سر انتصارات الجيش واللجان الشعبية.. الاعتماد على الله، القيادة الحكيمة، العقيدة الإيمانية الراسخة

من واشنطن تم الإعلان عن بدء عمليات تحالف العدوان السعودي الأمريكي في تاريخ الـ  26 مارس 2015م، وذلك بشن مئات الغارات الجوية على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، ضمن خطة تم الكشف عن محتوها بأن العمليات العسكرية وغارات العدوان على القدرات والقواعد والمطارات اليمنية، ظنا منهم بأن احتلال اليمن لن يستغرق أسابيع وفق ما تم التخطيط له.

  استهدفت الغارات الجوية المواطنين الأبرياء وهم نيام، دمرت المنشآت العسكرية والمدنية العامة، ناهيك عن تدمير منازل المواطنين ومزارعهم.. وقد نجح العدو في تدمير ما تبقي من قوات وقدرات عسكرية، رغم أنها لا تمثل شيئا أمام ما تمتلكه قوي العدوان، وكان العدو قد سبق العمليات العسكرية للعدوان، بتفكيك الجيش اليمني بما سمي في ذلك الوقت بهيكلة الجيش، وإتلاف المنظومات الدفاعية رغم بساطتها وإمكانياتها المحدودة، وصولا إلى تفكيك ونزع شيفرات الصواريخ الباليستية رغم عددها المحدود، وغيرها من العمليات التي أدت إلى إضعاف اليمن. 

تقرير/ جميل مسفر الحاج

 

القيادة الحكيمة:

أنعم الله على الشعب اليمني بقيادة حكيمة من آل البيت عليهم السلام بدأت من الشهيد القائد الذي أيقض الشعب من سباته وبعده عن القرآن وتعليمه، مبينا ذلك بالهدى القرآني الذي احتوته الملازم وبينت الواقع الذي يجب أن تكون عليه الأمة الإسلامية، وفي هذه المرحلة الصعبة والمعقدة وتكالب العالم على هذه الأمة، وبفضل الله منّ على الشعب اليمني بقيادة قرآنية تمثلت في السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي تمكن بعون الله من لملمت الجراح وإعادة ترتيب صفوف اليمنيين لمواجهة هذا العدوان الإجرامي.

بتواجد القيادية الحكيمة والإرادة والحق المشروع في الدفاع عن النفس وتعزيز العقيدية العسكرية لدي اليمنيين، بها بعد توفيق الله تمكن رجال الرجال من الجيش واللجان الشعبية في القوات البرية من تجريع العدو الهزائم خلال مراحل المواجهة والتنكيل بالغزاة ومنافقيهم مخلفين عشرات الآلاف من القتلى والأسرى في صفوفهم ممن تم الزج بهم إلى الجبهات.

 

***

 40 يوما من الصبر

انتظر اليمن قيادة وشعبا أربعين يوماً منذ بدء العدوان قبل أن ينفذ أي عملية رد على هذا العدوان، وأثبت بهذا الصبر لكل دول المنطقة، ولكل العالم كذب وزيف الادعاءات التي سوق لها وروج لها النظام السعودي، بأن الشعب يمثل خطورة على المنطقة، وقد تجلى أن من يمثل خطورة على المنطقة هو النظام السعودي، وأن الشعب اليمني ليس عدوانياً، وأنه شعب حضاري له أخلاق، له مبادئ، له قيم، أما النظام السعودي فهو الذي اعتدى، وبعد أربعين يوما من الصبر بدأ الشعب اليمني بالرد، وكانت مستويات الرد متفاوتة، منظمة، تتيح الفرصة لذلك النظام السعودي لأن يراجع حساباته، وأن يتعقل.

مضت أربعون يوما من الانتظار والصبر إلا أن العدوان استمر بوحشيته وإجرامه، حينها نفذ الصبر ولم يبقَ من خيار إلا الدخول في خيار الرد على العدوان الإجرامي.. واتجه رجال الرجال من أبناء اليمن الأحرار إلى ميادين الجهاد في الجبهات ومعسكرات التدريب والتأهيل، وتفعيل الموجود وابتكار وصناعة ما كان يعتبره الكثير من المستحيل.

وهنا سنتعرض بشكل بسيط لمراحل التطور في عمليات البناء والتأهيل والتصنيع، ومراحل الرد على العدوان خلال السنوات الماضية.

***

التأهيل والتدريب:

 صحيح أن اليمنيين شعب مسلح ويمتلك بطبيعته الاجتماعية مهارات قتالية عالية ولديه خبرات في فنون الحرب، لكن ما تضمنته الخيارات الاستراتيجية أكبر من ذلك الحدّ فكان لابد من رفع مستوى مهارات المقاتل اليمني وتأسيس وعيه العسكري على الروح الجهادية والانطلاق في سبيل الله والدفاع عن الأرض والإنسان، وكان لابد كذلك _ إلى جانب التثقيف والوعي بارتباط العمل الجهادي بالله _ من تطوير تلك المهارات ورفع مستوى روح المعنوية والقدرات واللياقة والخبرات التكتيكية لدى أبطال الجيش واللجان الشعبية.

وبعد تمادي العدوان في إجرامه ووحشيته بحق اليمن وأبنائه، توجه عشرات الآلاف على دفعات، خلال سنوات العدوان إلى معسكرات التأهيل والتدريب، لاكتساب الخبرات والقدرات والمهارات القتالية التي تتطلبها ميادين القتال ضد العدو، وبتنوع الدورات القتالية ومسمياتها تكون الخبرات والمهارات أكبر وأعظم، ابتداء بالدورات القتالية مرورا بالدورات التخصصية وبالتدريج وصولا إلى مراحل كبيرة من اكتساب المهارات، التي كانت الميادين القتالية مسرحا لتنفيذها، وقد أثبتت جدوائيتها وأهميتها، لما لها من تأثير على قوي العدوان ومرتزقتهم في مختلف الجبهات الحدودية والداخلية. 

***

القوات البرية:

بعد عمليات التأهيل والتدريب التي خضع لها أبطال الجيش واللجان الشعبية، وتعزيز العقيدة الإيمانية والحق المشروع بالرد على المعتدي، كانت ثمرات وحصاد ما تلقوه في ميادين الجهاد بتوجيه الصفعات المتتالية والمؤلمة والمؤثرة في صفوف الغزاة والمرتزقة في عتاده العسكري وقدراته المادية والتسليحية. 

تجسد الفعل العسكري في الواقع وأثره الحيّ، ونتائجه الإيجابية، وكل ما يتحقق فيه من إنجازاتٍ ميدانية يخجل إزاءها العدوان المكوّن من حوالي عشرين دولة، ويغفل قيمتها العسكرية والتاريخية بعضُ مَن يتمترسون في موقف مواجهة العدوان هو _ أي الفعل العسكري _ الخطوات التطبيقية نحو الانتصار، وهو سطورُ المجد التي يسجلها التاريخ ويحتفظ بها للأبطال المجاهدين (الجيش واللجان الشعبية)، وما هو خارج هذا الفعل الذي ينتجه أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية اليمنية هو عبارة عن شرح أو توضيح في الهامش أسفل صفحات التاريخ، بمعنى أنه ليس فاقداً قيمة الدور ولكنه ليس بقيمة الفعل العسكري بخصوصيته الجهادية اليمنية، وباعتبار القيمتين الدينية والوطنية وهذا ما يجب أنْ يتنبّه له السياسيون والإعلاميون والمثقفون.

وقد ألحقت مختلف الوحدات والتشكيلات القتالية كـ قوات المشاة والقناصة والدروع والهندسة في الجيش واللجان الشعبية، الخسائر الكبيرة التي تفوق التصور، والتنكيل بقوات الغزو ومنافقيهم، وقتل وجرح وأسرى عشرات الآلاف، وتدمير وإحراق الترسانات العسكرية التي كانوا يعولون عليها من آليات ومدرعات ودبابات بأعداد كبيرة وغيرها من الأسلحة الحديثة والمتطورة، وذلك بأسلحة بسيطة وخفيفة عزز من بأسها وتأثيرها العقيدة الجهادية وشجاعة مجاهدي الجيش واللجان الشعبية.

 وإذا ما تأملنا فإنه لا يوجد مقارنة بين الإمكانات العسكرية المتواضعة للجيش واللجان الشعبية اليمنية وما يحققونه بتلك الأدوات العسكرية المتواضعة من إنجازات عظيمةٍ دفاعية وهجومية أيضاً في مواجهة ضخامة تحالف العدوان بما لديه من إمكانات مهولة وثروة كبيرة وأسلحة متطورة وقوى دولية إجرامية داعمة ومتجندة بكل إمكاناتها في العدوان على يمن الإيمان.

 

 

نقطة تحول فاصلة:

في مواجهة الحرب العدوانية لتحالف (أمريكا بريطانيا السعودية والإمارات) على اليمن أرضا وإنسانا.. سطر مجاهدو الجيش واللجان الشعبية نقطة تحول فاصلة في علوم الحرب ومفاهيمها العسكرية والاستراتيجية الأكثر تعقيداً، فالتكتيكات والأساليب والفنون القتالية التي أظهرها المجاهدون في مضمار المواجهة تعتبر مثالية وغير مسبوقة حيث حكمها عنصر الابتكار والدقة وعلوم القتال الجامعة التي مزجت بين عدد من أنماط القتال المعروفة.

تجربة مجاهدي الجيش واللجان التي سطرت خلال الـ 5 سنوات تعتبر واحدة من أعقد التجارب العسكرية وأكثرها جدلية في العلم العسكري التقليدي والحديث؛ فرغم الفارق الكبير بين قوات الجيش واللجان وبين قوات تحالف العدوان من حيث حجم التسليح والتكنولوجيا الحربية المتطورة والتفوق الجوي والكم البشري الهائل، لكن هذه التجربة حققت بفضل الله تعالى نجاحاً مبهراً وغير مسبوق في التصدي لحملات قوات ومرتزقة تحالف العدوان وكسرها في أكثر من 50 محورا قتاليا في جنوب اليمن وجبهات الحدود مع السعودية.

ويرى باحثون ومحللون أن الركيزة الأساس والأهم التي تقف خلف قوة ونجاح تجربة الجيش واللجان الشعبية تكمن في القيادة الحكيمة والعقيدة الإيمانية الراسخة والتي تولد العزيمة والإرادة للنصر، والاعتماد على الله تعالى في كل شيء باعتباره سبحانه وتعالى الناصر والمعين الذي لا نصر إلا من عنده، كذلك تحرك المجاهدين وفق توجيهات قيادة قرآنية شجاعة وحكيمة تستطيع أن تتخذ القرارات الاستراتيجية المتوازنة والمتوائمة مع ما تتطلبه مسارات المواجهة وما يقتضيه مسرح العمليات مع العدو في مختلف الظروف ومع جميع المتغيرات التي قد تحدث.

قد يعجبك ايضا