس الهدف انزال الـ 100 ريال الجديدة بل الكم الهائل من تلك العملة المطبوعة التي تصل إلى 200 مليار ريال وفق المصادر ، بالإضافة إلى ان فرع البنك في عدن أكد رغبته خلال مشاورات عمان الأخيرة التي جرت برعاية الأمم المتحدة بإنزال كميات كبيرة من الكتلة المالية المحجوزة في البنك بعدن وقدرها 500 مليار ريال وهي عملة مطبوعة ، لذلك مرتزقة العدوان استخدموا فئة الـ 100 ريال المطبوعة ذريعة لإنزال كميات كبيرة من الفئات المطبوعة من فئات ” 1000 ـ 500 ـ 200 ريال ” ، ولكي لا يدفع كل اليمنيين الثمن غالياً وينزلقون إلى حافة المجاعة فمن يمتلك السوق الاستهلاكي الكبير الواقع في المحافظات الشمالية يستطيع الحد من مخاطرها بمنعها من التداول كإجراء لوقف التدهور الإنساني في البلد .

 

* هناك إجراءات لحكومة الإنقاذ تجاه من يتعامل ويتداول بالعملات الجديدة؟ ماهي نلك الإجراءات؟ وهل ستكون مجدية؟

حكومة الإنقاذ الوطني وجهت أواخر مارس من العام 2018، المؤسسات المالية والمصرفية والمواطنين تحذيرا من تداول العملة فئة الألف ريال الجديدة التي طبعت دون غطاء تجنباً لآثارها السلبية على الاقتصاد وعلى الوضع المعيشي والإنساني ، واستمرت في اتخاذ تلك الإجراءات التي مرت بمرحلة النصح والتحذير والتوعية وفي يونيو من العام نفسة وجهت وزارة الصناعة والتجارة التجار بعدم التداول بالعملة المطبوعة من فئتي الـ 1000 ريال ـ 500 ريال ، كما اعادت نفس الإجراءات على نطاق واسع في ابريل من العام الجاري ووجهت بمنع التداول بمختلف الفئات المالية المطبوعة ، ووزع قطاع التجارة الداخلية بالوزارة تعاميم تحذيرية من التعامل بتلك العملة على كل المحلات التجارية في قطاعي الجملة والتجزئة ، بموازاة تشديد البنك المركزي دورة الرقابي على المصارف والبنوك وشركات الصرافة .

تلك الإجراءات حدت من انتشار العملة الجديدة في السوق فقط، ويعود السبب إلى أن مرتزقة العدوان اتخذوا من السوق العقارية حاضنه لضخ تلك العملات المطبوعة واقدموا على شراء منازل بمليارات الريالات من العملة المطبوعة بأسعار تفوق قيمتها، كما اتجهوا نحو ضخ تلك العملات التي دخلت عن طريق التهريب في السوق المحلي بعيداً عن القنوات المصرفية وشبكات التحويلات المالية، ولكن يبدو أن تلك الإجراءات اكثر حدة من ذي قبل بعد أن تدخل الجانب الأمني للحد منها .

 

 * تم إلزام محلات الصرافة والبنوك بسعر الصرف؟ ولكن نلاحظ أن السوق السوداء للصرافة موجودة في العاصمة؟ هل هناك أي خطوات تجاه تلك الأسواق؟

مشكلة سعر صرف العملة معقدة حالياً وماتقوم به اللجنة الاقتصادية بالتعاون مع جمعية الصرافين وجمعيه البنوك إجراءات وقائية فقط ، فمنذ نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن اقدم فرع البنك هناك في يوليو من العام 2017م بالتخلي عن حماية الريال اليمني والدفاع عنه في السوق المحلي امام العملات الأخرى ، وبعد أن فشل فشلاً ذريعاً في تفعيل وظائف البنك المنقولة من صنعاء ، أتخذ قرار بتعويم الريال اليمني في السوق المحلي ولذلك أهم معضلة يواجهها الريال اليمني هي سياسة التعويم التي منحت المضاربين وتجار الحروب فرص كبيرة للتلاعب بأسعار العملة والتأثير عليها ، ولذلك فان إجراءات صنعاء تعد رقابية فقط وحدت من المضاربات بالعملة ولكنها لم تستطع أن تحدد سعر صرف الريال بسعر ثابت كما كان عليه الامر قبل قرار نقل البنك وانما تخفف من تداعيات المضاربة حتى لا تنعكس سلباً على حياة الشعب اليمني وهنا تتحمل ما تسمى بحكومة الفار هادي كامل المسؤولية .

 

 * هل ستكون إجراءات حكومة الانقاذ ذات إثر في الحد من الكارثة الاقتصادية التي افتعلتها حكومة الارتزاق؟

في حال استطاعت حكومة الإنقاذ منع تداول كافة العملة المطبوعة فإنها سوف تخفف من تداعيات تلك العملة نسبياً بالفعل ، ولكن ستبقى المشكلة كون الريال اليمني عملة سيادية والعملة موحدة ، والعدو يضح المزيد من العملات في الجنوب ، ولذلك فأن الحل الفعلي والشامل لأزمة العملة المطبوعة او الانقسام المالي بين صنعاء وعدن كان ولايزال وسيبقى بالمبادرات التي قدمها السيد قائد الثورة عبد الملك الحوثي المتعلقة بتحييد الاقتصاد وتحييد البنك المركزي على أن تعود كافة إيرادات البنك إلى نفس القنوات الموحدة للبنك بعد التوافق على إدارة موحدة للبنك تقف على مسافة واحدة من الجميع وتقوم بتغطية واردات البلاد من الغذاء والدواء والوقود بالعملة الصعبة وتصرف رواتب موظفي الدولة وفق كشوفات الموظفين لسبتمبر 2014م .

مبادرة السيد القائد والمبادرات التي جاءت في ذات المضمون والنطاق تمثل حلا هاما وخيارا وحيدا لوقف التداعيات الإنسانية الناتجة عن التدهور المستمر للقيمة الشرائية للريال اليمني المتزامن مع تراجع القدرات الشرائية للمواطنين اليمنيين في ظل تراجع معدلات الدخل وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية.

 

 * هل لديكم أي رؤية أو اقتراح للمواجهة على المستوى الرسمي أو الشعبي؟

على المواطنين والتجار والصرافين تجنب الوقوع في التعامل مع تلك العملة المطبوعة حتى لا يقعوا ضحايا لإجراءات أمنية أو غيرها، فهناك حالات تقع في فخ تلك العملة الممنوعة من قبل الجانب الحكومي وتكون نتائج وقوعها مؤسف هذا جانب، والجانب الآخر التعامل بالعملة المطبوعة يتسبب بتداعيات كبيرة وسلبية على حياة كل اليمنيين وتجنب التعامل بها يساعد على استمرار ما تبقى من استقرار معيشي واقتصادي، واخيراً أتمنى ان يكون هناك فرج قريب في الجانب الاقتصادي حتى يتوقف العبث بالعملة اليمنية ويستقر حال الريال اليمني ليستقر حال الناس .

قد يعجبك ايضا