الشعب اليمني أمل المستضعفين والسند الوفي لفلسطين

يوم القدس العالمي حدث إسلامي كبير ويوم كما سماه الإمام الخميني الذي اقترحه في آخر جمعة من شهر رمضان من كل عام يوما لفلسطين، الإمام الخميني بوعيه الكبير وبصيرته العالية كان يدرك أن من الأهمية إبقاء قضية فلسطين حية في نفوس المسلمين حتى لا يتم تغييبها من قبل الأعداء فكان أن اقترح يوما من أجل فلسطين ولم يكتف بهذا الأمر بل أنشأ جيشاً سماه فيلق القدس وكان كما أكد الشهيد القائد السيد حسين (رضوان الله عليه) جاداً في تحرير فلسطين والمسجد الأقصى ولكن جهوده اصدمت بأنظمة عربية غير مبالية بل تحركت ضد مساعي الإمام الخميني رضوان الله عليه واتجهت الجيوش العربية لإعلان الحرب على الإمام الخميني وثورته الإسلامية الوليدة إرضاء لأمريكا واسرائيل بدلا من مناصرته ودعمه ومع تجييش أمريكا للأنظمة العربية لإعلان حالة العداء مع الثورة الإسلامية الإيرانية وتوجيه كل جهودها الإعلامية نحو ترسيخ أن عدو الامة ليس الكيان الصهيوني وإنما إيران، وكنتيجة طبيعية للقمع والاستبداد والحكم بالحديد والنار واجهت القضية الفلسطينية خطراً وجودياً ومساعي جادة لتصفيتها بشكل نهائي ومع ذلك بقيت الشعوب العربية تحن نحو نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم ومثلما هناك خونة داخل الامة كان هناك أوفياء لقضاياها وفي المقدمة قضية فلسطين ومن أولئك حزب الله في لبنان وكذلك الشعب السوري وفي اليمن وفي العراق وفي مناطق أخرى ولكن الأنظمة العربية كانت تقف حجر عثرة أمام وعي الشعوب تجاه قضايا أمتهم فكان مصير كل تحرك هو القمع والتغييب وفرض حالة الصمت وتكميم الأفواه وتقييد الحركات المناهضة للكيان الغاصب وامتلأت  السجون بالكثير من الأحرار..

الشهيد القائد.. وقضية فلسطين فلسطين

وعلى الرغم أن الشعب اليمني معروف بنخوته ووقوفه إلى جانب قضايا أمته ومساندته للشعب الفلسطيني إلا أنه كنتاج عام لحالة القمع والاستبداد والاقصاء والتهميش للشعب من قبل النظام القائم آنذاك والخضوع للرغبات الامريكية والصهيونية في تغييب قضية فلسطين عن وعي الشعب اليمني وحذف كل ما يمت لها بعلاقة من المناهج في المدارس والجامعات وغيرها وانعكاسا لواقع الضعف والعجز والاضطراب المخيم على الأمة بكلها فقد شهد الاهتمام بالقضية الفلسطينية خفوتاً وكادت إن تتلاشى لولا أن أمتن الله على شعب الإيمان والحكمة برجل المرحلة وحليف القرآن الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي أعاد نفخ الحياة في وجدان الشعب اليمني وأيقظهم من غفلتهم ونهض بهم في مقارعة قوى الاستكبار والطغيان المتمثل في الكيان الصهيوني ومن ورائه أمريكا.. ولقد كانت القضية الفلسطينية هي المحور في خطاباته ومحاضراتـه لدرجة أن ربطها بالمشروع القرآني النهضوي من خلال هتاف الصرخة (الموت لأمريكا ـ الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود ـ النصر للإسلام) وبنى عليها ترسيخ الوعي و إعادة استنهاض الأمة حضارياً، مدركاً طبيعة العدو وأهدافه وطبيعة الصراع معه كعدو لا يمكن التصالح معه لأنه كيان طامـع: (( إسرائيل ليس من الممكن المصالحة معها، ولا السلام معها، ولا وفاق معها، ولا أي مواثيـق أو عهـود تبرم معهـا، إنها دولة يهودية طامعـة، ليس فقط في فلسطين وليس فقط في أن تهيمن على رقعة معينة تتمركز فيهـا، بـل إنهـا تطمح إلى الهيمنة الكاملـة عـلى البلاد الإسلامية في مختلف المجـالات، وتطمـح إلى أن تقيـم لـهـا دولة حقيقية من النيل إلى الفرات)) [يوم القدس العالمي]

وقـد سـار الشهيد القائد (رضوان الله عليـه عـلى نهـج الإمام الخميني (رضوان الله عليه) الثوري في إعادة إحياء يوم القدس العالمـي حـيـث اعتبر إحياءه مـن الـجـهـاد في سبيل اللـه باعتباره كمـا يقـول: ( يوم من أجل أن تبقى فلسطين حية في نفوس المسلمين من أجل أن تبقى مشاعر الجهاد، مشاعر الرفض لإسرائيل حية في نفوس المسملين).

لقـد بـذل الشهيد القائد (رضوان اللـه عليـه) جهدا كبيرا في كشـف المكـر والخبث اليهودي والتحذير منهم منبهـا إلى خطورة المؤامرات اليهوديـة التـي تسـتهدف ديننـا وكتابنا ورسولنا ووجودنا الحضاري كاشفاً كل ذرائعهـم وخداعهم ومؤكداً أن القضية أصبحت قضية الشعوب إذ لم يعد هناك أي أمل في الأنظمة العربية القائمة لأنها أصبحت جـزءا من المؤامرة اليهودية بل أصبح البعض منهـم جنديا ينفذ ما يملي عليه أعداء الأمة.

لقـد قـاد الشهيد القائد (رضوان اللـه عليه) معركة الوعـي بـكـل جـدارة وواجه الأفكار الانهزاميـة بكل شجاعة وانطلـق بالفعـل والموقـف في مواجهـة الهيمنـة الأمريكية والصهيونيـة مؤسسـاً لمرحلـة فاصلة في تاريخ اليمـن والأمـة الإسـلامية إذ أصبحـت المسيرة القرآنية التي أسسها في مقدمة حركات المقاومة الإسلامية الرافضة للهيمنة الصهيوأمريكية والحاملة لقضايا الأمـة المدافعـة عـن كرامتهـا ومقدساتها.

وليس غريباً أن يكون أهم موقفين أطلقهما الشهيد القائد هو من أجل قضية فلسطين الموقف الأول تمثل في شعار الصرخة في وجه المستكبرين والموقف الذي أعتبره موقف مهم جداً لتعزيز حالة السخط ضد اليهود وعملائهم من المنافقين ومن يقف معهم ويدعمهم  والموقف الثاني تمثل في مشروع مقاطعة البضائع الأمريكية والصهيونية التي تعتبر حرب إلى داخل عقر دراهم. بل أنه القى محاضرة تعد من أبرز محاضراته هي محاضرة يوم القدس العالمي فضح فيها المكر اليهودي وخيانة الأنظمة لفلسطين وايقظ وعي الأمة تجاه العدو وخطورته ووسائل الصراع معه واهمية قضية فلطسين كقضية تخص الأمة كلها وليس الشعب الفلسطيني وحسب..

وهكذا استطاع الشهيد القائد أن يؤسس للقضية الفلسطينية مكاناً راسخاً في وعي الشعب اليمني وأن يبرهن أن بإمكان الشعوب أن يكون لها دوراً جوهرياً يتعدى بكثير دور الأنظمة في تجاهل القضية والتآمر عليها..

ما بعد الشهيد القائد اليمنيون يذهلون العالم في الوقوف مع قضية فلسطين

لقد مثل استشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) على أيدي الأمريكان وعملائهم خسارة كبيرة لفلسطين وللشعب اليمني وللأمة العربية والإسلامية في وقت  كان ما يزال في باكورة عطائه المعرفي والثقافي والجهادي وفي زمن مليء بالمثبطين والمتخاذلين وعلماء النفاق والبلاط ولكنه كان قد بذر في نفوس أنصاره بذرات الحرية والوعي القرآني والجهاد والتضحية من أجل دين الله واستنهاض الأمة من وحل التخلف والانحطاط والتيه والضياع وإنقاذها من قيود التبعية فواصلوا تحت قيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) فكان خير خلف لخير سلف وواصل الطريق على خطى استاذه وقائده واخيه معلما ومربيا ومحذراً من خطورة أعداء الأمة وفي المقدمة الكيان الغاصب وداعماً لقضية فلسطين قولاً وعملاً وأصبح لقضية فلسطين حيزاً واسعاً من اهتمامه ومن ورائه الشعب اليمني الحر رغم ما يواجهه من حروب وأزمات متواصلة منها الحروب الست وما تلاها من حروب طائفية بتمويل سعودي أمريكي صهيوني وصولاً لإعلان العدوان الإجرامي الذي ما زال مستمراً منذ 8 سنوات بعد أن حشدوا دول الغرب والشرق وأصبح أكبر عدوان كوني تشهده الكرة الأرضية في هذا الزمن وأكثر الحروب حقداً وعدوانية وإجراماً ولكن ذلك لم يفت في عضد الشعب اليمني الذي كشفت له الاحداث صوابية قراره في الانحياز إلى جانب قضية فلسطين بعد أن رأى أدعياء العروبة والإسلام يتساقطون تحت أقدام الكيان الغاصب كورق التوت..

إن قائد الثورة السيد عبد الملك لم ينظر للقضية الفلسطينية على أنها مجرد ملف سياسي للمقايضة كما كانت تفعل الأنظمة العربية بل نظر إليها كمسؤولية دينية إسلامية وعربية وإنسانية لا يجوز التخلي عنها لأن ذلك لا ينسجم مع الانتماء الإيماني ولا مع المبادئ الإسلامية..

إنها قضية محورية كما يؤكد ذلك في كل خطاباته السنوية التي يلقيها في يوم القدس العالمي أمام الملايين من أنصاره من أبناء الشعب اليمني وهم يملأون الساحات ، لقد قال مؤكداً بأن “المسجد الأقصى من أقدس مقدساتنا لا يمكن أن ننساه ولا يمكن أن نعتبر أنفسنا غير معنيين به”.. لقد سعى بكل جهد لإحياء قضية فلسطين وربطها بهوية الأمة ودينها وكرامتها وسعى لترسيخ العداء للكيان الصهيوني بين أوساط الشعب اليمني على مدار السنوات الماضية وهو ما رأينا انعكاسه في ساحات العزة والموقف وبحضور جماهيري غير مسبوق ولا مثيل له في مختلف الشعوب العربية على الرغم أن بعض الدول العربية يناهز سكانها المائة مليون لكنهم مقيدون بأغلال أنظمة أصبحت تخدم الكيان الصهيوني أكثر من خدمتها لشعوبها عوضا عن خدمة القضية الفلسطينية التي أصبحت تتأمر على تصفيتها أكثر من تآمر الكيان الصهيوني نفسه..

الشعب اليمني يعيد الأمل لشعوب الأمة بالنصر والعزة

لا شيء يعيد إحياء الأمل بين أوساط شعوب أمتنا العربية المسلمة المقهورة والمغلوبة وفي المقدمة الشعب الفلسطيني في ظل موجات التطبيع ومسارعة أنظمة الخيانة للانضواء تحت القبعة اليهودية سوى ما يشاهدونه من قبل جماهير الشعب اليمني التي تتدفق سيول بشرية في سحات وميادين العزة والإباء والموقف إحياء لقضية فلسطين ودفاعاً عن الأقصى الشريف رغم ما يتعرضون له من حرب عدوانية وتآمر عالمي لإخماد صوت الإباء والموقف الذي تصدح به حناجرهم ..

إن هذا الوعي العالي الذي أصبح يزداد كل عام في يمن الإيمان والحكمة تجاه خطورة اليهود وبالذات الصهاينة المغتصبون هو سبب رئيسي من أسباب العدوان عليهم الذي تقوده أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وتموله السعودية والإمارات وتسانده مختلف الأنظمة والدول ويصمت عنه الأغلبية ولذلك جاء هذا العدوان كعقاب لهذا الوعي المتنامي تجاه قضايا الأمة الكبرى وتجاه عدوها الرئيسي.. لأن هذا الوعي هو ما يخشاه العدو كونه وعياً يستند إلى رؤية قرآنية وبقيادة قرآنية حكيمة وليس نتاج موقف عاطفي سرعان ما يتلاشى مع أول موقف بل أن هذا الوعي اصبح يقلق الكيان الصهيوني ويعلن  جهارا عن مخاوفه ويعبر عن قلقه لأن وراء هذا الوعي عمل مؤثر وقد أمثر هذا الوعي عن قوة عسكرية رادعة تمثلت في منظومة صاروخية وطائرات مسيرة متطورة صدمت العدو وأربكته وقد أنتجت في أحلك الظروف واصعب المراحل التي يمر بها الشعب اليمني ..

لقد أصبح اليمن اليوم سنداً قوياً لفلسطين وقلبا نابضاً بقضية الأمة الكبرى وقبلة يتطلع إليها احرار الامة لإحداث اختراق في واقع الأمة وإخراجها من حالة الهزيمة النفسية والعسكرية والشعور بالضعف والذلة التي عشعشت في العقول وترسخت في النفوس حتى أصبح حفنة من اليهود قضاء لا مرد له بل قوة لا تقهر واصبح استحالة الانتصار عليها مسلمة من المسلمات عزز ذلك حالة الخنوع والتبعية والخيانة التي تمارسها الانظمة العربية سرا وجهراً..

ومن هنا فإن اليمن بقائده الحكيم وبجماهيره الوفية وجيشه الباسل ولجانه الشعبية الأبية وما سطروه من أروع وأنصع صور الثبات والاستبسال والإباء والتضحية الحسينية ضد الغزاة ومرتزقتهم من فلول الخونة والمارقين والمنافقين والصمود الأسطوري الذي تحت القصف الهستيري والجرائم البشعة إضافة إلى الموقف العظيم والوقوف الصادق مع فلسطين ومع الشعب العراقي والسوري واللبناني والبحريني وبقة شعوب الأمة وفي المقدمة وقوفه مع قضية فلسطين ومساندته المستمرة وعلى مدار سنوات الحرب في ضل ضيق ذات اليد وما خلفه العدوان والحصار من معاناة اقتصادية وإنسانية وصحية كل ذلك ترك أثر كبير في نفوس أحرار أمتنا لدرجة أن شخصية عظيمة كالسيد حسن نصر الله يتمنى القتال في اليمن مع الجيش واللجان الشعبية ولدرجة أن الكثير من احرار أمتنا ومن مظلوميها أصبحوا يتطلعون إلى أحرار الشعب اليمني كأمل لهم وكقدوة وأسوة..

وأخيراً سيطول الحديث عن عظمة الشعب اليمني وقائده الحكيم ويبقى أن نشد على أيديهم في مواصلة الطريق نحو الهدف الأسمى والغاية الكبرى تحرير فلسطين وتطهير المقدسات وإنقاذ الأمة من أوحال الضياع فأنتم وعد الآخرة وأمل احرار الأمة..

قد يعجبك ايضا