المبادراتُ المجتمعيةُ ودورُها في خدمة التنمية..بقلم/ صخر محمد الشاطبي

تُعد مُبَادَرَات التنمية الهادفة إلى مساعدة المجتمع، سواءً بتوفير احتياجات فئاته الأشد فقراً من الغذاء أَو الخدمات وبتوفير الدعائم الكفيلة بنهوض الأراضي التي باتت قاحلة نتيجة عدم حصول أصحابها على الدعم، جزءًا أصيلاً من ثقافة اليمن ذي الجذور التاريخية المتأصلة.

وانطلاقاً من السابق يُعد الحديث عن المُبَادَرَات والتنمية المجتمعية حديثاً عن تاريخ وموروث ثقافي يمني أصيل تميزت به القبيلة اليمنية وما زال قائماً إلى يومنا هذا وفي معظم المناطق الريفية، وهذا ما يلمسه كُـلّ مطلع أَو زائر من خلال النظر إلى المناطق الريفية، فمثلاً تلك السدود ومثلاً تلك الآبار وذلك الطريق وجامع القرية ومدرستها.. جميعها مشاريع تندرج ضمن مشارع التنمية المجتمعية والتي أنشئت بمُبَادَرَات مجتمعية من أسلافنا وساكني وأهالي تلك القرى.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، ولكنه امتد إلى تنظيمه بمجموعة من الأعراف القبلية التي تجسدت في مجموعة من الضوابط الملزمة لتنظيم المسؤولية تجاه المجتمع (القبيلة) والقبائل المجاورة من كافة النواحي التنموية والتعاونية والزراعية والأخلاقية والتكوينات والنظريات والتجارب منذ ستينيات القرن الماضي وهي الفترة الذي التف فيها العالم إلى المشاركة المجتمعية بعد الحرب العالمية الثانية.. لعل هذا ما نحتاج اليوم لإحيائه معتمدين على ذلك الموروث العريق وآثاره، فقد تعددت التعاريف من المشاركة الشعبيّة، إلى المساهمة المجتمعية وما لها من أهميّة في التنمية وإعادة إعمار ما دمّـرته الحرب العالمية الثانية ونضال الشعوب للتحرّر من الاحتلال والاستعمار.

إلا أن نُصحَ وعمقَ وتميُّزَ ثقافة التنمية المجتمعية في اليمن يفرضُ علينا أن نجعلَ من ذلك امتداداً لتلك الثقافة المعبرة عن هُــوِيَّتنا اليمانية وتقديمها كأحد مفاخرنا واعتزازنا بحضارتنا وحكمتنا وقدرتنا على تسخير الظروف وخلق حالة من الاكتفاء المبني على التعاون والتكافل الاجتماعي ووضع القوانين العرفية الملزمة واللوائح المنظمة لذلك وفي هذا الصدد تسعى السلطات المحلية جاهدة إلى تفعيل دور المُبَادَرَات والمشاركة المجتمعية في المشاريع الخدمية والتنموية تنفيذاً لتوجيهات القيادتين الثورية والسياسية التي تضمنت على أهميّة التعاون وحشد الجهود الشعبيّة والرسمية وبناء علاقات وثيقة مع المجتمع وتلمس احتياجاتهم والعمل على تحقيق التنمية الشاملة والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة والإمْكَانات المتوفرة وتوظيفها في البناء والتنمية، وخُصُوصاً في هذه المرحلة التي يعاني منها الوطن جراء استمرار العدوان والحصار على بلادنا وبهذا يجب أن تتظافر كافة الجهود من الجانبين الرسمي والمجتمعي لتحقيق الهدف المنشود في البناء والتنمية الشاملة ليكون بلداً حراً قوياً مستقلاً في اتِّخاذ قراره بنفسه سيادياً دون أية ولاءات خارجية تعيق الرؤية المقبلة تحت شعار تحقيق الاكتفاء الذاتي وخلق تنمية بشرية واقتصادية.

وما نراه اليوم في أمانة العاصمة ومختلف المحافظات من تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية المختلفة ذات الأولوية بمساهمات وَمُبَادَرَات مجتمعية هي نتائج إيجابية وثمرة من ثمار التعاون المشترك بين المجتمع والجانب الرسمي وهذا ما يستوجب على الجهات الرسمية والمحلية على تقديم كافة التسهيلات وتذليل العوائق أمام تلك الأطر المجتمعية المتبنية للمُبَادَرَات وتشجيع وإحياء المُبَادَرَات المجتمعية المختلفة وهذا ما أشار إليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ضمن الموجهات الواردة في كلمته التي ألقاها خلال لقائه بالسلطة التنفيذية المركزية والمحلية مطلع شهر أُكتوبر الماضي والتي تضمنت على عدد من نقاط ركائز نجاح المُبَادَرَات المجتمعية وهي:-

1- الإيمَـان بالتعاون والشراكة.

2- أن يكون هناك اهتمام وتأثير إيجابي لحشد الجهود الشعبيّة والرسمية.

3- خلق علاقة طيبة مع المجتمع ومع الجانب الرسمي على أن تكون العلاقة مع المجتمع علاقة قوية ووثيقة وبهذا سيشكل دافعاً معنوياً للمجتمع وتزيد من وتيرة العمل والتعاون المشترك في تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية المختلفة التي تخدم واقعهم المحروم.

وأخيراً.. اليمن منبع التعاون والتعاضد المجتمعي.. والمُبَادَرَات المجتمعية التي تصدر عنها هي تعبير عن موروثها القائم على التعاون بين كُـلّ الأطراف بدءاً من القادر وانتهاء بالمحتاج أي المستفيد..

قد يعجبك ايضا