صحيفة الحقيقة العدد “410″كلمات من نور : دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه

كلمات من نور

لو توحد شعب واحد، أو محافظة، أو قبيلة واحدة لعملوا المستحيل. وأمر الله للناس بالتوحد، كانت في بدايتها موجهة إلى ما هو أقل من مليون مسلم، بقدر ما تكون أنت تناط بك مسئولية أكثر، بقدر ما تكون الجريمة من قبلك في التفريط أكبر.  [آيات من سورة آل عمران].

أهمية المنهج والقيادة في تحصين الأمة الطاعة  لليهود

  • آيات الله هي أعلام على حقائق

{وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية101) آيات الله, وهي حقائق وأعلام؛ ولهذا سميت آيات، هي أعلام على حقائق، حقائق من الهدى، حقائق من واقع الحياة، حقائق من مستقبل الغيب، حقائق في كل ما تحكيه.

{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية101) آيات الله ربكم، آياته ليست صحفاً [صحيفة الحياة] أو [صحيفة الشرق الأوسط] آيات هي من قِبَل من؟ من قِبَل الله الذي هو ربكم، الذي هو الرحيم بكم، الذي هو الهادي لكم، الذي هو اللطيف بكم، الذي هو إلهكم وملككم يهمه أمركم. آيات الله، هل أنتم بعد لم تعرفوا الله، وتعرفوا موقفه منكم، وتعرفوا أنه يهمه أمركم، أنه رحيم بكم، أنه لطيف بكم، أنه حكيم، أنه عالم الغيب أنه… الخ؟. أليس هذا شيئاً مدهشاً؟!.

ممكن يقول: وأنتم تتلى عليكم صحيفة كذا، أو مجلة كذا, أو كتاب بخاري، أو كتاب فلان، فتقول: لكن هذا الرجل أو هذا الكاتب أو هذه الصحيفة لا يهمها أمرنا، وإن أدت نصائح فليست بالمستوى الذي يهمها أمرنا لدرجة عالية. لكن أما الله سبحانه وتعالى هو رحمن رحيم، وجاءت (بسم الله الرحمن الرحيم) في كل سورة تؤكد أنما يتلوه على الناس من آياته، وما يهديهم إليه، وما يشرّعه لهم هو كله من منطلق أنه رحيم بهم ورحمن بهم.

  • الرسول يمثّل المرتكز الثاني في تحصين الأمة بعد كتاب الله

{وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} إضافة إلى القرآن وفيكم رسوله, رسوله. لاحظوا الإضافات هذه [آيات الله، رسوله] ألم تأت كلها مضافة إلى الله؟ هو عندما يرسل رسولاً هو يصطفي رسلاً من نوعية معينة، يصطفي رسلاً لا يأتون إلى البشرية ليتحكموا عليها من منطلق الجبروت والهيمنة والاهتمام بالمصالح الخاصة، رسلاً يصطفيهم الله سبحانه وتعالى رحمةً للعالمين، يحملون هَماً كبيراً ويحملون اهتماماً كبيراً بأمر الأمة.

{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}(التوبة:128). هذا الرسول الذي قال: {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} وليس رسول كسرى، أو رسول ما أدري من، أو وفيكم خبير أمريكي، أو فيكم خبراء ألمان، أو فيكم قانونيون.! {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} آياته ورسوله، آياته تتلى عليكم ورسوله يتلو عليكم.. فكيف تكفرون؟.

هل نقول بأنه فعلا قد لا يكون هناك أنه حصل حالة كفر؟ بل حصلت {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}(الحشر: من الآية11) ألم يحصل هذا؟. المنافقون أليسوا من وسط المؤمنين؟ من وسط المجتمع الذي كان يتلى فيه آيات الله وفيه رسول الله؟ إخوانهم أصبحوا يشعرون بمشاعر الأخوة نحوهم وأصبحوا كمثلهم وشأنهم شأنهم، وحكمهم حكمهم.

أناس يمكن أن يكفروا وهم في نفس الوقت تتلى عليهم آيات الله وفيهم رسوله، ما هؤلاء؟. ماذا يمكن أن نقول فيهم؟. هل هناك أحط مستوى من هذا النوع؟. لا. ولا حتى الأنعام ليست أحط مستوى ممن يمكن أن يكفر بطاعته لليهود، وهو يعلم أن اليهود أذلاء، وهو يعلم أن اليهود أعداء لدينه، وهو يعلم أن اليهود حاقدين عليه، وهو يعلم خبث اليهود، ومكرهم ثم يطيعهم فيكفر، في نفس الوقت الذي تتلى عليه آيات الله وفيه رسوله، أليست هذه نوعية سيئة جداً؟.

  • خطورة المنافقين تكمن في تأثيرهم الشديد في أوساط المجتمع

لكن لاحظ يبدو في المجتمع أيضاً من هم أسوأ من هؤلاء.. المنافقون, ومعظم المنافقين ما كانوا كافرين بمعنى منكرين للقرآن أو منكرين للرسول.. مؤمنون بأن هذا هو القرآن وأن هذا هو رسول الله لكنهم ينطلقون منطلقات أخرى بسبب قلة وعيهم، وبسبب جهلهم بالله سبحانه وتعالى, جهلهم بمعرفة الله بالشكل الذي كان يمكن أن يخلق في نفوسهم خشية، اهتمامهم بمصالحهم، اهتمامهم بنفوسهم، {يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}إلى آخره.

ثم تلاحظ هؤلاء المنافقين هم أنفسهم ألم يكونوا يشكلون خطورة في ذلك المجتمع الذي كان فيه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)؟. فأصبحوا هم من كانوا يؤثِّرون على الكثير فلا ينفق الكثير، فلا يخرج مع رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ويتخلف عن الجهاد معه.

تأتي حملة رهيبة في القرآن الكريم على المنافقين؛ لأنهم كانوا شديدي التأثير, وكثيري التأثير في أوساط المجتمع الذي فيه آيات الله وفيه رسوله، لدرجة أن الله قال عنهم: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}(المنافقون: من الآية4) لماذا احذرهم؟. هل لأنهم يشتغلوا في أوساط الكافرين؟ أو أنهم كانوا يشتغلوا في أوساط المؤمنين أنفسهم؟ في أوساط المسلمين فيجعلونهم يتخلفون عن رسول الله ولا يهتمون بمقام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ولا يهتمون بما يصدر منه، ولا يخرجون للجهاد معه إلا متثاقلين، ويتعبونه جداً ويقلقونه جداً.

رجع عبد الله بن أُبَيّ بكم؟ بثلاثمائة رجل عندما خرج رسول الله إلى غزوة [أحد] استطاع أن يرجع بثلاثمائة إلى المدينة ويتخلفوا عن رسول الله ثلاثمائة!.. منافق واحد.

  • من يتأثر بمنافق سيعبد يهودياَ

من يتأثر بمنافق عربي.. منافق عربي وآيات الله تتلى عليه وفيه رسوله، سيعبد يهودياً وليس فقط سيتأثر بيهودي، سيتحول إلى كافر على يد يهودي، وسيرى نفسه في يوم من الأيام يـعبد اليهودي كعبادة الناس للشيطان؛ لأن المنافق العربي هو أقل دهاء من اليهود، أقل خبرة، أقل فهماً، أقل ذكاءً، أقل دهاء من اليهود. فإذا كان منافقون عرب من أهل المدينة وممن حول المدينة هم قد يكونون من تأثروا تأثيراً بسيطاً باليهود فأصبحوا منافقين مزعجين، فأصبحوا مؤثرين فالمجتمع الذي يتأثر بالمنافق العربي البدوي سيتأثر باليهودي فيتحول إلى كافر، اليهودي الذي يمتلك تاريخاً من الخبرة قوامه أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ويعرف هذا الدين أكثر مما يعرفه المنافق العربي.

لو تلاحظوا حتى فعلاً منافقي العرب في زماننا ألم يتحولوا إلى خدام لليهود؟ وعن بُعْد يشغلوهم [بالريموت]، عن بُعد.

إذاً فتأتي الآية هي فعلاً تحكي أن هناك وضعية خطيرة حتى على الرغم من وجود النبي ووجود القرآن {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}(آل عمران:100) وهل هناك أبعد من الكفر؟.

{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ} لاحظ كأنه يحكي بأنه قد حصل منهم، أحياناً عندما تكون حالة الإنسان أو حالة المجتمع مهيأة لأن تسودها ظاهرة معينة يصح أن يُحكى عنها وكأنها قد وقعت. {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}(آل عمران: من الآية101) هنا قد نضل بمنافق عربي متأثر بيهودي بدوي.

  • الأمة بحاجة إلى أعلام للهدى تلتف حولهم

{وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}(آل عمران: من الآية101) توحي الآية بأنه أيضاً: لا بد من هداية الله على هذا النحو، وأن الأمة تحتاج إلى هدي من الله بشكل كتب وإلى أعلام للهدى قائمة، تحتاج إلى أعلام للهدى قائمة. لم يقل: {وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية101)، هل اكتفى بهذا؟. {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}(آل عمران: من الآية101) عَلَم منكم، رجل منكم، عَلَم للهدى يحمل هذا القرآن، ويدور حوله، ويهديكم بهديه، يحمل رحمة القرآن، ويحمل هدي القرآن – والقرآن هو يتنزل في تلك الأيام آية، آية, على مرأى ومسمع منهم – وهو رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي يعرفونه بشخصه، ويعرفونه بمواقفه، يتحرك بينهم، ومع هذا يمكن أن يضلوا بمنافق يعتبر عميل أو متأثر بيهودي، يكفر بطاعة فريق من أهل الكتاب!.

وأولئك اليهود كانوا أقل دهاء وأقل خبثاً، بل كانوا فعلاً يعدون [بدواً] بالنسبة ليهود اليوم، والكتاب هو كتاب للعالمين إلى آخر أيام الدنيا، والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) هو رسول للأمة إلى آخر أيام الدنيا، والقرآن هنا ينص على أن الأمة بحاجة إلى القرآن, وبحاجة إلى عَلَم يتجسد فيه القرآن هو امتداد للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، ووارث للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في كل عصر من العصور. أليس يعني هذا: بأن الأمة ستكون أحوج ما تكون إلى أعلام للهدى تلتف حولهم؟ هم يجسدون القرآن ويهدون بالقرآن، ويرشدون الأمة بالقرآن، ويعملون على تطبيق القرآن في أوساط الأمة.

أم أن الله لم يهتم بالأمة هذه؟!. فكتاب ورسول هو سيد الرسل لمجموعة من البشر في زمن محدود ثم يقول هذا الدين هو كله للعالمين، وهو يهددنا ويحذرنا من أهل الكتاب وهم [بدو] مقابل أهل الكتاب الرهيبين الشديدين في مكرهم الذين يمتلكون إمكانيات هائلة، ثم لا يضع حلاً للمسألة!!. الحل هو نفس الحل: لا بد للأمة من أعلام تلتف حولها، هم أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله). [آيات من سورة آل عمران].ـ الدرس الأول].

قد يعجبك ايضا