حين يتجرد العرب عن أخلاقهم الدينية والإنسانية..بين حربي اليمن و أوكرانيا.

 

لم تكن مواقف الأنظمة العربية الرافضة للحرب الروسية الأوكرانية، مستغربة لدى الكثير من المراقبين، الذين اعتبروها ضمن ولائها المطلق لدول الغرب، وتميل حيث مال القرار الأمريكي والإسرائيلي، ولكن الغريب أن تعلن غالبية الدول العربية والخليجية فتح أبوابها للمواطنين الأوكرانيين من دون تأشيرات دخول.. في وقت تفرض حصارا مطبقا على الشعب اليمني وتشن حربا على اليمن أرضا وإنسانا على مدى سبعة أعوام.

الكيل بمكيالين

يرى المراقبون أن الدول والأنظمة العربية والخليجية تتخذ سياسة الكيل بمكيالين، إلا أن آخرين يؤكدون أن تلك الأنظمة لا يوجد لديها في الأساس مكيال، وغابت عنها القيم الإنسانية وقيم الأخوة والعروبة والدين، نتيجة انبطاحها لأمريكا وهرولتها للتطبيع مع إسرائيل وخيانة القضية الفلسطينية.

تعيش أغلب الأنظمة العربية وعلى رأسها الدول الخليجية المشاركة في الحرب على اليمن، وفقا للمراقبين حال من الوهم الأمريكي، لضمان بقائها على كراسي الحكم، مع ديمومة قمع شعوبها، والتجرد من كل القيم الذي بات اليوم على الطاولة بعد أن ظل على مدى عقود يدار من تحتها، وتجلت فعليا في الحرب على اليمن، وموقفها الأخير من الحرب الروسية الأوكرانية وتعاطفها مع الشعب الأوكراني ليصل الأمر إلى فتح أبوابها على مصاريعها ومن دون فرض كفيل أو تأشيرة دخول.

وهو ما يؤكده نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين، حسين العزي، الذي أنتقد تواطؤ بعض الدول العربية مع التحالف في حصار اليمن وشعبه، في مقابل فتح أراضيها أمام الأوكرانيين للدخول دون تأشيرات.

التاريخ لن يتسى

وقال العزي في تدوينة على “تويتر”: “‏لن ينسى التاريخ لبعض الأنظمة العربية إلغاء التأشيرة على الأوكرانيين تعاطفا معهم في حربهم ذات الـ 7 أيام، في حين تستمر في فرضها على يمن العرب الأوائل منذ 8 سنوات عدوان”.

وأضاف: “أخي أيها العربي أنت أمام مشهد غريب وعجيب فلترفع صوتك عاليا ولتقل: إني آمنت باليمن قلعة العروبة الأخيرة وكفرت بعروبة صهيون الزائفة”.

ينزف الدم اليمني بلا رحمة ولا شفقة في المنازل والمساجد والمستشفيات وعلى قارعة الطريق، بآلة القتل الأمريكية وأسلحتها المحرمة دوليا، وارتكبت بحق الشعب اليمني أبشع المجازر والمذابح الجماعية التي لم يشهد لها التاريخ مثيل قياساً بإحصائيات الحرب العالمية الأولى والثانية، فضلا عن فرض حصارا غاشما على اليمن ومنع دخول الدواء والغذاء والوقود الذي يعد أكسير الحياة.

مجازر التحالف

لم يمض على الحرب الروسية الأوكرانية، شهرا واحدا، ولم تستخدم روسيا سوى 1% مما استخدمته دول التحالف في حربها على اليمن، ولم تُدمر البنية التحتية الأوكرانية بنسبة 1% مما دمره التحالف في اليمن، حتى عدد القتلى الأوكرانيين لم يتجاوز الـ 50 قتيل والـ 100 جريح، فيما قتل التحالف أكثر من 50 ألف يمنيا أغلبهم من النساء والأطفال وجرح أكثر من 70 ألف ودمر آلاف المنازل والمساجد والمستشفيات والطرقات والمدارس والأحياء، ويواجه أكثر من 4 ملايين طفل يمني مخاوف سوء التغذية و12 مليون يمني يواجهون خطر المجاعة، فيما يتعرض أكثر من 25 مليون يمني لحصار هو الأشد فتكا منذ 7 أعوام متتالية.

نظام العبودية

كل تلك الأرقام المهولة التي سجلتها الحرب على اليمن، لم ترف لها العين العربية ولم تحرك مشاعر الأنظمة العميلة إنسانيا ولا دينيا، بل زادتها قسوة ووحشية، وذلك ما تؤكده السياسة الجديدة للسعودية لما يسمى بـ”سعودة المهن” التي فرضها النظام السعودي على المغتربين اليمنيين وتعرض مئات الآلاف منهم للترحيل القسري ونهب ممتلكاتهم ومصادرتها، وفرضت منذ بداية تسعينات القرن الماضي نظام العبودية الجديد او ما يسمى بنظام الكفيل.

موقف مخزِ

ذلك جزء بسيط مما يتعرض له الشعب اليمني من مظلومية تجاوز كل الحدود والقوانين والأعراف الدولية والكتب السماوية، مقابل الموقف العربي المخز وعلى رأسه جامعة الدول العربية، التي تدين الضحية وتصفق للجلاد، وترفض دفاع الضحية عن نفسها وتؤيد ارتكاب الجلاد المزيد من القتل وسفك الدماء وازهاق الأرواح.

الدفاع المشروع

ويبقى الموقف المضحك المبكي في آن واحد، متجليا في السياسة الخارجية المختلة لبعض الدول العربية وموقفها الغريب مع أوكرانيا إنسانيا، وعمليا، وموقفها الصامت تجاه ما يحدث في اليمن إن لم تكن مشاركة بصورة مباشرة مع التحالف، وبين الموقفين يسجل التاريخ كل تلك المشاهد الحية في ظلمها وقهرها وعدوانها على اليمن، التي لن تسقط مع تقادم السنين، والتي لن تزيد الشعب اليمني إلا قوة وباسا وصلابة، وهو ما جسدته تلك الحشود البشرية التي خرجت أمس في 15 ساحة  في مسيرات “حصار المشتقات النفطية قرار امريكي وخيارنا إعصار اليمن”، لتؤكد أن ضغوط التحالف لا يمكن أن تثني الشعب اليمني عن استمراره في مواجهة العدوان والدفاع عن نفسه بكل ما أوتي من قوة وبكل الوسائل المشروعة دينيا ودوليا.. ولعل الأيام المقبلة حبلى بالمفاجئات اليمنية.

 

تحليل/محمد الفائق/وكالة الصحافة اليمنية/

قد يعجبك ايضا