صحيفة الحقيقة العدد “364”: :ثقافة قرآنية :كلمات من نور : دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه

كلمات من نور

حتى الربط بالأعلام، الربط بالأعلام أيضاً عندهم قضية خطيرة؛ ولهذا رأينا نحن وأنتم جميعا أنه كيف غيب الحديث عن الإمام علي وأهل البيت في المناهج الدراسية، وغيب الحديث عنهم في وسائل الإعلام، وغيب الحديث عن آثارهم عن طريق الثقافة، ولم تبدِ وزارة الثقافة في أي بلد – خاصة في اليمن – اهتماما بالآثار آثار أعلام أهل البيت!! لأن الربط بالأعلام أيضاً مهم جداً، إذا ما رسخ في أنفسنا عظمة علم من أعلام الإسلام المتكاملين والكاملين فعلا، فلو كان مجرد اسم يتردد على ألسنتنا لكن قد يأتي من يجعل هذا الاسم فاعلاً ومؤثراً. [وعده ووعيدة ـ الدرس الثالث عشر]

لو تمسكت الأمة بأهل البيت لما تفرقت الأمة أبداً لأن القضية قضية هداية وليست مسألة انتقاء

معنى الصلاة على محمد وعلى آله محمد

عندما نقول: (اللهم صل على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين) هل تعتقدوا بأن كلمة: [الطيبين الطاهرين] هو استثناء أو ثناء؟ هو ثناء، نقول: اللهم صل على محمد وعلى آله، ثم نصفهم بأنهم طيبين ونصفهم بأنهم طاهرين، أصبحت في مفهومنا استثناء أي إخراج من ليسوا.. ومن ليسوا.

إذا كنت تريد أنت أن تخرج، أنت لست بحاجة إلى أن تفكر بأن تخرج أو تدخل، لا تفكر في الموضوع من أساسه كيف؟. لأن القضية هي شهادة باصطفاء هذه الفئة لهذه المهمة.

[آل محمد] ما هذا اسم عربي؟ إسم عربي معروف في اللغة العربية، آله: يعني ذريته، هؤلاء هم المصطفين لوراثة الكتاب، وأن يكونوا هم قرناء الكتاب؛ ولذا قرنهم في حديث الثقلين، ما هم هؤلاء؟.

إذاً هؤلاء هم أنفسهم الذين ذكرتهم الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} أليست كلمة: (اصطفينا) أرفع من كلمة: (صلِّ) التي نحاول نتمسك فيها ونحاول نصرفها، لا تجي كذا ولا تجي كذا؟ ما هي أعلى مكانة؟ (اصطفاهم) ثم يقول لك: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِـالْخَيْرَاتِ} هنا ارتبط عملياً بالسابق بالخيرات، في نفس الوقت أنت ملزم بأن تؤمن بأن هنا وراثة الكتاب، هنا آل محمد الذين أمرنا بأن نصلي عليهم، على آل محمد.. فصل عليهم نفس الصلاة المطلقة التي صلاها عليهم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وجعلها جزءاً من الصلاة عليه.

هل هو استثنى؟ طيب إذا قلنا بأنه لم يستثن أي: أنه يريد أن يدخل الظالمين والفاسقين فيهم؟ القضية ليست قضية قسَّام صلاة، أن أقول: اللهم صل، ثم أقسمها وأنظر كم نصيب هذا وكم نصيب هذا، وأقول لهذا: أنت مالك شي اخرج، وهذا ما هناك نصيب رحلك. ليست المسألة على هذا النحو، أبداً، وليست صلاتك التي ستجعل محمداً وآل محمد يرتفعون إلى عنان السماء، الله قد رفع ذكر محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وأشاد بذكره في الأذان: (أشهد أن محمداً رسول الله) فقرن اسمه باسمه فأنت تشهد أن لا إله إلا الله كما تشهد بأن محمداً رسول الله، {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}(الشرح:4). ألم يقل هكذا في القرآن الكريم.

لكن بالنسبة لنا نحن، نفهم: أن يقدم لنا هذا الذكر على هذا النحو هو من أهم أبواب الهداية لنا؛ لنفهم أن المسالة مهمة وأنه لا بد أن نكون مرتبطين بمحمد وآل محمد، وأن رسول الله هو الذي أمرنا، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي أمر رسوله ثم عندما أجي أتساءل لكن كيف؟ أنت ثق بالله أولاً. والمسألة هي كما قال الإمام زيد ((أهل بيتي فيهم – كما قلت – المخطئ والمصيب إلا أنه لا تكون هداة الأمة إلا منهم)). هذا شيء مؤكد.

المسألة هي على هذا النحو.. حتى لا تكون أنت مقسم صلاتك على ما قلنا سابقاً.

القضية هي قضية هداية وليست مسألة انتقاء

أمرنا أن نحبهم فنحبهم، أمرنا أن نصلي عليهم فنصلي عليهم، أمرنا أن نرتبط بهم جملة، أمرنا بأن نؤمن بأن هناك وراثة للكتاب وهناك الهداية للأمة، هذا هو الشيء المهم.

إذا جئنا إلى المسألة من جانب آخر ثم أقول: [الذي أعرفه من أهل البيت وهو صالح أنا سأحبه، لكن الآخرين مالي دخل منهم]. كيف أصبحت روحيتك ونفسيتك بالنسبة لأهل البيت، أليست نفسية انتقاء من البداية؟ يعني أنت أساساً لست مرتبطاً بأهل البيت ولكن إذا ظهر لك أن هناك واحد جيِّد فأنت ستحبه، أليست هكذا؟ والمطلوب هو العكس هو أنني أرتبط بأهل البيت، أحب أهل البيت، أصلي على محمد وآل محمد، أتولى آل محمد على هذا النحو، ثم في ميدان العمل أرتبط بالهداة، في ميدان الولاء عندما يتبين لي شخص سيء أرفضه.. هكذا الطريقة. لا أكون في الواقع رافضاً للكل، إلا إذا ظهر لي فلان والاّ ظهر لي واحد من هناك سأتولاه، ما هناك فرق بين المسألتين؟.لماذا؟.

لأن القضية هي قضية هداية من الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لنا يهدينا إلى كيف تكون نظرتنا لأهل البيت، وكيف نرتبط بهم لم يترك المسالة لنا نحن للإنتقاء؛ لأننا سنختلف في موضوع الإنتقاء أليس هذا هو الذي حصل؟

السنية أنفسهم هم يؤمنون بمحبة أهل البيت، ومن عقائدهم، وجوب محبة آل محمد، لكن ماذا يقولون: [لكن من كان منهم متبعاً للسنة] لاحظ كيف.. فالشافعي منهم يريد من كان من أهل البيت على مذهبه، والحنفي منهم يريد من كان من أهل البيت على الذي يرى بأنه صالح، أي من كان على ما هو عليه من المذهب، أليس كذلك؟ والمالكي كذلك، والحنبلي كذلك، والزيدي كذلك، والجعفري كذلك، والباطني كذلك وكل طائفة على هذا التصنيف.

التصنيف هذا هو ملغي أساساً، لا قيمة له داخل تشريعات الإسلام بكلها، هذه الروحية ملغية من أيام آدم، الروحية هذه ألغيت من أيام آدم، من أول أمر إلهي توجه إلى آدم، أن أقول: لا بأس الذي يظهر لي منهم أنه مؤمن سأحبه، لكن انظر كيف ستطلع الفوارق، الذي يظهر للشافعي من هناك، أليس هو غير الذي سيظهر لي؟. ألسنا في الأخير سنختلف؟.

والمسألة هي أنه يريد أن يربط الأمة بكلها بأهل البيت، فليؤمنوا بأن هنا وراثة للكتاب، بأن هنا العترة التي أمر بالتمسك بهم مع القرآن، ودعوا التصنيفات، فباقي المسألة هي على من؟. على الله، أليست على الله؟. مثلما فهمها الإمام الهادي, مثلما فهمها الإمام زيد مثلما فهمها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) الأمر الذي يجب أن نفهمه نحن أيضاً، وإلا فمعنى ذلك أننا لسنا واثقين بالله، عندما تقول: كيف يأمرنا بمحبتهم وفيهم كذا وفيهم كذا، كيف يجعلنا نتمسك بهم وهم كذا وهم كذا. ما أنت تستنكر على الله؟. الله أسجد الملائكة لآدم عندما قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ} (البقرة:من الآية30) ألم يقل الملائكة هكذا؟ ليس كلامهم هذا بشيء عند الذي يصدر منا من الكلام.

لو تمسكت الأمة بأهل البيت لما تفرقت الأمة أبداً

إذا قد صح لي فقط بأن الله يريد مني أن أتبع أهل البيت ويريد من الأمة جميعا أن تتمسك بأهل البيت؛ إذاً فلنتمسك بأهل البيت، ولو حصل التمسك بأهل البيت من أول يوم من بعدما مات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لما تفرقت الأمة أبداً، ولما اختلفت في الدين أبداً، فما نشأت هذه التساؤلات إلا من بعد، ولأنني أنا بطبيعتي وفطرتي، أي واحد منا سيعرف، هو يفرق، سأعرف بأن ذلك هو الجدير بأن أتبعه وليس ذلك الجاهل، وليس ذلك الفاسق، هل أحد منا سيتجه إلى الجاهل يتبعه؟ هو ما معه أي شيء يمكن أن أتبعه فيه.

قضية أهل البيت ليس لكون المسألة أنهم هم وحدهم مَنْ هم مؤمنون، أو هم وحدهم الذين يجب أن تحبهم، أليست المحبة واجبة فيما بين المؤمنين؟ أليس المؤمنون يجب أن يكون بعضهم أولياء بعض؟.

لكن فقط هناك تميُّز في هذه المسألة هو: أن المحبة لأهل البيت لمهمة أخرى، لغرض آخر، أن تولي أهل البيت هو من نوع آخر، كما قلنا سابقاً: هل هناك استواء لمحبتي لعلي ومحبتي لعمار؟ والتولي لعلي والتولي لعمار؟.

عندما يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ} (المائدة:من الآية55) وهناك قال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ}(التوبة:من الآية71) هل قوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} مثل {وَلِيُّكُمُ}؟. ليست المسألة سواء، هناك فوارق. محبتي لأهل البيت هي لغاية أخرى أن أؤمر بالإرتباط بهم وبمحبتهم؛ لأن محبتي لهم هي تساعد على اتباعي لهم وتمسكي بهم، فهي تدفعني إلى طريقهم، وإلى السير على هديهم، محبتي لك أنت كمؤمن لكن لست ملزماً بأن أقتدي بك، أنا وأنت ملزمون بأن نقتدي بأهل البيت، أليس كذلك؟.

فأنا أحبك كمؤمن، وحبي لك وحبك لي هو يساعد على توحدنا ووقوفنا مع بعض، أليس للحب هنا غاية أخرى؟. تولي لك وتوليك لي هو أيضاً يساعد على أن نكون عبارة عن جسد واحد كما قال في الحديث؛ لنقوم بمهمة واحدة هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِـالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(التوبة: من الآية71).

أفضل صلاة يصليها الإنسان على أهل البيت هي أن يقول: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) لا تزيِّد ولا تنقِّص، ولا داعي لتلك العبارة التي يأتي بها الخطباء: اللهم اجعل أزكى صلواتك وأنمى بركاتك.. إلى آخره.. نحتفظ بهذا النص الذي جاء من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأن الرسول هو حكيم كحكمة القرآن، ولا تقول: طيبين، ولا تقل: طاهرين، ولا تقل شيء: ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)) .

قد يعجبك ايضا