الغارديان البريطانية: “ما فعله طوني بلير، جريمة كبرى”

 

ما تزال فضيحة الحرب على العراق، تلقى ردة فعلٍ كبيرة وشاجبة من قبل الإعلام الغربي والبريطاني. في حين أصبح طوني بلير، عنواناً للأخبار في الصحافة الأجنبية. وهنا خرجت صحيفة الغارديان البريطانية، في مقال للكاتب “أوين جونز”، تم نشره يوم الخميس المنصرم تحت عنوان “The war in Iraq was not a blunder or a mistake. It was a crime“، وهو ما ترجمته “إن الحرب على العراق لم تكن خطأ، بل كانت جريمة”، لتُعلَّق على تقرير تشيلكوت، الأخير حول قرار بريطانيا خوض الحرب في العراق الى جانب واشنطن. وهنا نقوم بنشر المقال بتصرف، وفق ما أشار الكاتب.

لا يجب الوثوق بالمسؤولين ويجب محاسبتهم

أشار الكاتب بدايةً، الى أن جون شيلكوت، سيدخل التاريخ بسبب تقريره الذي أطاح بطوني بلير، على الرغم من أن تحقيقه أخذ وقتاً غير مُبرر. ثم يرى الكاتب أن الحرب على العراق حصدت أرواح الكثير من المدنيين، وساهمت في نشر الإرهاب والتطرف بشكلٍ كارثي. وهنا فقد أكد الكاتب على أنه لا بد من محاسبة جميع المسؤوليين الذين دعموا الحرب، لما تسببوا به، في حين يجب التعلم من تجربة تقرير شيكلوت، أن نُشكك في الروايات الرسمية، ونكون جريئين في تحدي السلطة.

وهنا فقد أشار الكاتب الى زيف الإدعاءات التي طالت حركة المناوئين للحرب، حيث كانت على حق، وليس صحيحاً اتهامها بالمؤامرة. حيث استشهد بذلك الى كلام “آلين سيمسون”، عضو حزب العمال، الذي عارض الحرب، مستنكراً سعي بريطانيا لإيجد ذريعة للحرب، بدل من تفادي الحرب.

لقد كان طوني بلير يعلم مخاطر الحرب

ويؤكد الكاتب أن الحرب على العراق، لم تكن خيار طوني بلير الوحيد، فيما جاءت بناءاً لمعلومات إستخبارية وقراءات خاطئة. وهو ما يعني أحقية الذين حذروا من الحرب، مثل موقع “Dissident Voice” المناهض للحرب، والذي أشار قبل أشهر من حصولها، بأن الهجوم الأمريكي على العراق،  سيمنح فرصةً جديدة، وسيكون مصدر إلهام لإلتحاق أعضاء جدد بالمنظمات المتطرفة، لا سيما تنظيم القاعدة، مما يعني مزيداً من الأعمال الإرهابية على المدى البعيد. سواء ستكون ذلك على الأراضي الأمريكية، أو بحق مواطني أمريكا حول العالم. كما أن منظمة ” Christian Aid“، حذرت من فوضى عارمة ومعاناة ستستمر طويلاً في العراق، بعد انتهاء الضربات العسكرية. في حين أكد السيناتور الأمريكي “جاري هارت” حينها، أن هذه الحرب سترفع من خطر الإرهاب الذي سيُهدد العالم، وشبهها بـ “عش الدبابير”.

لم تكن المُبررات صحيحة

وسخر الكاتب من تبريرات بلير للحرب، كحديثه عن التدخل الإيراني، أو نشاط “تنظيم القاعدة” والذي كان من الممكن معالجتها دون اللجوء للحرب. فيما أكد الكاتب بأن مُبرر إمتلاك العراق، لأسلحة دمار شامل، لم تكن مقنعة، حيث خرج وزير الخارجية البريطاني روبين كوك، من الحكومة ليقول قبل الغزو، بأن العراق، لا يملك أسلحة دمار شامل بالمعنى المتعارف عليه على الأغلب. كما أن “كوفي أنان”، الأمين العام للأمم المتحدة حينها، وصف غزو العراق بالعمل غير القانوني.

بلير بحسب القانون مُجرم

 

ولم يكتف الكاتب بالتوصيف، بل أشار الى أن شرعية تلك الحرب والتي لا تدخل ربما ضمن اختصاصات شيلكوت، لكن التقرير يمكن أن يكونأرضية للبناء عليها من أجل تحقيق محاكمة قضائية للمتوطين. حيث أن الحرب على العراق والتي تبيّن أنها قامت على أكاذيب، فيما طرح تقرير شيلكوت الكثير من التساؤلات، والتي تعني أن بلير قد قرر منذ فترة طويلة خوض تلك الحرب التي اعتمد فيها على أدلة مشكوك في صحتها لتبرير موقفه. الأمر الذي يضعه في موقف حرج وغير قانوني، خاصة مع وجود توقعات من قبل الكثيرين بالنتائج الكارثية.

جرى تسييس الإعلام خدمة للحرب

وفيما يتعلق بدور السياسة والإعلام، فإنه وبحسب المقال، إن كل الذين عارضوا الحرب على العراق، وانتقدوها، من السياسيين وصولاً الى العاملين في الإعلام، بل حتى مديري هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، فقدوا وظائفهم. كما أن العديد ممن دعموا هذه الكارثة الكبرى بحسب وصف الكاتب، مازالوا لا يشعرون بالندم حولها. بل قام بعضهم بإستهجان مواقف “جيريمي كوربين”، زعيم حزب العمال، والذي عارض غزو العراق، وعارض أيضاً دعم بريطانيا لصدام حسين، خلال الثمانينات من القرن الماضي، خلال هجومه على الأكراد.

مهندسي الحرب يتحملون كل ما يجري في العراق اليوم

يتحدث الكاتب في نهاية مقاله، عن أن ما يجري اليوم في العراق، يتحمل مسؤوليته مهندسوا الحرب، والذين كان طوني بلير منهم. كما أن مقتل 250 العراقيين، هذا الأسبوع في تفجيرٍ لسيارة مفخخة في منطقة الكرادة، وهو ما يُمثل بالنسبة له تذكيراً بالفوضى التي كان توني بلير سببها. فهذه الحرب، لا يمكن أن اعتبارها خطأ أو زلة. بل هي إحدى أكبر الجرائم في العصر الحالي، بالمنظور الأخلاقي، بغض النظر عما يقرره القانون بشأنها. فيما يجب أن تبقى تلك الحرب لعنة على من خاضوها، ويجدر الإشارة اليهم بالإسم.

إذن يفضح المقال، الدور الكبير للسياسة والإعلام، في تسييس الحرب على العراق، والترويج للأكاذيب. فيما يمكن القول بأن الإمعان في سفك الدماء وهندسة الحروب، أصبح الصفة الملازمة للسياسة الأمريكية، والتي تدور في فلكها بريطانيا.

قد يعجبك ايضا