تحذير يمني للعالم : المحاصَرون لسبع سنوات قد يحاصِرون العالم في لحظة فارقة

 

الرياض وتحالفها مصدومون من القدرات اليمنية.. وصنعاء لم تُخْرِجْ ما في جعبتها لكسر الحصار

صنعاء للعالم: استمرار الحصار تعسف فائض عن الحاجة.. وذاهبون نحو الأسوأ إن لم يتدخل العقلاء

فيما كان نائب المستشار الألماني روبرت هابيك في زيارة إلى قطر للبحث عن مصادر طاقة بديلة لأوروبا وألمانيا بديلا عن مصادر الغاز الروسي، لم يكن بعيدا عنه معامل الغاز السعودية ومصافي النفط تشتعل بفعل ضربات صاروخية وجوية يمنية .
لا بد أن هابيك أخذ علماً بها فالأوروبيون الذين يتجاهلون الحصار على اليمن لسبع سنوات، مجبرون الآن على سماع صوت الآلام اليمنيين أكثر من أي وقت مضى، ليس لأن إنسانيتهم استفاقت وإنما لأن بقاء هذا الحصار يتعارض مع مصالحهم، وبقاءه بات مهددا لأمنهم .
الوضع في الميدان اليمني انقلب كلياً على السعودية ومن ورائها بريطانيا والولايات المتحدة، صار الهدوء مطلوبا في اليمن حتى الانتهاء من الصراع الذي بدأ لتوه مع الغريمين العملاقين روسيا والصين وإن كانت الأخيرة تحاول ظاهرا إظهار موقف مستقل وحيادي، إلا أن قادة بكين يدركون انهم سيردون على المذبح إن نجح الغرب في ذبح روسيا في أوكرانيا .
للمرة الأولى منذ سبع سنوات صنعاء تعلن في أقل من 12 ساعة عمليتين عسكريتين خارج حدودها بهذا الحجم، عملية كسر الحصار الثانية والتي طالت منشآت نفط وغاز ومنشآت حيوية أخرى متنوعة توزعت بطول جغرافيا المملكة من الشرق وحتى الغرب ومن الجنوب حتى الوسط واقصى الشمال في الرياض .
صنعاء – بحسب تصريحات قادتها – أعلنت عزمها كسر الحصار بالنار، بعد أن نفدت كل السبل وفق حديث نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن الفريق جلال الرويشان لشبكة المسيرة، وهو كلام أكد ما ورد في خطاب الرئيس مهدي المشاط بأن على العالم أن ينصت لصراخ اليمنيين قبل أن يسمع زئيرهم .
صنعاء عودت العالم على عدم اطلاق التهديدات جزافا، فهي لا تعلن عن عملية عسكرية إلا وقد أعدت لأخرى أقوى من المعلن عنها، ولا تكشف عن سلاح إلا وقد أضحى في يدها أجيال أخرى تفوقه فتكا وتكنولوجيا .
بحسب بياني القوات المسلحة فإن عملية كسر الحصار الثانية في العمق السعودي مزجت بين ثلاثة أنواع من السلاح: الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة – قدس 2- والطائرات المسيرة التي تمتلك صنعاء منها أجيالا متطورة وفتاكة وانطلقت على ثلاث مراحل ضربت أهدافا في الرياض وجدة وينبع وصامطة وخميس مشيط وجيزان، وعلت أعمدة الدخان في كل أنحاء المملكة التي اضطرت للاعتراف باحتياجها للسحب من المخزون النفطي لسد حاجة السوق السعودية من المشتقات النفطية بعد الضربات اليمنية وتعطل مصفاة رئيسية في ينبع وضرب محطات غاز في جيزان ومناطق أخرى .
لسبع سنوات تأرجح حال اليمنيين بين شدة الحصار وشدته أيضاً، وفي الآونة الأخيرة ومع المعادلة العسكرية لصالح صنعاء واقترابها من تحرير مارب بعد أن كانت قوات التحالف السعودي الأمريكي قرية من صنعاء، أضحى سلاح التجويع وتشديد الحصار الورقة الأساسية بيد التحالف .
وصل سعر الـ 20 لترا من البنزين إلى ما يقارب 80 دولارا في ذروة الحصار مطلع مارس الحالي، تستمر بوارج التحالف في قرصنة سفن النفط وإغلاق ميناء الحديدة، وتحويل مسار السفن إلى ميناء حيث تجبر قاطرات نقل الوقود على قطع 1400 كيلو متر للوصول إلى صنعاء ما يحملها تكاليف باهظة ويفرض مرتزقة التحالف إتاوات توجه لتمويل حروبهم على الدولة في صنعاء وصداماتهم البينية الداخلية .
وبعد مضي 6 اشهر سمحت تلك البوارج العسكرية لدول التحالف في البحر بدخول سفينة غاز تحمل نحو 470 طنا من الغاز لتعويض شحة المعروض نتيجة تقليص حصص المناطق الحرة من الغاز إلى النصف تقريبا .
تقول شركة الغاز اليمنية في صنعاء إن حصتها تقلصت من نحو 50 الف قاطرة غاز سنويا إلى 25 ألفاً رغم الزيادة السكانية في مناطق سيطرة المجلس السياسي، ومؤخرا جرى تقليص كميات الغاز المنزلي المرسلة إلى المناطق الحرة من حقول صافر المسيطر عليها من قبل مرتزقة العدوان .
ملف النفط يكشف كيف يخنق الحصار الشعب اليمني، بحيث يترك بين الحياة الموت والأزمات التي تخف لتعود وتستد في واقع متكرر منذ مارس 2015م، واقع يبدو أن القيادة اليمنية في صنعاء عازمة على كسره نهائيا بكسر الحصار في توقيت شديد الذكاء .
على مدى 7 سنوات تلقت الأمم المتحدة آلاف الرسائل اليمنية، وتحول مقر المبعوث الأممي للشؤون الإنسانية في صنعاء إلى محج يومي للمحتجين على دور الأمم المتحدة السلبي ليس في ملف الوقود وإنما في كل الملفات الإنسانية تقريبا المرتبطة بالحرب .
فعلى سبيل المثال يخسر عشرات اليمنيين حياتهم يومياً بفعل الحصار المضروب على مطار صنعاء الحيوي والاستراتيجي لإمداد نحو 25 مليونا من اليمنيين بالاحتياجات الدوائية الطارئة، والسماح لهم بالسفر للعلاج وقضاء حوائجهم كحق إنساني مكفول لكل الشعوب .
وفي الغرب عطل التحالف ميناء الحديدة الحيوي أيضاً لتوفير الإمدادات الغذائية، يعمل التحالف على إجبار التجار اليمنيين على ارتياد موانئ المناطق المحتلة غير الآمنة والبعيدة عن مناطق تركز السكان، ويفرض عبرها حظر يطال مئات السلع الأساسية، ويتحكم بتدفق الأخرى .
وعلى مدى سبع سنوات جفف الحصار المضروب على اليمن موارد الدولية اليمنية وجعل صنعاء عاجزة عن تلبية أبسط احتياجات شعبها، وعاجزة عن صرف رواتب الموظفين بعد أن جرى نقل عمليات البنك المركزي إلى عدن.
سبع سنوات من الصبر قضتها صنعاء، ومناشدة البعيد والقريب، الصديق والعدو بفصل الملف الإنساني عن الملف العسكري، ويبدو أن الكيل قد فاض بها، وأن اليد التي قد جرى لجمها، أطلقت بعد استنفاد كل السبل وتحاشي وضرب البنية الاقتصادية لدولتي العدوان في الإقليم السعودية والإمارات.
وفي بيان القوات المسلحة اليمنية الذي تلاه الناطق باسمها العميد يحيى سريع أكدت القوات المسلحة اليمنية أنها باشرت ضرب أهداف ضمن قائمة بنك أهداف سيتسع ويكبر والمفاجآت اليمنية واردة في هذا الصدد حيث العزيمة واضحة، فيما التحالف مصدوم ويتحدث عن ضبط النفس .
عملية كسر الحصار الثانية في توقيتها وقوتها جرس إنذار للأوربيين قبل أن يكون للنظام السعودي الذي يستخف بشعبه لرخاء أمرائه، سيجدون أنفسهم مجبرين على الضغط لفك الحصار عن صنعاء وإلا فإن العقود التي يبرمها الموفدون والساسة الأوروبيون لاستيراد النفط والغاز من الشرق الأوسط للخروج من عباءة الدب الروسي ستظل حبرا على ورق، وفي أحسن الأحوال تصل بكلف باهظة للغاية وانتظار طويل سيكون من الصعب على أوروبا تحمله .
الرياح تحولت لتدفع بشراع صنعاء بعد أن ظلت تصارع وحدها ويكابد شعبها ألم الحصار والعالم يصم آذانه لـ7 سنوات، الآية انقلبت بتأثيرات الصدام مع روسيا ولهاث العالم وراء مصادر الطاقة .
استمرار الحصار على صنعاء سيتحول غداً حصاراً على العالم وخاصة أوروبا، وعليها الأخيرة لمنع انزلاق الوضع نحو مرحلة معقدة لا تريد صنعاء الوصول إليها بحسب نائب وزير الخارجية حسين العزي الذي ناشد العقلاء رفع الحصار ويصبح الوضع أكثر تعقيدا في إشارة إلى خيارات استراتيجية جرى اتخاذ القرار بشأنها وأضحت اللحظة مواتية، ولن تكون صنعاء الخاسر الوحيد.

 

تقرير/إبراهيم الوادعي

قد يعجبك ايضا