حرب اليمن … تراجيديا طالت 8 أعوام

منذ بدء حرب تحالف العدوان على اليمن تعرض هذا البلد العربي إلى خسائر كبيرة في الأرواح وكذلك خسائر مادية كبيرة حيث توصف هذه التراجيديا بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، والسؤال المطروح هو لماذا تحولت الأحداث في اليمن من خلاف داخلي إلى تدخل وعدوان خارجي ولماذا طالت حتى الآن؟

بيع السلاح الأمريكي للسعودية

يؤكد العديد من مؤسسات الدراسات والخبراء الدوليون أن أمريكا تستفيد من حرب اليمن لبيع السلاح لدول المنطقة حيث حققت شركات السلاح الأمريكية والوسطاء أرباحا طائلة.

لقد أكد قائد الثورة الشعبية في اليمن في عدة مناسبات أثناء هذه الحرب “أن أمريكا تتعمد إطالة أسوأ كارثة إنسانية في العالم تحدث في اليمن من أجل تحقيق أرباح عبر صفقات السلاح مع السعودية وباقي حلفائها الإقليميين”، مضيفا أن أمريكا ماضية في إبطال مفعول مبادرات سلطان عمان والجهات الأخرى لإعادة السلام والاستقرار الشامل إلى اليمن.

ويضيف أن أمريكا تريد أيضا جعل اليمن تابعا لها من أجل السيطرة عليه، كما أن التحالف السعودي يستولي على موارد اليمنيين ويحرمهم من عوائد نفطهم ومواردهم الطبيعية، كما أن الأمريكيين هم من يقودون عمليات قصف اليمن التي تنفذها السعودية منذ بدء العدوان في مارس 2015.

وهناك العديد من المؤسسات والأوساط الغربية التي أكدت مثل هذه الحقائق أيضا.

لقد أوردت مجلة The American Prospect أن التحالف السعودي قد شنت بين عامي 2500 و2022 أكثر من 2500 غارة جوية على اليمن باستخدام قنابل أمريكية الصنع وبدعم من الجيش الأمريكي.

أما جمعية أوكسفام للإغاثة الدولية فقد أعلنت في تقرير أن الأسلحة البريطانية والأمريكية التي اُرسلت للسعودية قد استخدمت مباشرة في الهجمات التي تستهدف المدنيين في اليمن.

وفي عام 2016 أوردت صحيفة واشنطن بوست في تقرير للكاتب “توماس كيوبنز نيف” أن المشاهد الواردة من اليمن تظهر استخدام السعودية لسلاح الفسفور الأبيض الذي اشترته من أمريكا، ضد اليمن ما يثير مخاوف لدى جمعيات حقوق الدولية.

اليمن يحتاج إلى إغاثة غذائية

تفيد معظم تقارير المنظمات الدولية أن من أهم أهداف هذه الحرب الضروس هو إضعاف وإخضاع الحكومة والشعب اليمني، وتشير هذه التقارير إلى النتائج الكارثية لهذه الحرب الطويلة الأمد.

لقد خفض برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة مساعداته لـ 13 مليون يمني خلال العام الماضي، بنسبة 50  بالمئة لخمسة ملايين يمني و75 بالمئة لثمانية ملايين يمني، ويأتي هذا الخفض في المساعدات الغذائية لبلد يعاني من أسوأ كارثة غذائية في العالم حيث يعد اليمن في طليعة الدول التي تعاني من المجاعة في العالم ، ووسط تقارير أممية تؤكد أن المدنيين اليمنيين يواجهون خطر الموت من دون هذه المساعدات.

وتؤكد هذه المنظمات الأممية والإنسانية أن تقديم المساعدات إلى 23 مليون يمني من أصل 32 يمني يعتبر ضروريا.

أما معهد “سي اف آر” الأمريكي فيؤكد هو الآخر أن الحرب الـ 8 أعوام في اليمن وضعت الأزمة الإنسانية في اليمن ضمن أسوأ الأزمات العالمية في القرن الأخير بسبب انتشار المجاعة الواسعة وتفشي الأمراض والهجمات على المدنيين.

وكان برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة قد حذر في وقت سابق أيضا أن الحرب في اليمن الذي يعتبر من أفقر دول المنطقة قد أخر النمو والتنمية في هذا البلد لأكثر من عقدين من الزمن، محذرا من ارتفاع عدد الضحايا إلى مليون و300 ألف شخص اذا استمر الوضع هكذا حتى عام 2030.

وأوضح في تقرير نشره في نهاية العام الميلادي المنصرم أن عدد ضحايا حرب اليمن سيصل حتى نهاية العام إلى 377 ألف شخص.

وحسب الوثائق المتوفرة لدى هذه المؤسسة الدولية فإن الضحايا هم ضحايا مباشرون وغير مباشرون وأن معظم الضحايا غير المباشرين هم من الأطفال الذين يتضررون بشكل خاص من سوء التغذية والمجاعة، فطوال عام 2021 فقد كل 9 دقائق طفل يمني حياته بسبب آثار الحرب.

وتضيف هذه المؤسسة الدولية أن 80 بالمئة من سكان اليمن هم الآن بحاجة إلى مساعدات خارجية وأن الاقتصاد اليمني على شرف انهيار تام.

الملخص

يؤكد معهد بروكينغز أن الحرب في اليمن هي حرب أمريكية. وأن السعودية صرفت ثروة طائلة على شراء الأسلحة من أميركا لكي تقود حربا قتل فيها ربع مليون إنسان على الأقل بهذه الأسلحة.

أما مؤسسة أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم التي تعتبر مؤسسة تقتفي أثر مبيعات السلاح في العالم فتقول إن السعودية كانت بين عامي 2015 و2019، أي في السنوات الـ 5 الأوائل من حرب اليمن، أكبر مستورد للأسلحة في العالم. وقد ارتفع استيراد السعودية للسلاح بمقدار 130 بالمئة قياسا مع الأعوام الـ 5 قبل بدء حرب اليمن.

فقبل بدء حرب اليمن بـ 5 أعوام بلغت قيمة كل الأسلحة التي استوردتها السعودية 3 مليارات دولار. لكن بين عامي 2015و2020 وافقت واشنطن على بيع أكثر من64/1 مليار دولار للسعودية بمعدل 10/7مليار دولار في عام.

كما ازداد بيع السلاح إلى الدول المتورطة في هذه الحرب مثل الإمارات.

وفي الختام يمكن القول إنه كان بإمكان الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما أن يوقف الحرب في عام 2015 عبر وقف الدعم العسكري والدبلوماسي والمخابراتي للتحالف السعودي الذي حاصر اليمن وشن هجمات دون انقطاع على الأهداف المدنية، لكن تحقيق مليارات الدولارات من الارباح منع أمريكا من القيام بهذه الخطوة.

أما إدارة دونالد ترامب فكانت تواقة لاستمرار الحرب وكان وزير خارجيته مايك بومبيو يتصور بأن الحرب ستنتهي بانتصار من بدأها ولذلك سهل عملية بيع السلاح الثقيل إلى السعودية.

والسؤال المطروح الآن هو ألم يحن بعد وقت إنهاء هذه الحرب بعد سنوات من إشعالها وقتل الشعب اليمني والمدنيين الذين يشكل الأطفال والنساء والكبار معظمهم؟ ألم يحن الوقت لإيقاف سباق التسلح في الشرق الأوسط والذي يستفاد منه فقط تجار الحرب والموت ويزيدون ثرواتهم؟

* المصدر: وكالة أنباء فارس

قد يعجبك ايضا