دبلوماسي غربي: ولد الشيخ ملكي أكثر من الملك والاكثر استسلاما في تاريخ الأمم المتحدة

 المصدر : رأي اليوم

علق دبلوماسي غربي على استسلام المبعوث الأممي الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ للضغوط بأنها لم تحدث في تاريخ الأمم المتحدة.

ونشرت صحيفة رأي اليوم اللندنية تلك التصريحات أثناء تناولوها لمضمون رؤية المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ والتي قالت الصحيفة أنها حصلت على نسخة سرية منها ونقلت عن مصادر دبلوماسية وأممية اراءها حول الرؤية التي وصفت بالمتحيزة وغير المنطقية.

وبحسب الصحيفة وصفت مصادر أممية مضمون الورقة، بأنه “ملكي أكثر من الملك” ورجحت أن يكون “رسالة استرضاء للسعودية التي تشعر بالامتعاض من فشل ولد الشيخ في اجتراح حل سياسي وباتت تفكر جديا في تغييره”.

قراءة في مشروع ولد الشيخ للحل في اليمن: قنبلة موقوته.. واحتمالات النجاح محدودة

حصلت رأي اليوم على نسخة سرية من مقترح الحل السياسي الذي قدمه المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد للفرقاء اليمنيين لإنقاذ مفاوضات الكويت التي تقف اليوم على حافة الفشل أكثر من أي وقت مضى. ووصفت مصادر أممية ل “رأي اليوم” مضمون الورقة، بأنه “ملكي أكثر من الملك” ورجحت أن يكون “رسالة استرضاء للسعودية التي تشعر بالامتعاض من فشل ولد الشيخ في اجتراح حل سياسي وباتت تفكر جديا في تغييره”.

ويمكن إجمال ما تقترحه الورقة في نقطتين، إحداهما أمنية والأخرى سياسية. ويتمثل الشق الأمني في انسحاب تام وشامل لقوات تحالف الحوثي/صالح من أماكن سيطرتهم، وتسليمهم لجميع أسلحتهم، وإلغائهم لجميع القرارات التي اتخذوها منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء. فيما تقترح النقطة الثانية (السياسية) تشكيل حكومة إنقاذ وطني، ولكن فقط بعد استكمال النقطة الأولى. غير أن الورقة لم تقدم أي جدول زمني أو ضمانات لتنفيذ الشق السياسي، وجعلته بالكامل بين يدي الرئيس عبد ربه منصور هادي. بل إنها ذهبت في شقها الأمني أبعد من مطالب المملكة العربية السعودية نفسها التي حثت الحوثيين في مفاوضات مباشرة عشية عيد الفطر على القيام بانسحابات رمزية من صنعاء وتعز والحديدة فقط مقابل حل سياسي شامل. ولعل هذا ما يفسر مسارعة الحكومة اليمنية إلى القبول بورقة ولد الشيخ ، بينما أعلن الحوثيون رفضهم القاطع لها رغم محاولات سفراء الدول الثماني عشرة لإقناعهم بالتعاطي الإيجابي معها.

حل أحادي؟

وصيغت الورقة الأصلية التي تحمل عنوان “استعادة مؤسسات الدولة” باللغة الإنجليزية وترجمت لاحقا إلى العربية لتوزيعها على الوفود المتفاوضة في الكويت. وتستعرض الورقة في ثلاث صفحات ما يعتبره ولد الشيخ قاعدة لمرحلة انتقالية تعيد “الشرعية المعترف بها دوليا” إلى الحكم، وتؤسس لتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وتسرد الورقة سلسلة من الشروط المسبقة لبدء حكومة الإنقاذ في ممارسة مهامها، يبدو جليا من الصياغة أنها موجهة حصرا للحوثين ولأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح فيما لم تلزم الوثيقة معسكر الرئيس عبد ربه منصور هادي بأي شيء.

وقد اعتبر ديبلوماسي غربي في تصريح ل “رأي اليوم” أن “ورقة ولد الشيخ لا تشبه في شيء حلول الوساطة التي تقدمها الأمم المتحدة في العادة، لأنها أخرجت أحد أطراف الأزمة وهو الرئيس هادي من معادلة الصراع وجعلته حكما، كما أنها تبنت بالكامل وجهة النظر الحكومية”. وأضاف الديبلوماسي الذي فضل عدم الكشف عن هويته “عندما تقوم بوساطة وفق معايير أممية، لا يمكنك إصدار أحكام قيمة على أطراف النزاع أو الاتفاق مع أحدهم والاختلاف مع الآخر. كل ما يجب القيام به هو إيجاد أرضية وسط تنهي الأعمال العدائية وتحيي العملية السياسية من خلال دفع الطرفين إلى تنازلات متبادلة. وهذا للأسف غير موجود في ورقة ولد الشيخ”.

وأعرب الديبلوماسي عن استشعاره ل”صياغات من خارج الأمم المتحدة في متن الوثيقة” في إشارة إلى دور محتمل قد تكون لعبته السعودية في الضغط على ولد الشيخ. وأضاف “لم يحدث في تاريخ الأمم المتحدة أن استكان وسيط أممي إلى هذه الدرجة إلى ضغط دولة أجنبية هي طرف في النزاع. لم يحدث ذلك حتى مع الأمريكيين بعد غزوهم للعراق رغم ضغوطاتهم المستمرة على ممثل الأمم المتحدة آنذلك سيرجيو دي ميلو”.

منطق البيضة والدجاجة

وأكدت الورقة في فقرة بعنوان “الحكم خلال الفترة الانتقالية” على التزام الأطراف -حال قبولهم بالاتفاق- بتشكيل حكومة إنقاذ وطني “تستمر في عملها إلى حين إجراء انتخابات وطنية”. غير أنها لم تضع جدولا زمنيا لهذه الفترة الانتقالية كما لم تحدد ما إذا كانت الانتخابات التي ستنتهي بها رئاسية أم تشريعية أم كليهما. وبحسب مقترح الاتفاق، فإن الرئيس هادي هو من يعين أعضاء هذه الحكومة، كما أنها تؤدي القسم أمامه. ولم يتضمن أي إشارة إلى تقديم الحكومة برنامج عملها لنيل الثقة أمام مجلس النواب طبقا للمادة 132 من الدستور اليمني. وهو ما قد يعني تكريس خلل في الشرعية كان قد ندد به رئيس الوزراء السابق خالد بحاح (الذي نالت حكومته ثقة مجلس النواب) بعد إقالته وتعيين أحمد بن دغر مكانه وفق نفس الشروط التي تضعها وثيقة ولد الشيخ.

ولتشكيل حكومة الإنقاذ، اشترطت الوثيقة “استكمال مرحلة تمهيدية من الترتيبات الأمنية الانتقالية” يتم خلالها “الانسحاب التام للميليشيات وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة وتسليم مؤسسات الدولة”. ويكرس هذا الشرط عقدة مفاوضات الكويت -ومن قبلها مشاورات جنيف- التي يشبهها البعض بإشكالية “البيضة والدجاجة والسؤال الأبدي عن أيهما أسبق”. فهل تسليم السلاح والمؤسسات أسبق أم تشكيل الحكومة؟ وعلى فرض أن التسليم سيسبق، فأي جهة ستتسلم ما دامت الحكومة لم تتشكل بعد؟

وكان ممثل روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين قد أثار هذه التساؤلات عندما عارض الأربعاء إصدار بيان من مجلس الأمن يدين اتفاق الحوثي وصالح على تشكيل مجلس سياسي ويدعم ورقة ولد الشيخ قائلا إن “على السعودية التوقف عن محاولة فرض حل أحادي”.

هادي حاكما أوحد!

وركزت الوثيقة السلطات بشكل غير مسبوق في يد الرئيس هادي. ففضلا عن كونها أعطته اليد الطولى في تشكيل الحكومة، رفعته فوق الصراع القائم حاليا عندما أوصت برعايته لأي حوار سياسي بهدف حل النقاط الخلافية العالقة المتعلقة بالانتخابات أو مسودة الدستور. وقد استغرب المصدر الأممي هذه النقطة لأنها “تنهي عمليا دور الوساطة الأممية وتجعله بين يدي أحد الأطراف”.

إلى ذلك، دعت ورقة ولد الشيخ الأطراف إلى “المصادقة على جميع القرارات الفردية التي اتخذتها الحكومة الشرعية منذ سبتمبر 2014 بما في ذلك تعيين الوزراء ونواب الوزراء ووكلاء الوزارات والمحافظين ونوابهم وكذا قرارات إعفاء المسؤولين من الخدمة في السلك المدني”. وقد علق مصدر خليجي ل “رأي اليوم” على هذه النقطة بالقول إنها “كافية لوحدها لرفض الاتفاق من قبل بعض الدول الخليجية، لأن ذلك يعني الإبقاء على نائب الرئيس الحالي الجنرال محسن الأحمر في منصبه، مع ما يثيره ذلك من حساسيات لبعض دول. كما أنه يقنن إقالة نائب الرئيس ورئيس الحكومة السابق خالد بحاح مع أن الخطوة اعتبرت غير شرعية من عدة جهات يمنية محسوبة على الشرعية نفسها”.

ومضت ورقة الشبخ في رفع الرئيس هادي إلى مقام “الحاكم بأمر الله في اليمن” عندما دعت في نقطة بأن تكون “قيادة فخامة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي خلال الفترة التي تسبق تشكيل حكومة الإنقاذ رئيسا لجميع الوزارات ومؤسسات الدولة محل قبول من الجميع”. كما دعت الأطراف إلى أن يعلنوا مسبقا قبولهم “بقائمة التعيينات في مناصب الوزراء ونواب الوزراء ووكلاء الوزارات” التي يعود لهادي وحده إعلانها. واعتبر المصدر الخليجي أن “هاتين الفقرتين خاليتان من أي منطق سياسي فضلا عن كونهما تتعارضان مع مضون المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار القائمة على التوافق والشراكة. إنها كالنفخ في قربة منفوخة، لأن هادي كان يتمتع بكل السلطات والصلاحيات وكان يحظى بدعم الشارع اليمني والجوار الإقليمي والمجتمع الدولي ومع ذلك لم يفلح في قيادة المرحلة الانتقالية ولم يحل دون حصول الانقلاب”

قد يعجبك ايضا