حمامة السلاح ..للشاعر /عبدالسلام المتميز

يوماً رأيتُ حمامةً فدعوتها : مهلاً تعالي
فلدَيّ في نفسي سؤالٌ فاسمعي مني سؤالي
ما دمتِ أنتِ طليقةً في كل آونةٍ وحالِ
ما دمتِ تنتقلينَ مِنْ أقصى الجنوب إلى الشَمال
ما دمتِ مِن بلدٍ إلى بلدٍ تجوبين الأعالي
رغم الحواجز والمعابرِ والعساكر والرجال
*****
لم لا تشدين الرحال إلى أراضينا السليبة
للمسجد الأقصى الحبيب إلى فلسطين الحبيبة
مُدِّي جناحيك اصعدي فالجو آفاقٌ رحيبة
فتأوَّهَت ْ وتألّـمتْ في دمعةٍ حرَّى كئيبة
قالت : ألسْتَ ترى الفضاء وحالة العرب العجيبة ؟!
بالله كيف أطير في هذا الفضاء المُستعار؟!
حكّامكم باعوا الفضاء مع الجبال مع البحار
باعوا لأمريكا الفضاء لكي تُجرّعنا الدمار
ولِطائراتِ تجسس الأعداء بليلٍ أو نهار
*****
ما كان هذا الواقع المشؤوم يحصل بالصُدَفْ
منذ اعتزلنا ( حيدراً ) وإذا بواقعنا اختلف
لم نستجبْ ( يوم الغدير ) لرافعٍ كفّاً بكف
لكننا قلنا : ( أصاب المصطفى بعضُ الخَرَف)
فإذا بواقع أمتي عن نهج خالقه انحرف
وإذا بأقدام اليهود تدوسنا ، يا للأسف
يتجوّلون برجسهم في (كربلاءَ) وفي (النجف)
نهَشَ الجنودُ العِرض في أرض الطهارة والشرَف
حتى مصاحفنا بكتْ ووريد أمتنا نزف
خزيٌ نُجرَّعُ سُمّه ونقول : (ذا دين السلَف)!!
فارفع شعارك يا أخي رغم التجبُّر والصلَف
وارفع شعارك يستقمْ نهج الحياة إلى الهدف
*****
أنا يا أخي الإنسان أَعلمُ أنني فعلاً أطيرْ
وأنا أطيرُ أرى جميع مواجع الشعب الضرير
وأرى جميع الحاكمين تبيع أرضي ( للسفير )
وأنا أطير أرى ( السفير ) يجول فيها كالأمير
فهو الرئيس هو الوزير هو الفريق هو الـمُشير
*****
وتريد مني أن أشق إلى فلسطين المسار ؟!
لو كنتُ أَنطقُ لانبرَى صوتي ليغسل كل عار
لسمعتَ مني جملةً هي منهجٌ للانتصار
لسمعتَ مني جملةً هي باب تحرير الديار
لسمعتَ مني جملةً حـمْرَاْ تذوب لها الحجار
لسمعتَ مني جملةً ألْقتْ بصهيون الصَغار
لو كنتُ أنطقُ لانطلقتُ (بصرخةٍ) ولكنتُ رددتُ (الشعار)
*****
أنا ليس لي لغةٌ تفهّمكم وليس معي لسان
لوكان لي نطقٌ لكنتُ لعنتُ كل من استكان
ولعنت كل الحاكمين وكل محكومٍ جبان
ولعنت كل الخانعين الخائفين من الأنام
ولعنت كل الساكتين وهم يُجيدون الكلام
ولو ادّعوا أن الحمامة دائماً رمز السلام
فلْيخسأوا ، أنا لست أرضى بالتذلُّل للِّئام
أنا لست أرضى بالمذلة لست أرضى أن أُضام
*****
أنا لست أخضع إن أتتْ حولي صقورٌ طامعة
وأذود عن عُشّي أدافع عن صغاري الجائعة
وأخوض معركتي أقاومُ لو أموت مُدافِعة
هي فطرةٌ في الكائنات إذا غدتْ مُتصارعة
وغريزةٌ في كل أنواع العوالم شائعة
إلا لدى بعض الشعوب الخائرات الخانعة
*****
عني فسَلْ تاريخكم أرضيتُ يوماً أيَّ جَور
لي في الجهاد مواقفٌ في كل مرتفَعٍ وغَور
أهوى الدفاع عن الهدى في كل مرحلةٍ وطَور
لي في الفداء مع النبيْ دورٌ عظـــيمٌ أيُّ دور
فبذلتُ نفسي والصِغارَ فداءَه في ( غار ثور )
*****
واليوم ها أنتم قعدتم والنوائب زاحفة
واللهِ ما نصَر الهدى صمتٌ ونفسٌ خائفة
وعلى الهدى ريحٌ من الأعداء هبّتْ قاصفة
وسيولُ إفساد (اليهود) جرت عليكم جارفة
أيَصدُّها غيرُ الرجال الصامدات الواقفة
تلْتَفُّ حول هُداتها ، وعلى الهدى متآلفة
وتشيد سدّاً من هدى قرآنها متكاتفة
*****
أوَمَا سمعتَ رسالة ( الأقصى ) إلى ( ابن المصطفى)
حين اليهود طغتْ به والحق في الناس اختفى
لما رأى نور ( المسيرة ) مشرقاً قد أسعفا
كتب الرسالة طالباً لخلاصِه ِمُتلهّفا
فاسمع كلام المسجد الأقصى إلى ابن المصطفى:
أنا ثالث الحرمين والمسرى لجدك (أحمدا)
عفواً (أبا جبريل) إني قد رضيتك سيّدا
أنا باسم كل مقدسات الدين جئتُ مُردِّدا
باسمِ المساجدِ والمناسكِ والنبوةِ والهدى
باسم الشرائع والشعائر قد رأيتك مُنجدا
أنا بانتظارك سيدي أَقبِلْ جُعلتُ لك الفداء
وارفع ( شعارك ) سيدي و( اصرخ ) ، جعلتُ لك الفداء
*****
بيني وبينك أمةٌ حيرى تَخبَّطُ في الظُلَمْ
فيها الثقافة دجَّنتْ تلك الشعوبَ لمن ظلَم
( أطِعِ الأمير وإن تولى جَلْدَ ظهرك أو قصَم )
قالوا: ( أطيعوا حكمَه ) ، فإذا اليهوديُّ الحكَم
بئس الثقافة ، رُوِّجتْ باسم التدين والقيَم
صارت ترددها المساجد والإذاعة والحِكَم
حتى بروضة ( أحمدٍ ) وعلى المنابر في الحرَم
يا سيدي فاكسر جدار الصمت، إن الظلمَ عم
ردّد شعارك سيدي ، حطّمْ طواغيت الأمم
لقِّنه للجيل الذي عرف الطريق إلى القمم
ولَسوف ينطقه الأُولى خرسوا ، ويسمعه الأصم
ردده يمسح دمعة الأيتام ، يجتثُّ الألم
*****
أنا قد عرفتك سيدي منذ انطلقتم صارخين
في موقعي مُذْ كنتُ أرقُبُ ما جرى في العالمين
كم قد عرفتُ من الضلالة والهدى في كل حين
فعرفت كيف هم الهُداة تتابعوا في العالمين
وعرفت منطقهم وقوتهم أمام الظالمين
فإذا بصرختكم تذكّرني بهم رغم السنين
فارفع ( شعارك ) إنه صوت الهداة الثائرين
*****
مُذْ أحكم ( الشيطان ) خدعته وفجّر ( مبنيَيْن )
ومقابلَ ( البرجين ) أعطيناه منا دولتين

سجدَتْ له كل الحكومات العميلة سجدتين
لكنّ صوت الحق في ( مَرّانَ ) أعلنه ( الحسين )
قال اصرخوا فالظلم والإرهاب ليسا عائقين
بشعارنا سنحصّن الأجيال من زيفٍ ومَين
ولسوف تبلغ صرخة الأحرار أقصى المشرقين
والعالم المجنون يسأل:( كيف يا هذا ؟ وأين؟! )
فأجابنا التاريخ يقلب صفحةً أو صفحتين
وإذا ( بصرخته ) يطير شعاعها في الخافقين
وإذا ( الشعارُ ) كلوحةٍ برزتْ لتملأ كل عين
نُحتتْ بقلب القلب صرخته ، وفي أُذُن الأُذَين
وغداً ترددها المنابر جهرةً في المسجدين
مِن حول قبر ( محمدٍ ) وجوار مُضطجَع ( الحسين )
فارفع شعارك يُنقذ الأقصى وأولى القبلتين
*****
يا سيدي إني أرى وهج الهدى في مُقلتَيكْ
يا سيدي إني مددتُ يدَيَّ عن شوقٍ إليك
أدري بأن فِكاك أَسري في القريب على يديك
فامْحُ الثقافات العِجاف فإن بلسمها لديك
وراية الرسل الكرام رأيتُها في قبضتيك
فارفع شعارك سيدي فاليوم رايتُنا لديك

قد يعجبك ايضا