حصاد العرب في عام 2016!؟

عين الحقيقة/المصدر /رأي اليوم 

عاشت المنطقة العربية ككل منذُ مطلع عام 2016 م، وحتى مشارف نهاية هذا العام على تطورات دراماتيكية، «دموية» – «سياسية» – «أمنية» – «أقتصادية» .. من شمالها الى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها، وعلى امتداد أيام هذه العام، فقد أشتعلت عدّةُ جبهات على امتداد الجغرافيا العربية، وبشكلٍ سريع ومفاجئ جدّاً في ظل دخول متغيرات وعوامل جديدة،وفرض واقع وإيقاع جديد للخريطة الجيوسياسية والأمنية، للكثير من جغرافيا المنطقة العربية، وهنا سنعرّج على بعض هذه الأحداث والمتغيرات التي عاشتها المنطقة العربية بعام 2016 م .

فلسطين والقدس في واجهة الصراع ماقام و يقوم به كيان الأحتلال الصهيوني من هجومٍ بربري، نازي، فاشي، يستهدفُ الضفة الغربية بشكلٍ عام، ومدينة القدس والمسجد الأقصى بشكلٍ خاص، يضيفُ عامّاً آخراً من الألم للشعب الفلسطيني، فبهذا العام، مارس هذا الكيان الصهيوني المسخ، دوره القديم الجديد بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير باقي سكان فلسطين من موطنهم، تقوم عصابات هذا الكيان المسخ، بتدمير وهدم الكثير من المنازل والمساجد والمناطق الحيوية، بالضفة الغربية، لتقام على أنقاضها، مستوطناتٌ، توطّنُ فيها مجموعةٌ من مستوطنيّ هذا الكيان المسخ، بهدف التجهيز لقيام دولة اسرائيل اليهودية، وبالنسبة للموقف العربي، فلقد اثبتت أحداث مدينة القدس الأخيرة وانتفاضة «الأقصى» وماسبقها من مجريات واحداث رافقت الانتفاضة الأخيرة، إن بعض «العرب المعتدلين»، مازالت مواقفهم سلبية، ولا ترتقي لمستوى المرحلة الخطرة التي تعيشها فلسطين بشكلٍ عام، وبجانبٍ فلسطيني آخر، برز إلى الواجهة مجدداً، حجمُ الخلاف بين الفصائل الفسطينية «فتح – حماس»، بعد وثيقة المصالحة، و في جانبٍ فلسطيني ثالث، ما زال محمود عباس، يقوم برحلات مكوكية «مقيّدة صهيونياً» بهدف الوصول إلى حلٍ لقضية فلسطين، وللآن لم يصل لهذا الحل، لا دولياً ولا إقليمياً ولاعربياً.

الساحة اليمنية والخليجية تعيش متغيرات كبرى المشهد ألاكثر حضوراً هذا العام،هو تطورات الساحة اليمنية الأخيرة، وانهيار بنية الدولة اليمنية المتهالكة، بعد الحرب التي شنّها التحالف العربي على اليمن، فهذا المشهد «الدموي» باليمن، فرض مجموعة اسئلة، ولعلّ أكثرها عن أسباب قيام المملكة العربية السعودية – دول الخليج (الفارسي) بالحرب على اليمن، وعن تطورات ونتائج ومستقبل هذا الصراع في الساحة اليمنية، وخصوصاً، بعد دخول تنظيم القاعدة وداعش على خط الصراع في اليمن.. في ظل غياب كامل لأدوات الدولة، مما سينذرُ بحالة فوضى كبيرة باليمن مستقبلاً، وهذا الأمر ينسحبُ كذلك على بعض دول الخليج (الفارسي)، مثل البحرين التي مازالت تعاني من عدم الاستقرار الأمني والمجتمعي، كذلك  ينسحبُ على الكويت والسعودية اللتين عاشتا خلال العام 2016 م على تطورات اقتصادية سلبية، وتفجيرات، استهدفت دور العبادة وغيرها، تبنى معظمها تنظيم داعش الإرهابي، ما يؤكدُ إن دول الخليج (الفارسي) بمجموعها، تعيشُها، وفي حالة غير مسبوقة من التفكك المجتمعي، وغياب لبعض مفاهيم الأمن الدخلي، وعدم الاستقرار الاقتصادي، نتيجة الانخفاض الحاد بأسعار النفط، وهذا ينذرُ بواقعٍ خطير، قد تعيشهُ دول الخليج (الفارسي) بالقادم من الأيام.

ليبيا صراع محلي يتطلبُ تدخلاً والنتيجة غالباً.. «جراحة عسكرية غربية» بالانتقال إلى مايجري في ليبيا، وتحديداً في العاصمة الليبية طرابس، ومدينة بنغازي، ومؤخراً، مدينة مصراته وسرت، وبعض مدن الجنوب والشرق الليبي النفطية، فقد كان الواقع الليبي هو الآخر، فارضاً لنفسه بقوّة في المشهد العام للمنطقة العربية  في عام 2016 م، فقد شهدت البلاد خلال هذه السنة، صراعاً «دموياً» كبيراً، محلياً، ومدعوماً بأجندات خارجية، وقد كانت أطراف هذا الصراع متعددة الولاءات، فمنها على سبيل المثال، كتائب ما يُسمى بـ «أنصار الشريعة – كتائب فجر ليبيا، وغيرها» وهي مدعومة من بعض الحكومات الإقليمية، مثل تركيا و قطر، وقد أفرز تعدد هذه المليشيات المُسلّحة، حالة صراع دائم فيما بينها، فقد أرتبط هذا الصراع المحلي بصراعٍ أقليمي – دولي، ما ينذرُ بالمزيد من الفوضى داخل الدولة الليبية مستقبلاً، وفي ظل غياب أي سلطة فعلية للدولة الليبية على الأرض، وخصوصاً، مع ظهور تنظيم «داعش» المتواجد بشرق ليبيا، ما سيزيدُ التعقيد المستقبلي للحالة الليبية المضطربة أصلاً، وهذا الوضع قد يستمر لأشهر قبل الحديث عن جراحه دولية، خاصة في الواقع الليبي، وإنشاء حلف دولي، بحجة محاربة القوى المتطرفة في ليبيا، وهذا ما بدأت علامات ظهوره تتضح، والهدف العام لكل هذا، هو أقتسام الكعكة الليبية بين القوى الدولية.

سورية صراع دموي قد يستمر لاعوام ولكن .. بالواقع العربي المضطرب، يبرز إلى الوجود، المشهد السوري الذي مازال حاضراً منذُ خمس سنوات تقريباً، وفي أخِر تطورات هذا المشهد لهذا العام، هو أستمرار فصول الصراع العسكري على الإرض، تاركاً خلفه عشرات الآلاف من القتلى.. في ظل دخول قوى دولية وإقليمية بشكلٍ مباشر إلى أرض المعركة، بالإضافة إلى عقد مؤتمرات دولية، أفشلتها قوى المعارضة السورية، بالإضافة لمشهد التدخل الروسي في سورية، والذي بدأ بضرب مواقع لتنظيمات متشددة «داعش والنصرة وبعض التنظيمات الهلامية الأخرى» على الأراضي السورية بحراً وجوّاً، وما دار حول هذا المشهد تحديداً من تحليلات وقراءات، حول نتائج هذه العملية والخلفيات والأبعاد المستقبلية لها، و في التكهنات المستقبلية لهذا الصراع الدامي، يمكن القول بأن الدولة السورية، ونظامها الرسمي، أستطاعا اجتياز أقسى وأصعب ظروف هذا الصراع، ولكن مازالت بحاجة إلى المزيد من الوقت، للوصول مع القوى الغربية والإقليمية إلى تسويةٍ ما، تهيّأ لاجتثاث أدوات هذه الحرب من فوق الأرض السورية، مثل «داعش – النصرة – وبعض الجماعات المسلّحة الإرهابية الأخرى».
لبنان والأردن تشابه بالاحداث والواقع؟؟ برزت إلى واجهة الاحداث بالعام الحالي في لبنان والأردن، قضية الإرهاب والوضع الاقتصادي، فالأردن بدورها، شهدت حوادثً ماسأوية، وهي عبر عن عمليات إرهابية عدة نفذها إرهاربيين بالداخل الأردني  ومن هنا نرى إن كلا البلدين، يشتركان بحالةٍ شعبية واحدة، مع العلم إن البلدين يعيشان تقريباً، نفس التأثيرات السلبية، نتيجة الحرب على سورية .. من لاجئين وغيرها من ظروفٍ مرتبطة بذلك، وانخراط بمسار الحرب، بالإضافة الى أوضاع اقتصادية صعبة، يعيشها كلا البلدين، فقر، بطالة، مديونية مرتفعة، ما ينذرُ بواقعٍ أمني واقتصادي وسياسي خطير، قد يعيشهُ كلا البلدين بالقادم من الأيام.
المشهد العراقي  المضطرب مستمر في العراق، ما زالت المعارك على الأرض مستمرة، وبزخمٍ أكبر، ضدّ تنظيم داعش الإرهابي، فهي معاركُ كر وفر – يشتركُ فيها الجيش العراقي، وكتائبٌ شعبية مقاتلة – «الحشد الشعبي» – قوات كردية «البيشمركة»، مجاميع مُسلّحة من بعض عشائر العراق، وبعض مدن شمال العراق، بالإضافة إلى هذه الأحداث العسكرية والأمنية بالعراق، جاء التدخل التركي بشمال العراق، ليزيد تعقيد المسألة العراقية .. بحجة محاربة تنظيم داعش، وفي ظل استمرار الثورة الشعبية في العراق التي انطلقت لمحاربة ظاهرة الفساد، حيثُ غرق فيها العراق، خلال السنوات الماضية ومازال، وهذا ما يوضحُ إن المعركة بالعراق، هي معركةٌ متعددة الأشكال والفصول..  تطرف – فساد – سياسات طائفية – صراع محلي (إقليمي – دولي) على تقسيم العراق – وضع أقتصادي متهالك، ما ينذرُ بأن المعركة بالعراق، قد تحتاجُ على الأقل لعقدٍ من الزمن، حتى يُعاد ترتيب وبناء البيت العراقي من جديد.

الاستقرار الـ «مرحلي» المغرب والجزائر وتونس ومصر والسودان  وموريتانيا والصومال يبدو واضحاً، إن هذه الدول، ورغم حجم الاحداث الماسأوية التي حصلت بتونس والجزائر ومصر، نتيجة الإرهاب أو نتيجة بعض التباينات والصراعات المجتمعية، إلّا إنّهُ يمكن القول إنّ هذه الدول في مجموعها مازالت تعيشُ بحالة من الاستقرار المرحلي، ولكن هناك خشية من تطورات دراماتيكية، قد تعيشها بعض هذه الدول، بسبب ظروف أمنية أو اقتصادية أو حتى سياسية، قد تعيشها هذه الدول  في المرحلة المقبلة.

ملاحظة أخيرة ياترى بعد توضيح أهم أحداث العرب  في عام 2016 م، كيف سيكون عام 2017 ميلادي؟ وهنا بالتأكيد سنترك الإجابة للقادم من أيّام العام 2017، لتعطينا اجابات واضحة عن مسار الاحداث العربية.. مع تمنياتنا ودعواتنا أن يكون العام 2017 أفضل عربياً.

 

 

قد يعجبك ايضا