القول السديد :صحيفة الحقيقة العدد”354″:دروس من خطابات ومحاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله

 

القول السديد

الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بفضله بكرمه برحمته فتح فرصة أمام عباده لاستثمار هذا الفناء وهذا الموت وهذا الانتقال من هذه الحياة المحتوم الذي لابد منه باستثماره بشكل ينتقل الإنْسَان فيه إلى درجة عالية منزلة رفيعة نعيم عظيم فضل عظيم أجر كبير عن طريق الشهادة في سبيل الله.

  متى يكون الإنسانُ شهيداً في سبيل الله ؟

 الشهادة ليست مجرد توجه من الإنْسَان برغبة مادية بحتة، يعني إنْسَان لم يكن يهمه من الشهادة إلا معانقة الحور العين وإلا الوصول إلى تلك الماديات، لا، العنوان الواضح في الآيات القرآنية سواء في قوله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، أَوْ في قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله)، هذا العنوان العظيم المهم الكبير المقدس وهو في “سبيل الله” يوضح أن للشهيد قضية وله هدف وله مبتغى، ليس مجرد شخص لم يكن يفكر أبدا بأي شيء ولا يهمه شيء ولا يرتبط بشيء ما عدا ذلك الهدف المادي الذي استعجل للذهاب إليه وكان مستعجلا جِدًّا للرحيل إليه، الشهيد له مبدأ، له قضية، له أخلاق له أهداف وهو ينطلق على أساس من تلك القضية، فيضحي وهو يحمل تلك القضية، هذه القضية يعبر عنها في أنها قضية عادلة وفي أنها قضية مشروعة وفي أنها قضية محقة وفي أن الهدف فيها هدف مقدس، بهذا العنوان الشامل الجامع وهو في سبيل الله، لا يمكن أن يكون هناك عنوان يعبر عن حق وعدل وصدق وهدف مقدس وتوجه صالح وعمل مشروع مثلما يعبر هذا العنوان، “في سبيل الله”؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو الملك الحق المبين، هو الحق ومنه الحق وهو الذي يرسم لعباده الحق، وهو جل شأنه هو ملك السموات والأرض وهو الذي يشرع لعباده الشريعة الحق يرسم لهم معالم الحق يعلمهم العدل يقدم لهم في تعليماته في توجيهاته فيما يأمرهم فيما ينهاهم، فيما يفصل بينهم في كُلّ ما يقدمه لهم، العدل، العدل في كُلّ شيء، العدل في كُلّ شؤونهم، العدل في كُلّ شؤون حياتهم، العدل في كُلّ المواضيع التي يمكن أن تكون ذات خلاف أَوْ محل صراع، أَوْ يمكن أن يحدث بشأنها اختلافات ونزاعات، الحق من الله هو الحق، ولا حق غيره، العدل فيما يقدمه لعباده، هو العدل لما تعنيه الكلمة، لا حيف فيه ولا جور فيه ولا ظلم فيه، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رسم لعباده في هذه الحياة المبادئ التي تمثل المبادئ الحق لكل من يريد الحق في هذه الحياة، من يريد أن يكون ويهمه أن يكون على الحق في هذه الحياة الله رسم من خلال أنبيائه ورسله وكتبه المبادئ الحق التي من التزم بها من البشرية، أيا كانوا من أي صقع وأي قطر وأي منطقة في العالم، من يلتزم بتلك المبادئ هي مبادئ حق، ورسم لهم طريق العدالة وحد لهم حدود العدالة التي إن التزموا بها أَيْضاً كانوا على العدل وحذرهم من الظلم ونهاهم عنه بكل أشكاله الظلم بكل أشكاله بكل أساليبه ما كان منه يطال الإنْسَان في نفسه في حياته مثل قتل أَوْ مثل سجن أَوْ مثل أذى بالتعذيب أَوْ أية وسيلة من وسائل الظلم الذي يمس الإنْسَان مباشرة في حياته أَوْ في جسده أوفي نفسه أَوْ ما يمسه في حق من حقوقه في هذه الحياة في ماله أَوْ في عرضه أَوْ في غير ذلك.

يحدد متى يمكن أن يعاقب هذا الإنْسَان بحق وأن يجازى بعدل ومتى لا يجوز ذلك أبداً وعلى كلٍ في سبيل الله هو عنوان للطريقة التي رسمها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من ارتبط بها والتزم بها وسار على أساسها والتزم بها في هذه الحياة، التزم بها سلوكا التزم بها موقفا وهي مجموعة من القيم الأخلاقية والإنْسَانية والفطرية والتعاليم العادلة والتعاليم التي هي عدل وصدق وحق وخير وفلاح ورشد وزكاءٌ لا حيف فيها لا مساوئ فيها لا خزي فيها لا عار فيها كلها شرف لهذا الإنْسَان كلها خير لهذا الإنْسَان كلها تعبر عن مصلحة حقيقة لهذا الإنْسَان وللبشرية جمعاء أيضاً، فمن لقي الله بهذا الطريق على أساس من هذه المبادئ والقيم والأخلاق ملتزماً بها يعتبر عند الله شهيداً، شهيداً يحظى بها النعيم بهذا التكريم بهذه الرعاية بهذه الضيافة بعدها نعيم يمتد إلى الأبد إلى ما لا نهاية له نهائياً أبدا “جنة الخلد التي وعد الله بها المتقين”.

 ولذلك لنعي جميعا ما كُلّ من يقتل فهو شهيدٌ، لا، الذي يقتل لهدف باطل ليس شهيداً عند الله كان يريد هدفا أَوْ يسعى من وراء جهده القتالي مثلاً لأهداف مادية باغيا فيها معتديا فيها لا يملك قضية ليس هو هذا الشهيد الذي تحدث عنه القران الكريم والذي قدم له هذا الوعد الإلهي، من كان في موقف باطل ليس في موقف الحق لا يسمى عند الله شهيداً ولا يعتبر عند الله شهيداً ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالوعد الإلهي للشهداء، من كان باغياً ظالماً مجرماً وقتل في هذا الاتجاه الإجرامي فهو مجرم خلاص مجرم.. المجرم ليس بشهيد المجرم مجرم، المجرم يعني اتجاهه إلى جهنم ولا يمكن له أن يحظى بذلك النعيم والشرف والتكريم والرعاية الإلهية وذلك المجد والسنا إلى آخره، لا.. ولكن من ينطلق يحمل هذه القضية العادلة والموقف الحق المشروع بحق ويضحى بهدف سامي فهو شهيد وقد يكون الإنْسَان مثلاً شهيداً مظلومية يعني قتل بغير حق اعتداء عليه بغيا عليه ولكن لم يكن في إطار مسئولية هذا شهيد مظلومية لكن شهيد المسئولية شهيد الموقف شهيد الحق الذي يحمل قضية عادلة ويتحرك ويضحي مقامه أعلى مقام، وموقفه هو الذي حظي بذلك التمجيد والثناء وارتبط به تلك الوعود العظيمة والكبيرة.

الشهادة في سبيل الله من أبواب رأفة الله ورحمته الواسعة بعباده

  الشهادة هي السبب الوحيد لانتقالك من هذه الحياة فإذا فرضنا أنك لم ترزق بالشهادة فتبقى في هذه الحياة لا.. بل هي أفضل وأرقى وأسمى عملية استثمار من فناء محتوم وموت لابد منه وانتقال حتمي، انتقال لابد منه، إذاً الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بفضله بكرمه برحمته فتح فرصة أمام عباده لاستثمار هذا الفناء وهذا الموت وهذا الانتقال من هذه الحياة المحتوم الذي لابد منه باستثماره بشكل ينتقل الإنْسَان فيه إلى درجة عالية منزلة رفيعة نعيم عظيم فضل عظيم أجر كبير عن طريق الشهادة في سبيل الله. بأن تتحرك في طريق الحق لمقارعة الظلم والطاغوت والاستكبار بأن تتحرك؛ لأن الشهادة في سبيل الله ليست عملية تفاني في الدفاع عن الله جل شأنه هو الغني هو الغني لا يناله ضر من أحد من خلقه أبداً ولا حتى مثلاً عملية الإنْسَان يدافع فيها عن الدين بمعنى أنه هذا الدين أصبح عبء علينا وإذا لم ننطلق نحن لندافع عنه خلاص مات وانتهى الدين هو لنا هو عبارة عن برنامج حياة إذا أخذنا به سعدنا وشرفنا واعتززنا وكرمنا وكان فيه خير لنا في الدنيا والآخرة وليس عبارة عن شيءٍ ثانوي خارج حياتنا خارج واقعنا خارج مصلحتنا خارج ما هو مفيد وخير لنا هو مثل هناك عبء نضحي من أجله هو لنا مصلحة لنا خير لنا فضل لنا شرف لنا أجر لنا في الدنيا والآخرة، وعلى كُلّ عملية الاستثمار هذه تحدث عنها القرآن بعبارة عظيمة ومهمة قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) كيف ختمت هذه الآية المباركة شطرها وختامها لهذا التعبير العجيب ومن الناس من يشري نفسه يعني يبيع نفسه عن طريق التضحية بهذه النفس ابتغاء مرضاة الله في نفس الوقت يقول والله رءوف بالعباد يعني من رأفة الله بنا من رحمته لنا أن فتح لنا مجالاً لاستثمار هذه النهاية الحتمية هذا الرحيل المحتوم الذي لا بد منه من هذا الوجود من هذا العالم من هذه الحياة على نحو نستفيد منه فيما يكتب به ويكتب له ويكتب عليه ما يكتب لأجله من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويكتب به من فضل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فتفتح لنفسك بهذه التضحية الآفاق الواسعة من رحمة الله من فضله العظيم الواسع الكبير من رعايته الكريمة.

 

دروس من هدي القرآن الكريم

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

في الذكرى السنوية للشهيد/ 1439 هـ.

قد يعجبك ايضا