ثورة 21 سبتمبر بين مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعب اليمني

 

تمر علينا الذكرى السادسة من ميلاد ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي ولدت من رحم التضحيات فما زادتها مؤامرات أعدائها إلا عنفواناً وقوة وعزيمة وصموداً وإصراراً على مواصلة تحقيق تطلعات الشعب اليمني نحو حياة كريمة، وصون البلد والدفاع عن سيادته استقلاله..

ست سنوات وهي تواجه التحديات الكبرى أبرزها العدوان الكوني الإجرامي الذي تقوده أمريكا وإسرائيل وأذيالهما في المنطقة وفي المقدمة النظامان السعودي والإماراتي فلم تنكص الثورة عن أهدافها العظيمة بل واجهت كل تلك التحديات بكل قوة وعنفوان وبشبابها الأوفياء سطرت أعظم الدروس وبرهنت في ميادين الإباء والعزة والكرامة بأنها ولدت لتبقى حتى تحقق لشعبها الاستقلال التام..

ست سنوات من عمر ثورتنا العظيمة التي أخرجت اليمن من دهاليز التبعية واوحال الذلة إلى يمن يصنع الموقف ويرسم مستقبل المنطقة برمتها، ويتكلم بملء الفم ضد الامبريالية والصهيونية ويقف بكل قوة إلى جانب المستضعفين في فلسطين والبحرين وبقية المنطقة..

ست سنوات أذلت فيها طواغيت المنطقة وأسقطت رهاناتهم وأصبحوا يبحثون عمن يحميهم من سيف عدالة الواحد والعشرين من أيلول الخالد

ست سنوات دخل اليمن فيها مربع القوة البالستية والطيران المسير والصواريخ المجنحة ومدافع رجوم وغيرها من الإنجازات العظيمة رغم ما واجهت وتواجهه هذه الثورة من مؤامرات كبرى بمقدورها أن تعصف بأي ثورة في غضون شهور معدودة لولا أن ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر استمدت قوتها من الله أولاً ومن حكمة قيادتها الربانية وصمود شعبها العظيم..

اليمن ما قبل ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر

لقد اتسمت المرحلة الماضية التي عاشها الشعب اليمني قبل ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر بأنها أسوأ مرحلة عاشها على مر التاريخ فاليمن في ظل النظام السابق تحول إلى بلد مسلوب القرار يعيش كالرهينة تحت حكم النظام السعودي المتآمر عليه منذ نصف قرن وأصبح من يتحكمون بالبلد تابعون صغار للسفير السعودي ومعه السفير الأمريكي الذي كان هو الحاكم الفعلي .. هذا عوضاً عن الواقع المعيشي الأسواء على مستوى العالم، إضافة إلى انتهاك السيادة الوطنية ونهب ثروة اليمن واغراق الشعب اليمني في قضايا جانبية إضافة إلى انتهاج السلطة في اليمن سياسة القمع والاستبداد والاخفاء القسري وتصفية الخصوم وازاحة الكفاءات وتقريب الموالين لأقطاب النظام ومنحهم الصلاحيات للتصرف السيء بثروة الشعب وممتلكاته .. ويمكن اختصار الوضع الذي عاشه الشعب اليمني قبل ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر في نقاط مختصرة على النحو التالي:

أولاً: اجتماعياً:

عملت منظومة الحكم السابق على ضرب النسيج الاجتماعي اليمني من خلال:

< تغذية الصراعات القبلية والمناطقية وتأجيج مشاكل الثأر بين القبائل.

< إيجاد فوارق طبقية بين أبناء المجتمع وعدم توزيع الخدمات بشكل عادل فظهرت فوارق كبيرة بين أبناء المجتمع.

< ترويج ثقافة المناطقية والعنصرية والانسلاخ عن الهوية من خلال منابر الدولة  ومؤسساتها الإعلامية..

 

ثانياً: ثقافياً وفكرياً:

أما في الجانب الثقافي والفكري فقد نهج النظام السابق على النحو التالي:

< تبني المد الوهابي وإنشاء المدارس والمعاهد والجامعات له  

< تهميش دور المذهب الزيدي والشافعي ودعم الحركات والمذاهب الدخيلة كالديانة الوهابية والبهائية.

 

ثالثاً: أمنياً:

وفيما يخص الجانب الأمني الذي كان العبث والانفلات هي السمة البارزة بل أن اقطاب النظام السابق العسكرية والقبلية وظفت الأجهزة الأمنية لمصالح شخصية كان من أبرز العبث في الجانب الأمني على النحو التالي:

< توفير الغطاء الأمني للجماعات التكفيرية وما يسمى [الإرهاب) المدعوم أمريكياً

< اغتيال وتصفية الشخصيات السياسية والفكرية والاجتماعية المناهضة للتوجه السياسي القائم وكذلك الرافضة للهيمنة الأمريكية، والتي كان يمكن أن دور في خدمة الوطن وبنائه أرضاً وإنساناً.

< مصادرة الحقوق والحريات وممارسة القمع والتسلط والإخفاء القسري والتعذيب داخل السجون والقتل بدون حق أو مصوغ شرعي.

رابعاً:سياسياً:

أما على المستوى السياسي فقد كان سياسة النظام السابق قائمة على التالي:

< الاستئثار بالسلطة ونهب المال العام ودعم مشائخ وشخصيات للتدخل في الشؤون الإدارية.

< الاقصاء والتهميش لكثير من الكوادر والكفاءات الوطنية وحرمانهم الوظائف والعمل واستخدام سياسة الفصل والطرد في أكثر الأحيان.

< الخضوع للإملاءات الخارجية بخاصة الأمريكية لدرجة أن السفير الأمريكي كان هو الحاكم الفعلي.

< فتح المجال لتعدد الأحزاب لتوسيع الفرقة والاختلاف والتشتت بين أبناء اليمن حيث وصلت الاختلافات إلى المجتمع الواحد والمنطقة الواحدة وداخل الأسرة الواحدة.

 

خامساً : عسكرياً:

كما كان الجيش اليمني الذي كان ينهك الشعب بموازنته مجرد جيش عائلي يعمل على حماية مصالح اقطاب النظام وينفذ أجنداتهم المرتبطة بأجندات ومؤامرات خارجية وقد عانى الجيش اليمني في ظل نظام عفاش من الآتي:

< تفكيك الجيش اليمني وإفراغه من عقيدته العسكرية وتحويله إلى جيش عائلي.

< إنهاكه في حروب داخلية كحرب صيف 94م وحروب صعدة خدمة للأجندات الأمريكية.

< الخضوع للمطالب الأمريكية بسحب الأسلحة الاستراتيجية وتفكيكها وإفراغها من فاعليتها.

< نهب موازنة الجيش ووزارة الدفاع وعدم تسليحه لحماية البلد من التهديدات الخارجية التي كانت معروفة.

< استهداف كوادر الجيش اليمني المؤثرة عن طريق التصفيات والاغتيالات.

 

سادساً: اقتصادياً ومعيشياً

وفي الجانب الاقتصادي والمعيشي للشعب اليمني فكان الأسوأ على الإطلاق فثروة الشعب نهبت ومقدراته سرقت وأصبح المستوى المعيشي للشعب اليمني في أسفل قائمة الدول وتحول إلى شعب جائع ينتظر ما يقدم له من المنظمات وقد عمد النظام السابق على تجويع الشعب اليمني من خلال سياسة افقاره على النحو التالي:

< الجرع الاقتصادية المتكررة التي أثقلت كاهل المواطن.

< تحويل موارد الدولة لبناء شركات خاصة والاستئثار بعائدات الثروة اليمنية لحساب اقطاب النظام وشخصيات نافذة ومقربة

< إهمال الجانب الزراعي وتدمير البنية الزراعية وإدخال المنتجات الزراعية الأجنبية لتدمير ما تبقى من إنتاج وطني..

< السماح للشركات الأجنبية وتمكينها من استغلال الثروات المعدنية والنفطية عبر صفقات سرية بينها وبين أقطاب النظام.

< تدمير الثروة السمكية وتركها نهباً لسفن الصيد الأجنبية وحرمان الصيادين اليمنيين وعدم دعمهم.

< استغلال ونهب ما تقدمه بعض الدول والمنظمات الأجنبية من مساعدات وتقديم الفتات للشعب .

< ترسيخ نظرة في الذهنية العامة أننا شعب فقير وبلا مقومات وينتظر لما تقدمه.

< اثقال كاهل الشعب بالقروض المكررة التي تعود نتائجها السلبية على حساب المواطن.

.سابعاً:إداريا:

كما كان العبث بمؤسسات الدولة سمة بارزة حيث انتشرت المحسوبية والرشوة والابتزاز وغيرها من سياسات النظام السابق الذي عمل على إفراغ مؤسسات الدولة من الكفاءات وتسليمها لشخصيات نافذة ومقربة. وكذلك إدارة مؤسسات الدولة بالمحسوبيات والارتجال بعيداً عن التخطيط الصحيح القائم على  الدراسات والخبرات.

التحديات التي واجهت الثورة بعد انتصارها

بعد انتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر واجهت الكثير من التحديات يقول قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله): ((كانت لا تزالُ هناك تحدياتٌ قائمة.. والمعركة مستمرة مع الفساد والفاسدين، والمشوار أَيـْـضاً مستمرٌّ، لكنه يمكننا القول: إن شَعْـبَنا الـيَـمَـنيَّ إِلَـى الآن قد تجاوَزَ وتخَطَّى العائقَ الأكبرَ، وما بعد اليوم لن يكونَ أصعبَ مما قد مضى، إنما تتطلب المسألةُ جِدّاً وإرَادَةً صادقةً من الجميع، وحرصاً صادقاً على مصلحة هذا البلد.

التحدي الأول: هو مع الفساد ومَن يسعى لإعاقة المرحلة القادمة؛ لما تضمنته من أُسُسٍ للوضع السياسي والاقتصادي، والعسكري، هم فعلاً سيكونون جبهةَ الفساد، الفاسدون بالتحديد مَن يمكنُ أَن يعتبروا أنفسَهم متضررين من هذه الثورة، ومتضررين أَيـْـضاً من الاتفاق الذي أرسَى مبادئَ الشراكة، وتضمن الحلول والمعالجات وحُزمةً من الإجراءات الفاعلة حال تنفيذها في معالجة الوضع بكله..

المرحلة هي مرحلة بناء دَوْلَةٍ عادلة، وهذا يتطلَّبُ تظَافُرَ الجهود من الجميع وتعاوُنَ الجميع وتكاتُفَ الجميع، أصحابُ منهج الإقصاء هم أَيـْـضاً مستبدون، هم من يحرصون على الاستبداد ومصادَرة حقوق الآخرين والاستئثار بكل شيء.

ثانياً: التحدي الأمني

 أَمَـامَ شَعْـبنا التحدي الأمني المتمثل في خطر القاعدة التي هي صنيعةٌ للاستخبارات الأجنبية، والتي تلعب دوراً سلبياً تدميرياً هَدَّاماً في شعوبنا العربية والإسلامية، التحدي الأمني المتمثل في القاعدة وأخواتها، ومَن يمكنُ أَن يكونوا أذيالاً لبعض القوى المتسلطة التي أسقطتها الثورة وأزاحتها عن التأثير في واقع البلد والواقع السياسي، وقد أنجز شعبنا في هذا السياق وتمكن من تحقيق الكثير من الأمن وتأمين أجزاء واسعة جدًا واستراتيجية من هذا الخطر وفي فترة قياسية.

الانزعاج قوى الاستكبار من انتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر

كان قوى الهيمنة أو ما سمي حينها بالدول العشر وفي المقدمة العدو الأمريكي منزعجة بشدة من انتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر وخائفة بشكل كبير كونها ظلت تهيمن على القرار السياسي اليمني عقود من الزمن ترافق مع ذلك نهب شركاتها الثروة النفطية والمعدنية اليمنية وبالتالي لم يكن مقبولا لديهم أن تنتصر ثورة الشعب اليمني وأن يتحرر القرار السياسي اليمني وأن يكون اليمن بلداً حرا ومستقلاً وهذا الانزعاج الكبير يصفه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي وهو يصف ردة فعل القوى المنزعجة بقوله: (( أرادوا مني أن أسكت وهددوني آنذاك وسخرت من تهديدهم لأني أنتمي إلى هذا الشعب وأنتمى إلى الهوية وإلى الأصالة لهذا الشعب، أنا في هذا البلد أعيش إحساس اليمني، هوية الإنسان اليمني الأصيل، الذي يأبى العبودية لغير الله سبحانه وتعالى، هذا اليمني الذي تحرك بكل إباء ولم يلتفت إلى كل تلك التهديدات ولا إلى كل ذلك الضجيج الذي سعى العملاء في هذا البلد إلى جانب أولئك الأجانب من خلاله إلى التشويش على هذا الشعب إرجافاً وتلبيساً للحقائق وسعياً إلى إيقاف ذلك التحرك)).

وقد توجوا انزعاجهم بعدوان كوني إجرامي ما يزال مستمراً منذ ست سنوات وما تزال ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر بقائدها العظيم وشعبها الشجاع تواجه عدوانهم بكل ثبات وصمود وتحدي وعنفوان..

ما الذي أنجزته ثورة الـ 21 من سبتمبر وما هي المكاسب التي حققتها؟

رغم التحديات الكبرى التي واجهتها وما تزال تواجهها ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر منها العدوان واذياله الذين فجرا الكثير من الفتن الداخلية كفتنة عفاش وحجور والبيضاء وما سبقها إلا أن الثورة حققت إنجازات عظيمة ومهمة لم تحقق أغلبها في تاريخ اليمن ومن هذه الإنجازات والمكاسب باختصار ما يلي:

أسقطت مشاريع الهيمنة الخارجية

كان من أعظم إنجازات ثورة 21 من سبتمبر أنها أنهت مشاريع الوصاية والهيمنة على اليمن التي ظلت عقوداً من الزمن وكان الشعب اليمني مسلوب الحرية والقرار السياسي رهين التبعية للخارج الذي سيطر على كل مفاصل البلد فيما انعكس ذلك على أوضاع الشعب اليمني وظل يعاني لعقود من الحاجة والفاقة فيما تذهب ثرواته إلى بطون الخونة والعملاء وأسيادهم، وبانتصار ثورة 21 سبتمبر استعاد اليمن قراره السياسي وحريته واستقلاله وكرامته وعندما شقت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر طريقها نحو بناء الدولة المدنية العادلة تآمرت عليها قوى الهيمنة وشنت عدوانها الإجرامي بعد ستة أشهر من انتصار الثورة ولكنها لم تنكسر في وجه الغزاة بل تصدت لهم بكل جدارة.

أسقطت مشاريع التفتيت والأقلمة

 

كما شكّل انتصار ثورة 21 سبتمبر ضربة قاضية لمشاريع تفتيت اليمن وتقسيمه التي سعت أمريكا وأدواتها في المنطقة وعملاؤهم في الداخل لفرض ما يسمى اليمن الاتحادي والذي هو عبارة عن مشروع تقسيمي يقسم اليمن إلى عدة أقاليم بما يسهل عليهم نهب خيراته والتحكم بمقدراته وسلب قراره وانتهاك سيادته.

أنهت نظام المحاصصة وأرست دولة النظام والقانون

كما كان من إنجازات ثورة الحرية والتنمية والبناء ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر أنها قضت على نظام المحاصصة الاقطاعي الذي ظل يحكم اليمن لأكثر من 33 عاماً فلم يكن هناك دولة بمعنى الكلمة وإنما مافيا سيطرت على الدولة وبدأت تتقاسم ثروات البلد لمستوى أن ثروة أحدهم تجاوزت الـ 70 مليار دولار فيما كل احتياطي الدولة لم يتجاوز 4 مليار دولار، كما أطلقت الثورة مشروع الشهيد الصماد (يد تحمي ويد تبني) وكذلك الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة التي دشنها الرئيس المشاط وبما يؤكد أن ثورة 21 من سبتمبر ثورة بناء وتحرر واستقلال.

أحيت الهوية اليمنية

أعادت ثورة الـ 21 من سبتمبر للقبيلة اليمنية حضورها وللإنسان اليمني ثقله وزرعت الثقة في نفسه وأصبح أحد أهم الكوادر الفاعلة في الثورة بعد عقود من التهميش وتغذية الحروب والمشاكل القبلية حيث قضت الثورة على مشاكل اجتماعية مزمنة في المقدمة مشاكل الثأر التي كانت منتشرة بين مختلف القبائل كما رسخت الأخوة والألفة بين أبناء الشعب اليمني.

بنت القدرات العسكرية

ومما تميزت به هذه الثورة أنها أعادت إحياء المؤسسة العسكرية وبناء قدراتها الدفاعية من الصفر واستطاعت تطوير قدرات اليمن الدفاعية وانتجت عدة منظومات صاروخية بالستية ذات مديات مختلفة وصلت ما بعد الرياض وأبو ظبي كما أنتجت الطائرات المسيرة ومختلف متطلبات التصدي للعدوان الغاشم وفي ظل الحصار الخانق والأزمة الاقتصادية وندرة الموارد لكنها إرادة ثورية لا تعرف المستحيل وبفضل حكمة قائد الثورة أصبح اليمن قوة عسكرية معتبرة بشهادة الأعداء يواجه احدث التقنيات العسكرية بل أن اليمن استطاع تحييد المنظومات الجوية الأمريكية والصهيونية منها منظومة ثاد والباتريوت وغيرها.

أسقطت الأدوات الأمريكية    الإجرامية (قوى التكفير والتفخيخ)

كما استطاعت ثورة الـ 21 من سبتمبر القضاء على الأيادي الإجرامية الأمريكية التي عملت على تفخيخ الأسواق والمساجد والطرقات وتنفيذ سلسلة طويلة من الاغتيالات ضد كوادر الوطن.

قد يعجبك ايضا