تطورات أفغانستان وانعكاساتها على واقع المنطقة واليمن

 طلال الشرعبي :

في ال 16 من أغسطس الجاري تمكنت حركة طالبان من دخول العاصمة الأفغانية كابول والإطاحة بنظام الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي فر من البلاد تاركا كرسي الحكم والسلطة التي صنعتها أمريكا وحلفاؤها قبل ما يقارب العشرين عاما .

سيطرة طالبان جاءت عقب قرار إدارة الرئيس الأمريكي بايدن سحب قواته من أفغانستان وفي وقت كان لا يزال يتواجد فيه في مطار كابول (الذي شهد تدفق الآلاف من عملاء أمريكا الأفغان ورعايا دول ما سمي بحلف الشمال الأطلسي رغبة في الفرار) نحو 2500 جندي أمريكي وفقاً لتصريح المتحدث باسم “البنتاغون” جون كيربي الذي أكد قيام الإدارة الأمريكية بإرسال 500 جندي إضافي لتأمين إجلاء رعايها ورعايا الدول التي شاركت معها في الحرب على طالبان طيلة 20 عام .

الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والسيطرة المفاجئة والسريعة لحركة طالبان ودون مقاومة جعل الكثير من الساسة والمحللين والخبراء العسكريين يرون أن تلك الأحداث والتطورات الطالبانية والأمريكية المتزامنة لم تكن صدفة أو ضعف أمريكي بل استراتيجية وخطة أمريكية جديدة لإدارة صراع مصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية مع القوى الدولية الكبرى على المستوى العالمي والقوى الصاعدة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وقوى المقاومة والرفض للغطرسة الأمريكية في عدد من البلدان العربية.

 على العكس من ذلك وجدت قوى الرفض والمقاومة للمشاريع الأمريكية في تلك الأحداث التي شهدتها أفغانستان هزيمة ونهاية مخزية للاحتلال الأمريكي وفشل ذريع لخطة الرئيس الأمريكي بايدن الذي أراد إشعال حرب أهلية بين مئات الآلاف من جنود القوات الأفغانية ومئات الآلاف من مسلحي حركة طالبان وتطورات مفصلية وستكون لها تداعيات على السياسات والأحلاف والعلاقات الدولية .. حسب تعليقات الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله والناطق باسم حركة أنصار الله في اليمن محمد عبدالسلام على تطورات أفغانستان.

وفي تناقض صريح وواضح مع استراتيجية تعاملها السياسي وتدخلها المعهود والمستمر في الشؤون الداخلية للشعوب والأوطان العربية المحيطة بها وفي مقدمتها الشعب اليمني جاء تعليق المملكة السعودية على تطورات أفغانستان في بيان صادر عن وزارة خارجيتها يؤكد وقوفها إلى جانب الشعب الأفغاني وخياراته التي يقررها بنفسه دون تدخل من أحد”.

في الوقت الذي بدأت فيه الاشتغال وبشكل مكثف بالتعاون والتنسيق مع الإدارة البريطانية التي أعلنت عن وجود قوات لها إلى جانب القوات السعودية في محافظة المهرة اليمنية مؤكدة بذلك حقيقة احتلالها وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية للشعب اليمني وحقه في اتخاذ قراراته وتحديد مصيره دون تدخل من أحد .

وبالتزامن مع قيام أمريكا وبريطانيا ودول الغرب الأخرى باستقبال مئات الآلاف من عملائها الأفغان الذين فروا خوفا من عقاب طالبان وعلى العكس من ذلك تماما بدأت المملكة السعودية توجيه إنذاراتها عن طريق ما يسمى باللجنة الخاصة لعدد من السياسيين والناشطين اليمنيين فيما تسميه بالشرعية اليمنية تدعوهم إلى مغادرة الرياض.

وفي الوقت ذاته شهدت المناطق الجنوبية للمملكة المتمثلة في عسير وما جاورها أو ما كان يسمى قديما بالمخلاف السليماني تنفيذ حملة طرد واستغناء عن المغتربين اليمنيين وتطهير وظيفي للمؤسسات السعودية من الأكاديميين والأطباء اليمنيين العاملين فيها وإلغاء عقود العمل معهم تنفيذا لقرار مفاجئ اتخذه النظام السعودي بين ليلة وضحاها.

كل هذه التطورات والتبدلات في أسلوب ومنهج السياسة والتعامل السعودي مع الملف اليمني والتي وصلت حد التخلي والاستغناء والطرد لمن يخوض النظام السعودي ما يسميه حرب الدفاع عن شرعيتهم طيلة سبع سنوات .. مثلت انعكاسات طبيعية للأحداث والتطورات والتبدلات الأفغانية التي اقتضت التبدل والتغيير في موازين الرؤية والاستراتيجية السعودية الأمريكية الجديدة لإدارة صراع الحماية والتأمين لمصالحمها السياسية والإقتصادية على مستوى المنطقة والعالم وتوفير كل المتطلبات والشروط والعوامل الذاتية والموضوعية اللازمة لنجاحها.

قد يعجبك ايضا