حوادث العنف المسلح في أمريكا: عشرات الآلاف من الضحايا سنوياً وعجز رسمي متوارث!

 

تُعتبَرُ حوادثُ العنف المسلح وإطلاق النار الجماعي، من أبرز المشاكل الداخلية الراسخة منذُ عقود في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يبدو أنها ستستمرُّ كذلك؛ لأَنَّها تمثل محور خلاف الكبير بين الجمهوريين والديمقراطيين، حول عملية السيطرة على السلاح الفردي، كما أن لها جذوراً داخلَ الدستور الأمريكي نفسه، إلى جانب ارتباطها بنفوذ “لوبي” السلاح داخل الولايات المتحدة، وتطلخ هذه المشكلة سُمعة “أمريكا” أمام العالم بشكل محرج، خُصُوصاً وأن واشنطن لا تنفك عن التدخل في شؤون الكثير من دول العالم، وشن الحروب على الشعوب، تحت مبرّر الحفاظ على السلام، ومحاربة العنف والجريمة.

بحسبِ موقع منظمة “GVA” (أرشيف العنف المسلح) فَـإنَّ الولايات المتحدة شهدت 50 حادثة إطلاق نار جماعي منذ 26 مارس الفائت، حتى يوم أمس السبت، 24 إبريل، فيما بلغ عدد هذه الحوادث منذ مطلع العام الجاري 159 حادثة، و11 جريمة “قتل جماعي”.

وبحسب إحصائيات المنظمة فَـإنَّ إجمالي قتلى حوادث “العنف المسلح” بجميع أسبابها (بدون حوادث الانتحار) بلغ منذ مطلع هذا العام (5855) قتيلاً، فيما بلغ عدد الجرحى (10 آلاف و539).

وتظهر بياناتُ المنظمة أن العام الماضي 2020، شهد 610 حوادثِ إطلاق نار جماعي، وقد بلغ إجمالي قتلى حوادث العنف المسلح في هذا العام (بدون حوادث الانتحار) 19 ألفاً و395 قتيلاً، فيما بلغ عددُ الجرحى (39 ألفاً و438)، وهو رقمٌ أعلى من إحصائية العام السابق له (15 ألفاً و443 قتيلاً) وَ (28 ألفاً و817 جريحاً) وَ(417 حادثة إطلاق نار جماعي).

أما العامُ 2018 فقد شهد 336 حادثةَ إطلاق نار جماعي، وحوادث عنف مسلح أُخرى، أَدَّت في مجملها إلى مقتل 14 ألفاً و889 شخصاً، وقد كانت أرقامُ العامين 2017 و2016 مقارِبةً أَيْـضاً، حَيثُ شهد الأولُ مقتلَ 15 ألفاً و679 شخصاً، نتيجةَ حوادث عنف مسلح، بينها 346 حادثة إطلاق نار جماعي، فيما شهد الآخر مقتل 15 ألفاً و112 شخصا نتيجة حوادث مماثلة أَيْـضاً بينها 382 حادثة إطلا نار جماعي، بدون حوادث الانتحار بالسلاح.

وتظهر إحصائيات الموقع أَيْـضاً أن العام 2015 شهد مقتل 13 ألفاً و537 شخصا بحوادث عنف مسلح، بينها 335 حادثة إطلاق نار جماعي، كما شهد العام 2014، مقتل 12 ألفاً و418 شخصا، و269 حادثة إطلاق نار جماعي.

هذه الأرقام تؤكّـد أن مشكلة العنف المسلح داخل الولايات المتحدة أكبر من مُجَـرّد حوادث عابرة، بل مشكلة كبرى تكاد تنافس مشاكل دول غير مستقرة في هذا الجانب، حتى أن كثيراً من وسائل الإعلام الأمريكية والسياسيين داخل الولايات المتحدة يطلقون عليها “وباء عنف السلاح”.

ويقول تقرير نشرته مجلة الـ “تايم” الأمريكية، قبل أَيَّـام: إن “ظاهرة إطلاق النار الجماعي في أمريكا لا تتحدى إحساس المرء بالإنسانية فحسب، بل تتحدى أَيْـضاً مهارة ممارسة العد الأَسَاسية”.

وتضمن تقرير مجلة الـ “تايم” بياناتٍ عن جرائم قتل جماعي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال 41 عاماً، غير أن الأرقام التي تضمنها التقرير كانت قليلة جِـدًّا مقارنة بإحصائيات منظمة “GVA” والتي تعتبر مرجعاً رئيسياً لبيانات حوادث العنف المسلح في الولايات المتحدة.

ولمشكلة العنف المسلح داخل الولايات المتحدة الكثير من الأسباب، منها الامتيَازاتُ التي تحظى بها صناعةُ السلاح داخل أمريكا، والتي تمنح صُناع وتجار الأسلحة حماية من الملاحقة القانونية؛ بسَببِ الجرائم التي ترتكب بواسطة الأسلحة التي يبيعونها.

وإلى جانب ذلك، هناك صدامٌ كبيرٌ بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس حول تشريعات الحد من السلاح الفردي، حَيثُ يرفض الجمهوريون تماماً حتى النقاش في هذه المسألة.

وفي هذا السياق أَيْـضاً، تمتلك “جماعات الضغط والمصالح” المؤيدة لانتشار السلاح داخل الولايات المتحدة نفوذاً كَبيراً، وقد ذكرت مراكز أبحاث ووسائل إعلام أن هذه الجماعات تدفع “تبرعات” سخية لدعم المرشحين الجمهوريين.

وكشفت تقاريرُ أن أعضاءَ مجلس الشيوخ الذين صوّتوا ضد مشروع قانون لتعديل وإصلاح قوانين السلاح في إبريل 2013 بعد حادث إطلاق نار جماعي، حصلوا على مساهمات مالية سخية خلال حملاتهم الانتخابية من “الجماعات” المؤيدة لحقوق تملك السلاح.

وإضافةً إلى ذلك، تمثّل التركيبةُ الاجتماعية داخل الولايات المتحدة (بمشاكلها العُنصرية المتجذرة) بيئةً خصبة للعنف المسلح، وقد سلطت حتى بعضُ الأعمال التلفزيونية والسينمائية الأمريكية الضوءَ على الجماعات العُنصرية (من البيض تحديداً) والتي تنخرطُ في أعمال عنف مسلح على نطاق واسع.

قد يعجبك ايضا