الحرب النفسية والطابور الخامس .. اشكالها .. وأساليب المواجهة

ظهر هذا المصطلح “الطابور الخامس” لأول مرة في عام 1936 والعبارة مقولة أطلقها الجنرال ”مولا ” حين أراد دخول مدريد عام 1936 فجهّز حينها أربع طوابير من الفرق العسكرية لاقتحامها، فسأله المحيطين به حينها: هل بأربعة طوابير ستحتلّ مدريد؟ فرد على سائليه بمقولته الشهيرة: وهل نسيتم الطابور الخامس؟ الموجود أصلاً في مدريد..! وكان يقصد بذلك مؤيدي الثورة من الأهالي الذين كانت مهمتهم الأساسية إثارة الرعب والفزع والبلبلة وإشاعة الفوضى، وكل ذلك لإسقاط الحكومة وبالفعل تحقق لهم ذلك.

وبعد الحرب العالمية الثانية اتسع مفهوم الطابور الخامس ليشمل مروجي الإشاعات ومنظمي الحروب النفسية، وفي الوقت الحاضر اتسع المفهوم أكثر ليشمل بعض القنوات الإعلامية.

ويعد الطابور الخامس من أهم العناصر التي يعتمد عليها  في الحرب النفسية ، والمحرك والمزود الرئيسي لها ، وهنا سنتعرف على الحرب النفسية وعلاقتها بالطابور الخامس.

يطلقون على الحرب النفسية اسم (حرب تحطيم المعنويات ) و(حرب العصابات) و (حرب غسيل الأدمغة) (وحرب العقول) و(حرب الأفكار) كل هذه أسماء تطلق على أخطر الحروب التي عرفها الإنسان على مدى تاريخه على الأرض وهى (الحرب النفسية)

والحرب النفسية بمدلولها العسكري هي استخدام مخطط من جانب الدولة او مجموعة دول لأساليب علم النفس المختلفة وذلك بالرعاية والاشاعة وغيرهما من الاجراءات الاعلامية المواجهة ضد الشعوب او القوات المعادية حيث تهدف الى ايجاد اتجاهات نفسية جديدة لدى افراده من شأنها خفض روحهم المعنوية وبالتالي تدمير ارادتهم على العمل وخفض قدراتهم على القتال .

تقرير/ جميل مسفر الحاج

 

اشكال الحرب النفسية

تعرف هذه بوسائل العمليات النفسية او الوسائل المتوافرة والمتاحة التي يستخدمها مخططو الحرب النفسية لنشر حملاتهم النفسية لكل من هذه الوسائل مميزاتها ونقاط ضعفها لذا تتطلب دراستها وتحليلها جيدا مع مراقبة لرصد تأثيرها

ـ  الوسائل المرئية المطبوعة ــ المقروءة تعتبر هذه من اقدم الوسائل واكثرها استخداماً خلال مراحل الازمات وتفجر الصراع المسلح ويمكن تغطيتها لمساحات كبيرة جدا.

ـ الوسائل المسموعة .وهي اهم اشكال ووسائل العمليات النفسية لما تمثله من سرعة واتساع ونطاق التعامل مع الاهداف المخاطبة ويفوق اي وسيلة اخرى.

ـ الوسائل السمعية والمرئية .وهي اكثر الوسائل اقناعاً وتأثيراً على عملية تغيير سلوك الهدف كما هي اكثر وسائل العمليات النفسية جاذبية كونها تعتمد على حاسة السمع والبصر .

ـ مواقع التواصل الاجتماعي وهي من الوسائل الحديثة والمؤثرة في الحرب النفسية ، وذلك عير المنشورات على صفحات الفيس بوك وتوتير  والمواقع الالكترونية وغيرها من الصفحات المرتبطة بخدمة الانترنت.

ـ الطابور الخامس ويعتبر العنصر الابرز والمشغل الرئيسي لكل الوسائل السابقة ، ودورة في صناعة الاشاعات والإرجافات داخل المجتمع المستهدف.

ـ الدعاية وهي أحد اسلحة الحرب النفسية الفتاكة ، وتستهدف تحطيم معنويات السكان .

ـ الاشاعة وتنقسم إلى ثلاثة أصناف وهي إشاعة الخوف، وإشاعة الامل، وإشاعة الحقد.

ـ الضغوط الاقتصادية وتمارس بطرق متعددة ومنها الحصار .

 

اهداف الحرب النفسية

ان الهدف الاساسي الذي يرمي اليه العدو هو زعزعة المواطن في عقيدتة ومبادئه ودينه ووطنه وليصور له من خلال المنشورات والدعاية والاشاعة وبرامج الاذاعه والقناة الفضائية ان تمسك المواطن بقادته وعقيدته هو السبب وراء سوء احواله المعيشية وتخلفه الحضاري اضافة الى تحطيم معنوياته , تحاول الحرب النفسية التأثير على نفسية وروح الجندي واحلال روح اليأس والقنوط به , واستخدم العدو اسلوب التخويف والضغط النفسي واحاطة بعض العمليات بدعاية هائلة ليرسم هالة من الاعجاب والتقدير لقواته وان الصراع ضرورة شموله على (حرب الكلمة) الى جانب حرب القوات المسلحة فكثيراً ما كانت الكلمة المقنعة والحجة الدافعة قادرة على الوصول الى اعماق الانسان وجعله يسعى الى التخلف عن القتال والتخلي عن دوافعه .

ان استخدام الحرب النفسية يمكن ان تكون غارات سياسية ونفسية تمهد وتسبق الغارات العسكرية (الارضية . الجوية) وتصاحبها بل وتستمر بعدها وهذا هو دورها الاهم وليعلم المقاتل انه يقاتل في سبيل الحق والوطن وان الله يقف الى جانبه ويساعده ولنمتثل قوله تعالى (( ياايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا )) وليرتفع شعار (ماذا تتوقع ان تسمع او ماذا ترى من العدو) وذكر امين حزب الله حسن نصر الله في يوم عاشوراء (( اليوم وكما نواجه الحرب العسكرية بادوات عسكرية ونواجهها بالامن والاقتصاد وهكذا سنواجه الحرب النفسية بادوات نفسية منسجمة مع قيمنا وضوابطنا الشرعية ومبادئنا )) وقال ايضا (ضرورة منع الحرب النفسية من تحقيق اهدافها) واضاف (يجب علينا ان لا نستسلم بل علينا منع اسرائيل من اقناعنا باننا ضعفاء هذا من جهة ومن جهة اخرى نحن بحاجة لان نخوض حربا نفسية مضادة لارباك العدو واضعافه وايجاد الشك في خياراته وفي جيشه والمطلوب ايضاً العمل على تخويف العدو وارعابه). 

 

كيف نواجه الحرب النفسية :

ـ مكافحه الطابور الخامس . ان الطابور الخامس او المرجفون موجود منذ وجدت الخلقية ، ويعتبر الطابور الخامس سلاحاً فتاكاً في تحطيم كيان الدولة بأضعافها وتفتيتها بالإشاعات والاراجيف لإثارة الفزع بين الجماهير والقوات المسلحة اضافة الى قيامه باعمال التجسس والتخريب والارهاب واثارة النعرات الطائفية والعرقية بين المواطنين وتتم مكافحة هذا الطابور بتحقيق الوحدة الوطنية المتراصة والحد من النشاط الاجنبي داخل الدولة واعداد مناهج واضحة لتنمية روح المواطنة والشعور بالمسؤولية مبيناً نوايا العدو واساليبه في عمليات التخريب .

ـ مواجهة الاشاعات . ان الاشاعة تجد لها اذنا صائغة وتنتشر في الشعب المتخلف الضعيف الاعصاب وتنخر بنيانه الداخلي اما مواجهتها فتتم بكشف الحقائق لان عدم الرد عليها يتيح زيادة انتشارها وكذلك معالجتها باساليب غير مباشرة او لابد من المواجهة الصريحة المكشوفة وتوضيح جوانب الصحة فيها وجوانب الكذب والخداع والدجل في جوانبها الاخرى كما تتم اساليب الاقناع العقلي واستخدام الاسلوب الاعلامي المباشر وفقا لاحكام العقل والمنطق مع الحذر الشديد مع المسائل السرية التي يصعب كشفها مع القاء المحاضرات عن الاشاعة ومخاطرها ووضع اللافتات والصور والعمل على خلق الوعي الثقافي والفكري والسياسي تجاه الاشاعة ومخاطرها واطلاع الشعب على الاحداث والمواقف المختلفة وغرس الروح الوطنية والولاء للوطن . 

ويمكن اختصارها بالاتي :

أولا: مكافحة نشاط الجماعات المعادية في الداخل او ما اصطلح على تسميته بالطابور الخامس.

وينبغي مواجهة الطابور الخامس بشدة وصرامة، واتخاذ التدابير اللازمة لتوقيف نشاطه، بالتنسيق مع فعاليات الحرب النفسية الاخرى وفي مقدمتها الإعلام.

ثانياً: تحقيق الوحدة الوطنية ، وقطع الطريق على محاولات زرع بذور الفرقة.

ثالثاً أتخاذ تدابير كفوءه لمواجهة الإشاعات، ووضع سياسة إعلامية موحدة.

رابعاً: مد جسور الثقة بين السلطة والشعب.

 

 الخلاصة

لقد اثبتت العمليات النفسية منذ فترات سحيقة في التاريخ ولحد الان بانها ذات اهمية كبيره لهزيمة الخصم وان هذه العمليات مستمرة حربا وسلماً ولاتقتصر على طرف دون الآخر .

ومن حق كل دولة ومجتمع ان يبحث ما يمكنه من الغلبة والنصر وايجاد الوسيلة التي يتغلب بها على عدوه بشكل مستمر وحاسم وباقل الخسائر فوجد ان الارادة هي التي تحرك الانسان وتشجعه وتعينه على الصمود وتبعث الهمم والصبر في المعركة فلم يجد الانسان غير العمليات النفسية والتي هي عبارة عن حرب فكرية واعصاب وسرية وباردة …الخ وهدفها النهائي هو نفسية العدو والقضاء على معنوياته .

قد يعجبك ايضا