رجال النصر الحلقة (2)…بقلم/فاضل الشرقي

 

المبادرة والمسارعة من أهم وأبرز صفات المجاهدين “رجال النصر” والمبادرة والمسارعة أوما يسمى “عنصر المباغتة والمفاجئة” من أهم عوامل النصر، ومن أبرز صفات المجاهدين ومميزاتهم فالمبادرة تجعلك تمسك بزمام الأمور، وتحرز قصب السبق، والمبادرة والمسارعة هي “سيد الموقف” في كل المجالات، حتى في مجال العلوم التطبيقية والتكنولوجية، والمسارعة كانت من أبرز صفات الرسول “صلوات الله عليه وآله” والإمام علي عليه السلام، وطبيعة الصراع أن الحسم والإنتصار وكذلك الإنجاز مقترن بصفة المبادرة والمسارعة، وحالة التثاقل والتباطؤ تجعل أصحابها في الحضيض وتحت الأقدام، لذا إن من أبرز صفات “رجال النصر” هو المسارعة والمبادرة الذاتية في كل الأعمال، يقول الشهيد القائد “رضوان الله عليه”:

(ألم نتحدث سابقا عن بعض آيات حول صفات المتقين أنهم يسارعون {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}(البقرة: من الآية148) {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} (آل عمران: من الآية133) قلنا في ذلك الدرس: أن هذه الآيات في [سورة آل عمران] من عند قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} إلى آخر الصفحة فيها من الحديث عن المتقين مطبوعة كلها بطابع المسارعة حتى في صيغها.. نحن نرى أنفسنا نتثاقل الآن.. أليس كذلك؟.

 نتحدث جميعا عندما نجلس هنا، أو نجلس في المدرسة، وقد يقول البعض: أنه يود أن يكون هناك من يسمع هذا الحديث، لكن هل انطلقنا بجدية ومسارعة إلى أن نعمل العمل الكثير الذي يجعل الآخرين يسمعون هذا الحديث الذي قد تراه حديثا مناسبا أن يسمعه الآخرون.. حالة التثاقل، التباطؤ, وهي حالة سيئة عواقبها سيئة، ما تزال ماثلة.. لماذا؟ لسنا بعد ممن وصل إلى هذه الدرجة: {إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً} لعظم تأثيرها في نفوسهم {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} لا يستنكفون أمام أي شيء من آيات الله يسمعونه. وأحيانا قد يكون موقف الإنسان موقف المستكبر، لكنه يبحث عن أي تبرير لموقفه، وهو يقعد أو وهو يعارض عملا مثل هذا يراه الآخرون أنه عمل فيه إرضاء لله، وفيه نصر لدينه، أو يعبر عن موقف ما في مواجهة أعدائه ينطلق للتبريرات يعملها؛ لأنه في واقعه مستكبر، كلام سمعه من صغير وهو يحمل لقبا أكبر من لقب هذا، علامة مثلا، أو شيخ، أو فلان. فهو إذا ما قبل؛ لأن معنى {ذُكِّرُوا} من طرف آخر.. أليس كذلك؟.

 {وَالّذيْنَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً} ذكروا من طرف آخر ذكرهم بها، والله سبحانه وتعالى يعتبر للتذكير أهميته من أي طرف كان ولو من صغير {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا}(المائدة: من الآية23) ألم يقل هكذا في القرآن؟ {رَجُلانِ}، مؤمن آل فرعون، ذلك الرجل العظيم يصدر كلامه وكلام أولئك الرجال كما يصدر كلام الأنبياء في صفحات القرآن الكريم {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}(غافر: من الآية28) وهكذا يتحدث كلام طويل في [سورة غافر] قريباً من صفحة أو أكثر.

 المؤمن لا يستكبر إذا ما ذكّر من صغير أو ذكر من طرف آخر يراه وضيعا، يراه دونه في المراتب الاجتماعية، يراه دونه فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أنا تاجر وهذا فقير، أنا من أعيان القبيلة وهذا مواطن عادي، أنا علاّمة وهذا ما يزال طالب علم, وهكذا كلمة: رجلان {قَالَ رَجُلانِ} تجعل للتذكير قيمته من رجل يحمل اسم رجل أقل شيء فيه، لم يقل قال عالمان، قال أستاذان، قال شيخان، قال الملأ من أصحاب موسى، أو بعبارة من هذه.. ألم يقل القرآن رجلان؟ يعتد بكلام الرجل مهما كان، يعتد بتذكير الرجلين مهما كان مقامهما).

قد يعجبك ايضا