انتهاء الهدنة اليمنية.. والعين على الناقلات النفطية السعودية

 

انقضت ليلية أمس وانتهت معها في اليمن مدة سريان الهدنة التي استمرت لستة أشهر بين حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء ودول تحالف العدوان السعودي، برعاية أممية، من دون ظهور أي مؤشرات عن تمديدها.

فشل التوصل الى تمديد ثالث للهدنة في اليمن، سبقه مراوغات ومغالطات من دول العدوان خلال المفاوضات الجارية بين الطرفين لإقرار التمديد، هكذا قالت صنعاء التي حملت دول العدوان مسؤولية فشلها، فهي من يتحكم ويعبث بثروات اليمن النفطية ويعرقل دفع المرتبات، ويحتجز السفن ويقتادها إلى موانئها، ويغلق الأجواء اليمنية، ويحاصر المعابر البرية.

أما ما يسمى بـ “المجلس الرئاسي” المعين من السعودية فلا يملك من أمره شيئا ولا يستطيع الاجتماع إلا بحضور ولي أمره، فهو برأيي عضو الوفد الوطني المفاوض في صنعاء عبدالملك العجري ليس أكثر من “مجلس المشاغبين”.

صنعاء كانت واضحة وصريحة بأن استمرار الهدوء على الجبهات مرهون بتنفيذ شروطها، ولا يمكن أن يتحقق ذلك من دون مقابل، خاصة وأن المقترح الأممي لتمديد الهدنة لا يرقى لمطالب الشعب اليمني ولا يؤسس لعملية السلام حسبما ذكر بيان صادر عن المجلس السياسي الأعلى في اليمن.

ومن ضمن الشروط التي طالب بها وفد صنعاء المفاوض كان التأكيد على المساواة بين الموظفين اليمنيين في كل محافظات الجمهورية مدنيين وعسكريين، وتحديد آلية تضمن صرف المرتبات للجميع، وليس إحالتها للجان.

لكن موقف دول العدوان إزاء بند الرواتب، لم يتغير، فهي لا تزال ترفض القبول بمطالب صنعاء صرف رواتب جميع الموظفين من عائدات النفط والغاز.

ووفق أرقام نشرتها صنعاء، فإن اليمن يمتلك 12 قطاعا منتجا للنفط، وتتجاوز إيرادات مبيعات النفط الخام شهريا الـ 200 مليون دولار، تكفي 150 مليونا منها لتمويل نفقات الرواتب، والكمية المنهوبة من قبل دول العدوان منذ 2018 حتى يوليو 2022 بلغت 130 مليون و41 ألف و500 برميل نفط، بقيمة تقدر ب 9 مليار و490 مليون و 639 ألف و415 دولار، وجميع هذه العائدات الضخمة تم تحوليها إلى حساب خاص في «البنك الأهلي» السعودي، من دون صرف مستحقات الموظفين.

وبناء على هذه المعطيات وجهت القوات المسلحة اليمنية تحذيرا الى الشركات النفطية العاملة في الإمارات والسعودية، من مواصلة أعمالها، معلنة منح تلك الشركات فرصة لترتيب وضعها والمغادرة.

هذا التحذير من القوات المسلحة، الذي يعد الأول من نوعه بعد انتهاء الهدنة المؤقتة، سبقه تأكيد من المجلس السياسي الأعلى، “أن قواتنا المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمر العدوان والحصار وستضع مطارات وموانئ وشركات النفط التابعة لدول العدوان في مرمى نيرانها”، داعيا دول العدوان لإنهاء عدوانها وحصارها بشكل فوري.

هذه التحذيرات تشير الى ان صنعاء أعدت العدة جيدا للسيناريوات كافة، بما فيها تجدد القتال، بعدما لمست استمرار رهان “العدوان” على ورقة الحصار باعتباره “الوسيلة الأسهل لتركيع اليمنيين”.

وحسب مصادر عسكرية يمنية فإن “ما بعد الهدنة لن يكون كما قبلها”، خاصة بعدما أقامت صنعاء الحجة الكاملة على دول العدوان، وكشفت نوايا الطرف الآخر الذي راوغ على مدى ستة أشهر من الهدنة الهشة»، متوقعة أن تعود عمليات كسر الحصار التي توقفت قبيل دخول الهدنة حيز التنفيذ، ولكن هذه المرة بتكتيك مختلف وبمشاركة فاعلة من قبل القوات البحرية، لاسيما وان صنعاء سبق وأن أعلنت عن امتلاكها سلاح ردع بحري جديد يمكنها من استهداف أي هدف ثابت أو متحرك في البحر الأحمر أو خليج عدن، مما سيؤدي الى التأثير المباشر على صادرات النفط السعودية للأسواق العالمية.

وهو الأمر الذي لا تريده أميركا أن يحصل خلال هذه الفترة بالذات التي تستعد فيها لإجراء الانتخابات النصفية للكونغرس، وذلك بالتوازي مع ارتفاع أسعار النفط عالميا نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا، وما لهذا الأمر من تأثيرات على الداخل الأميركي، ومن الواضح أن واشنطن معنية بتجديد الهدنة مهما كانت أثمانها، فهي توفر من خلالها مصالحها الرئيسية في تأمين الملاحة البحرية للناقلات النفطية ، وتبعد النيران عن الآبار والمنشآت النفطية في دول العدوان، وعليه فإن احتمالية تزايد الضغوط الأميركية على الرياض وأبو ظبي للقبول بشروط صنعاء لتمديد الهدنة الثالثة، تبدو كبيرة، خاصة بعد فشل الخيار العسكري لتدمير القدرات اليمنية التي تطورت وباتت أكثر خطورة.

*علي القطان

قد يعجبك ايضا