تقييم عسكري للهجوم الصاروخي اليمني على مطار بن غوريون

الهجوم اليمني على مطار بن غوريون نقلة نوعية واستراتيجية تُحدث تغييراً في معادلات الردع وتكشف خلل واضح لدى المنظومة الأمنية الإسرائيلية أمام خصوم من خارج الجبهة التقليدية. وهو ما سيُجبر “إسرائيل” والولايات المتحدة على إعادة تقييم قدراتهما الدفاعية وحتى العسكرية ضد جبهة اليمن
نعتقد أن الهجوم الصاروخي اليمني على مطار بن غوريون في قلب “إسرائيل” يمثل تحولاً نوعياً في معادلات الصراع الإقليمي، وله دلالات عسكرية وأمنية عميقة.

أولاً: البعد العملياتي والتكتيكي للهجوم
1. اختراق أربع طبقات دفاع جوي:

فشل ثاد الأمريكي وحيتس الإسرائيلي، وهما من أكثر أنظمة الدفاع تطوراً، يشير إلى تطور غير مسبوق في قدرات الصواريخ الباليستية اليمنية من حيث: (الشبحية ـ المسار المناور ـ سرعة تفوق الصوت) فشل الدفاعات قد يرجع إلى تشويش إلكتروني أو اعتماد الصاروخ على مسار غير تقليدي لتضليل الرادارات.

2. حجم الرأس الحربي وتبعاته:

التسبب بـ”موجة انفجارات هائلة” يشي باستخدام رأس حربي ثقيل (ربما فوق 300 كغم)، مما يؤكد أن الهدف لم يكن الرمزية فقط بل التخريب الكامل لمنشأة حيوية.

3. المدى والدقة:

المدى يتجاوز 2000 كم مما يعني أن الصاروخ أطلق من عمق اليمن وليس من مناطق قريبة، وهذا يُظهر أن أنصار الله يمتلكون منصات إطلاق ثابتة أو متحركة محمية قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي. والدقة العالية تعني امتلاك تقنيات توجيه متطورة.

ثانياً: البعد الاستراتيجي للهجوم
1. ضرب “قلب العمق الإسرائيلي”:

استهداف أهم مطار مدني/عسكري في “إسرائيل” يُعد كسراً للخطوط التقليدية، ويؤكد أن الجبهة اليمنية تحولت إلى فاعل إقليمي استراتيجي مؤثر.

2. شل الملاحة الجوية الإسرائيلية:

وقف الرحلات الجوية وتعليق القطارات يؤكد نجاح الهجوم في فرض معادلة “ردع بالمثل”، بل وتجاوزها إلى “تعطيل البنية التحتية الحيوية” حتى لو بشكل مؤقت

3. الذعر الشعبي والمؤسساتي:

لجوء الملايين للملاجئ وحدوث إصابات داخل مطار مدني يعكس فشلاً أمنياً ذا أبعاد داخلية وخارجية، ويضعف صورة الردع الإسرائيلي أمام الجبهة الداخلية.

ثالثاً: انعكاسات هذا الهجوم على المنظومة الدفاعية الإسرائيلية

1. ضرب المصداقية التكنولوجية:

فشل أنظمة “القبة الحديدية” و”حيتس” و”ثاد” رغم التفاخر بها منذ سنوات يعني أن “إسرائيل” مكشوفة أمام تهديدات من الجبهات البعيدة.

2. فتح تحقيق رسمي:

فتح الجيش تحقيقاً داخلياً يؤكد وجود إرباك كبير وربما شكوك حول أداء أو جاهزية المنظومات في هذه المرحلة الحرجة.

رابعاً: الرسائل العسكرية والسياسية للحوثيين
1. الرسالة لحلفاء “إسرائيل”: هذا القصف هو تحدٍّ مباشر للوجود الأميركي في المنطقة، ويشكّل فضيحة عسكرية لأن نظام “ثاد” أميركي.

2. تعدد الجبهات: استمرار القصف من اليمن رغم “مئات الهجمات الأميركية” يعني أن انصار الله باتوا يتصرفون كدولة ذات سيادة عسكرية مستقلة قادرة على الرد المتواصل والمدروس.

خامساً: تداعيات مستقبلية محتملة
1. توسيع دائرة الاستهداف: إذا تكررت الضربات من اليمن بهذا الشكل، فقد نشهد تغييراً في العقيدة العسكرية الإسرائيلية تجاه اليمن، وربما تدخلات مباشرة أو غير مباشرة.

2. تعزيز مكانة “أنصار الله” في محور المقاومة: هذا الإنجاز سيرفع من مكانة أنصار الله ليس فقط في اليمن بل في الإقليم، وسيوفر لهم دعماً سياسياً ومعلوماتياً إضافياً.

رامي أبو زبيدةكاتب وباحث بالشأن العسكري والامني

قد يعجبك ايضا